وقوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=29706_30549_29024nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21ألكم الذكر وله الأنثى توبيخ مبني على ذلك التوبيخ ومداره تفضيل جانب أنفسهم على جنابه عز وجل حيث جعلوا له تعالى الإناث واختاروا لأنفسهم الذكور ، ومناط الأول نفس تلك النسبة ، وقيل : المعنى أرأيتم هذه الأصنام مع حقارتها وذلتها شركاء لله سبحانه مع ما تقدم من عظمته . وقيل : المعنى أخبروني عن آلهتكم هل لها شيء من القدرة والعظمة التي وصف بها رب العزة في الآي السابقة ، وقيل : المعنى أظننتم أن هذه الأصنام التي تعبدونها تنفعكم وقيل المعنى أفرأيتم هذه الأصنام إن عبدتموها لا تنفعكم وإن تركتموها لا تضركم ، ولا يخفى أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21ألكم إلخ لا يلتئم مع ما قبله على جميع هذه الأقوال التئامه على القول السابق ، وقيل : إن قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21ألكم إلخ في موضع المفعول الثاني للرؤية وخلوها عن العائد إلى المفعول الأول لما أن الأصل أخبروني أن اللات والعزى ومناة ألكم الذكر وله هن أي تلك الأصنام فوضع موضعها الأنثى لمراعاة الفواصل وتحقيق مناط التوبيخ وهو على تكلفه يقتضي اقتصار التوبيخ على ترجيح جانبهم الحقير الذليل على جناب الله تعالى العزيز الجليل من غير تعرض للتوبيخ على نسبة الولد إليه سبحانه ، وفي الكشف وجه النظم الجليل أنه بعد ما صور أمر الوحي تصويرا تاما وحققه بأن ما يستمعه وحي لا شبهة فيه لأنه رأى الآتي به وعرفه حق المعرفة قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=12أفتمارونه على ما يرى [النجم : 12] على معنى أتلاحونه بعد هذه البيانات على ما يرى من الآيات المحققة لأنه على بينة من ربه سبحانه هاديا مهديا ، وأنى يبقى للمراء مجال - وقد رآه نزلة أخرى . ؟!
[ ص: 57 ]
وعرفه حق المعرفة ، ثم قيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18لقد رأى من آيات إلخ تنبيها على أن ماعد منها فهو أيضا نفي للضلالة والغواية وتحقيق للدراية والهداية .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=19أفرأيتم عطف على تمارونه وإدخال الهمزة لزيادة الإنكار والفاء لأن القول بأمثاله مسبب عن الطبع والعناد وعدم الإصغاء لداعي الحق ، والمعنى أبعد هذا البيان تستمرون على ما أنتم عليه من المراء فترون اللات والعزى ومناة أولادا له تعالى ثم أخسها وسد مسد المفعول الثاني قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21ألكم إلخ زيادة الإنكار فعلى هذا ليس ( أفرأيتم ) في معنى الاستخبار وجاز أن يكون في معناه على معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=12أفتمارونه فأخبروني هل لكم الذكر وله الأنثى ، والقول مقدر أي فقل لهم أخبروني والمعنى هو كذا تهكما وتنبيها على أنه نتيجة مرائهم وأن من كان هذا معتقده فهو على الضلال الذي لا ضلال بعده ولا يبعد عن أمثاله نسبة الهادين المهديين إلى ما هو فيه من النقص انتهى ، وما ذكره أولا أولى وهو ليس بالبعيد عما ذكرنا
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=29706_30549_29024nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى تَوْبِيخٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ التَّوْبِيخِ وَمَدَارُهُ تَفْضِيلُ جَانِبِ أَنْفُسِهِمْ عَلَى جَنَابِهِ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ جَعَلُوا لَهُ تَعَالَى الْإِنَاثَ وَاخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمُ الذُّكُورَ ، وَمَنَاطُ الْأَوَّلِ نَفْسُ تِلْكَ النِّسْبَةِ ، وَقِيلَ : الْمَعْنَى أَرَأَيْتُمْ هَذِهِ الْأَصْنَامَ مَعَ حَقَارَتِهَا وَذِلَّتِهَا شُرَكَاءَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَظَمَتِهِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى أَخْبِرُونِي عَنْ آلِهَتِكُمْ هَلْ لَهَا شَيْءٌ مِنَ الْقُدْرَةِ وَالْعَظَمَةِ الَّتِي وُصِفَ بِهَا رَبُّ الْعِزَّةِ فِي الْآيِ السَّابِقَةِ ، وَقِيلَ : الْمَعْنَى أَظْنَنْتُمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَامَ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا تَنْفَعُكُمْ وَقِيلَ الْمَعْنَى أَفَرَأَيْتُمُ هَذِهِ الْأَصْنَامَ إِنْ عَبَدْتُمُوهَا لَا تَنْفَعْكُمْ وَإِنْ تَرَكْتُمُوهَا لَا تَضُرُّكُمْ ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21أَلَكُمُ إِلَخْ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ مَا قَبْلَهُ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْتِئَامَهُ عَلَى الْقَوْلِ السَّابِقِ ، وَقِيلَ : إِنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21أَلَكُمُ إِلَخْ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِلرُّؤْيَةِ وَخُلُوُّهَا عَنِ الْعَائِدِ إِلَى الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ لِمَا أَنَّ الْأَصْلَ أَخْبِرُونِي أَنَّ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ أَلْكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ هُنَّ أَيْ تِلْكَ الْأَصْنَامُ فَوَضَعَ مَوْضِعَهَا الْأُنْثَى لِمُرَاعَاةِ الْفَوَاصِلِ وَتَحْقِيقِ مَنَاطِ التَّوْبِيخِ وَهُوَ عَلَى تَكَلُّفِهِ يَقْتَضِي اقْتِصَارَ التَّوْبِيخِ عَلَى تَرْجِيحِ جَانِبِهِمُ الْحَقِيرِ الذَّلِيلِ عَلَى جَنَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْعَزِيزِ الْجَلِيلِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلتَّوْبِيخِ عَلَى نِسْبَةِ الْوَلَدِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ ، وَفِي الْكَشْفِ وَجْهُ النَّظْمِ الْجَلِيلِ أَنَّهُ بَعْدَ مَا صَوَّرَ أَمْرَ الْوَحْيِ تَصْوِيرًا تَامًّا وَحَقَّقَهُ بِأَنَّ مَا يَسْتَمِعُهُ وَحْيٌّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ رَأَى الْآتِيَ بِهِ وَعَرِفَهُ حَقَّ الْمَعْرِفَةِ قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=12أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى [النَّجْمَ : 12] عَلَى مَعْنَى أَتُلَاحُونَهُ بَعْدَ هَذِهِ الْبَيَانَاتِ عَلَى مَا يُرَى مِنَ الْآيَاتِ الْمُحَقَّقَةِ لِأَنَّهُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا ، وَأَنَّى يَبْقَى لِلْمِرَاءِ مَجَالٌ - وَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى . ؟!
[ ص: 57 ]
وَعَرِفَهُ حَقَّ الْمَعْرِفَةِ ، ثُمَّ قِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ إِلَخْ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَاعُدَّ مِنْهَا فَهُوَ أَيْضًا نَفْيٌ لِلضَّلَالَةِ وَالْغَوَايَةِ وَتَحْقِيقٌ لِلدِّرَايَةِ وَالْهِدَايَةِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=19أَفَرَأَيْتُمُ عَطْفٌ عَلَى تُمَارُونَهُ وَإِدْخَالُ الْهَمْزَةِ لِزِيَادَةِ الْإِنْكَارِ وَالْفَاءُ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَمْثَالِهِ مُسَبَّبٌ عَنِ الطَّبْعِ وَالْعِنَادِ وَعَدَمِ الْإِصْغَاءِ لِدَاعِي الْحَقِّ ، وَالْمَعْنَى أَبَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ تَسْتَمِرُّونَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْمِرَاءِ فَتَرَوْنَ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ أَوْلَادًا لَهُ تَعَالَى ثُمَّ أَخَسَّهَا وَسَدَّ مَسَدَّ الْمَفْعُولِ الثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21أَلَكُمُ إِلَخْ زِيَادَةُ الْإِنْكَارِ فَعَلَى هَذَا لَيْسَ ( أَفَرَأَيْتُمُ ) فِي مَعْنَى الِاسْتِخْبَارِ وَجَازَ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=12أَفَتُمَارُونَهُ فَأَخْبِرُونِي هَلْ لَكَمَ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى ، وَالْقَوْلُ مُقَدَّرٌ أَيْ فَقُلْ لَهُمْ أَخْبِرُونِي وَالْمَعْنَى هُوَ كَذَا تَهَكُّمًا وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ نَتِيجَةُ مِرَائِهِمْ وَأَنَّ مَنْ كَانَ هَذَا مُعْتَقَدَهُ فَهُوَ عَلَى الضَّلَالِ الَّذِي لَا ضَلَالَ بَعْدَهُ وَلَا يَبْعُدُ عَنْ أَمْثَالِهِ نِسْبَةُ الْهَادِينَ الْمَهْدِيِّينَ إِلَى مَا هُوَ فِيهِ مِنَ النَّقْصِ انْتَهَى ، وَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا أَوْلَى وَهُوَ لَيْسَ بِالْبَعِيدِ عَمَّا ذَكَرْنَا