الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال ( حلال أخرج ظبية من الحرم فولدت أولادا ، ثم ذبحها وأولادها فليس أكلها وأكل أولادها بحرام ) ; لأن الحل بالذبح ، وقد حصل من حلال في صيد في الحل ، ولكن لا يعجبني هذا الفعل ; لأنه لو أذن في ذلك تطرق الناس إليه ، ولأنه تمكن من الذبح بالأخذ السابق ، وقد كان ذلك الأخذ حراما عليه وعليه الجزاء فيها ، وفي أولادها ; لأن الإرسال والإعادة إلى الماء من مستحق عليه فيها ، وفي أولادها . فإذا فوت ذلك بالذبح كان عليه الجزاء ، ولأنه إنما يضمن جزاء الأم لإتلافه معنى الصيدية فيها بإثبات اليد عليها ، وهذا المعنى موجود في ولدها ، وكذلك إن أدى الجزاء عنها ، ثم ذبحها فهذا والأول سواء ; لأنه مطالب بإرسالها وإعادتها [ ص: 27 ] إلى الماء من بعد أداء الجزاء فإن البدل إنما يظهر حكمه عند فوات الأصل . فأما مع القدرة على الأصل فلا معتبر بالبدل ، وما ولدت في يده بعد أداء الجزاء فليس عليه في ذلك الولد جزاء ; لأنه لو ماتت هي في يده بعد أداء الجزاء لم يلزمه شيء آخر فعرفنا أنه ليس في عينها حق مستحق بعد أداء الجزاء ليسري إلى الولد بخلاف ما قبل أداء الجزاء ( فإن قيل ) فأين ذهب قولكم أنه لا معتبر بالبدل حال قيام الأصل وأنه مطالب بإعادتها إلى الماء من بعد أداء الجزاء ( قلنا ) نعم لا معتبر بالبدل حال قيام البدل ، ولكن لا يجمع الأصل والبدل فيبقى بعد أداء الجزاء الحق مترددا بين الإرسال الذي هو الأصل وبين المؤدى من الجزاء ; ولهذا لو باعه بعد بيعه يظهر ذلك عند فوات الأصل وباعتبار جانب المؤدى من الجزاء لا يظهر في الولد الحادث بعد ذلك استحقاق شيء ; فلهذا لا يلزمه الجزاء فيه ، ولأنه يتملك ذلك الصيد بما أدى من الجزاء ; ولهذا لو باعه نفذ بيعه فالولد إنما يتولد بعد ذلك من ملكه ; فلهذا لا يلزمه الجزاء فيه .

وكذلك لو كان محرما صاد ظبية ، ثم حل من إحرامه وهي في يده فحالها وحال أولادها كما بينا في الفصل الأول من الفرق بين ما قبل أداء الجزاء ، أو بعد أداء الجزاء فإن ما قررناه من المعنى يشتمل على الفصلين جميعا ، والله سبحانه وتعالى أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية