الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إنها ترمي بشرر [32] لغة أهل الحجاز، كما قال:

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 119 ]

                                                                                                                                                                                                                                        521 - وتوقد ناركم شررا ويرفع لكم في كل مجمعة لواء



                                                                                                                                                                                                                                        ولغة بني تميم شرار.

                                                                                                                                                                                                                                        ( كالقصر ) يقرأ على ثلاثة أوجه، فقراءة العامة: (كالقصر) وعن ابن عباس وجماعة من أصحابه (كالقصر) بفتح الصاد، وعن سعيد بن جبير روايتان في إحداهما (كالقصر ) والأخرى (كالقصر) كما قرئ على إبراهيم بن موسى ، عن إسماعيل بن إسحاق قال: نصر بن علي ، قال: ثنا يزيد بن زريع، ثنا يونس ، عن الحسن (إنها ترمي بشرر كالقصر) بكسر القاف.

                                                                                                                                                                                                                                        قال نصر: وحدثنا أبي، ثنا يونس، عن الحسن: ( بشرر كالقصر ) قال: أصول النخل.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : والقصر بفتح القاف وإسكان الصاد في معناه قولان، روى علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس كالقصر قال: يقول: كالقصر العظيم. وكذا قال محمد بن كعب هو القصر من القصور.

                                                                                                                                                                                                                                        وقال أبو عبيد ، عن حجاج ، عن هارون : قال القصر الخشب الجزل، مثل جمرة وجمر وتمرة وتمر.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وأصح من هذا عن الحسن كما قرئ على إبراهيم بن موسى ، عن إسماعيل ، عن نصر قال: ثنا يزيد ، ثنا يونس ، عن الحسن قال: كالقصر واحد القصور. قال أبو جعفر : فهذا قول بين، والعرب تشبه الناقة والجمل بالقصر كما قال:


                                                                                                                                                                                                                                        522 - كأنها برج رومي يشيده     بان بجص وآجر وأحجار



                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 120 ] فأما القصر فقال مجاهد وقتادة : هو أصول النخل. وروى عبد الرحمن بن عابس ، عن ابن عباس قال: القصر الخشبة تكون ثلاثة أذرع أو أكثر ودون ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وهذا أصح ما قيل فيه، ومنه قيل: قصار؛ لأنه يعمل بمثل هذا الخشب، والقصر بهذا المعنى يكون جمع قصرة، وقد سمع من العرب حاجة وحوج، ويجوز أن يكون جمع قصرة، وقد سمع حلقة وحلق.

                                                                                                                                                                                                                                        فقال: الشرر جماعة والقصر واحد فكيف شبهت به؟ الجواب أن يكون واحدا يدل على جمع، أو جمع قصرة، أو يراد به الفعل أي: كعظيم القصر.

                                                                                                                                                                                                                                        وتكلم الفراء في أن الأولى أن يقرأ (كالقصر) بإسكان الصاد؛ لأن الآيات على هذا، ألا ترى أن بعده ( صفر ) واحتج بقراءة القراء ( يوم يدع الداع إلى شيء نكر ) بضم الكاف لأن الآيات كذا، وفي موضع آخر: ( فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا ) بإسكان الكاف، فقال: فقد أجمع القراء على تحريك الأولى وإسكان الثانية.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وهذا غلط قبيح، قد قرأ عبد الله بن كثير : ( يوم يدعو الداع إلى شيء نكر ) بإسكان الكاف، وهذا الذي جاء به من اتفاق الآيات لا يستتب ولا ينقاس.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية