(
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور )
لما أمره بأن يكون كاملا في نفسه ، مكملا لغيره ، وكان يخشى بعدهما من أمرين ؛ أحدهما :
nindex.php?page=treesubj&link=18072_18673_18682التكبر على الغير بسبب كونه مكملا له ، والثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=32503_24623التبختر في النفس بسبب كونه كاملا في نفسه ؛ فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18ولا تصعر خدك للناس ) تكبرا (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18ولا تمش في الأرض مرحا ) تبخترا ؛ (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18إن الله لا يحب كل مختال ) يعني من يكون به خيلاء ، وهو الذي يرى الناس عظمة نفسه ، وهو التكبر ؛ (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18فخور ) يعني من يكون مفتخرا بنفسه ، وهو الذي يرى عظمة لنفسه في عينه ، وفي الآية لطيفة وهو أن الله تعالى قدم الكمال على التكميل ، حيث قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=17أقم الصلاة ) ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=17وأمر بالمعروف ) ، وفي النهي قدم ما يورثه التكميل على ما يورثه الكمال ، حيث قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18ولا تصعر خدك ) ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18ولا تمش في الأرض مرحا ) ؛ لأن في طرف الإثبات من لا يكون كاملا لا يمكن أن يصير مكملا ، فقدم الكمال ، وفي طرف النفي من يكون متكبرا على غيره متبخترا ؛ لأنه لا يتكبر على الغير إلا عند اعتقاده أنه أكبر منه من وجه ، وأما من يكون متبخترا في نفسه لا يتكبر ، ويتوهم أنه يتواضع للناس ، فقدم نفي التكبر ثم نفي التبختر ; لأنه لو قد نفى التبختر للزم منه نفي التكبر ، فلا يحتاج إلى النهي عنه . ومثاله أنه لا يجوز أن يقال : لا تفطر ولا تأكل ; لأن من لا يفطر لا يأكل ، ويجوز أن يقال : لا تأكل ولا تفطر ; لأن من لا يأكل قد يفطر بغير الأكل ، ولقائل أن يقول : إن مثل هذا الكلام يكون للتفسير فيقول : لا تفطر ولا تأكل ، أي لا تفطر بأن تأكل ، ولا يكون نهيين بل واحدا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )
لَمَّا أَمَرَهُ بِأَنْ يَكُونَ كَامِلًا فِي نَفْسِهِ ، مُكَمِّلًا لِغَيْرِهِ ، وَكَانَ يَخْشَى بَعْدَهُمَا مِنْ أَمْرَيْنِ ؛ أَحَدُهُمَا :
nindex.php?page=treesubj&link=18072_18673_18682التَّكَبُّرُ عَلَى الْغَيْرِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُكَمِّلًا لَهُ ، وَالثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=32503_24623التَّبَخْتُرُ فِي النَّفْسِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ كَامِلًا فِي نَفْسِهِ ؛ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) تَكَبُّرًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ) تَبَخْتُرًا ؛ (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ ) يَعْنِي مَنْ يَكُونُ بِهِ خُيَلَاءُ ، وَهُوَ الَّذِي يَرَى النَّاسُ عَظَمَةَ نَفْسِهِ ، وَهُوَ التَّكَبُّرُ ؛ (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18فَخُورٍ ) يَعْنِي مَنْ يَكُونُ مُفْتَخِرًا بِنَفْسِهِ ، وَهُوَ الَّذِي يَرَى عَظَمَةً لِنَفْسِهِ فِي عَيْنِهِ ، وَفِي الْآيَةِ لَطِيفَةٌ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَ الْكَمَالَ عَلَى التَّكْمِيلِ ، حَيْثُ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=17أَقِمِ الصَّلَاةَ ) ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=17وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ ) ، وَفِي النَّهْيِ قَدَّمَ مَا يُورِثُهُ التَّكْمِيلُ عَلَى مَا يُورِثُهُ الْكَمَالُ ، حَيْثُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ ) ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=18وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ) ؛ لِأَنَّ فِي طَرَفِ الْإِثْبَاتِ مَنْ لَا يَكُونُ كَامِلًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصِيرَ مُكَمِّلًا ، فَقَدَّمَ الْكَمَالَ ، وَفِي طَرَفِ النَّفْيِ مَنْ يَكُونُ مُتَكَبِّرًا عَلَى غَيْرِهِ مُتَبَخْتِرًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَبَّرُ عَلَى الْغَيْرِ إِلَّا عِنْدَ اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْهُ مِنْ وَجْهٍ ، وَأَمَّا مَنْ يَكُونُ مُتَبَخْتِرًا فِي نَفْسِهِ لَا يَتَكَبَّرُ ، وَيَتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَتَوَاضَعُ لِلنَّاسِ ، فَقَدَّمَ نَفْيَ التَّكَبُّرِ ثُمَّ نَفْيَ التَّبَخْتُرِ ; لِأَنَّهُ لَوْ قَدْ نَفَى التَّبَخْتُرَ لَلَزِمَ مِنْهُ نَفْيُ التَّكَبُّرِ ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى النَّهْيِ عَنْهُ . وَمِثَالُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : لَا تُفْطِرْ وَلَا تَأْكُلْ ; لِأَنَّ مَنْ لَا يُفْطِرُ لَا يَأْكُلُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : لَا تَأْكُلْ وَلَا تُفْطِرْ ; لِأَنَّ مَنْ لَا يَأْكُلُ قَدْ يُفْطِرُ بِغَيْرِ الْأَكْلِ ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : إِنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ يَكُونُ لِلتَّفْسِيرِ فَيَقُولُ : لَا تُفْطِرْ وَلَا تَأْكُلْ ، أَيْ لَا تُفْطِرْ بِأَنْ تَأْكُلَ ، وَلَا يَكُونُ نَهْيَيْنِ بَلْ وَاحِدًا .