الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وأنه هو رب الشعرى هي ( الشعرى ) العبور بفتح العين المهملة والباء الموحدة والراء المهملة بعد الواو ، وتقال ( الشعرى )أيضا على الغميصاء بغين معجمة مضمومة وميم مفتوحة بعدها ياء مثناة تحتية وصاد مهملة ومد ، والأولى في الجوزاء ، وإنما قيل لها العبور لأنها عبرت المجرة فلقيت سهيلا ولأنها تراه إذا طلع كأنها ستعبر وتسمى أيضا كلب الجبار لأنها تتبع الجوزاء المسماة بالجبار كما تتبع الكلب الصائد أو الصيد ، والثانية في ذراع الأسد المبسوطة ، وإنما قيل لها الغميصاء لأنها بكت من فراق سهيل فغمصت عينها ، والغمص ما سال من الرمص وهو وسخ أبيض يجتمع في الموق ، وذلك من زعم العرب أنهما أختا سهيل ، وفي القاموس من أحاديثهم أن الشعرى العبور قطعت المجرة فسميت عبورا وبكت الأخرى على أثرها حتى غمصت ويقال لها الغموص أيضا ، وقيل : زعموا أن سهيلا ( والشعرى ) كانا زوجين فانحدر سهيل وصار يمانيا فاتبعه الشعرى فعبرت المجرة فسميت العبور وأقامت الغميصاء وسميت بذلك لأنها دون الأولى ضياء ، وكل ذلك من تخيلاتهم الكاذبة التي لا حقيقة لها ، والمتبادر عند الإطلاق وعدم الوصف العبور لأنها أكبر جرما وأكثر ضياء وهي التي عبدت من دون الله سبحانه في الجاهلية . قال السدي : عبدتها حمير وخزاعة ، وقال غيره : أول من عبدها أبو كبشة رجل من خزاعة ، أو هو سيدهم [ ص: 70 ] واسمه وخز بن غالب وكان المشركون يقولون للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ابن أبي كبشة شبهوه به لمخالفته قومه في عبادة الأصنام ، وذكر بعضهم أنه أحد أجداده عليه الصلاة والسلام من قبل أمه وأنهم كانوا يزعمون أن كل صفة في المرء تسري إليه من أحد أصوله فيقولون نزع إليه عرق كذا ، وعرق الخال نزاع ، وقيل : هو كنية وهب بن عبد مناف جده صلى الله تعالى عليه وسلم من قبل أمه ، وقولهم له عليه الصلاة والسلامذلك على ما يقتضيه ظاهر القاموس لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم في الشبه الخلقي دون المخالفة ، وقيل : كنية زوج حليمة السعدية مرضعته عليه الصلاة والسلام ، وقيل : كنية عم ولدها ولكونها عبدت من دونه عز وجل خصت بالذكر ليكون ذلك تجهيلا لهم بجعل المربوب ربا ، ولمزيد الاعتناء بذلك جيء بالجملة على ما نطق به النظم الجليل .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن العرب من كان يعظمها ويعتقد تأثيرها في العالم ويزعمون أنها تقطع السماء عرضا وسائر النجوم تقطعها طولا ويتكلمون على المغيبات عند طلوعها ففي قوله تعالى : وأنه هو رب الشعرى إشارة إلى نفي تأثيرها . وأنه أهلك عادا الأولى أي القدماء لأنهم أولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح كما قاله ابن زيد والجمهور ، وقال الطبري : وصفت بالأولى لأن في القبائل عادا أخرى وهي قبيلة كانت بمكة مع العماليق وهم بنو لقيم بن هزال ، وقال المبرد : عاد الأخرى هي ثمود ، وقيل : الجبارون ، وقيل : عاد الأولى ولد عاد بن إرم بن عوف بن سام بن نوح ، وعاد الأخرى من ولد عاد الأولى ، وفي الكشاف ( الأولى ) قوم هود والأخرى إرم والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز أن يراد بالأولى المتقدمون الأشراف : وقرأ قوم عاد الولى بحذف الهمزة ونقل ضمها إلى اللام قبلها ، وقرأ نافع وأبو عمر و عادالولى بإدغام التنوين في اللام المنقول إليها حركة الهمزة المحذوفة ، وعاب هذه القراءة المازني والمبرد ، وقالت العرب : في الابتداء بعد النقل - الحمر ، ولحمر - فهذه القراءة جاءت على لحمر فلا عيب فيها ، وأتى قالونبعد ضمة اللام بهمزة ساكنة في موضع الواو كما في قوله :

                                                                                                                                                                                                                                      أحب الموقدين إلي مؤسى وكما قرأ بعضهم - على سؤقه - وفيه شذوذ ، وفي حرف أبي عاد غير مصروف للعلمية والتأنيث ومن صرفه فباعتبار الحي ، أو عامله معاملة هند لكونه ثلاثيا ساكن الوسط

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية