الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
40 - باب فرش حروف سورة يوسف عليه السلام


1 - ويا أبت افتح حيث جا لابن عامر ووحد للمكي آيات الولا



قرأ ابن عامر بفتح تاء (يا أبت)، حيث وقع وهو في يوسف، ومريم، والقصص، والصافات، وقرأ غيره بكسرها، وقرأ ابن كثير " آية للسائلين " بغير ألف بعد الياء [ ص: 294 ] على التوحيد، وقرأ غيره بألف بعد الياء على الجمع. وقوله (الولا) بكسر الواو أي ذات الولا، وهو القرب أي القريبة من (يا أبت)، وهذا القيد للاحتراز عن البعيدة في آخر السورة: وكأين من آية في السماوات ، فلا خلاف في إفرادها لجميع القراء.


2 - غيابات في الحرفين بالجمع نافع     وتأمننا للكل يخفى مفصلا
3 - وأدغم مع إشمامه البعض عنهم     ويرتع ويلعب ياء حصن تطولا
4 - ويرتع سكون الكسر في العين ذو حمى     وبشراي حذف الياء ثبت وميلا
5 - شفاء وقلل جهبذا وكلاهما     عن ابن العلا والفتح عنه تفضلا



قرأ نافع: (وألقوه فى غيابت الجب)، (وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابت الجب) بألف بعد الباء في الموضعين على الجمع، وقرأ غيره بحذف الألف في الموضعين على الإفراد. وقوله تعالى: ما لك لا تأمنا ، يقرأ لكل القراء بإخفاء حركة النون الأولى يعني بإظهارها واختلاس حركتها، وقول الناظم (مفصلا) معناه: مفصولا النون الأولى فيه عن الثانية في حال الإخفاء بسبب إظهار الأولى واختلاس حركتها، وأدغم بعض أهل الأداء عن القراء السبعة النون الأولى في الثانية إدغاما محضا مع الإشمام، والمراد بالإشمام هنا: ضم الشفتين عقب إدغام الحرف الأول في الثاني للإشارة إلى حركة الحرف المدغم، والوجهان صحيحان مقروء بهما لكل من القراء السبعة، وإن كان وجه الإشمام أكثر شهرة، وعليه جمهور أهل الأداء.

وقرأ نافع والكوفيون يرتع ويلعب بالياء في الفعلين، وقرأ غيرهم بالنون فيهما.

وقرأ أبو عمرو وابن عامر والكوفيون بسكون كسر العين في يرتع فتكون قراءة غيرهم بكسر العين. فيتحصل من هذا: أن نافعا يقرأ بالياء في الفعلين وبكسر العين في يرتع ، ويقرأ ابن كثير بالنون في الفعلين مع كسر العين في (نرتع) ويقرأ أبو عمرو وابن عامر بالنون في الفعلين مع سكون العين. ويقرأ الكوفيون بالياء في الفعلين مع سكون العين، واتفق القراء على قراءة ويلعب بسكون الباء، وقرأ الكوفيون: (يا بشرى) بحذف الياء، وقرأ غيرهم بإثباتها ساكنة في الوقف مفتوحة في الوصل، وأمال ألف " بشرى " إمالة محضة حمزة والكسائي، وأمالها [ ص: 295 ] ورش بين بين أي قللها، وروي هذان الوجهان الإمالة والتقليل عن أبي عمرو، وروي عنه الفتح أيضا، وهو مفضل على الوجهين، فيكون له ثلاثة أوجه. و(الجهبذ) بكسر الجيم والباء الناقد الحاذق.


6 - وهيت بكسر أصل كفء وهمزه     لسان وضم التا لوا خلفه دلا



قرأ نافع وابن عامر وقالت هيت لك بكسر الهاء فتكون قراءة غيرهما بفتحها، وقرأ هشام بهمزة ساكنة بعد الهاء، فتكون قراءة غيره بياء ساكنة، وقرأ ابن كثير وهشام بخلف عنه بضم التاء فتكون قراءة غيرهما بفتحها.

والخلاصة: أن نافعا وابن ذكوان يقرءان بهاء مكسورة وبعدها ياء ساكنة مع فتح التاء، ويقرأ هشام بكسر الهاء وبعدها همزة ساكنة، وله في التاء وجهان: الفتح والضم، وقرأ ابن كثير بفتح الهاء وبعدها ياء ساكنة مع ضم التاء، وقرأ أبو عمرو والكوفيون بفتح الهاء وبعدها ياء ساكنة مع فتح التاء.


7 - وفي كاف فتح اللام في مخلصا ثوى     وفي المخلصين الكل حصن تطولا



قرأ الكوفيون: إنه كان مخلصا في مريم بفتح اللام، فتكون قراءة غيرهم بكسرها.

وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام في لفظ (المخلصين) في كل مواضعه نحو: إنه من عبادنا المخلصين ، فتكون قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر بكسر اللام في هذا اللفظ حيث ورد في القرآن الكريم، وتقييد (المخلصين) بمريم للاحتراز عن نحو: مخلصا له الدين ، مخلصا له ديني فإنه بالكسر اتفاقا، كذلك تقييد (المخلصين) بالاقتران بأل التعريفية للاحتراز عن: " مخلصين له الدين " ، فإنه بكسر اللام اتفاقا أيضا.


8 - معا وصل حاشا حج دأبا لحفصهم     فحرك وخاطب يعصرون شمردلا



وقع لفظ (حاش لله) في موضعين من هذه السورة: (وقلن حاش لله ما هذا بشرا) ، (قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء)، وقد قرأ أبو عمرو بإثبات ألف بعد الشين في حال الوصل فقط لقوله (معا) أي: في الموضعين المذكورين، وصل (حاشا)، وأخذ إثبات الألف من اللفظ، فإذا وقف حذف الألف، وغيره من القراء يحذف الألف وصلا ووقفا، [ ص: 296 ] وقرأ حفص: سبع سنين دأبا بتحريك الهمزة، أي فتحها، وقرأ غيره بسكونها، وكل على أصله في تحقيق الهمزة وإبدالها. وقرأ حمزة والكسائي: (وفيه تعصرون) بتاء الخطاب، وقرأ غيرهما بياء الغيب.


9 - ونكتل بيا شاف وحيث يشاء نو     ن دار وحفظا حافظا شاع عقلا



قرأ حمزة والكسائي: فأرسل معنا أخانا نكتل بياء الغيبة، وقرأ غيرهما بالنون، وقرأ ابن كثير (حيث يشاء) بالنون في (يشاء) في موضع الياء التي هي قراءة الباقين، وتقييد (يشاء) بوقوعه بعد حيث للاحتراز عن: نصيب برحمتنا من نشاء فإنه بالنون للجميع، وقرأ حمزة والكسائي وحفص فالله خير حافظا وقرأ غيرهم (حفظا)، ونطق الناظم بالقراءتين معا.

فاستغنى بالنطق عن القيد. و(عقلا) بضم العين وفتح القاف مشددة جمع عاقل.


10 - وفتيته فتيانه عن شذا ورد     بالاخبار في قالوا أئنك دغفلا



قرأ حمزة والكسائي وحفص لفتيانه ، وقرأ غيرهم (لفتيته) وقد لفظ بالقراءتين، فاستغنى بلفظه عن التقييد، وقرأ ابن كثير (قالوا إنك لأنت يوسف) بهمزة واحدة على الإخبار، وقرأ غيره بهمزتين على الاستفهام، وكل على أصله من التحقيق والتسهيل والإدخال وتركه. وقوله: (ورد) بضم الراء فعل أمر من راد الشيء يروده إذا طلبه. و(الدغفل) العيش الواسع.


11 - وييأس معا واستيأس استيأسوا وتيـ     أسوا اقلب عن البزي بخلف وأبدلا



قرأ البزي: إنه لا ييأس من روح الله في السورة، أفلم ييأس الذين آمنوا في الرعد، وذلك قوله (معا)، حتى إذا استيئس الرسل ، فلما استيأسوا منه ، ولا تيأسوا من روح الله ، قرأ البزي في ذلك كله بخلف عنه بالقلب المكاني بأن تجعل الهمزة المفتوحة في موضع الياء الساكنة، وتجعل الياء الساكنة في موضع الهمزة المفتوحة، فتقدم الهمزة وتؤخر الياء ثم تسكن الهمزة المفتوحة لأنها في مكان الياء الساكنة، فأخذت صفتها وتبدل الفاء وتفتح الياء الساكنة، لأنها في مكان الهمزة المفتوحة، فأخذت صفتها [ ص: 297 ] فيصير النطق في (استيأس) مثلا بسين ساكنة فتاء مفتوحة فألف بعدها التي هي الهمزة المبدلة فياء فسين مفتوحتين، وهكذا يقال في الباقي، وقرأ الباقون بوضع كل حرف في موضعه من غير تقديم ولا تأخير ولا إبدال، وهو الوجه الثاني للبزي.


12 - ويوحى إليهم كسر حاء جميعها     ونون علا يوحى إليه شذا علا



قرأ حفص: (نوحي) الذي بعده (إليهم) بالنون وكسر الحاء في جميع مواضعه في القرآن الكريم وهو هنا: إلا رجالا نوحي إليهم ، ومثله في النحل وفي الموضع الأول في الأنبياء، فتكون قراءة الباقين بالياء في مكان النون مع فتح الحاء وقلب الياء ألفا، وقرأ حمزة والكسائي وحفص إلا نوحي إليه وهو الموضع الثاني في الأنبياء بالنون وكسر الحاء فتكون قراءة الباقين بالياء وفتح الحاء وألف بعدها.


13 - وثاني ننجي احذف وشدد وحركا     كذا نل وخفف كذبوا ثابتا تلا



قرأ ابن عامر وعاصم: (فنجي من نشاء)، بحذف النون الثانية الساكنة وتشديد الجيم وتحريك الياء أي فتحها، وقرأ الباقون بإثبات النون الثانية الساكنة وتخفيف الجيم وتسكين الياء. وقرأ الكوفيون: وظنوا أنهم قد كذبوا بتخفيف الذال، فتكون قراءة غيرهم بتشديدها.


14 - وأني وإني الخمس ربي بأربع     أراني معا نفسي ليحزنني حلا
15 - وفي إخوتي حزني سبيلي بي ولي     لعلي آبائي أبي فاخش موحلا



في هذه السورة ياءات الإضافة الآتي: أني أوفي الكيل ، إني أراني معا، إني أرى ، إني أنا أخوك و إني أعلم ، ربي أحسن ، ربي إني تركت ، إلا ما رحم ربي ، إنه ربي ، ربي إنه ، أراني أعصر ، أراني أحمل ، نفسي إن ، ليحزنني أن ، إخوتي إن ، وحزني إلى الله ، سبيلي أدعو ، أحسن بي إذ ، يأذن لي أبي ، لعلي أرجع ، آبائي إبراهيم ، أبي أو يحكم .

وقوله (فاخش موحلا) أي اخش غلطا.

والمقصود: تحذير القارئ من الخوض في إخوة يوسف حتى لا تزل قدمه، والموحل: بفتح الحاء مصدر وحل بكسر الحاء إذا وقع في الوحل بفتح الحاء وهو الطين الرقيق.

التالي السابق


الخدمات العلمية