(
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=31851_28802_29031_32016قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير )
ثم قال تعالى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير )
اعلم أن الأسوة ما يؤتسى به مثل القدوة لما يقتدى به ، يقال : هو أسوتك ، أي أنت مثله وهو مثلك ، وجمع الأسوة أسى ، فالأسوة اسم لكل ما يقتدى به ، قال المفسرون أخبر الله تعالى أن
إبراهيم وأصحابه تبرءوا من قومهم وعادوهم ، وقالوا لهم : إنا برآء منكم ، وأمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتسوا بهم وبقولهم ، قال
الفراء : يقول أفلا تأسيت يا
حاطب بإبراهيم في التبرئة من أهله في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ) وهو مشرك وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : نهوا أن يتأسوا باستغفار
[ ص: 261 ] إبراهيم لأبيه فيستغفرون للمشركين ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وقتادة : ائتسوا بأمر
إبراهيم كله إلا في استغفاره لأبيه ، وقيل : تبرءوا من كفار قومكم فإن لكم أسوة حسنة في
إبراهيم ومن معه من المؤمنين في البراءة من قومهم ، لا في الاستغفار لأبيه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : يريد أن
إبراهيم عاداهم وهجرهم في كل شيء إلا في قوله لأبيه : ( لأستغفرن لك ) وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : ليس الأمر على ما ذكره ، بل المعنى قد كانت لكم أسوة في كل شيء فعله ، إلا في قوله لأبيه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4لأستغفرن لك ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وما أملك لك من الله من شيء ) هذا من قول
إبراهيم لأبيه يقول له : ما أغني عنك شيئا ، ولا أدفع عنك عذاب الله إن أشركت به ، فوعده الاستغفار رجاء الإسلام ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كان من دعاء
إبراهيم وأصحابه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4ربنا عليك توكلنا ) الآية ، أي في جميع أمورنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وإليك أنبنا ) رجعنا بالتوبة عن المعصية إليك إذ المصير ليس إلا إلى حضرتك ، وفي الآية مباحث :
الأول : لقائل أن يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4حتى تؤمنوا بالله وحده ) ما الفائدة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وحده ) والإيمان به وبغيره من اللوازم ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ) [ البقرة : 285 ] فنقول : الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر ، من لوازم الإيمان بالله وحده ، إذ المراد من قوله : ( وحده ) هو وحده في الألوهية ، ولا نشك في أن الإيمان بألوهية غيره ، لا يكون إيمانا بالله ، إذ هو الإشراك في الحقيقة ، والمشرك لا يكون مؤمنا .
الثاني : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4إلا قول إبراهيم ) استثناء من أي شيء هو ، نقول : من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4أسوة حسنة ) لما أنه أراد بالأسوة الحسنة قولهم الذي حق عليهم أن يأتسوا به ، ويتخذوه سنة يستنون بها .
الثالث : إن كان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4لأستغفرن لك ) مستثنى من القول الذي سبق وهو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4أسوة حسنة ) فما بال قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وما أملك لك من الله من شيء ) وهو غير حقيق بالاستثناء ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11قل فمن يملك لكم من الله شيئا ) نقول : أراد الله تعالى استثناء جملة قوله لأبيه ، والقصد إلى موعد الاستغفار له وما بعده مبني عليه وتابع له ، كأنه قال : أنا أستغفر لك ، وما وسعي إلا الاستغفار .
الرابع : إذا قيل : بم اتصل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4ربنا عليك توكلنا ) نقول : بما قبل الاستثناء ، وهو من جملة الأسوة الحسنة ، ويجوز أن يكون المعنى هو الأمر بهذا القول تعليما للمؤمنين وتتميما لما وصاهم به من قطع العلائق بينهم وبين الكفرة ، والائتساء
بإبراهيم وقومه في البراءة منهم تنبيها على الإنابة إلى حضرة الله تعالى ، والاستعاذة به .
الخامس : إذا قيل : ما الفائدة في هذا الترتيب ؟ فنقول : فيه من الفوائد ما لا يحيط به إلا هو ، والظاهر من تلك الجملة أن يقال : التوكل لأجل الإفادة ، وإفادة التوكل مفتقرة إلى التقوى ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) [ الطلاق : 2 ]
nindex.php?page=treesubj&link=19862والتقوى الإنابة ، إذ التقوى الاحتراز عما لا ينبغي من الأمور ، والإشارة إلى أن المرجع والمصير للخلائق حضرته المقدسة ليس إلا ، فكأنه ذكر الشيء ، وذكر عقيبه ما يكون من اللوازم لإفادة ذلك كما ينبغي ، والقراءة في " برآء " على أربعة أوجه : برآء كشركاء ، وبراء كظراف ، وبراء على إبدال الضم من الكسر كرخال ، وبراء على الوصف بالمصدر ، والبراء والبراءة ، مثل الطماء والطماءة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=31851_28802_29031_32016قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )
اعْلَمْ أَنَّ الْأُسْوَةَ مَا يُؤْتَسَى بِهِ مِثْلُ الْقُدْوَةِ لِمَا يُقْتَدَى بِهِ ، يُقَالُ : هُوَ أُسْوَتُكَ ، أَيْ أَنْتَ مِثْلُهُ وَهُوَ مِثْلُكُ ، وَجَمْعُ الْأُسْوَةِ أُسًى ، فَالْأُسْوَةُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُقْتَدَى بِهِ ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابَهُ تَبَرَّءُوا مِنْ قَوْمِهِمْ وَعَادَوْهُمْ ، وَقَالُوا لَهُمْ : إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ ، وَأَمَرَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتَسُوا بِهِمْ وَبِقَوْلِهِمْ ، قَالَ
الْفَرَّاءُ : يَقُولُ أَفَلَا تَأَسَّيْتَ يَا
حَاطِبُ بِإِبْرَاهِيمَ فِي التَّبْرِئَةِ مِنْ أَهْلِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ ) وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) وَهُوَ مُشْرِكٌ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : نُهُوا أَنْ يَتَأَسَّوْا بِاسْتِغْفَارِ
[ ص: 261 ] إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ فَيَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُشْرِكِينَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ : ائْتَسُوا بِأَمْرِ
إِبْرَاهِيمَ كُلِّهِ إِلَّا فِي اسْتِغْفَارِهِ لِأَبِيهِ ، وَقِيلَ : تَبَرَّءُوا مِنْ كُفَّارِ قَوْمِكُمْ فَإِنَّ لَكُمْ أُسْوَةً حَسَنَةً فِي
إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ قَوْمِهِمْ ، لَا فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأَبِيهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابْنُ قُتَيْبَةَ : يُرِيدُ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَادَاهُمْ وَهَجَرَهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي قَوْلِهِ لِأَبِيهِ : ( لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ، بَلِ الْمَعْنَى قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَعَلَهُ ، إِلَّا فِي قَوْلِهِ لِأَبِيهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ) هَذَا مِنْ قَوْلِ
إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ يَقُولُ لَهُ : مَا أُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ، وَلَا أَدْفَعُ عَنْكَ عَذَابَ اللَّهِ إِنْ أَشْرَكْتَ بِهِ ، فَوَعَدَهُ الِاسْتِغْفَارَ رَجَاءَ الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ مِنْ دُعَاءِ
إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا ) الْآيَةَ ، أَيْ فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا ) رَجَعْنَا بِالتَّوْبَةِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ إِلَيْكَ إِذِ الْمَصِيرُ لَيْسَ إِلَّا إِلَى حَضْرَتِكَ ، وَفِي الْآيَةِ مَبَاحِثُ :
الْأَوَّلُ : لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) مَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وَحْدَهُ ) وَالْإِيمَانُ بِهِ وَبِغَيْرِهِ مِنَ اللَّوَازِمِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ) [ الْبَقَرَةِ : 285 ] فَنَقُولُ : الْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ ، إِذِ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : ( وَحْدَهُ ) هُوَ وَحْدَهُ فِي الْأُلُوهِيَّةِ ، وَلَا نَشُكُّ فِي أَنَّ الْإِيمَانَ بِأُلُوهِيَّةِ غَيْرِهِ ، لَا يَكُونُ إِيمَانًا بِاللَّهِ ، إِذْ هُوَ الْإِشْرَاكُ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَالْمُشْرِكُ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا .
الثَّانِي : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ ، نَقُولُ : مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) لِمَا أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأُسْوَةِ الْحَسَنَةِ قَوْلَهُمُ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْتَسُوا بِهِ ، وَيَتَّخِذُوهُ سُنَّةً يَسْتَنُّونَ بِهَا .
الثَّالِثُ : إِنْ كَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) مُسْتَثْنًى مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي سَبَقَ وَهُوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) فَمَا بَالُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ) وَهُوَ غَيْرُ حَقِيقٍ بِالِاسْتِثْنَاءِ ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) نَقُولُ : أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى اسْتِثْنَاءَ جُمْلَةِ قَوْلِهِ لِأَبِيهِ ، وَالْقَصْدُ إِلَى مَوْعِدِ الِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَمَا بَعْدَهُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ وَتَابِعٌ لَهُ ، كَأَنَّهُ قَالَ : أَنَا أَسْتَغْفِرُ لَكَ ، وَمَا وُسْعِي إِلَّا الِاسْتِغْفَارُ .
الرَّابِعُ : إِذَا قِيلَ : بِمَ اتَّصَلَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا ) نَقُولُ : بِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأُسْوَةِ الْحَسَنَةِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى هُوَ الْأَمْرُ بِهَذَا الْقَوْلِ تَعْلِيمًا لِلْمُؤْمِنِينَ وَتَتْمِيمًا لِمَا وَصَّاهُمْ بِهِ مِنْ قَطْعِ الْعَلَائِقِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكَفَرَةِ ، وَالِائْتِسَاءِ
بِإِبْرَاهِيمَ وَقَوْمِهِ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ تَنْبِيهًا عَلَى الْإِنَابَةِ إِلَى حَضْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالِاسْتِعَاذَةِ بِهِ .
الْخَامِسُ : إِذَا قِيلَ : مَا الْفَائِدَةُ فِي هَذَا التَّرْتِيبِ ؟ فَنَقُولُ : فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا لَا يُحِيطُ بِهِ إِلَّا هُوَ ، وَالظَّاهِرُ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ أَنْ يُقَالَ : التَّوَكُّلُ لِأَجْلِ الْإِفَادَةِ ، وَإِفَادَةُ التَّوَكُّلِ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى التَّقْوَى ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) [ الطَّلَاقِ : 2 ]
nindex.php?page=treesubj&link=19862وَالتَّقْوَى الْإِنَابَةُ ، إِذِ التَّقْوَى الِاحْتِرَازُ عَمَّا لَا يَنْبَغِي مِنَ الْأُمُورِ ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْمَرْجِعَ وَالْمَصِيرَ لِلْخَلَائِقِ حَضْرَتُهُ الْمُقَدَّسَةُ لَيْسَ إِلَّا ، فَكَأَنَّهُ ذَكَرَ الشَّيْءَ ، وَذَكَرَ عَقِيبَهُ مَا يَكُونُ مِنَ اللَّوَازِمِ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ كَمَا يَنْبَغِي ، وَالْقِرَاءَةُ فِي " بُرَآءُ " عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : بُرَآءُ كَشُرَكَاءَ ، وَبِرَاءٌ كَظِرَافٍ ، وَبُرَاءُ عَلَى إِبْدَالِ الضَّمِّ مِنَ الْكَسْرِ كَرُخَالٍ ، وَبَرَاءٌ عَلَى الْوَصْفِ بِالْمَصْدَرِ ، وَالْبَرَاءُ وَالْبَرَاءَةُ ، مِثْلُ الطَّمَاءِ وَالطَّمَاءَةِ .