الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا: أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون

                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا فإن ما تشهد به من الزنا أعظم جناية وقبحا وأجلب للخزي والعقوبة مما يشهد به السمع والأبصار من الجنايات المكتسبة بتوسطهما. وقيل: المراد بالجلود: الجوراح أي: سألوها سؤال توبيخ لما روي أنهم قالوا لها: فعنكن كنا نناضل ، وفي رواية بعدا لكن وسحقا ، عنكن كنت أجادل، وصيغة جمع العقلاء في خطاب الجلود وفي قوله تعالى: قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء لوقوعها في موقع السؤال والجواب المختصين بالعقلاء أي: أنطقنا الله الذي أنطق وأقدرنا على بيان الواقع فشهدنا عليكم بما عملتم بواسطتنا من القبائح وما كتمناها. وقيل: ما نطقنا باختيارنا بل أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وليس بذاك لما فيه من إيهام الاضطرار في الإخبار. وقيل: سألوها سؤال تعجب فالمعنى حينئذ: ليس نطقنا بعجب من قدرة الله الذي أنطق كل حي . وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون فإن من قدر على خلقكم وإنشائكم أولا وعلى إعادتكم ورجعكم إلى جزائه ثانيا لا يتعجب من إنطاقه لجوارحكم، ولعل صيغة المضارع مع أن هذه المحاورة بعد البعث والرجع لما أن المراد بالرجع ليس مجرد الرد إلى الحياة بالبعث بل ما يعمه وما يترتب عليه من العذاب الخالد المترتب عند التخاطب على تغليب المتوقع على الواقع على أن فيه مراعاة الفواصل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية