nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=29038قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين [ ص: 54 ] هذا تكرير ثالث لفعل ( قل ) من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=23قل هو الذي أنشأكم الآية .
وجاء هذا الأمر بقول يقوله لهم بمناسبة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=28أو رحمنا ) فإنه بعد أن سوى بين فرض إهلاك المسلمين وإحيائهم في أن أي الحالين فرض لا يجيرهم معه أحد من العذاب ، أعقبه بأن المسلمين آمنوا بالرحمان ، فهم مظنة أن تتعلق بهم هذه الصفة فيرحمهم الله في الدنيا والآخرة ، فيعلم المشركون علم اليقين أي الفريقين في ضلال حين يرون أثر الرحمة على المسلمين وانتفاءه عن المشركين في الدنيا وخاصة في الآخرة .
وضمير ( هو ) عائد إلى الله تعالى الواقع في الجملة قبله ، أي الله هو الذي وصفه ( الرحمان ) فهو يرحمنا ، وأنكم أنكرتم هذا الاسم فأنتم أحرياء بأن تحرموا آثار رحمته . ونحن توكلنا عليه دون غيره ، وأنتم غركم عزكم وجعلتم الأصنام معتمدكم ووكلاءكم .
وبهذه التوطئة يقع الإيماء إلى الجانب المهتدي والجانب الضال من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=29فستعلمون من هو في ضلال مبين لأنه يظهر بادئ تأمل أن الذين في ضلال مبين هم الذين جحدوا وصف الرحمن وتوكلوا على الأوثان .
و ( من ) موصولة ، وماصدق ( من ) فريق مبهم متردد بين فريقين تضمنها قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=28إن أهلكني الله ومن معي وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=28فمن يجير الكافرين ، فأحد الفريقين فريق النبيء - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، والآخر فريق الكافرين ، أي فستعلمون اتضاح الفريق الذي هو في ضلال مبين .
وتقديم معمول ( توكلنا ) عليه لإفادة الاختصاص ، أي توكلنا عليه دون غيره تعريضا بمخالفة حال المشركين إذ توكلوا على أصنامهم وأشركوا في التوكل مع الله ، أو نسوا
nindex.php?page=treesubj&link=28679التوكل على الله باشتغال فكرتهم بالتوجه إلى الأصنام .
وإنما لم يقدم معمول ( آمنا ) عليه فلم يقل : به آمنا ، لمجرد الاهتمام إلى الإخبار عن إيمانهم بالله لوقوعه عقب وصف الآخرين بالكفر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=28فمن يجير الكافرين من عذاب أليم فإن هذا جواب آخر على تمنيهم له الهلاك وسلك به طريق التبكيت ، أي هو الرحمن يجيرنا من سوء ترومونه لنا لأننا آمنا به ولم نكفر به
[ ص: 55 ] كما كفرتم ، فلم يكن المقصود في إيراده نفي الإشراك وإثبات التوحيد ؛ إذ الكلام في الإهلاك والإنجاء المعبر عنه ب ( رحمنا ) ، فجيء بجملة ( آمنا ) على أصل مجرد معناها دون قصد الاختصاص ، بخلاف قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=29وعليه توكلنا ؛ لأن التوكل يقتضي منجيا وناصرا ، والمشركون متوكلون على أصنامهم وقوتهم وأموالهم ، فقيل : نحن لا نتكل على ما أنتم متوكلون عليه ، بل على الرحمن وحده توكلنا .
وفعل ( فستعلمون ) معلق عن العمل لمجيء الاستفهام بعده .
وقرأ الجمهور ( فستعلمون ) بتاء الخطاب على أنه مما أمر بقوله الرسول - صلى الله عليه وسلم - . وقرأه
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي بياء الغائب على أن يكون إخبارا من الله لرسوله بأنه سيعاقبهم عقاب الضالين .
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=29038قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ [ ص: 54 ] هَذَا تَكْرِيرٌ ثَالِثٌ لِفِعْلِ ( قُلْ ) مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=23قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ الْآيَةَ .
وَجَاءَ هَذَا الْأَمْرُ بِقَوْلٍ يَقُولُهُ لَهُمْ بِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=28أَوْ رَحِمَنَا ) فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ سَوَّى بَيْنَ فَرْضِ إِهْلَاكِ الْمُسْلِمِينَ وَإِحْيَائِهِمْ فِي أَنَّ أَيَّ الْحَالَيْنِ فُرِضَ لَا يُجِيرُهُمْ مَعَهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَذَابِ ، أَعْقَبَهُ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ آمَنُوا بِالرَّحْمَانِ ، فَهُمْ مَظِنَّةُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِمْ هَذِهِ الصِّفَةُ فَيَرْحَمَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَيَعْلَمُ الْمُشْرِكُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَيَّ الْفَرِيقَيْنِ فِي ضَلَالٍ حِينَ يَرَوْنَ أَثَرَ الرَّحْمَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَانْتِفَاءَهُ عَنِ الْمُشْرِكِينَ فِي الدُّنْيَا وَخَاصَّةً فِي الْآخِرَةِ .
وَضَمِيرُ ( هُوَ ) عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْوَاقِعُ فِي الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ ، أَيِ اللَّهُ هُوَ الَّذِي وَصْفُهُ ( الرَّحْمَانُ ) فَهُوَ يَرْحَمُنَا ، وَأَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا الْاسْمَ فَأَنْتُمْ أَحْرِيَاءُ بِأَنْ تُحْرَمُوا آثَارَ رَحْمَتِهِ . وَنَحْنُ تَوَكَّلْنَا عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ ، وَأَنْتُمْ غَرَّكُمْ عِزُّكُمْ وَجَعَلْتُمُ الْأَصْنَامَ مُعْتَمَدَكُمْ وَوُكَلَاءَكُمْ .
وَبِهَذِهِ التَّوْطِئَةِ يَقَعُ الْإِيمَاءُ إِلَى الْجَانِبِ الْمُهْتَدِي وَالْجَانِبِ الضَّالِّ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=29فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ بَادِئَ تَأَمُّلٍ أَنَّ الَّذِينَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ هُمُ الَّذِينَ جَحَدُوا وَصْفَ الرَّحْمَنِ وَتَوَكَّلُوا عَلَى الْأَوْثَانِ .
وَ ( مَنْ ) مَوْصُولَةٌ ، وَمَاصْدَقُ ( مَنْ ) فَرِيقٌ مُبْهَمٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=28إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=28فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ ، فَأَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ فَرِيقُ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ مَعَهُ ، وَالْآخَرُ فَرِيقُ الْكَافِرِينَ ، أَيْ فَسَتَعْلَمُونَ اتِّضَاحَ الْفَرِيقِ الَّذِي هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ .
وَتَقْدِيمُ مَعْمُولِ ( تَوَكَّلْنَا ) عَلَيْهِ لِإِفَادَةِ الْاخْتِصَاصِ ، أَيْ تَوَكَّلْنَا عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ تَعْرِيضًا بِمُخَالَفَةِ حَالِ الْمُشْرِكِينَ إِذْ تَوَكَّلُوا عَلَى أَصْنَامِهِمْ وَأَشْرَكُوا فِي التَّوَكُّلِ مَعَ اللَّهِ ، أَوْ نَسُوا
nindex.php?page=treesubj&link=28679التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ بِاشْتِغَالِ فَكْرَتِهِمْ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْأَصْنَامِ .
وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدَّمْ مَعْمُولُ ( آمَنَّا ) عَلَيْهِ فَلَمْ يَقُلْ : بِهِ آمَنَّا ، لِمُجَرَّدِ الْاهْتِمَامِ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنْ إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ لِوُقُوعِهِ عَقِبَ وَصْفِ الْآخَرِينَ بِالْكُفْرِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=28فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ فَإِنَّ هَذَا جَوَابٌ آخَرُ عَلَى تَمَنِّيهِمْ لَهُ الْهَلَاكَ وَسُلِكَ بِهِ طَرِيقَ التَّبْكِيتِ ، أَيْ هُوَ الرَّحْمَنُ يُجِيرُنَا مِنْ سُوءٍ تَرُومُونَهُ لَنَا لِأَنَّنَا آمَنَّا بِهِ وَلَمْ نَكْفُرْ بِهِ
[ ص: 55 ] كَمَا كَفَرْتُمْ ، فَلَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ فِي إِيرَادِهِ نَفْيَ الْإِشْرَاكِ وَإِثْبَاتَ التَّوْحِيدِ ؛ إِذِ الْكَلَامُ فِي الْإِهْلَاكِ وَالْإِنْجَاءِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِ ( رَحِمَنَا ) ، فَجِيءَ بِجُمْلَةِ ( آمَنَّا ) عَلَى أَصْلٍ مُجَرَّدٍ مَعْنَاهَا دُونَ قَصْدِ الْاخْتِصَاصِ ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=29وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ؛ لِأَنَّ التَّوَكُّلَ يَقْتَضِي مُنْجِيًا وَنَاصِرًا ، وَالْمُشْرِكُونَ مُتَوَكِّلُونَ عَلَى أَصْنَامِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، فَقِيلَ : نَحْنُ لَا نَتَّكِلُ عَلَى مَا أَنْتُمْ مُتَوَكِّلُونَ عَلَيْهِ ، بَلْ عَلَى الرَّحْمَنِ وَحْدَهُ تَوَكُّلُنَا .
وَفِعْلُ ( فَسَتَعْلَمُونَ ) مُعَلَّقٌ عَنِ الْعَمَلِ لِمَجِيءِ الْاسْتِفْهَامِ بَعْدَهُ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( فَسَتَعْلَمُونَ ) بِتَاءِ الْخِطَابِ عَلَى أَنَّهُ مِمَّا أُمِرَ بِقَوْلِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقَرَأَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ بِيَاءِ الْغَائِبِ عَلَى أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ بِأَنَّهُ سَيُعَاقِبُهُمْ عِقَابَ الضَّالِّينَ .