(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=33679_29711_29625كمال غناه وقدرته ليذكر بعد ذلك ويقول : إن ربك هو أعلم من الغني القادر لأن من علم ولم يقدر لا يتحقق منه الجزاء فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31ولله ما في السماوات وما في الأرض ) وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ما يدل على أنه يعتقد أن اللام في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31ليجزي ) كاللام في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=8والخيل والبغال والحمير لتركبوها ) [ النحل : 8 ] وهو جرى في ذلك على مذهبه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31ولله ما في السماوات وما في الأرض ) معناه خلق ما فيهما لغرض الجزاء ، وهو لا يتحاشى مما ذكره لما عرف من مذهب الاعتزال ، وقال
الواحدي : اللام للعاقبة ، كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8ليكون لهم عدوا ) [ القصص : 8 ] أي أخذوه وعاقبته أنه يكون لهم عدوا ، والتحقيق فيه وهو أن
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28910حتى ولام الغرض متقاربان في المعنى ؛ لأن الغرض نهاية الفعل ، و" حتى " للغاية المطلقة فبينهما مقاربة فيستعمل أحدهما مكان الآخر ، يقال : سرت حتى أدخلها ولكي أدخلها ، فلام العاقبة هي التي تستعمل في موضع حتى للغاية ، ويمكن أن يقال : هنا وجه أقرب من الوجهين وإن كان أخفى منهما وهو أن يقال : إن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31ليجزي ) متعلق بقوله : ضل واهتدى لا بالعلم ولا بخلق ما في السماوات ، تقديره كأنه قال : هو أعلم بمن ضل واهتدى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31ليجزي ) أن من ضل واهتدى يجزى الجزاء والله أعلم به ، فيصير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31ولله ما في السماوات وما في الأرض ) كلاما معترضا ، ويحتمل أن يقال : هو متعلق بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29فأعرض ) أي أعرض عنهم ليقع الجزاء ، كما يقول المريد فعلا لمن يمنعه منه : ذرني لأفعله ، وذلك لأن ما دام النبي صلى الله عليه وسلم لم ييئس ما كان العذاب ينزل والإعراض وقت اليأس ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) حينئذ يكون مذكورا ليعلم أن العذاب الذي عند إعراضه يتحقق ليس مثل الذي قال تعالى فيه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) [ الأنفال : 25 ] بل هو مختص بالذين ظلموا وغيرهم لهم الحسنى ، وقوله تعالى في حق المسيء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31بما عملوا ) وفي حق المحسن (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31بالحسنى ) فيه لطيفة ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=30531_30532_30525جزاء المسيء عذاب فنبه على ما يدفع الظلم فقال : لا يعذب إلا عن ذنب ، وأما في الحسنى فلم يقل بما عملوا ؛ لأن الثواب إن كان لا على حسنة يكون في غاية الفضل فلا يخل بالمعنى هذا إذا قلنا الحسنى هي
nindex.php?page=treesubj&link=30490_30516_19908المثوبة بالحسنى ، وأما إذا قلنا : الأعمال الحسنى ففيه لطيفة غير ذلك ، وهي أن أعمالهم لم يذكر فيها التساوي ، وقال في أعمال المحسنين : ( الحسنى ) إشارة إلى الكرم والصفح حيث ذكر أحسن الاسمين . والحسنى صفة أقيمت مقام الموصوف كأنه تعالى قال بالأعمال الحسنى كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180الأسماء الحسنى ) [ الأعراف : 180 ] وحينئذ هو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون ) أي يأخذ أحسن أعمالهم ويجعل ثواب كل ما وجد منهم لجزاء ذلك الأحسن أو هي صفة المثوبة ، كأنه قال : ويجزي الذين
[ ص: 7 ] أحسنوا بالمثوبة الحسنى أو بالعاقبة الحسنى ، أي جزاؤهم حسن العاقبة وهذا جزاء فحسب ، وأما الزيادة التي هي الفضل بعد الفضل فغير داخلة فيه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33679_29711_29625كَمَالِ غِنَاهُ وَقُدْرَتِهِ لِيَذْكُرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَقُولَ : إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مِنَ الْغَنِيِّ الْقَادِرِ لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ وَلَمْ يَقْدِرْ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْجَزَاءُ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقَدُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31لِيَجْزِيَ ) كَاللَّامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=8وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ) [ النَّحْلِ : 8 ] وَهُوَ جَرَى فِي ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) مَعْنَاهُ خَلَقَ مَا فِيهِمَا لِغَرَضِ الْجَزَاءِ ، وَهُوَ لَا يَتَحَاشَى مِمَّا ذَكَرَهُ لِمَا عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِ الِاعْتِزَالِ ، وَقَالَ
الْوَاحِدِيُّ : اللَّامُ لِلْعَاقِبَةِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا ) [ الْقَصَصِ : 8 ] أَيْ أَخَذُوهُ وَعَاقِبَتُهُ أَنَّهُ يَكُونُ لَهُمْ عَدُوًّا ، وَالتَّحْقِيقُ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28910حَتَّى وَلَامَ الْغَرَضِ مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ نِهَايَةُ الْفِعْلِ ، وَ" حَتَّى " لِلْغَايَةِ الْمُطْلَقَةِ فَبَيْنَهُمَا مُقَارَبَةٌ فَيُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا مَكَانَ الْآخَرِ ، يُقَالُ : سِرْتُ حَتَّى أَدْخُلَهَا وَلِكَيْ أَدْخُلَهَا ، فَلَامُ الْعَاقِبَةِ هِيَ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِ حَتَّى لِلْغَايَةِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : هُنَا وَجْهٌ أَقْرَبُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَخْفَى مِنْهُمَا وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31لِيَجْزِيَ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : ضَلَّ وَاهْتَدَى لَا بِالْعِلْمِ وَلَا بِخَلْقِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ، تَقْدِيرُهُ كَأَنَّهُ قَالَ : هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ وَاهْتَدَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31لِيَجْزِيَ ) أَنَّ مَنْ ضَلَّ وَاهْتَدَى يُجْزَى الْجَزَاءَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ ، فَيَصِيرُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) كَلَامًا مُعْتَرِضًا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29فَأَعْرِضْ ) أَيْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ لِيَقَعَ الْجَزَاءُ ، كَمَا يَقُولُ الْمُرِيدُ فِعْلًا لِمَنْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ : ذَرْنِي لِأَفْعَلَهُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا دَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَيْئَسْ مَا كَانَ الْعَذَابُ يَنْزِلُ وَالْإِعْرَاضُ وَقْتَ الْيَأْسِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) حِينَئِذٍ يَكُونُ مَذْكُورًا لِيَعْلَمَ أَنَّ الْعَذَابَ الَّذِي عِنْدَ إِعْرَاضِهِ يَتَحَقَّقُ لَيْسَ مِثْلَ الَّذِي قَالَ تَعَالَى فِيهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) [ الْأَنْفَالِ : 25 ] بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالَّذِينِ ظَلَمُوا وَغَيْرُهُمْ لَهُمُ الْحُسْنَى ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمُسِيءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31بِمَا عَمِلُوا ) وَفِي حَقِّ الْمُحْسِنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31بِالْحُسْنَى ) فِيهِ لَطِيفَةٌ ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30531_30532_30525جَزَاءَ الْمُسِيءِ عَذَابٌ فَنَبَّهَ عَلَى مَا يَدْفَعُ الظُّلْمَ فَقَالَ : لَا يُعَذِّبُ إِلَّا عَنْ ذَنْبٍ ، وَأَمَّا فِي الْحُسْنَى فَلَمْ يَقُلْ بِمَا عَمِلُوا ؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ إِنْ كَانَ لَا عَلَى حَسَنَةٍ يَكُونُ فِي غَايَةِ الْفَضْلِ فَلَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى هَذَا إِذَا قُلْنَا الْحُسْنَى هِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=30490_30516_19908الْمَثُوبَةُ بِالْحُسْنَى ، وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا : الْأَعْمَالُ الْحُسْنَى فَفِيهِ لَطِيفَةٌ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَهِيَ أَنَّ أَعْمَالَهُمْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا التَّسَاوِي ، وَقَالَ فِي أَعْمَالِ الْمُحْسِنِينَ : ( الْحُسْنَى ) إِشَارَةً إِلَى الْكَرَمِ وَالصَّفْحِ حَيْثُ ذَكَرَ أَحْسَنَ الِاسْمَيْنِ . وَالْحُسْنَى صِفَةٌ أُقِيمَتْ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ بِالْأَعْمَالِ الْحُسْنَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ) [ الْأَعْرَافِ : 180 ] وَحِينَئِذٍ هُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ) أَيْ يَأْخُذُ أَحْسَنَ أَعْمَالِهِمْ وَيَجْعَلُ ثَوَابَ كُلِّ مَا وُجِدَ مِنْهُمْ لِجَزَاءٍ ذَلِكَ الْأَحْسَنِ أَوْ هِيَ صِفَةُ الْمَثُوبَةِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : وَيَجْزِيَ الَّذِينَ
[ ص: 7 ] أَحْسَنُوا بِالْمَثُوبَةِ الْحُسْنَى أَوْ بِالْعَاقِبَةِ الْحُسْنَى ، أَيْ جَزَاؤُهُمْ حَسْنُ الْعَاقِبَةِ وَهَذَا جَزَاءٌ فَحَسْبُ ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الَّتِي هِيَ الْفَضْلُ بَعْدَ الْفَضْلِ فَغَيْرُ دَاخِلَةٍ فِيهِ .