[ ص: 635 ] nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71nindex.php?page=treesubj&link=28981_33953_31836_31832واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلتفأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=72فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=73فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين لما بالغ سبحانه في تقرير البراهين الواضحة ودفع الشبهة المنهارة; شرع في ذكر قصص الأنبياء لما في ذلك من التسلية لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71واتل عليهم أي على الكفار المعاصرين لك المعارضين لما جئت به بأقوالهم الباطلة نبأ نوح أي خبره ، والنبأ هو الخبر الذي له خطر وشأن ، والمراد : ما جرى له مع قومه الذين كفروا بما جاء به كما فعله كفار
قريش وأمثالهم
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71إذ قال لقومه أي وقت قال لقومه ، والظرف منصوب بـ ( نبأ ) أو بدل منه بدل اشتمال ، واللام في لقومه لام التبليغ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ياقوم إن كان كبر عليكم مقامي أي عظم وثقل ، والمقام بفتح الميم : الموضع الذي يقام فيه ، وبالضم الإقامة .
وقد اتفق القراء على الفتح ، وكنى بالمقام على نفسه كما يقال فعلته لمكان فلان أي : لأجله ، ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=46ولمن خاف مقام ربه [ الرحمن : 46 ] أي خاف ربه ، ويجوز أن يراد بالمقام المكث أي : شق عليكم مكثي بين أظهركم ، ويجوز أن يراد بالمقام القيام ، لأن الواعظ يقوم حال وعظه ، والمعنى : إن كان كبر عليكم قيامي بالوعظ في مواطن اجتماعكم ، وكبر عليكم تذكيري لكم بآيات الله التكوينية والتنزيلية
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71فعلى الله توكلت هذه الجملة جواب الشرط ، والمعنى : إني لا أقابل ذلك منكم إلا بالتوكل على الله ، فإن ذلك دأبي الذي أنا عليه قديما وحديثا .
ويجوز أن يريد إحداث مرتبة مخصوصة عن مراتب التوكل ، ويجوز أن يكون جواب الشرط فأجمعوا وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71فعلى الله توكلت اعتراضا كقولك : إن كنت أنكرت علي شيئا فالله حسبي .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71فأجمعوا أمركم اعتزموا عليه ، من أجمع الأمر : إذا نواه وعزم عليه قاله الفراء .
وروي عن
الفراء أنه قال : أجمع الشيء : أعده .
وقال
مؤرج السدوسي : أجمع الأمر أفصح من أجمع عليه ، وأنشد :
يا ليت شعري والمنى لا تنفع هل أغدون يوما وأمري مجمع
وقال
أبو الهيثم : أجمع أمره : جعله جميعا بعدما كان متفرقا ، وتفرقه أن تقول مرة أفعل كذا ، ومرة أفعل كذا ، فلما عزم على أمر واحد فقد جمعه : أي جعله جميعا ، فهذا هو الأصل في الإجماع ، ثم صار بمعنى العزم .
وقد اتفق جمهور القراء على نصب ( شركاءكم ) وقطع الهمزة من أجمعوا .
وقرأ
يعقوب ،
وعاصم الجحدري ، بهمزة وصل في أجمعوا على أنه من جمع يجمع جمعا .
وقرأ
الحسن ،
وابن أبي إسحاق ،
ويعقوب ، " وشركاؤكم " بالرفع .
قال
النحاس : وفي نصب الشركاء على قراءة الجمهور ثلاثة أوجه : الأول : بمعنى وادعوا شركاءكم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء : أي ادعوهم لنصرتكم ، فهو على هذا منصوب بفعل مضمر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153محمد بن يزيد المبرد : هو معطوف على المعنى قال الشاعر :
يا ليت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا
والرمح لا يتقلد به ، لكنه محمول كالسيف .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المعنى مع شركائكم ، فالواو على هذا واو مع .
وأما على قراءة " اجمعوا " بهمزة وصل فالعطف ظاهر : أي اجمعوا أمركم واجمعوا شركاءكم .
وأما توجيه قراءة الرفع ، فعلى عطف الشركاء على الضمير المرفوع في ( أجمعوا ) ، وحسن هذا العطف مع عدم التأكيد بمنفصل كما هو المعتبر في ذلك ، أن الكلام قد طال .
قال
النحاس وغيره : وهذه القراءة بعيدة ، لأنه لو كان ( شركاءكم ) مرفوعا لرسم في المصحف بالواو ، وليس ذلك موجودا فيه .
قاله
المهدوي : ويجوز أن يرتفع الشركاء بالابتداء ، والخبر محذوف أي : وشركاؤكم ليجمعوا أمرهم ، ونسبة ذلك إلى الشركاء مع كون الأصنام لا تعقل لقصد التوبيخ والتقريع لمن عبدها .
وروي عن
أبي أنه قرأ : " وادعوا شركاءكم " بإظهار الفعل .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ثم لا يكن أمركم عليكم غمة الغمة : التغطية من قولهم ، غم الهلال : إذا استتر أي : ليكن أمركم ظاهرا منكشفا .
قال
طرفة :
لعمرك ما أمري علي بغمة نهاري ولا ليلي علي بسرمد
هكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
وقال
الهيثم : معناه لا يكن أمركم عليكم مبهما .
وقيل : إن الغمة : ضيق الأمر . كذا روي عن
أبي عبيدة .
والمعنى : لا يكن أمركم عليكم بمصاحبتي والمجاملة لي ضيقا شديدا ، بل ادفعوا هذا الضيق والشدة بما شئتم وقدرتم عليه ، وعلى الوجهين الأولين يكون المراد بالأمر الثاني هو الأمر الأول ، وعلى الثالث يكون المراد به غيره .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ثم اقضوا إلي ولا تنظرون أي ذلك الأمر الذي تريدونه بي ، وأصل اقضوا من القضاء ، وهو الإحكام .
والمعنى : أحكموا ذلك الأمر .
قال
الأخفش nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : هو مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=66وقضينا إليه ذلك الأمر [ الحجر : 66 ] أي أنهيناه إليه وأبلغناه إياه ، ثم لا تنظرون : أي لا تمهلون ، بل عجلوا أمركم واصنعوا ما بدا لكم ، وقيل : معناه : ثم امضوا إلي ولا تؤخرون .
قال
النحاس : هذا قول صحيح في اللغة ، ومنه قضى الميت : مضى .
وحكى
الفراء عن بعض القراء أنه قرأ " ثم أفضوا " بالفاء وقطع الهمزة : أي توجهوا ، وفي هذا الكلام من
نوح عليه السلام ما يدل على وثوقه بنصر ربه وعدم مبالاته بما يتوعده به قومه .
ثم بين لهم أن كل ما أتى به إليهم من الإعذار والإنذار وتبليغ الشريعة عن الله ليس هو لطمع دنيوي ، ولا لغرض خسيس ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=72فإن توليتم فما سألتكم من أجر أي إن أعرضتم عن العمل بنصحي لكم وتذكيري إياكم ، فما سألتكم في مقابلة ذلك من أجر تؤدونه إلي حتى تتهموني فيما جئت به ، والفاء في فإن توليتم لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، والفاء في فما سألتكم جزائية
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=72إن أجري إلا على الله أي ما ثوابي في النصح والتذكير إلا عليه سبحانه فهو يثيبني آمنتم أو
[ ص: 636 ] توليتم .
قرأ أهل
المدينة ،
وأبو عمر ،
وابن عامر ،
وحفص ، بتحريك الياء من ( أجري ) ، وقرأ الباقون بالسكون
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=72وأمرت أن أكون من المسلمين المنقادين لحكم الله الذين يجعلون أعمالهم خالصة لله سبحانه لا يأخذون عليها أجرا ولا يطمعون في عاجل .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=73فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك أي استمروا على تكذيبه وأصروا على ذلك ، وليس المراد أنهم أحدثوا تكذيبه بعد أن لم يكن ، والمراد بمن معه من قد أجابه وصار على دينه ، والخلائف جمع خليفة ، والمعنى : أنه سبحانه جعلهم خلفاء يسكنون الأرض التي كانت للمهلكين بالغرق ويخلفونهم فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=73وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا من الكفار المعاندين
لنوح الذين لم يؤمنوا به ، أغرقهم الله بالطوفان
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=73فانظر كيف كان عاقبة المنذرين فيه تسلية لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وتهديد للمشركين وتهويل عليهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74ثم بعثنا من بعده أي من بعد
نوح رسلا
كهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74فجاءوهم بالبينات أي بالمعجزات وبما أرسلهم الله به من الشرائع التي شرعها الله لقوم كل نبي
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74فما كانوا ليؤمنوا أي فما أحدثوا الإيمان بل استمروا على الكفر وأصروا عليه .
والمعنى : أنه ما صح ولا استقام لقوم من أولئك الأقوام الذين أرسل الله إليهم رسله أن يؤمنوا في وقت من الأوقات
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74بما كذبوا به من قبل أي من قبل تكذيبهم الواقع منهم عند مجيء الرسل إليهم .
والمعنى : أن كل قوم من العالم لم يؤمنوا عند أن أرسل الله إليهم الرسول المبعوث إليهم على الخصوص بما كانوا مكذبين به من قبل مجيئه إليهم ، لأنهم كانوا غير مؤمنين بل مكذبين بالدين ، ولو كانوا مؤمنين لم يبعث إليهم رسولا ، وهذا مبني على أن الضمير في
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74فما كانوا ليؤمنوا وفي بما كذبوا راجع إلى القوم المذكورين في قوله : إلى قومهم وقيل : ضمير " كذبوا " راجع إلى قوم
نوح : أي فما كان قوم الرسل ليؤمنوا بما كذب به قوم نوح من قبل أن يأتي هؤلاء الأقوام الذين جاءوا من بعدهم
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=13وجاءتهم رسلهم بالبينات وقيل : إن الباء في
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74بما كذبوا به من قبل للسببية : أي فما كانوا ليؤمنوا عند مجيء الرسل بسبب ما اعتادوه من تكذيب الحق من قبل مجيئهم ، وفيه نظر .
وقيل : المعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74بما كذبوا به من قبل : أي في عالم الذر فإن فيهم من كذب بقلبه ، وإن آمنوا ظاهرا .
قال
النحاس : ومن أحسن ما قيل : إنه لقوم بأعيانهم
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74كذلك نطبع على قلوب المعتدين أي مثل ذلك الطبع العظيم نطبع على قلوب المتجاوزين للحد المعهود في الكفر .
وقد تقدم تفسير هذا في غير موضع .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71فأجمعوا أمركم وشركاءكم يقول : فأحكموا أمركم وادعوا شركاءكم .
وأخرج أيضا عن
الحسن في الآية أي : فليجمعوا أمرهم معكم .
وأخرج
عبد الرزاق ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
قتادة ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ثم لا يكن أمركم عليكم غمة قال : لا يكبر عليكم أمركم
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ثم اقضوا ما أنتم قاضون .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ثم اقضوا قال : انهضوا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71إلي ولا تنظرون يقول : ولا تؤخرون .
[ ص: 635 ] nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71nindex.php?page=treesubj&link=28981_33953_31836_31832وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُفَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=72فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=73فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ لَمَّا بَالَغَ سُبْحَانَهُ فِي تَقْرِيرِ الْبَرَاهِينِ الْوَاضِحَةِ وَدَفْعِ الشُّبْهَةِ الْمُنْهَارَةِ; شَرَعَ فِي ذِكْرِ قِصَصِ الْأَنْبِيَاءِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّسْلِيَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71وَاتْلُ عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى الْكُفَّارِ الْمُعَاصِرِينَ لَكَ الْمُعَارِضِينَ لِمَا جِئْتَ بِهِ بِأَقْوَالِهِمُ الْبَاطِلَةِ نَبَأَ نُوحٍ أَيْ خَبَرَهُ ، وَالنَّبَأُ هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي لَهُ خَطَرٌ وَشَأْنٌ ، وَالْمُرَادُ : مَا جَرَى لَهُ مَعَ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا جَاءَ بِهِ كَمَا فَعَلَهُ كُفَّارُ
قُرَيْشٍ وَأَمْثَالُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَيْ وَقْتَ قَالَ لِقَوْمِهِ ، وَالظَّرْفُ مَنْصُوبٌ بِـ ( نَبَأَ ) أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ بَدَلَ اشْتِمَالٍ ، وَاللَّامُ فِي لِقَوْمِهِ لَامُ التَّبْلِيغِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي أَيْ عَظُمَ وَثَقُلَ ، وَالْمَقَامُ بِفَتْحِ الْمِيمِ : الْمَوْضِعُ الَّذِي يُقَامُ فِيهِ ، وَبِالضَّمِّ الْإِقَامَةُ .
وَقَدِ اتَّفَقَ الْقُرَّاءُ عَلَى الْفَتْحِ ، وَكَنَّى بِالْمَقَامِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا يُقَالُ فَعَلْتُهُ لِمَكَانِ فُلَانٍ أَيْ : لِأَجْلِهِ ، وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=46وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ [ الرَّحْمَنِ : 46 ] أَيْ خَافَ رَبَّهُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَقَامِ الْمُكْثُ أَيْ : شَقَّ عَلَيْكُمْ مُكْثِي بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَقَامِ الْقِيَامُ ، لِأَنَّ الْوَاعِظَ يَقُومُ حَالَ وَعْظِهِ ، وَالْمَعْنَى : إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ قِيَامِي بِالْوَعْظِ فِي مَوَاطِنِ اجْتِمَاعِكُمْ ، وَكَبُرَ عَلَيْكُمْ تَذْكِيرِي لَكُمْ بِآيَاتِ اللَّهِ التَّكْوِينِيَّةِ وَالتَّنْزِيلِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ ، وَالْمَعْنَى : إِنِّي لَا أُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَأْبِي الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا .
وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ إِحْدَاثَ مَرْتَبَةٍ مَخْصُوصَةٍ عَنْ مَرَاتِبِ التَّوَكُّلِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابُ الشَّرْطِ فَأَجْمِعُوا وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ اعْتِرَاضًا كَقَوْلِكَ : إِنْ كُنْتَ أَنْكَرْتَ عَلِيَّ شَيْئًا فَاللَّهُ حَسْبِي .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ اعْتَزِمُوا عَلَيْهِ ، مِنْ أَجْمَعَ الْأَمْرَ : إِذَا نَوَاهُ وَعَزَمَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْفَرَّاءُ .
وَرُوِيَ عَنِ
الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ : أَجْمَعَ الشَّيْءَ : أَعَدَّهُ .
وَقَالَ
مُؤَرَّجٌ السَّدُوسِيُّ : أَجْمَعَ الْأَمْرَ أَفْصَحُ مِنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ ، وَأَنْشَدَ :
يَا لَيْتَ شِعْرِي وَالْمُنَى لَا تَنْفَعُ هَلْ أَغْدُوَنْ يَوْمًا وَأَمْرِي مُجْمَعُ
وَقَالَ
أَبُو الْهَيْثَمِ : أَجْمَعَ أَمْرَهُ : جَعَلَهُ جَمِيعًا بَعْدَمَا كَانَ مُتَفَرِّقًا ، وَتَفَرُّقُهُ أَنْ تَقُولَ مَرَّةً أَفْعَلُ كَذَا ، وَمَرَّةً أَفْعَلُ كَذَا ، فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ فَقَدْ جَمَعَهُ : أَيْ جَعَلَهُ جَمِيعًا ، فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْإِجْمَاعِ ، ثُمَّ صَارَ بِمَعْنَى الْعَزْمِ .
وَقَدِ اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ عَلَى نَصْبِ ( شُرَكَاءَكُمْ ) وَقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَجْمَعُوا .
وَقَرَأَ
يَعْقُوبُ ،
وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ ، بِهَمْزَةِ وَصْلٍ فِي أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مِنْ جَمَعَ يَجْمَعُ جَمْعًا .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ،
وَيَعْقُوبُ ، " وَشُرَكَاؤُكُمْ " بِالرَّفْعِ .
قَالَ
النَّحَّاسُ : وَفِي نَصْبِ الشُّرَكَاءِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : الْأَوَّلُ : بِمَعْنَى وَادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ : أَيِ ادْعُوهُمْ لِنُصْرَتِكُمْ ، فَهُوَ عَلَى هَذَا مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى قَالَ الشَّاعِرُ :
يَا لَيْتَ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا
وَالرُّمْحُ لَا يُتَقَلَّدُ بِهِ ، لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ كَالسَّيْفِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : الْمَعْنَى مَعَ شُرَكَائِكُمْ ، فَالْوَاوُ عَلَى هَذَا وَاوُ مَعَ .
وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ " اجْمَعُوا " بِهَمْزَةِ وَصْلٍ فَالْعَطْفُ ظَاهِرٌ : أَيِ اجْمَعُوا أَمْرَكُمْ وَاجْمَعُوا شُرَكَاءَكُمْ .
وَأَمَّا تَوْجِيهُ قِرَاءَةِ الرَّفْعِ ، فَعَلَى عَطْفِ الشُّرَكَاءِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ فِي ( أَجْمِعُوا ) ، وَحَسُنَ هَذَا الْعَطْفُ مَعَ عَدَمِ التَّأْكِيدِ بِمُنْفَصِلٍ كَمَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ ، أَنَّ الْكَلَامَ قَدْ طَالَ .
قَالَ
النَّحَّاسُ وَغَيْرُهُ : وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ بَعِيدَةٌ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ( شُرَكَاءَكُمْ ) مَرْفُوعًا لَرُسِمَ فِي الْمُصْحَفِ بِالْوَاوِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِيهِ .
قَالَهُ
الْمَهْدَوِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَفِعَ الشُّرَكَاءُ بِالِابْتِدَاءِ ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ : وَشُرَكَاؤُكُمْ لِيَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ ، وَنِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَى الشُّرَكَاءِ مَعَ كَوْنِ الْأَصْنَامِ لَا تَعْقِلُ لِقَصْدِ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ لِمَنْ عَبْدَهَا .
وَرُوِيَ عَنْ
أُبَيٍّ أَنَّهُ قَرَأَ : " وَادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ " بِإِظْهَارِ الْفِعْلِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً الْغُمَّةُ : التَّغْطِيَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ ، غُمَّ الْهِلَالُ : إِذَا اسْتَتَرَ أَيْ : لِيَكُنْ أَمْرُكُمْ ظَاهِرًا مُنْكَشِفًا .
قَالَ
طَرَفَةُ :
لَعَمْرُكَ مَا أَمْرِي عَلَيَّ بِغُمَّةٍ نَهَارِي وَلَا لَيْلِي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ
هَكَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ .
وَقَالَ
الْهَيْثَمُ : مَعْنَاهُ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ مُبْهَمًا .
وَقِيلَ : إِنَّ الْغُمَّةَ : ضِيقُ الْأَمْرِ . كَذَا رُوِيَ عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ .
وَالْمَعْنَى : لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ بِمُصَاحَبَتِي وَالْمُجَامَلَةِ لِي ضِيقًا شَدِيدًا ، بَلِ ادْفَعُوا هَذَا الضِّيقَ وَالشِّدَّةَ بِمَا شِئْتُمْ وَقَدَرْتُمْ عَلَيْهِ ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ الثَّانِي هُوَ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ ، وَعَلَى الثَّالِثِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرَهُ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ أَيْ ذَلِكَ الْأَمْرَ الَّذِي تُرِيدُونَهُ بِي ، وَأَصْلُ اقْضُوا مِنَ الْقَضَاءِ ، وَهُوَ الْإِحْكَامُ .
وَالْمَعْنَى : أَحْكِمُوا ذَلِكَ الْأَمْرَ .
قَالَ
الْأَخْفَشُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : هُوَ مِثْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=66وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ [ الْحِجْرِ : 66 ] أَيْ أَنْهَيْنَاهُ إِلَيْهِ وَأَبْلَغْنَاهُ إِيَّاهُ ، ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ : أَيْ لَا تُمْهِلُونِ ، بَلْ عَجِّلُوا أَمْرَكُمْ وَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : ثُمَّ امْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُؤَخِّرُونَ .
قَالَ
النَّحَّاسُ : هَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ ، وَمِنْهُ قَضَى الْمَيِّتُ : مَضَى .
وَحَكَى
الْفَرَّاءُ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ أَنَّهُ قَرَأَ " ثُمَّ أَفْضُوا " بِالْفَاءِ وَقَطْعِ الْهَمْزَةِ : أَيْ تَوَجَّهُوا ، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يَدُلُّ عَلَى وُثُوقِهِ بِنَصْرِ رَبِّهِ وَعَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِمَا يَتَوَعَّدُهُ بِهِ قَوْمُهُ .
ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ كُلَّ مَا أَتَى بِهِ إِلَيْهِمْ مِنَ الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ وَتَبْلِيغِ الشَّرِيعَةِ عَنِ اللَّهِ لَيْسَ هُوَ لِطَمَعٍ دُنْيَوِيٍّ ، وَلَا لِغَرَضٍ خَسِيسٍ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=72فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ أَيْ إِنْ أَعْرَضْتُمْ عَنِ الْعَمَلِ بِنُصْحِي لَكُمْ وَتَذْكِيرِي إِيَّاكُمْ ، فَمَا سَأَلْتُكُمْ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ تُؤَدُّونَهُ إِلَيَّ حَتَّى تَتَّهِمُونِي فِيمَا جِئْتُ بِهِ ، وَالْفَاءُ فِي فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا ، وَالْفَاءُ فِي فَمَا سَأَلْتُكُمْ جَزَائِيَّةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=72إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ أَيْ مَا ثَوَابِي فِي النُّصْحِ وَالتَّذْكِيرِ إِلَّا عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ فَهُوَ يُثِيبُنِي آمَنْتُمْ أَوْ
[ ص: 636 ] تَوَلَّيْتُمْ .
قَرَأَ أَهْلُ
الْمَدِينَةِ ،
وَأَبُو عُمَرَ ،
وَابْنُ عَامِرٍ ،
وَحَفْصٌ ، بِتَحْرِيكِ الْيَاءِ مِنْ ( أَجْرِيَ ) ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالسُّكُونِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=72وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْمُنْقَادِينَ لِحُكْمِ اللَّهِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ أَعْمَالَهُمْ خَالِصَةً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ لَا يَأْخُذُونَ عَلَيْهَا أَجْرًا وَلَا يَطْمَعُونَ فِي عَاجِلٍ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=73فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ أَيِ اسْتَمَرُّوا عَلَى تَكْذِيبِهِ وَأَصَرُّوا عَلَى ذَلِكَ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا تَكْذِيبَهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ مَعَهُ مَنْ قَدْ أَجَابَهُ وَصَارَ عَلَى دِينِهِ ، وَالْخَلَائِفُ جَمْعُ خَلِيفَةٍ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَهُمْ خُلَفَاءَ يَسْكُنُونَ الْأَرْضَ الَّتِي كَانَتْ لِلْمُهْلَكِينَ بِالْغَرَقِ وَيَخْلُفُونَهُمْ فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=73وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا مِنَ الْكُفَّارِ الْمُعَانِدِينَ
لِنُوحٍ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ ، أَغْرَقَهُمُ اللَّهُ بِالطُّوفَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=73فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ فِيهِ تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَتَهْدِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ وَتَهْوِيلٌ عَلَيْهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ أَيْ مِنْ بَعْدِ
نُوحٍ رُسُلًا
كَهُودٍ وَصَالِحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ أَيْ بِالْمُعْجِزَاتِ وَبِمَا أَرْسَلَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الشَّرَائِعِ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ لِقَوْمِ كُلِّ نَبِيٍّ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا أَيْ فَمَا أَحْدَثُوا الْإِيمَانَ بَلِ اسْتَمَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ وَأَصَرُّوا عَلَيْهِ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ مَا صَحَّ وَلَا اسْتَقَامَ لِقَوْمٍ مِنْ أُولَئِكَ الْأَقْوَامِ الَّذِينَ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ رُسُلَهُ أَنْ يُؤْمِنُوا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ أَيْ مِنْ قَبْلِ تَكْذِيبِهِمُ الْوَاقِعِ مِنْهُمْ عِنْدَ مَجِيءِ الرُّسُلِ إِلَيْهِمْ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ كُلَّ قَوْمٍ مِنَ الْعَالَمِ لَمْ يُؤْمِنُوا عِنْدَ أَنْ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمُ الرَّسُولَ الْمَبْعُوثَ إِلَيْهِمْ عَلَى الْخُصُوصِ بِمَا كَانُوا مُكَذِّبِينَ بِهِ مِنْ قَبْلِ مَجِيئِهِ إِلَيْهِمْ ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا غَيْرَ مُؤْمِنِينَ بَلْ مُكَذِّبِينَ بِالدِّينِ ، وَلَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ رَسُولًا ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا وَفِي بِمَا كَذَّبُوا رَاجِعٌ إِلَى الْقَوْمِ الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ : إِلَى قَوْمِهِمْ وَقِيلَ : ضَمِيرُ " كَذَّبُوا " رَاجِعٌ إِلَى قَوْمِ
نُوحٍ : أَيْ فَمَا كَانَ قَوْمُ الرُّسُلِ لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبَ بِهِ قَوْمُ نُوحٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ هَؤُلَاءِ الْأَقْوَامُ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=13وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَقِيلَ : إِنَّ الْبَاءَ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ لِلسَّبَبِيَّةِ : أَيْ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا عِنْدَ مَجِيءِ الرُّسُلِ بِسَبَبِ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ تَكْذِيبِ الْحَقِّ مِنْ قَبْلِ مَجِيئِهِمْ ، وَفِيهِ نَظَرٌ .
وَقِيلَ : الْمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ : أَيْ فِي عَالَمِ الذَّرِّ فَإِنَّ فِيهِمْ مَنْ كَذَّبَ بِقَلْبِهِ ، وَإِنْ آمَنُوا ظَاهِرًا .
قَالَ
النَّحَّاسُ : وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ : إِنَّهُ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ أَيْ مِثْلُ ذَلِكَ الطَّبْعِ الْعَظِيمِ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُتَجَاوِزِينَ لِلْحَدِّ الْمَعْهُودِ فِي الْكُفْرِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ يَقُولُ : فَأَحْكِمُوا أَمْرَكُمْ وَادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ .
وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ
الْحَسَنِ فِي الْآيَةِ أَيْ : فَلْيَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ مَعَكُمْ .
وَأَخْرَجَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً قَالَ : لَا يَكْبُرُ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ثُمَّ اقْضُوا مَا أَنْتُمْ قَاضُونَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71ثُمَّ اقْضُوا قَالَ : انْهَضُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ يَقُولُ : وَلَا تُؤَخِّرُونِ .