الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : قوله : ( وعشيا ) عطف على " حين " أي سبحوه حين تمسون وحين تصبحون وعشيا ، وقوله : ( وله الحمد في السماوات والأرض ) كلام معترض بين المعطوف والمعطوف عليه وفيه لطيفة ، وهو أن الله تعالى لما أمر العباد بالتسبيح كأنه بين لهم أن تسبيحهم الله لنفعهم لا لنفع يعود على الله ، فعليهم أن يحمدوا الله إذا سبحوه ، وهذا كما في قوله تعالى : ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ) [ الحجرات : 17 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : قدم الإمساء على الإصباح ههنا وأخره في قوله : ( وسبحوه بكرة وأصيلا ) [الأحزاب : 42] وذلك لأن –ههنا- أول الكلام ذكر الحشر والإعادة من قوله : ( الله يبدأ الخلق ثم يعيده ) إلى قوله : ( فأولئك في العذاب محضرون ) وآخر هذه الآية أيضا ذكر الحشر والإعادة بقوله : ( وكذلك تخرجون ) والإمساء آخر فذكر الآخر ليذكر الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة : في تعلق إخراج الحي من الميت والميت من الحي بما تقدم عليه هو أن عند الإصباح يخرج الإنسان من شبه الموت ، وهو النوم إلى شبه الوجود وهو اليقظة ، وعند العشاء يخرج الإنسان من اليقظة إلى النوم ، واختلف المفسرون في قوله : ( يخرج الحي من الميت ) فقال أكثرهم : يخرج الدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة ، وكذلك الحيوان من النطفة والنطفة من الحيوان ، وقال بعضهم : المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ، ويمكن أن يقال : المراد : ( يخرج الحي من الميت ) أي اليقظان من النائم والنائم من اليقظان ، وهذا يكون قد ذكره للتمثيل أي إحياء الميت عنده ، وإماتة الحي كتنبيه النائم وتنويم المنتبه .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون ) وفي هذا معنى لطيف وهو أن الإنسان بالموت تبطل حيوانيته ، وأما نفسه الناطقة فتفارقه وتبقى بعده كما قال تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ) [ ص: 95 ] [ آل عمران : 169 ] لكن الحيوان نام متحرك حساس ، لكن النائم لا يتحرك ولا يحس والأرض الميتة لا يكون فيها نماء ، ثم إن النائم بالانتباه يتحرك ويحس ، والأرض الميتة بعد موتها تنمو بنباتها فكما أن تحريك ذلك الساكن وإنماء هذا الواقف سهل على الله تعالى كذلك إحياء الميت سهل عليه ، وإلى هذا أشار بقوله : ( وكذلك تخرجون ) .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية