nindex.php?page=treesubj&link=29060_29675_28862nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=27يا أيتها النفس المطمئنة nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=28ارجعي إلى ربك راضية مرضية nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=29فادخلي في عبادي nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=30وادخلي جنتي ) .
لما استوعب ما اقتضاه المقام من الوعيد والتهديد والإنذار ختم الكلام بالبشارة للمؤمنين الذين تذكروا بالقرآن واتبعوا هديه ، على عادة القرآن في تعقيب النذارة بالبشارة والعكس ، فإن ذلك يزيد رغبة الناس في فعل الخير ورهبتهم من أفعال الشر .
[ ص: 341 ] واتصال هذه الآية بالآيات التي قبلها في التلاوة ، وكتابة المصحف الأصل فيه أن تكون نزلت مع الآيات التي قبلها في نسق واحد ، وذلك يقتضي أن هذا الكلام يقال في الآخرة ، فيجوز أن يقال يوم الجزاء ، فهو مقول قول محذوف هو جواب " إذا " ( إذا دكت الأرض ) الآية ، وما بينهما مستطرد واعتراض .
فهذا قول يصدر يوم القيامة من جانب القدس من كلام الله تعالى أو من كلام الملائكة ، فإن كان من كلام الله تعالى كان قوله : ( إلى ربك ) إظهارا في مقام الإضمار بقرينة تفريع ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=29فادخلي في عبادي ) عليه . ونكتة هذا الإظهار ما في وصف ( رب ) من الولاء والاختصاص ، وما في إضافته إلى ضمير النفس المخاطبة من التشريف لها .
وإن كان من قول الملائكة فلفظ ( ربك ) جرى على مقتضى الظاهر ، وعطف ( فادخلي في عبادي ) عطف تلقين يصدر من كلام الله تعالى تحقيقا لقول الملائكة ( ارجعي إلى ربك ) .
والرجوع إلى الله مستعار للكون في نعيم الجنة التي هي دار الكرامة عند الله بمنزلة دار المضيف ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=55في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) بحيث شبهت الجنة بمنزل للنفس المخاطبة ؛ لأنها استحقته بوعد الله على أعمالها الصالحة ، فكأنها كانت مغتربة عنه في الدنيا فقيل لها : ارجعي إليه ، وهذا الرجوع خاص غير مطلق الحلول في الآخرة .
ويجوز أن تكون الآية استئنافا ابتدائيا جرى على مناسبة ذكر عذاب الإنسان المشرك ، فتكون خطابا من الله تعالى لنفوس المؤمنين المطمئنة .
والأمر في ( ارجعي إلى ربك ) مراد منه تقييده بالحالين بعده وهما ( راضية مرضية ) وهو من استعمال الأمر في الوعد ، والرجوع مجاز أيضا ، والإضمار في قوله : ( في عبادي ) وقوله : ( جنتي ) التفات من الغيبة إلى التكلم .
وقال بعض أهل التأويل : نزلت في معين . فعن
الضحاك : أنها نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان لما تصدق
ببئر رومة . وعن
بريدة : أنها نزلت في
حمزة حين قتل . وقيل : نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=290خبيب بن عدي لما صلبه أهل
مكة . وهذه الأقوال تقتضي أن هذه الآية
[ ص: 342 ] مدنية ، والاتفاق على أن السورة مكية إلا ما رواه
الداني عن بعض العلماء أنها مدنية ، وهي - على هذا - منفصلة عما قبلها كتبت هنا بتوقيف خاص أو نزلت عقب ما قبلها للمناسبة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=138وزيد بن حارثة nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود : أن هذا يقال عند البعث لترجع الأرواح في الأجساد ، وعلى هذا فهي متصلة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=21إذا دكت الأرض ) إلخ كالوجه الذي قبل هذا ، والرجوع على هذا حقيقة ، والرب مراد به صاحب النفس وهو الجسد .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة وأبي صالح : يقال هذا للنفس عند الموت . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير قال :
قرأ رجل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=27يا أيتها النفس المطمئنة nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=28ارجعي إلى ربك راضية مرضية ) فقال أبو بكر : ما أحسن هذا ! فقال النبيء - صلى الله عليه وسلم - : " أما إن الملك سيقولها لك عند الموت " . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة أن هذا يقال لنفس المؤمن عند الموت تبشر بالجنة .
والنفس : تطلق على الذات كلها كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) وتطلق على الروح التي بها حياة الجسد كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53إن النفس لأمارة بالسوء ) .
وعلى الإطلاقين توزع المعاني المتقدمة كما لا يخفى .
والمطمئنة : اسم فاعل من ( اطمأن ) إذا كان هادئا غير مضطرب ولا منزعج ، فيجوز أن يكون من سكون النفس بالتصديق لما جاء به القرآن دون تردد ولا اضطراب بال فيكون ثناء على هذه النفس ، ويجوز أن يكون من هدوء النفس بدون خوف ولا فتنة في الآخرة .
وفعله من الرباعي المزيد وهو بوزن افعلل ، والأصح أنه مهموز اللام الأولى وأن الميم عين الكلمة كما ينطق به وهذا قول أبي عمرو . وقال سيبويه : أصل الفعل : ( طأمن ) فوقع فيه قلب مكاني فقدمت الميم على الهمزة ، فيكون أصل " مطمئنة " عنده " مطأمنة " ومصدره اطئمنان ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260ولكن ليطمئن قلبي ) في سورة البقرة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ) في سورة النساء .
[ ص: 343 ] ووصف النفس بـ ( المطمئنة ) ليس وصفا للتعريف ولا للتخصيص ، أي : لتمييز المخاطبين بالوصف الذي يميزهم عمن عداهم فيعرفون أنهم المخاطبون المأذونون بدخول الجنة ؛ لأنهم لا يعرفون أنهم مطمئنون إلا بعد الإذن لهم بدخول الجنة ، فالوصف مراد به الثناء والإيماء إلى وجه بناء الخبر ، وتبشير من وجه الخطاب إليهم بأنهم مطمئنون آمنون ، ويجوز أن يكون للتعريف أو التخصيص بأن يجعل الله إلهاما في قلوبهم يعرفون به أنهم مطمئنون . والاطمئنان : مجاز في طيب النفس وعدم ترددها في مصيرها بالاعتقاد الصحيح فيهم حين أيقنوا في الدنيا بأن ما جاءت به الرسل حق ، فذلك اطمئنان في الدنيا ومن أثره اطمئنانهم يوم القيامة حين يرون مخائل الرضى والسعادة نحوهم ويرون ضد ذلك نحو أهل الشقاء .
وقد فسر الاطمئنان : بيقين وجود الله ووحدانيته ، وفسر باليقين بوعد الله ، وبالإخلاص في العمل ، ولا جرم أن ذلك كله من مقومات الاطمئنان المقصود ، فمجموعه مراد وأجزاؤه مقصودة ، وفسر بتبشيرهم بالجنة ، أي قبل ندائهم ثم نودوا بأن يدخلوا الجنة .
والرجوع يحتمل الحقيقة والمجاز كما علمت من الوجوه المتقدمة في معنى الآية .
والراضية : التي رضيت بما أعطيته من كرامة ، وهو كناية عن إعطائها كل ما تطمح إليه .
والمرضية : اسم مفعول ، وأصله : مرضيا عنها ، فوقع فيه الحذف والإيصال ، فصار نائب فاعل بدون حرف الجر ، والمقصود من هذا الوصف زيادة الثناء مع الكناية عن الزيادة في إفاضة الإنعام ; لأن المرضي عنه يزيده الراضي عنه من الهبات والعطايا فوق ما رضي به هو .
وفرع على هذه البشرى الإجمالية تفصيل ذلك بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=29فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) فهو تفصيل بعد الإجمال لتكرير إدخال السرور على أهلها .
والمعنى : ادخلي في زمرة عبادي . والمراد العباد الصالحون بقرينة مقام الإضافة مع قرنه بقوله : ( جنتي ) . ومعنى هذا كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9لندخلنهم في الصالحين ) .
[ ص: 344 ] فالظرفية حقيقة وتئول إلى معنى المعية كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) .
وإضافة جنة إلى ضمير الجلالة إضافة تشريف كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=55في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) .
وهذه الإضافة هي مما يزيد الالتفات إلى ضمير التكلم حسنا بعد طريقة الغيبة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=28ارجعي إلى ربك ) .
وتكرير فعل ( وادخلي ) فلم يقل : فادخلي جنتي في عبادي ؛ للاهتمام بالدخول بخصوصه تحقيقا للمسرة لهم .
nindex.php?page=treesubj&link=29060_29675_28862nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=27يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=28ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=29فَادْخُلِي فِي عِبَادِي nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=30وَادْخُلِي جَنَّتِي ) .
لَمَّا اسْتَوْعَبَ مَا اقْتَضَاهُ الْمَقَامُ مِنَ الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ وَالْإِنْذَارِ خَتَمَ الْكَلَامَ بِالْبِشَارَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ تَذَكَّرُوا بِالْقُرْآنِ وَاتَّبَعُوا هَدْيَهُ ، عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي تَعْقِيبِ النِّذَارَةِ بِالْبِشَارَةِ وَالْعَكْسِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ رَغْبَةَ النَّاسِ فِي فِعْلِ الْخَيْرِ وَرَهْبَتَهُمْ مِنْ أَفْعَالِ الشَّرِّ .
[ ص: 341 ] وَاتِّصَالُ هَذِهِ الْآيَةِ بِالْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي التِّلَاوَةِ ، وَكِتَابَةِ الْمُصْحَفِ الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ مَعَ الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي نَسَقٍ وَاحِدٍ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُقَالُ فِي الْآخِرَةِ ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَوْمَ الْجَزَاءِ ، فَهُوَ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ هُوَ جَوَابُ " إِذَا " ( إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ ) الْآيَةَ ، وَمَا بَيْنَهُمَا مُسْتَطْرَدٌ وَاعْتِرَاضٌ .
فَهَذَا قَوْلٌ يَصْدُرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ جَانِبِ الْقُدُسِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ كَلَامِ الْمَلَائِكَةِ ، فَإِنْ كَانَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ قَوْلُهُ : ( إِلَى رَبِّكِ ) إِظْهَارًا فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ بِقَرِينَةِ تَفْرِيعِ ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=29فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ) عَلَيْهِ . وَنُكْتَةُ هَذَا الْإِظْهَارِ مَا فِي وَصْفِ ( رَبِّ ) مِنَ الْوَلَاءِ وَالِاخْتِصَاصِ ، وَمَا فِي إِضَافَتِهِ إِلَى ضَمِيرِ النَّفْسِ الْمُخَاطَبَةِ مِنَ التَّشْرِيفِ لَهَا .
وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ فَلَفْظُ ( رَبِّكِ ) جَرَى عَلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ ، وَعَطْفُ ( فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ) عَطْفُ تَلْقِينٍ يَصْدُرُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى تَحْقِيقًا لِقَوْلِ الْمَلَائِكَةِ ( ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ) .
وَالرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ مُسْتَعَارٌ لِلْكَوْنِ فِي نَعِيمِ الْجَنَّةِ الَّتِي هِيَ دَارُ الْكَرَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ دَارِ الْمُضِيفِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=55فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) بِحَيْثُ شُبِّهَتِ الْجَنَّةُ بِمَنْزِلٍ لِلنَّفْسِ الْمُخَاطَبَةِ ؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهُ بِوَعْدِ اللَّهِ عَلَى أَعْمَالِهَا الصَّالِحَةِ ، فَكَأَنَّهَا كَانَتْ مُغْتَرِبَةً عَنْهُ فِي الدُّنْيَا فَقِيلَ لَهَا : ارْجِعِي إِلَيْهِ ، وَهَذَا الرُّجُوعُ خَاصٌّ غَيْرُ مُطْلَقِ الْحُلُولِ فِي الْآخِرَةِ .
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا جَرَى عَلَى مُنَاسَبَةِ ذِكْرِ عَذَابِ الْإِنْسَانِ الْمُشْرِكِ ، فَتَكُونُ خِطَابًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِنُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُطْمَئِنَّةِ .
وَالْأَمْرُ فِي ( ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ) مُرَادٌ مِنْهُ تَقْيِيدُهُ بِالْحَالَيْنِ بَعْدَهُ وَهُمَا ( رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ) وَهُوَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْأَمْرِ فِي الْوَعْدِ ، وَالرُّجُوعُ مَجَازٌ أَيْضًا ، وَالْإِضْمَارُ فِي قَوْلِهِ : ( فِي عِبَادِي ) وَقَوْلُهُ : ( جَنَّتِي ) الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى التَّكَلُّمِ .
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ : نَزَلَتْ فِي مُعَيَّنٍ . فَعَنِ
الضَّحَّاكِ : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَمَّا تَصَدَّقَ
بِبِئْرِ رُومَةَ . وَعَنْ
بُرَيْدَةَ : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
حَمْزَةَ حِينَ قُتِلَ . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=290خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ لَمَّا صَلَبَهُ أَهْلُ
مَكَّةَ . وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ
[ ص: 342 ] مَدَنِيَّةٌ ، وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا مَا رَوَاهُ
الدَّانِي عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ ، وَهِيَ - عَلَى هَذَا - مُنْفَصِلَةٌ عَمَّا قَبِلَهَا كُتِبَتْ هُنَا بِتَوْقِيفٍ خَاصٍّ أَوْ نَزَلَتْ عَقِبَ مَا قَبْلَهَا لِلْمُنَاسَبَةِ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=138وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّ هَذَا يُقَالُ عِنْدَ الْبَعْثِ لِتَرْجِعَ الْأَرْوَاحُ فِي الْأَجْسَادِ ، وَعَلَى هَذَا فَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=21إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ ) إِلَخْ كَالْوَجْهِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا ، وَالرُّجُوعُ عَلَى هَذَا حَقِيقَةٌ ، وَالرَّبُّ مُرَادٌ بِهِ صَاحِبُ النَّفْسِ وَهُوَ الْجَسَدُ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأَبِي صَالِحٍ : يُقَالُ هَذَا لِلنَّفْسِ عِنْدَ الْمَوْتِ . وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ :
قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=27يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=28ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : مَا أَحْسَنَ هَذَا ! فَقَالَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " أَمَا إِنَّ الْمَلَكَ سَيَقُولُهَا لَكَ عِنْدَ الْمَوْتِ " . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّ هَذَا يُقَالُ لِنَفْسِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الْمَوْتِ تُبَشَّرُ بِالْجَنَّةِ .
وَالنَّفْسُ : تُطْلَقُ عَلَى الذَّاتِ كُلِّهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ) وَتُطْلَقُ عَلَى الرُّوحِ الَّتِي بِهَا حَيَاةُ الْجَسَدِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ) .
وَعَلَى الْإِطْلَاقَيْنِ تُوَزَّعُ الْمَعَانِي الْمُتَقَدِّمَةُ كَمَا لَا يَخْفَى .
وَالْمُطَمْئِنَةُ : اسْمُ فَاعِلٍ مِنِ ( اطْمَأَنَّ ) إِذَا كَانَ هَادِئًا غَيْرَ مُضْطَرِبٍ وَلَا مُنْزَعِجٍ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ سُكُونِ النَّفْسِ بِالتَّصْدِيقِ لِمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ دُونَ تَرَدُّدٍ وَلَا اضْطِرَابِ بَالٍ فَيَكُونُ ثَنَاءً عَلَى هَذِهِ النَّفْسِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هُدُوءِ النَّفْسِ بِدُونِ خَوْفٍ وَلَا فِتْنَةٍ فِي الْآخِرَةِ .
وَفِعْلُهُ مِنَ الرُّبَاعِيِّ الْمَزِيدِ وَهُوَ بِوَزْنِ افْعَلَّلَ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَهْمُوزُ اللَّامِ الْأُولَى وَأَنَّ الْمِيمَ عَيْنُ الْكَلِمَةِ كَمَا يُنْطَقُ بِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عَمْرٍو . وَقَالَ سِيبَوَيْهِ : أَصْلُ الْفِعْلِ : ( طَأْمَنَ ) فَوَقَعَ فِيهِ قَلْبٌ مَكَانِيٌّ فَقُدِّمَتِ الْمِيمُ عَلَى الْهَمْزَةِ ، فَيَكُونُ أَصْلُ " مُطَمْئِنَّةٍ " عِنْدَهُ " مُطْأَمِنَّةٌ " وَمَصْدَرُهُ اطْئِمْنَانٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ) فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .
[ ص: 343 ] وَوَصْفُ النَّفْسِ بِـ ( الْمُطْمَئِنَّةِ ) لَيْسَ وَصَفًا لِلتَّعْرِيفِ وَلَا لِلتَّخْصِيصِ ، أَيْ : لِتَمْيِيزِ الْمُخَاطَبِينَ بِالْوَصْفِ الَّذِي يُمَيِّزُهُمْ عَمَّنْ عَدَاهُمْ فَيَعْرِفُونَ أَنَّهُمُ الْمُخَاطَبُونَ الْمَأْذُونُونَ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ أَنَّهُمْ مُطْمَئِنُّونَ إِلَّا بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ ، فَالْوَصْفُ مُرَادٌ بِهِ الثَّنَاءُ وَالْإِيمَاءُ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ ، وَتَبْشِيرُ مَنْ وُجِّهَ الْخِطَابُ إِلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ مُطْمَئِنُّونَ آمِنُونَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّعْرِيفِ أَوِ التَّخْصِيصِ بِأَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ إِلْهَامًا فِي قُلُوبِهِمْ يَعْرِفُونَ بِهِ أَنَّهُمْ مُطْمَئِنُّونَ . وَالِاطْمِئْنَانُ : مَجَازٌ فِي طِيبِ النَّفْسِ وَعَدَمِ تَرَدُّدِهَا فِي مَصِيرِهَا بِالِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ فِيهِمْ حِينَ أَيْقَنُوا فِي الدُّنْيَا بِأَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ حَقٌّ ، فَذَلِكَ اطْمِئْنَانٌ فِي الدُّنْيَا وَمِنْ أَثَرِهِ اطْمِئْنَانُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَرَوْنَ مَخَائِلَ الرِّضَى وَالسَّعَادَةِ نَحْوَهُمْ وَيَرَوْنَ ضِدَّ ذَلِكَ نَحْوَ أَهْلِ الشَّقَاءِ .
وَقَدْ فُسِّرَ الِاطْمِئْنَانُ : بِيَقِينِ وُجُودِ اللَّهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ ، وَفُسِّرَ بِالْيَقِينِ بِوَعْدِ اللَّهِ ، وَبِالْإِخْلَاصِ فِي الْعَمَلِ ، وَلَا جَرَمَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ مُقَوِّمَاتِ الِاطْمِئْنَانِ الْمَقْصُودِ ، فَمَجْمُوعُهُ مُرَادٌ وَأَجْزَاؤُهُ مَقْصُودَةٌ ، وَفُسِّرَ بِتَبْشِيرِهِمْ بِالْجَنَّةِ ، أَيْ قَبْلَ نِدَائِهِمْ ثُمَّ نُودُوا بِأَنْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ .
وَالرُّجُوعُ يَحْتَمِلُ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ كَمَا عَلِمْتَ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ .
وَالرَّاضِيَةُ : الَّتِي رَضِيَتْ بِمَا أُعْطِيَتْهُ مِنْ كَرَامَةٍ ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ إِعْطَائِهَا كُلَّ مَا تَطْمَحُ إِلَيْهِ .
وَالْمَرْضِيَّةُ : اسْمُ مَفْعُولٍ ، وَأَصْلُهُ : مَرْضِيًّا عَنْهَا ، فَوَقَعَ فِيهِ الْحَذْفُ وَالْإِيصَالُ ، فَصَارَ نَائِبَ فَاعِلٍ بِدُونِ حَرْفِ الْجَرِّ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْوَصْفِ زِيَادَةُ الثَّنَاءِ مَعَ الْكِنَايَةِ عَنِ الزِّيَادَةِ فِي إِفَاضَةِ الْإِنْعَامِ ; لِأَنَّ الْمَرْضِيَّ عَنْهُ يَزِيدُهُ الرَّاضِي عَنْهُ مِنَ الْهِبَاتِ وَالْعَطَايَا فَوْقَ مَا رَضِيَ بِهِ هُوَ .
وَفُرِّعَ عَلَى هَذِهِ الْبُشْرَى الْإِجْمَالِيَّةِ تَفْصِيلُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=29فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ) فَهُوَ تَفْصِيلٌ بَعْدَ الْإِجْمَالِ لِتَكْرِيرِ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى أَهْلِهَا .
وَالْمَعْنَى : ادْخُلِي فِي زُمْرَةِ عِبَادِي . وَالْمُرَادُ الْعِبَادُ الصَّالِحُونَ بِقَرِينَةِ مَقَامِ الْإِضَافَةِ مَعَ قَرْنِهِ بِقَوْلِهِ : ( جَنَّتِي ) . وَمَعْنَى هَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ) .
[ ص: 344 ] فَالظَّرْفِيَّةُ حَقِيقَةٌ وَتَئُولُ إِلَى مَعْنَى الْمَعِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) .
وَإِضَافَةُ جَنَّةٍ إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=55فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) .
وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ هِيَ مِمَّا يَزِيدُ الِالْتِفَاتَ إِلَى ضَمِيرِ التَّكَلُّمِ حُسْنًا بَعْدَ طَرِيقَةِ الْغَيْبَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=28ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ) .
وَتَكْرِيرُ فِعْلِ ( وَادْخُلِي ) فَلَمْ يَقُلْ : فَادْخُلِي جَنَّتِي فِي عِبَادِي ؛ لِلِاهْتِمَامِ بِالدُّخُولِ بِخُصُوصِهِ تَحْقِيقًا لِلْمَسَرَّةِ لَهُمْ .