nindex.php?page=treesubj&link=28723_30337_30497_29029nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6يوم يبعثهم الله منصوب بما تعلق به اللام من الاستقرار ،
[ ص: 23 ]
أو - بمهين - أو بإضمار اذكر أياذكر ذلك اليوم تعظيما له وتهويلا ، وقيل منصوب بيكون مضمرا على أنه جواب لمن سأل متى يكون عذاب هؤلاء ؟ فقيل له :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6يوم يبعثهم أي يكون يوم إلخ ، وقيل : بالكافرين وليس بشيء ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6جميعا حال جيء به للتأكيد ، والمعنى يبعثهم الله تعالى كلهم بحيث لا يبقى منهم أحد غير مبعوث ، ويجوز أن يكون حالا غير مؤكدة أي يبعثهم مجتمعين في صعيد واحد
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6فينبئهم بما عملوا من القبائح ببيان صدورها عنهم أو بتصويرها في تلك النشأة بما يليق بها من الصور الهائلة على رؤوس الأشهاد تخجيلا لهم وتشهيرا بحالهم وزيادة في خزيهم ونكالهم ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6أحصاه الله استئناف وقع جوابا عما نشأ مما قبله من السؤال إما عن كيفية التنبئة أو عن سببها كأنه قيل : كيف ينبئهم بأعمالهم وهي أعراض متقضية متلاشية ؟ فقيل : أحصاه الله تعالى عددا ولم يفته سبحانه منه شيء ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6ونسوه حينئذ حال من مفعول - أحصى - بإضمار قد أو بدونه ، أو قيل : لم ينبئهم بذلك ؟ فقيل : أحصاه الله تعالى ونسوه فينبئهم به ليعرفوا أن ما عاينوه من العذاب إنما حاق بهم لأجله ، وفيه مزيد توبيخ وتنديم لهم غيرالتخجيل والتشهير
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6والله على كل شيء شهيد لا يغيب عنه أمر من الأمور أصلا ، والجملة اعتراض تذييلي مقرر لإحصائه تعالى أعمالهم ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض استشهاد على شمول شهادته تعالى أي
nindex.php?page=treesubj&link=34091ألم تعلم أنه عز وجل يعلم ما فيهما من الموجودات سواء كان ذلك بالاستقرار فيهما أو بالجزئية منهما .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ما يكون من نجوى ثلاثة إلخ استئناف مقرر لما قبله من سعة علمه تعالى ، و يكون من كان التامة ، و من مزيدة ، و نجوى فاعل وهي مصدر بمعنى التناجي وهو المسارة مأخوذة من النجوة وهي ما ارتفع من الأرض لأن المتسارين يخلوان وحدهما بنجوة من الأرض ، أو لأن السر يصان فكأنه رفع من حضيض الظهور إلى أوج الخفاء ، وقيل : أصل ناجيته من النجاة وهو أن تعاونه على ما فيه خلاصه أو أن تنجو بسرك من أن يطلع عليه وهي مضافة إلى ثلاثة أي ما يقع من تناجي ثلاثة نفر وقد يقدر مضاف أي من ذوي نجوى ، أو يؤول نجوى بمتناجين - فثلاثة - صفة للمضاف المقدر ، أو لنجوى المؤولبما ذكر .
وجوز أن يكون بدلا أيضا والتأويل والتقدير المذكوران ليتأتى الاستثناء الآتي من غير تكلف ، وفي القاموس النجوى السر والمسارون اسم مصدر ، وظاهره أن استعماله في كل حقيقة فإذا أريد المسارون لم يحتج إلى تقدير أو تأويل لكن قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب : إن النجوى أصله المصدر كما في الآيات بعد ، وقد يوصف به فيقال : هو نجوى ، وهم نجوى ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47وإذ هم نجوى [الإسراء : 47] وعليه يحتمل أن يكون من باب زيد عدل .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر وأبو حيوة وشيبة - ما تكون -بالتاء الفوقية لتأنيث الفاعل ، والقراءة بالياء التحتية قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : على أن النجوى تأنيثها غير حقيقي ، و من فاصلة أو على أن المعنى ما يكون شيء من النجوى ، واختار في الكشف الثاني ، فقال : هو الوجه لأن المؤنث وحده لم يجعل فاعلا لفظا لوجود من ولا معنى لأن المعنى شيء منها ، فالتذكير هو الوجه لفظا ومعنى ، وهو قراءة العامة . انتهى ، وإلى نحوه يشير كلام صاحب اللوامح ، وصرح بأن الأكثر في هذا الباب التذكير ، وتعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان بالمنع وأن الأكثر التأنيث وأنه القياس
[ ص: 24 ]
قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4وما تأتيهم من آية من آيات ربهم [الأنعام : 4] "
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=5ما تسبق من أمة أجلها " [الحجر : 5 ، المؤمنون : 43] فتأمل ، وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7إلا هو رابعهم استثناء مفرغ من أعم الأحوال ، والرابع لإضافته إلى غير مماثله هنا بمعنى الجاعلالمصير لهم أربعة أي ما يكونون في حال من الأحوال إلا في حال تصيير الله تعالى لهم أربعة حيث إنه عز وجل يطلع أيضا على نجواهم ، وكذا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ولا خمسة أي ولا نجوى خمسة
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7إلا هو سادسهم ولا أدنى أي ولا نجوى أدنى
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7من ذلك أي مما ذكر كالاثنين والأربعة
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ولا أكثر كالستة وما فوقها .
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7إلا هو معهم يعلم ما يجري بينهم
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7أين ما كانوا من الأماكن ، ولو كانوا في بطن الأرض فإن علمه تعالى بالأشياء ليس لقرب مكاني حتى يتفاوت باختلاف الأمكنة قربا وبعدا ، وفي الداعي إلى تخصيص الثلاثة والخمسة ، وجهان : أحدهما أن قوما من المنافقين تخلفوا للتناجي مغايظة للمؤمنين على هذين العددين ثلاثة وخمسة ، فقيل : ما يتناجى منهم ثلاثة ولا خمسة كما ترونهم يتناجون كذلك ولا أدنى من عددهم ولا أكثر إلا والله تعالى معهم يعلم ما يقولون . فالآية تعريض بالواقع على هذا ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنها نزلت في
ربيعة وحبيب ابني
عمرو وصفوان بن أمية كانوا يوما يتحدثون فقال أحدهم : أترى أن الله يعلم ما نقول ؟ فقال الآخر : يعلم بعضا ولا يعلم بعضا ، وقال الثالث : إن كان يعلم بعضا فهو يعلمه كله أي لأن من علم بعض الأشياء بغير سبب فقد علمها كلها لأن كونه عالما بغير سبب ثابت له مع كل معلوم ، والثاني أنه قصد أن يذكر ما جرت عليه العادة من أعداد أهل النجوى والجالسين في خلوة للشورى والمنتدبون لذلك إنما هم طائفة مجتباة من أولي الأحلام والنهى ، وأول عددهم الاثنان فصاعدا إلى خمسة إلى ستة إلى ما اقتضته الحال ، وحكم به الاستصواب ، فذكر عز وجل الثلاثة والخمسة ، وقال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ولا أدنى من ذلك فدل على الاثنين والأربعة ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ولا أكثر فدل على ما يلي هذا العدد ويقاربه كذا في الكشاف .
وفي الكشف في خلاصة الوجه الثاني أنه خص العددان على المعتاد من عدد أهل النجوى فإنهم قليلو العدد غالبا فلزم أن يخص بالذكر نحو الثلاثة والأربعة إلى الثمانية والتسعة فأوثرالثلاثة ليكون قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ولا أدنى من ذلك دالا على ما تحتها إذ لو أوثر الأربعة والستة مثلا كان الأدنى الثلاثة دون الاثنين إلا على التوسع ولما أوثرت جيء بالخمسة لتناسب الوترين وكان الأمر دائرا بين الثلاثة والخمسة والأربعة والستة فأوثرا بالتصريح لذلك ، ولأنه تعالى وتر يحب الوتر . انتهى .
وقد يقال : إن التناجي يكون في الغالب للشورى وهي لا تكون إلا بين عدد وأهلها قليلو العدد غالبا ، والأليقأن يكون وترا من الأعداد كالثلاثة والخمسة والسبعة والتسعة ليتحقق عند الاختلاف طرف يترجح بالزيادة على الطرف الآخر فيرجع إليه دونه كما هو العادة اليوم عند اختلاف أهل الشورى .
وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه الشورى في ستة لانحصار الأمر فيهم كما يدل على قوله لهم : نظرت فوجدتكم رؤساء الناس وقادتهم ، ولا يكون هذا الأمر إلا فيكم ، وقد قبض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو عنكم راض ، ومع هذا أمر ابنه
عبد الله رضي الله تعالى عنه أن يحضر معهم وإن لم يكن له من أمر الخلافة شيء ، فدار الأمر بعد اعتبار ما ذكر من وترية العدد وقلته بين الثلاثة والخمسة والسبعة والتسعة فاختيرت الثلاثة لأنها أول الأوتار العددية وإذا ضربت في نفسها حصل منتهاها من الآحاد ولا يخلو منها اعتبار كل ممكن حتى
[ ص: 25 ]
أن المطالب الفكرية للمتناجين مثلا لا تتم بدون ثلاثة أشياء : الموضوع والمحمول والحد الأوسطبل القضية التي يتناجى لها لا بد فيها من ثلاثة أجزاء ، والخمسة لأنها عدد دائر لا تنعدم بالضرب في نفسها ، وكذا بضربالحاصل في نفسه إلى ما لا يتناهى فلها شبه بالثلاثة من حيث إنها دائرة مع مراتب الضرب لا تنعدم أصلا كما أن الثلاثة دائرة مع اعتبارات الممكن لا تنعدم أصلا ، ومع ذلك هي عدد المشاعر التي يحتاج إليها التناجي ، وكذا عدد الحواس الظاهرة ، ويدخل ما عداهما في عموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم ولا يدخل في العموم الواحد لأن التناجي للمشاورة لا بد فيه من اثنين فأكثر ، ومن أدخله لم يعتبر التناجي لها ولا يضر دخول الأشفاع فيه لأن أليقية كون المتناجين وترا إنما كانت نكتة للتصريح بالعددين السابقين ولا تأبى تحقق النجوى في الأشفاع كما لا يخفى . وادعى
ابن سراقة أن
nindex.php?page=treesubj&link=32116النجوى مختصة بما كان بين أكثرمن اثنين وأن ما يكون بين اثنين يسمى سرارا ، وقال
ابن عيسى : كل سرار نجوى ، وفي الآية لطائف وأسرار لا يعقلها إلا العالمون فليتأمل .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة «ثلاثة » و «خمسة » بالنصب على الحال بإضمار يتناجون يدل عليه نجوى ، أو على تأويل نجوى بمتناجين ونصبهما من المستكن فيه ، وفي مصحف
عبد الله - إلا الله رابعهم ولا أربعة إلا الله خامسهم ولا خمسة إلا الله سادسهم ولا أقل من ذلك ولا أكثر إلا الله معهم إذا انتجوا - وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وابن أبي إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وأبو حيوة وسلام nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب «ولا أكثر » بالرفع قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : على أنه معطوف على محل -لا أدنى - كقولك : لا حول ولا قوة إلا بالله بفتح الحول ورفع القوة ، ويجوز أن يعتبر «أدنى » مرفوعا على هذه القراءة ورفعهما على الابتداء ، والجملة التي بعد إلا هي الخبر ، أو على العطف على محل من نجوى كأنه قيل : ما يكون أدنى ولا أكثر إلا هو معهم ، وأكثر على قراءة الجمهور يحتمل أن يكون مجرورا بالفتح معطوفا على لفظ نجوى كأنه قيل : ما يكون من أدنى ولا أكثر إلا هو معهم ، وأن يكون مفتوحا لأن لا لنفي الجنس ، وقرأ كل من
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد والخليل ابن أحمد - ولا أكبر -بالباء الموحدة والرفع وهو على ما سمعت
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة تفضيحا لهم وإظهارا لما يوجب عذابهم .
وقرئ «ينبئهم » بالتخفيف والهمز ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي بالتخفيف وترك الهمز وكسر الهاء .
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7إن الله بكل شيء عليم لأن نسبة ذاته المقتضي للعلم إلى الكل على السواء ،
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30337_30497_29029nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ مَنْصُوبٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ اللَّامُ مِنَ الِاسْتِقْرَارِ ،
[ ص: 23 ]
أَوْ - بِمُهِينٍ - أَوْ بِإِضْمَارِ اذْكُرْ أَيِاذْكُرْ ذَلِكَ الْيَوْمَ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَهْوِيلًا ، وَقِيلَ مَنْصُوبٌ بِيكُونَ مُضْمَرًا عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ لِمَنْ سَأَلَ مَتَى يَكُونُ عَذَابُ هَؤُلَاءِ ؟ فَقِيلَ لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ أَيْ يَكُونُ يَوْمَ إِلَخْ ، وَقِيلَ : بِالْكَافِرِينَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6جَمِيعًا حَالٌ جِيءَ بِهِ لِلتَّأْكِيدِ ، وَالْمَعْنَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّهُمْ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ مَبْعُوثٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا غَيْرَ مُؤَكِّدَةٍ أَيْ يَبْعَثُهُمْ مُجْتَمَعِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا مِنَ الْقَبَائِحِ بِبَيَانِ صُدُورِهَا عَنْهُمْ أَوْ بِتَصْوِيرِهَا فِي تِلْكَ النَّشْأَةِ بِمَا يَلِيقُ بِهَا مِنَ الصُّوَرِ الْهَائِلَةِ عَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ تَخْجِيلًا لَهُمْ وَتَشْهِيرًا بِحَالِهِمْ وَزِيَادَةً فِي خِزْيِهِمْ وَنَكَالِهِمْ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6أَحْصَاهُ اللَّهُ اسْتِئْنَافٌ وَقَعَ جَوَابًا عَمَّا نَشَأَ مِمَّا قَبْلَهُ مِنَ السُّؤَالِ إِمَّا عَنْ كَيْفِيَّةِ التَّنْبِئَةِ أَوْ عَنْ سَبَبِهَا كَأَنَّهُ قِيلَ : كَيْفَ يُنَبِّئُهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ وَهِيَ أَعْرَاضٌ مُتَقَضِّيَةٌ مُتَلَاشِيَةٌ ؟ فَقِيلَ : أَحْصَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَدَدًا وَلَمْ يَفُتْهُ سُبْحَانَهُ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6وَنَسُوهُ حِينَئِذٍ حَالٌ مِنْ مَفْعُولِ - أَحْصَى - بِإِضْمَارِ قَدْ أَوْ بِدُونِهِ ، أَوْ قِيلَ : لِمَ يُنَبِّئُهُمْ بِذَلِكَ ؟ فَقِيلَ : أَحْصَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَنَسُوهُ فَيُنَبِّئُهُمْ بِهِ لِيَعْرِفُوا أَنَّ مَا عَايَنُوهُ مِنَ الْعَذَابِ إِنَّمَا حَاقَ بِهِمْ لِأَجْلِهِ ، وَفِيهِ مَزِيدُ تَوْبِيخٍ وَتَنْدِيمٍ لَهُمْ غَيْرَالتَّخْجِيلِ وَالتَّشْهِيرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ لَا يَغِيبُ عَنْهُ أَمْرٌ مِنَ الْأُمُورِ أَصْلًا ، وَالْجُمْلَةُ اعْتِرَاضٌ تَذْيِيلِيٌّ مُقَرَّرٌ لِإِحْصَائِهِ تَعَالَى أَعْمَالَهُمْ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ اسْتِشْهَادٌ عَلَى شُمُولِ شَهَادَتِهِ تَعَالَى أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=34091أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَعْلَمُ مَا فِيهِمَا مِنَ الْمَوْجُودَاتِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَارِ فِيهِمَا أَوْ بِالْجُزْئِيَّةِ مِنْهُمَا .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَخْ اسْتِئْنَافٌ مُقَرِّرٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ سِعَةِ عِلْمِهِ تَعَالَى ، وَ يَكُونُ مِنْ كَانَ التَّامَّةِ ، وَ مِنْ مَزِيدَةٌ ، وَ نَجْوَى فَاعِلٌ وَهِيَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّنَاجِي وَهُوَ الْمُسَارَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ النَّجْوَةِ وَهِيَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْمُتَسَارَّيْنِ يَخْلُوَانِ وَحْدَهُمَا بِنَجْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ ، أَوْ لِأَنَّ السِّرَّ يُصَانُ فَكَأَنَّهُ رُفِعَ مِنْ حَضِيضِ الظُّهُورِ إِلَى أَوْجِ الْخَفَاءِ ، وَقِيلَ : أَصْلُ نَاجَيْتُهُ مِنَ النَّجَاةِ وَهُوَ أَنْ تَعَاوُنَهُ عَلَى مَا فِيهِ خَلَاصُهُ أَوْ أَنْ تَنْجُوَ بِسِرِّكَ مِنْ أَنْ يُطَّلَعَ عَلَيْهِ وَهِيَ مُضَافَةٌ إِلَى ثَلَاثَةٍ أَيْ مَا يَقَعُ مِنْ تَنَاجِي ثَلَاثَةِ نَفَرٍ وَقَدْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ مِنْ ذَوِي نَجْوَى ، أَوْ يُؤَوَّلُ نَجْوَى بِمُتَنَاجِينَ - فَثَلَاثَةٌ - صِفَةٌ لِلْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ ، أَوْ لِنَجْوَى الْمُؤَوَّلِبِمَا ذُكِرَ .
وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا أَيْضًا وَالتَّأْوِيلُ وَالتَّقْدِيرُ الْمَذْكُورَانِ لِيَتَأَتَّى الِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ ، وَفِي الْقَامُوسِ النَّجْوَى السِّرُّ وَالْمُسَارُّونَ اسْمُ مَصْدَرِ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي كُلٍّ حَقِيقَةٌ فَإِذَا أُرِيدَ الْمُسَارُّونَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْدِيرٍ أَوْ تَأْوِيلٍ لَكِنْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ : إِنِ النَّجْوَى أَصْلُهُ الْمَصْدَرُ كَمَا فِي الْآيَاتِ بَعْدُ ، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ : هُوَ نَجْوَى ، وَهُمْ نَجْوَى ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=47وَإِذْ هُمْ نَجْوَى [الْإِسْرَاءَ : 47] وَعَلَيْهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ زَيْدٌ عَدْلٌ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو حَيْوَةَ وَشَيْبَةُ - مَا تَكُونُ -بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ لِتَأْنِيثِ الْفَاعِلِ ، وَالْقِرَاءَةِ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : عَلَى أَنَّ النَّجْوَى تَأْنِيثُهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ ، وَ مِنْ فَاصِلَةٌ أَوْ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى مَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنَ النَّجْوَى ، وَاخْتَارَ فِي الْكَشْفِ الثَّانِيَ ، فَقَالَ : هُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّ الْمُؤَنَّثَ وَحْدَهُ لَمْ يُجْعَلْ فَاعِلًا لَفْظًا لِوُجُودِ مِنْ وَلَا مَعْنَى لِأَنَّ الْمَعْنَى شَيْءٌ مِنْهَا ، فَالتَّذْكِيرُ هُوَ الْوَجْهُ لَفْظًا وَمَعْنَى ، وَهُوَ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ . انْتَهَى ، وَإِلَى نَحْوِهِ يُشِيرُ كَلَامُ صَاحِب ِاللَّوَامِحِ ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ فِي هَذَا الْبَابِ التَّذْكِيرُ ، وَتَعَقَّبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ بِالْمَنْعِ وَأَنَّ الْأَكْثَرَ التَّأْنِيثُ وَأَنَّهُ الْقِيَاسُ
[ ص: 24 ]
قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ [الْأَنْعَامَ : 4] "
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=5مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا " [الْحِجْرَ : 5 ، الْمُؤْمِنُونَ : 43] فَتَأَمَّلْ ، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ ، وَالرَّابِعُ لِإِضَافَتِهِ إِلَى غَيْرِ مُمَاثِلِهِ هُنَا بِمَعْنَى الْجَاعِلِالْمَصِيرَ لَهُمْ أَرْبَعَةً أَيْ مَا يَكُونُونَ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا فِي حَالِ تَصْيِيرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ أَرْبَعَةً حَيْثُ إِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَطَّلِعُ أَيْضًا عَلَى نَجْوَاهُمْ ، وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7وَلا خَمْسَةٍ أَيْ وَلَا نَجْوَى خَمْسَةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى أَيْ وَلَا نَجْوَى أَدْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِمَّا ذُكِرَ كَالِاثْنَيْنِ وَالْأَرْبَعَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7وَلا أَكْثَرَ كَالسِّتَّةِ وَمَا فَوْقَهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7إِلا هُوَ مَعَهُمْ يَعْلَمُ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7أَيْنَ مَا كَانُوا مِنَ الْأَمَاكِنِ ، وَلَوْ كَانُوا فِي بَطْنِ الْأَرْضِ فَإِنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى بِالْأَشْيَاءِ لَيْسَ لِقُرْبٍ مَكَانِيٍّ حَتَّى يَتَفَاوَتَ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ قُرْبًا وَبُعْدًا ، وَفِي الدَّاعِي إِلَى تَخْصِيصِ الثَّلَاثَةِ وَالْخَمْسَةِ ، وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ تَخَلَّفُوا لِلتَّنَاجِي مُغَايَظَةً لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى هَذَيْنِ الْعَدَدَيْنِ ثَلَاثَةً وَخَمْسَةً ، فَقِيلَ : مَا يَتَنَاجَى مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ وَلَا خَمْسَةٌ كَمَا تَرَوْنَهُمْ يَتَنَاجَوْنَ كَذَلِكَ وَلَا أَدْنَى مِنْ عَدَدِهِمْ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا وَاللَّهُ تَعَالَى مَعَهُمْ يَعْلَمُ مَا يَقُولُونَ . فَالْآيَةُ تَعْرِيضٌ بِالْوَاقِعِ عَلَى هَذَا ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
رَبِيعَةَ وَحَبِيبٍ ابْنَيْ
عَمْرٍو وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ كَانُوا يَوْمًا يَتَحَدَّثُونَ فَقَالَ أَحَدُهُمْ : أَتَرَى أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا نَقُولُ ؟ فَقَالَ الْآخَرُ : يَعْلَمُ بَعْضًا وَلَا يَعْلَمُ بَعْضًا ، وَقَالَ الثَّالِثُ : إِنْ كَانَ يَعْلَمُ بَعْضًا فَهُوَ يَعْلَمُهُ كُلَّهُ أَيْ لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَقَدْ عَلِمَهَا كُلَّهَا لِأَنَّ كَوْنَهُ عَالِمًا بِغَيْرِ سَبَبٍ ثَابِتٍ لَهُ مَعَ كُلِّ مَعْلُومٍ ، وَالثَّانِي أَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَذْكُرَ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ مِنْ أَعْدَادِ أَهْلِ النَّجْوَى وَالْجَالِسِينَ فِي خَلْوَةٍ لِلشُّورَى وَالْمُنْتَدَبُونَ لِذَلِكَ إِنَّمَا هُمْ طَائِفَةٌ مُجْتَبَاةٌ مِنْ أُولِي الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ، وَأَوَّلُ عَدَدِهِمُ الِاثْنَانِ فَصَاعِدًا إِلَى خَمْسَةٍ إِلَى سِتَّةٍ إِلَى مَا اقْتَضَتْهُ الْحَالُ ، وَحَكَمَ بِهِ الِاسْتِصْوَابُ ، فَذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ الثَّلَاثَةَ وَالْخَمْسَةَ ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى الِاثْنَيْنِ وَالْأَرْبَعَةِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7وَلا أَكْثَرَ فَدَلَّ عَلَى مَا يَلِي هَذَا الْعَدَدَ وَيُقَارِبُهُ كَذَا فِي الْكَشَّافِ .
وَفِي الْكَشْفِ فِي خُلَاصَةِ الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّهُ خُصَّ الْعَدَدَانِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ عَدَدِ أَهْلِ النَّجْوَى فَإِنَّهُمْ قَلِيلُو الْعَدَدِ غَالِبًا فَلَزِمَ أَنْ يُخَصَّ بِالذِّكْرِ نَحْوُ الثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ إِلَى الثَّمَانِيَةِ وَالتِّسْعَةِ فَأُوثِرَالثَّلَاثَةُ لِيَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى مَا تَحْتَهَا إِذْ لَوْ أُوثِرَ الْأَرْبَعَةُ وَالسِّتَّةُ مَثَلًا كَانَ الْأَدْنَى الثَّلَاثَةُ دُونَ الِاثْنَيْنِ إِلَّا عَلَى التَّوَسُّعِ وَلَمَّا أُوثِرَتْ جِيءَ بِالْخَمْسَةِ لِتُنَاسِبَ الْوَتْرَيْنِ وَكَانَ الْأَمْرُ دَائِرًا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالْخَمْسَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالسِّتَّةِ فَأُوثِرَا بِالتَّصْرِيحِ لِذَلِكَ ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ . انْتَهَى .
وَقَدْ يُقَالُ : إِنَّ التَّنَاجِيَ يَكُونُ فِي الْغَالِبِ لِلشُّورَى وَهِيَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَيْنَ عَدَدٍ وَأَهْلُهَا قَلِيلُو الْعَدَدِ غَالِبًا ، وَالْأَلْيَقُأَنْ يَكُونَ وَتْرًا مِنَ الْأَعْدَادِ كَالثَّلَاثَةِ وَالْخَمْسَةِ وَالسَّبْعَةِ وَالتِّسْعَةِ لِيَتَحَقَّقَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ طَرَفٌ يَتَرَجَّحُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ فَيُرْجَعُ إِلَيْهِ دُونَهُ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ الْيَوْمَ عِنْدَ اخْتِلَافِ أَهْلِ الشُّورَى .
وَجَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الشُّورَى فِي سِتَّةٍ لِانْحِصَارِ الْأَمْرِ فِيهِمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِ لَهُمْ : نَظَرْتُ فَوَجَدْتُكُمْ رُؤَسَاءَ النَّاسِ وَقَادَتَهُمْ ، وَلَا يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا فِيكُمْ ، وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْكُمْ رَاضٍ ، وَمَعَ هَذَا أَمَرَ ابْنَهُ
عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ أَمْرِ الْخِلَافَةِ شَيْءٌ ، فَدَارَ الْأَمْرُ بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ مِنْ وَتَرِيَّةِ الْعَدَدِ وَقِلَّتِهِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالْخَمْسَةِ وَالسَّبْعَةِ وَالتِّسْعَةِ فَاخْتِيرَتِ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْأَوْتَارِ الْعَدَدِيَّةِ وَإِذَا ضُرِبَتْ فِي نَفْسِهَا حَصَلَ مُنْتَهَاهَا مِنَ الْآحَادِ وَلَا يَخْلُو مِنْهَا اعْتِبَارُ كُلِّ مُمْكِنٍ حَتَّى
[ ص: 25 ]
أَنَّ الْمَطَالِبَ الْفِكْرِيَّةَ لِلْمُتَنَاجِينَ مَثَلًا لَا تَتِمُّ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : الْمَوْضُوعُ وَالْمَحْمُولُ وَالْحَدُّ الْأَوْسَطُبَلِ الْقَضِيَّةُ الَّتِي يُتَنَاجَى لَهَا لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ ، وَالْخَمْسَةُ لِأَنَّهَا عَدَدٌ دَائِرٌ لَا تَنْعَدِمُ بِالضَّرْبِ فِي نَفْسِهَا ، وَكَذَا بِضَرْبِالْحَاصِلِ فِي نَفْسِهِ إِلَى مَا لَا يَتَنَاهَى فَلَهَا شَبَهٌ بِالثَّلَاثَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا دَائِرَةٌ مَعَ مَرَاتِبِ الضَّرْبِ لَا تَنْعَدِمُ أَصْلًا كَمَا أَنَّ الثَّلَاثَةَ دَائِرَةٌ مَعَ اعْتِبَارَاتِ الْمُمْكِنِ لَا تَنْعَدِمُ أَصْلًا ، وَمَعَ ذَلِكَ هِيَ عَدَدُ الْمَشَاعِرِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيْهَا التَّنَاجِي ، وَكَذَا عَدَدُ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ ، وَيَدْخُلُ مَا عَدَاهُمَا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ الْوَاحِدُ لِأَنَّ التَّنَاجِيَ لِلْمُشَاوَرَةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ ، وَمَنْ أَدْخَلَهُ لَمْ يَعْتَبِرِ التَّنَاجِيَ لَهَا وَلَا يَضُرُّ دُخُولُ الْأَشْفَاعِ فِيهِ لِأَنَّ أَلْيَقِيَّةَ كَوْنِ الْمُتَنَاجِينَ وَتْرًا إِنَّمَا كَانَتْ نُكْتَةً لِلتَّصْرِيحِ بِالْعَدَدَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَلَا تَأْبَى تَحَقُّقَ النَّجْوَى فِي الْأَشْفَاعِ كَمَا لَا يَخْفَى . وَادَّعَى
ابْنُ سُرَاقَةَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32116النَّجْوَى مُخْتَصَّةٌ بِمَا كَانَ بَيْنَ أَكْثَرَمِنَ اثْنَيْنِ وَأَنَّ مَا يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ يُسَمَّى سِرَارًا ، وَقَالَ
ابْنُ عِيسَى : كُلُّ سِرَارٍ نَجْوَى ، وَفِي الْآيَةِ لَطَائِفُ وَأَسْرَارٌ لَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ فَلْيُتَأَمَّلْ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ «ثَلَاثَةً » وَ «خَمْسَةً » بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ بِإِضْمَارِ يَتَنَاجَوْنَ يَدُلُّ عَلَيْهِ نَجْوَى ، أَوْ عَلَى تَأْوِيلِ نَجْوَى بِمُتَنَاجِينَ وَنَصْبُهُمَا مِنَ الْمُسْتَكِنِّ فِيهِ ، وَفِي مُصْحَفِ
عَبْدِ اللَّهِ - إِلَّا اللَّهُ رَابِعُهُمْ وَلَا أَرْبَعَةٌ إِلَّا اللَّهُ خَامِسُهُمْ وَلَا خَمْسَةٌ إِلَّا اللَّهُ سَادِسُهُمْ وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا اللَّهُ مَعَهُمْ إِذَا انْتَجَوْا - وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَأَبُو حَيْوَةَ وَسَلَّامٌ nindex.php?page=showalam&ids=17379وَيَعْقُوبُ «وَلَا أَكْثَرُ » بِالرَّفْعِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحَلِّ -لَا أَدْنَى - كَقَوْلِكَ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةُ إِلَّا بِاللَّهِ بِفَتْحِ الْحَوْلِ وَرَفْعِ الْقُوَّةِ ، وَيَجُوزُ أَنَّ يُعْتَبَرَ «أَدْنَى » مَرْفُوعًا عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَرَفْعُهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَالْجُمْلَةُ الَّتِي بَعْدَ إِلَّا هِيَ الْخَبَرُ ، أَوْ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى مَحَلِّ مِنْ نَجْوَى كَأَنَّهُ قِيلَ : مَا يَكُونُ أَدْنَى وَلَا أَكْثَرُ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ ، وَأَكْثَرَ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا بِالْفَتْحِ مَعْطُوفًا عَلَى لَفْظِ نَجْوَى كَأَنَّهُ قِيلَ : مَا يَكُونُ مِنْ أَدْنَى وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ ، وَأَنْ يَكُونَ مَفْتُوحًا لِأَنَّ لَا لِنَفْي ِالْجِنْسِ ، وَقَرَأَ كُلٌّ مِنَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=17379وَيَعْقُوبَ أَيْضًا
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ وَالْخَلِيلِ ابْنِ أَحْمَدَ - وَلَا أَكْبَرُ -بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّفْعِ وَهُوَ عَلَى مَا سَمِعْتَ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَفْضِيحًا لَهُمْ وَإِظْهَارًا لِمَا يُوجِبُ عَذَابَهُمْ .
وَقُرِئَ «يُنْبِئُهُمْ » بِالتَّخْفِيفِ وَالْهَمْزِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِالتَّخْفِيفِ وَتَرْكِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْهَاءِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لِأَنَّ نِسْبَةَ ذَاتِهِ الْمُقْتَضِي لِلْعِلْمِ إِلَى الْكُلِّ عَلَى السَّوَاءِ ،