الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 1651 ] ( باب nindex.php?page=treesubj&link=24432_24433ما يقول عند الصباح والمساء والمنام )
( الفصل الأول )
2381 - عن عبد الله قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10360555كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمسى قال : " أمسينا وأمسى الملك لله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر وفتنة الدنيا وعذاب القبر ، وإذا أصبح قال ذلك أيضا : أصبحنا وأصبح الملك لله " وفي رواية : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10360556رب إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر " ( رواه مسلم ) .
يمكن أن يراد بهما طرفا النهار ، وأن يقصد بهما النهار والليل ، والثاني أظهر لقوله : أسألك خير هذه الليلة ( والمنام ) أي : في مكان النوم أو زمانه أو المنام ، مصدر ميمي أي : عند إرادة النوم أي : دخل في المساء وهو أول الليل .
( الفصل الأول )
2381 - ( عن عبد الله قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10360557كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=24432إذا أمسى قال : أمسينا وأمسى الملك لله ) أي : دخلنا في المساء ودخل فيه الملك كائنا لله ومختصا به ، أو الجملة حالية بتقدير قد أو بدونه أي : أمسينا وقد صار ، بمعنى : كان ودام الملك لله ( والحمد لله ) قال الطيبي : عطف على أمسينا وأمسى الملك أي : صرنا نحن وجميع الملك وجميع الحمد لله . اهـ أي : عرفنا فيه أن الملك لله وأن الحمد لله لا لغيره ، ويمكن أن يكون جملة الحمد لله مستقلة والتقدير والحمد لله على ذلك ( ولا إله إلا الله ) قال الطيبي : عطف على ( الحمد لله ) على تأويل وأمسى الفردانية والوحدانية مختصين بالله ( وحده ) حال مؤكدة ، أي : منفردا بالألوهية ( لا شريك له ) أي : في صفات الربوبية ولذا أكده بقوله ( له الملك ) أي : جنسه مختص له ( وله الحمد ) أي : بجميع أفراده ( وهو على كل شيء ) أي : مشيء أو على كل شيء شاء ( قدير ) كامل القدرة تام الإرادة ( اللهم إني أسألك ) أي : نصيبا وأمرا وحظا وافيا ( من خير هذه الليلة ) أي : ذاتها عينها ( وخير ما فيها ) قال الطيبي : أي : من خير ما ينشأ فيها وخير ما يسكن فيها ، قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وله ما سكن في الليل وقال ابن حجر : أي مما أردت وقوعه فيها لخواص خلقك من الكمالات الظاهرة والباطنة ، وخير ما يقع فيها من العبادات التي أمرنا بها فيها ، أو المراد خير الموجودات التي قارن وجودها هذه الليلة وخير كل موجود الآن ( وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ) في الحديث إظهار العبودية والافتقار إلى تصريفات الربوبية ، وأن الأمر كله خيره وشره بيد الله وأن العبد ليس له من الأمر شيء ، وفيه تعليم للأمة ليتعلموا آداب الدعاء ، وقال ابن الملك مسألته - صلى الله عليه وسلم - خير هذه الأزمنة مجاز عن قبول طاعات قدمها فيها ، واستعاذته من شرها مجاز عن طلب العفو عن ذنب قارفه فيها ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10360558nindex.php?page=treesubj&link=33084اللهم إني أعوذ بك من الكسل ) بفتحتين أي : التثاقل في الطاعة مع الاستطاعة ، قال الطيبي : الكسل التثاقل عما لا ينبغي التثاقل عنه ، ويكون ذلك بعدم انبعاث النفس للخير مع ظهور الاستطاعة ( والهرم ) بفتحتين أي : كبر السن المؤدي إلى تساقط بعض القوة وضعفها وهو الرد إلى أرذل العمر ; لأنه يفوت فيه المقصود بالحياة من العلم والعمل ، ولذا قال تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) فاندفع به ما جزم به ابن حجر : إن سبب الاستعاذة منه كونه لا دواء له كما في الحديث ( وسوء الكبر ) بفتح الباء وهو الأصح رواية ودراية أي : ما يورثه الكبر من ذهاب العقل واختلاط الرأي وغير ذلك مما يسوء به الحال ، وروي بسكون الموحدة والمراد به البطر ، قال الطيبي : والدراية تساعد الرواية الأولى ; لأن الجمع بين البطر والهرم بالعطف كالجمع بين الضب والنون ، ونازعه ابن حجر وقال : الأول أصح أي : أشهر رواية ، وأما دراية فالثاني يفيد ما لا يفيده ما قبله وهو الهرم فهو تأسيس محض بخلاف الأول فإنه إنما يفيد ضربا من التأكيد والتأسيس خير من التأكيد . اهـ وهو عجيب منه فإنه المغايرة بينهما ظاهرة غاية الظهور على الطيبي وغيره كما بين الضب والنون ، وإنما الكلام في المناسبة والملاءمة بين المتعاطفين كما اعتبره علماء المعاني ، مع أن الطيبي لم يقل بالتأكيد بل [ ص: 1652 ] فسر سوء الكبر بما ينشأ من الهرم ، فالتغاير ظاهر ويدل عليه لفظ ( سوء ) المناسب للكبر بفتح الباء ; فإن الكبر بسكون الباء يذم مطلقا ( وفتنة الدنيا ) أي : من الافتتان بها ومحبتها أو الابتلاء بفتنة فيها ( وعذاب القبر ) أي : نفس عذابه ، أو مما يوجبه ( وإذا أصبح ) أي : دخل - عليه الصلاة والسلام - في الصباح ( قال ذلك ) أي ما يقول في المساء ( أيضا ) أي : لكن يقول بدل أمسينا وأمسي الملك لله ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10360559أصبحنا وأصبح الملك لله ) ويبدل اليوم بالليلة فيقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=10360560اللهم إني أسألك من خير هذا اليوم ، ويذكر الضمائر بعده ( وفي رواية ) أي : لمسلم وغيره يقول بعد قوله سوء الكبر : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10360556رب إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر ) والتنكير فيهما للتقليل لا للتفخيم كما وهم ابن حجر ( رواه مسلم ) وكذا أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة .