[ ص: 6105 ] بسم الله الرحمن الرحيم
84- سورة الانشقاق
وتسمى سورة (إذا السماء انشقت). وهي مكية. وهي خمس وعشرون آية. قيل ترتيب هذه السور الثلاث ظاهر. لأن في (انفطرت) تعريف الحفظة الكاتبين وفي (المطففين) مقر كتبهم. وفي هذه عرضها للقيامة.
روى
nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام مالك عن
أبي سلمة nindex.php?page=hadith&LINKID=657912أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قرأ بهم: nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إذا السماء انشقت فسجد فيها. فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها.
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=651016عن أبي رافع قال: صليت مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة العتمة. فقرأ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إذا السماء انشقت فسجد. فقلت: ما هذه؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه.
وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي nindex.php?page=hadith&LINKID=673121عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إذا السماء انشقت و nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك الذي خلق [ ص: 6106 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى:
[ 1 - 5 ]
nindex.php?page=treesubj&link=30296_30362_32437_34257_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إذا السماء انشقت nindex.php?page=treesubj&link=19611_30296_30362_32437_34513_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=2وأذنت لربها وحقت nindex.php?page=treesubj&link=30296_30362_32437_34257_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=3وإذا الأرض مدت nindex.php?page=treesubj&link=30296_30362_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=4وألقت ما فيها وتخلت nindex.php?page=treesubj&link=19611_30296_30362_32437_34513_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=5وأذنت لربها وحقت nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إذا السماء انشقت أي: انصدعت وتقطعت كما تقدم في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=1إذا السماء انفطرت nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=2وأذنت لربها وحقت أي: سمعت له في تصدعها وتشققها، وهو مجاز عن الانقياد والطاعة. والمعنى أنها انقادت لتأثير قدرته حين أراد انشقاقها، انقياد المطوع الذي يستمع للآمر ويذعن له. قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : العرب تقول: (أذن لك في هذا إذنا)، بمعنى استمع لك. ومنه الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=656928« ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن » . يعني ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن. ومنه قول الشاعر:
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
[ ص: 6107 ] ومعنى قوله تعالى: "وحقت" أي: حق لها ووجب أن تنقاد لأمر القادر ولا تمتنع، وهي حقيقة بالانقياد لأنها مخلوقة له في قبضة تصرفه. قال المعرب: الأصل حق الله طاعتها، ولما كان الإسناد في الآية إلى السماء نفسها، والتقدير: وحقت هي، كان أصل الكلام على تقدير مضاف في الضمير المستكن في الفعل، أي: وحق سماعها وطاعتها، فحذف المضاف، ثم أسند الفعل إلى ضميره، ثم استتر فيه.
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=3وإذا الأرض مدت أي: بسطت وجعلت مستوية، وذلك بنسف جبالها وآكامها كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=106قاعا صفصفا nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=107لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : مدت مد الأديم العكاظي; لأن الأديم إذا مد زال كل انثناء فيه واستوى.
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=4وألقت ما فيها أي: ما في جوفها من الكنوز والأموات
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=4وتخلت أي: وخلت غاية الخلو، حتى لم يبق شيء في باطنها، كأنها تكلفت أقصى جهدها في الخلو.
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=5وأذنت لربها وحقت أي: انقادت له في التخلية، وحق لها ذلك; وإعادة الآية للتنبيه على أن ذلك تحت سلطان الجلال الإلهي وقهره ومشيئته. وجواب "إذا" محذوف للتهويل بالإبهام، أي: كان ما كان مما لا يفي به البيان، أو لاقى الإنسان كدحه، كما قال:
[ ص: 6105 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
84- سُورَةُ الِانْشِقَاقِ
وَتُسَمَّى سُورَةَ (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ). وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. وَهِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ آيَةً. قِيلَ تَرْتِيبُ هَذِهِ السُّوَرِ الثَّلَاثِ ظَاهِرٌ. لِأَنَّ فِي (انْفَطَرَتْ) تَعْرِيفَ الْحَفَظَةِ الْكَاتِبِينَ وَفِي (الْمُطَفِّفِينَ) مَقَرُّ كُتُبِهِمْ. وَفِي هَذِهِ عَرْضُهَا لِلْقِيَامَةِ.
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16867الْإِمَامُ مَالِكٌ عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=657912أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأَ بِهِمْ: nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ فِيهَا. فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا.
وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=651016عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ. فَقَرَأَ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ. فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ
nindex.php?page=showalam&ids=15397لِلنَّسَائِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=673121عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَ nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [ ص: 6106 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[ 1 - 5 ]
nindex.php?page=treesubj&link=30296_30362_32437_34257_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ nindex.php?page=treesubj&link=19611_30296_30362_32437_34513_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=2وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ nindex.php?page=treesubj&link=30296_30362_32437_34257_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=3وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ nindex.php?page=treesubj&link=30296_30362_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=4وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ nindex.php?page=treesubj&link=19611_30296_30362_32437_34513_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=5وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ أَيِ: انْصَدَعَتْ وَتَقَطَّعَتْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=1إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=2وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ أَيْ: سَمِعَتْ لَهُ فِي تَصَدُّعِهَا وَتَشَقُّقِهَا، وَهُوَ مَجَازٌ عَنْ الِانْقِيَادِ وَالطَّاعَةِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهَا انْقَادَتْ لِتَأْثِيرِ قُدْرَتِهِ حِينَ أَرَادَ انْشِقَاقَهَا، انْقِيَادَ الْمُطَوِّعِ الَّذِي يَسْتَمِعُ لِلْآمِرِ وَيُذْعِنُ لَهُ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : الْعَرَبُ تَقُولُ: (أُذِنَ لَكَ فِي هَذَا إِذْنًا)، بِمَعْنَى اسْتُمِعَ لَكَ. وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=656928« مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ » . يَعْنِي مَا اسْتَمَعَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَاسْتِمَاعِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا
[ ص: 6107 ] وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَحُقَّتْ" أَيْ: حَقَّ لَهَا وَوَجَبَ أَنْ تَنْقَادَ لِأَمْرِ الْقَادِرِ وَلَا تَمْتَنِعَ، وَهِيَ حَقِيقَةٌ بِالِانْقِيَادِ لِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ لَهُ فِي قَبْضَةِ تَصَرُّفِهِ. قَالَ الْمُعْرِبُ: الْأَصْلُ حَقَّ اللَّهُ طَاعَتَهَا، وَلَمَّا كَانَ الْإِسْنَادُ فِي الْآيَةِ إِلَى السَّمَاءِ نَفْسِهَا، وَالتَّقْدِيرُ: وَحَقَّتْ هِيَ، كَانَ أَصْلُ الْكَلَامِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ فِي الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي الْفِعْلِ، أَيْ: وَحَقَّ سَمَاعُهَا وَطَاعَتُهَا، فَحُذِفَ الْمُضَافُ، ثُمَّ أُسْنِدَ الْفِعْلُ إِلَى ضَمِيرِهِ، ثُمَّ اسْتَتَرَ فِيهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=3وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ أَيْ: بُسِطَتْ وَجُعِلَتْ مُسْتَوِيَةً، وَذَلِكَ بِنَسْفِ جِبَالِهَا وَآكَامِهَا كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=106قَاعًا صَفْصَفًا nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=107لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا وَلِذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : مُدَّتْ مَدَّ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ; لِأَنَّ الْأَدِيمَ إِذَا مُدَّ زَالَ كُلُّ انْثِنَاءٍ فِيهِ وَاسْتَوَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=4وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا أَيْ: مَا فِي جَوْفِهَا مِنَ الْكُنُوزِ وَالْأَمْوَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=4وَتَخَلَّتْ أَيْ: وَخَلَّتْ غَايَةَ الْخُلُوِّ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فِي بَاطِنِهَا، كَأَنَّهَا تَكَلَّفَتْ أَقْصَى جُهْدِهَا فِي الْخُلُوِّ.
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=5وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ أَيِ: انْقَادَتْ لَهُ فِي التَّخْلِيَةِ، وَحَقَّ لَهَا ذَلِكَ; وَإِعَادَةُ الْآيَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَحْتَ سُلْطَانِ الْجَلَالِ الْإِلَهِيِّ وَقَهْرِهِ وَمَشِيئَتِهِ. وَجَوَابُ "إِذَا" مَحْذُوفٌ لِلتَّهْوِيلِ بِالْإِبْهَامِ، أَيْ: كَانَ مَا كَانَ مِمَّا لَا يَفِي بِهِ الْبَيَانُ، أَوْ لَاقَى الْإِنْسَانُ كَدْحَهُ، كَمَا قَالَ: