الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 449 ] شرح إعراب سورة الطلاق

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها النبي [1] نعت لأي فإن همزته فهو مشتق من أنبأ أي أخبر ، وإن لم تهمز جاز أن يكون من أنبأ وخففت الهمزة وفيه شيء لطيف من العربية وذلك أن سبيل الهمزة إذا خففت وقبلها ساكن أن تلقى حركتها على ما قبلها ، ولا يجوز ذلك ههنا . والعلة فيه أن هذه الياء لا تتحرك بحال فلما لم يجز تحريكها قيل : نبي وخطية ولو كان على القياس لقيل : خطية وإن جعلته من نبا ينبو لم يهمز وكانت الياء الأخيرة منقلبة من واو . ( إذا طلقتم النساء ) أي إذا أردتم ذلك وهو مجاز . فأما القول في ( إذا طلقتم ) وقبله ( يا أيها النبي ) فقد ذكرنا فيه أقوالا ، وقد قيل : هو مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم بمخاطبة الجميع على الإجلال له كما يقال للرجل الجليل : أنتم فعلتم ، والمعنى إذا طلقتم النساء اللاتي دخلتم بهن ( فطلقوهن لعدتهن ) فبين الله جل وعز هذا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه الطلاق في الطهر الذي لم يجامعها فيه . ( وأحصوا العدة ) قال السدي أي احفظوها ( واتقوا الله ربكم ) أي لا تتجاوزوا ما أمركم به ( لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ) ثم استثنى ( إلا [ ص: 450 ] أن يأتين بفاحشة مبينة ) "أن" في موضع نصب واختلف العلماء في هذه الفاحشة ما هي؟ فمن أجمع ما قيل في ذلك أنها معصية الله جل وعز ، فهذا يدخل فيه كل قول؛ لأنها إن زنت أو سرقت فأخرجت لإقامة الحد فهو داخل في هذا ، وكذلك إن بذؤت أو نشزت ( وتلك حدود الله ) أي الأشياء التي حدها من الطلاق والعدة وإلا تخرج الزوجة ( ومن يتعد حدود الله ) حذفت الألف للجزم ( فقد ظلم نفسه ) قيل : أي منعها مما كان أبيح له؛ لأنه إذا طلقها ثلاثا على أي حال كان لم يحل له أن يرتجعها حتى تنكح زوجا غيره فقد ظلم نفسه بهذا الفعل ( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) أكثر أهل التفسير على أن المعنى أنه إذا طلقها واحدة كان أصلح له ( لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) من محبته لها .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية