nindex.php?page=treesubj&link=28969 (هل النبي - صلى الله عليه وسلم - فسر القرآن كله ؟ )
إن
ابن تيمية العالم الفقيه يقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بين القرآن كله ، ولم يترك فيه جزءا يحتاج إلى بيان ولم يبينه ، ولا جزءا يحتاج إلى تفصيل ولم يفصله ، ولا مطلقا يحتاج إلى تقييد ولم يقيده ، ويحسب أن ذلك جزء يجب الإيمان به لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وأنـزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نـزل إليهم
وقد تلقى الصحابة تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قال
عبد الرحمن السلمي : " حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن
nindex.php?page=showalam&ids=7كعثمان بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود وغيرهما - أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل " . وإن الصحابة كانوا لا يستحفظون القرآن فقط ، بل كانوا يتعلمونه ويتعلمون معانيه ، ويقول في ذلك رضي الله عنه - أي
ابن تيمية - : " من المعلوم أن كل المقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه ، فالعادة تقر ألا يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه ، فكيف بالكلام الذي هو عصمتهم ونجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم ؟ ولهذا كان النزاع في تفسير القرآن قليلا جدا .
ويتعين علينا إذن أن نقول إن تفسير الصحابة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، هو تفسير الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا ما ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قول يخالفه .
وإن الصحابة علموا تلاميذهم من التابعين ما تلقوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهم أهل صدق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11فابن عباس كان له تلاميذ تلقوا عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16879كمجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع وغيرهم ممن تلقوا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ولكن ما ينسب إلى التابعين يجب تمحيصه ، فقد نفذت
[ ص: 30 ] الإسرائيليات وما دسه النصارى إليهم كما أشرنا من قبل ، وعلى هذا يسن
ابن تيمية أمثل المناهج في اعتماده .
nindex.php?page=treesubj&link=29569فأعلى المراتب تفسير القرآن بالقرآن ، والقرآن كتاب متكامل ، ما يجمله في موضع يفسره في آخر ، وهكذا . وتلى هذه المرتبة
nindex.php?page=treesubj&link=28969تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد بينا ذلك بما يناسب المقام .
والمرتبة الثالثة
nindex.php?page=treesubj&link=29571تفسير القرآن بأقوال الصحابة ، وهم الذين تلقوا تفسيرهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه قال : والله الذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت ، وأين نزلت ، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناولته المطايا إلا أتيته .
المرتبة الرابعة مرتبة التابعين الذين تلقوا علم الصحابة
nindex.php?page=showalam&ids=16879كمجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وقد يختلفون ، فيرى
ابن تيمية أنه إذا اختلف التابعون اختار من أقوالهم ، ولا يخرج عنها . فإن التابعين قد دخلت في عهدهم الإسرائيليات ، ومعابث النصارى ، فيجب الأخذ عنهم باحتراس ويقظة ، وإذا اختلفوا نأخذ من أقوالهم ما ليس فيه دس على الإسلام لنصون كتاب الله تعالى عن تطاول المفسدين ، كما ذكرنا في قصة
nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش المدسوسة على المفسرين .
وإنه يجب التنبيه إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=28965الواجب العلمي إبعاد الإسرائيليات عن تفسير القرآن ، وتنقية كتب التفسير منها ، وإذا قيل إن منها ما يوافق النصوص القرآنية ، ولا يخالفها ، نقول إن في القرآن غنى عنها ، والأكثر فيه تهويش على معاني القرآن ، وإثارة للأوهام الكاذبة .
* * *
nindex.php?page=treesubj&link=28969 (هَلِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ ؟ )
إِنَّ
ابْنَ تَيْمِيَةَ الْعَالِمَ الْفَقِيهَ يَقُولُ : إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، بَيَّنَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ ، وَلَمْ يَتْرُكْ فِيهِ جُزْءًا يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ ، وَلَا جُزْءًا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْصِيلٍ وَلَمْ يُفَصِّلْهُ ، وَلَا مُطْلَقًا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْيِيدٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ ، وَيَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ جُزْءٌ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وَأَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُـزِّلَ إِلَيْهِمْ
وَقَدْ تَلَقَّى الصَّحَابَةُ تَفْسِيرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَدْ قَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ : " حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ
nindex.php?page=showalam&ids=7كَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا - أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوهَا حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَا فِيهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ ، قَالُوا : فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ وَالْعَمَلَ " . وَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا لَا يَسْتَحْفِظُونَ الْقُرْآنَ فَقَطْ ، بَلْ كَانُوا يَتَعَلَّمُونَهُ وَيَتَعَلَّمُونَ مَعَانِيَهُ ، وَيَقُولُ فِي ذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيِ
ابْنُ تَيْمِيَةَ - : " مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ الْمَقْصُودِ مِنْهُ فَهْمُ مَعَانِيهِ دُونَ مُجَرَّدِ أَلْفَاظِهِ ، فَالْعَادَةُ تُقِرُّ أَلَّا يَقْرَأَ قَوْمٌ كِتَابًا فِي فَنٍّ مِنَ الْعِلْمِ كَالطِّبِّ وَالْحِسَابِ ، وَلَا يَسْتَشْرِحُوهُ ، فَكَيْفَ بِالْكَلَامِ الَّذِي هُوَ عِصْمَتُهُمْ وَنَجَاتُهُمْ وَسَعَادَتُهُمْ وَقِيَامُ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ ؟ وَلِهَذَا كَانَ النِّزَاعُ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ قَلِيلًا جِدًّا .
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْنَا إِذَنْ أَنْ نَقُولَ إِنَّ تَفْسِيرَ الصَّحَابَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، هُوَ تَفْسِيرُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا مَا ثَبَتَ عَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلٍ يُخَالِفُهُ .
وَإِنَّ الصَّحَابَةَ عَلَّمُوا تَلَامِيذَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ مَا تَلَقَّوْا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَهُمْ أَهْلُ صِدْقٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11فَابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ لَهُ تَلَامِيذُ تَلَقَّوْا عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879كَمُجَاهِدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17191وَنَافِعٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَلَقَّوْا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلَكِنْ مَا يُنْسَبُ إِلَى التَّابِعِينَ يَجِبُ تَمْحِيصُهُ ، فَقَدْ نَفَذَتْ
[ ص: 30 ] الْإِسْرَائِيلِيَّاتُ وَمَا دَسَّهُ النَّصَارَى إِلَيْهِمْ كَمَا أَشَرْنَا مِنْ قَبْلُ ، وَعَلَى هَذَا يَسُنُّ
ابْنُ تَيْمِيَةَ أَمْثَلَ الْمَنَاهِجِ فِي اعْتِمَادِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29569فَأَعْلَى الْمَرَاتِبِ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ ، وَالْقُرْآنُ كِتَابٌ مُتَكَامِلٌ ، مَا يُجْمِلُهُ فِي مَوْضِعٍ يُفَسِّرُهُ فِي آخَرَ ، وَهَكَذَا . وَتَلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ
nindex.php?page=treesubj&link=28969تَفْسِيرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِمَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ .
وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=29571تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ ، وَهُمُ الَّذِينَ تَلَقَّوْا تَفْسِيرَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَلَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ : وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ فِيمَنْ نَزَلَتْ ، وَأَيْنَ نَزَلَتْ ، وَلَوْ أَعْلَمُ مَكَانَ أَحَدٍ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تَنَاوَلَتْهُ الْمَطَايَا إِلَّا أَتَيْتُهُ .
الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ مَرْتَبَةُ التَّابِعِينَ الَّذِينَ تَلَقَّوْا عِلْمَ الصَّحَابَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16879كَمُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ ، وَقَدْ يَخْتَلِفُونَ ، فَيَرَى
ابْنُ تَيْمِيَةَ أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَ التَّابِعُونَ اخْتَارَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا . فَإِنَّ التَّابِعِينَ قَدْ دَخَلَتْ فِي عَهْدِهِمُ الْإِسْرَائِيلِيَّاتُ ، وَمَعَابِثُ النَّصَارَى ، فَيَجِبُ الْأَخْذُ عَنْهُمْ بِاحْتِرَاسٍ وَيَقَظَةٍ ، وَإِذَا اخْتَلَفُوا نَأْخُذُ مِنْ أَقْوَالِهِمْ مَا لَيْسَ فِيهِ دَسٌّ عَلَى الْإِسْلَامِ لِنَصُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ تَطَاوُلِ الْمُفْسِدِينَ ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي قِصَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15953زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ الْمَدْسُوسَةِ عَلَى الْمُفَسِّرِينَ .
وَإِنَّهُ يَجِبُ التَّنْبِيهُ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28965الْوَاجِبَ الْعِلْمِيَّ إِبْعَادُ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ عَنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ ، وَتَنْقِيَةُ كُتُبِ التَّفْسِيرِ مِنْهَا ، وَإِذَا قِيلَ إِنَّ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ النُّصُوصَ الْقُرْآنِيَّةَ ، وَلَا يُخَالِفُهَا ، نَقُولُ إِنَّ فِي الْقُرْآنِ غِنًى عَنْهَا ، وَالْأَكْثَرُ فِيهِ تَهْوِيشٌ عَلَى مَعَانِي الْقُرْآنِ ، وَإِثَارَةٌ لِلْأَوْهَامِ الْكَاذِبَةِ .
* * *