الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون

                                                                                                                                                                                                                                      فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل جواب شرط محذوف أي: إذا كان عاقبة أمر الكفرة ما ذكر فاصبر على ما يصيبك من جهتهم كما صبر أولو الثبات والحزم من الرسل فإنك من جملتهم بل من عليتهم و"من" للتبيين، والمراد بأولي العزم: أصحاب الشرائع الذين اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها وصبروا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فيها ومشاهيرهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام. وقيل: هم الصابرون على بلاء الله كنوح صبر على أذية قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه، وإبراهيم صبر على النار وعلى ذبح ولده والذبيح على الذبح، ويعقوب على فقد الولد والبصر، ويوسف على الجب والسجن، وأيوب على الضر، وموسى قال له قومه: إنا لمدركون قال: كلا إن معي ربي سيهدين، وداود بكى على خطيئته أربعين سنة، وعيسى لم يضع لبنة على لبنة صلوات الله تعالى عليهم أجمعين. ولا تستعجل لهم أي: لكفار مكة بالعذاب فإنه على شرف النزول بهم. كأنهم يوم يرون ما يوعدون من العذاب. لم يلبثوا في الدنيا. إلا ساعة يسيرة. من نهار لما يشاهدون من شدة العذاب وطول مدته وقوله تعالى: بلاغ خبر مبتدأ محذوف أي: هذا الذي وعظتم به كفاية في الموعظة أو تبليغ من الرسول، ويؤيده أنه قرئ "بلغ"، وقرئ "بلاغا" أي: بلغوا بلاغا. فهل يهلك إلا القوم الفاسقون أي: الخارجون عن الاتعاظ به أو عن الطاعة، وقرئ بفتح الياء وكسر اللام وبفتحهما من هلك وهلك وبنون العظمة من الإهلاك ونصب القوم ووصفه. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة الأحقاف كتب له عشر حسنات بعدد كل رملة فى الدنيا".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية