(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثم إن علينا بيانه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كلا بل تحبون العاجلة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=21وتذرون الآخرة )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثم إن علينا بيانه ) فيه مسألتان :
المسألة الأولى : الآية تدل على أنه عليه السلام
nindex.php?page=treesubj&link=32260كان يقرأ مع قراءة جبريل عليه السلام وكان يسأل في
[ ص: 199 ] أثناء قراءته مشكلاته ومعانيه لغاية حرصه على العلم ، فنهي النبي عليه السلام عن الأمرين جميعا ، أما عن القراءة مع قراءة
جبريل فبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ) وأما عن إلقاء الأسئلة في البيان فبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثم إن علينا بيانه ) .
المسألة الثانية : احتج من جوز
nindex.php?page=treesubj&link=21343تأخير البيان عن وقت الخطاب بهذه الآية .
وأجاب
أبو الحسين عنه من وجهين :
الأول : أن ظاهر الآية يقتضي وجوب تأخير البيان عن وقت الخطاب وأنتم لا تقولون به .
الثاني : أن عندنا الواجب أن يقرن باللفظ إشعارا بأنه ليس المراد من اللفظ ما يقتضيه ظاهره ، فأما البيان التفصيلي فيجوز تأخيره ، فتحمل الآية على تأخير البيان التفصيلي ، وذكر
القفال وجها ثالثا : وهو أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثم إن علينا بيانه ) أي : ثم إنا نخبرك بأن علينا بيانه ، ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=13فك رقبة ) إلى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثم كان من الذين آمنوا ) [ البلد : 17] .
والجواب عن الأول : أن اللفظ لا يقتضي وجوب تأخير البيان بل يقتضي تأخير وجوب البيان ، وعندنا الأمر كذلك ؛ لأن وجوب البيان لا يتحقق إلا عند الحاجة .
وعن الثاني : أن كلمة " ثم " دخلت مطلق البيان فيتناول البيان المجمل والمفصل ، وأما سؤال القفال فضعيف أيضا لأنه ترك للظاهر من غير دليل .
المسألة الثالثة : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثم إن علينا بيانه ) يدل على أن بيان المجمل واجب على الله تعالى . أما عندنا فبالوعد والتفضل . وأما عند
المعتزلة فبالحكمة .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كلا بل تحبون العاجلة nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=21وتذرون الآخرة ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قال صاحب " الكشاف " : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كلا )
nindex.php?page=treesubj&link=19552_28254ردع لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن عادة العجلة ، وحث على الأناة والتؤدة ، وقد بالغ في ذلك بإتباعه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20بل تحبون العاجلة ) كأنه قال : بل أنتم يا بني آدم ؛ لأنكم خلقتم من عجل وطبعتم عليه تعجلون في كل شيء ، ومن ثم
nindex.php?page=treesubj&link=29497_30200تحبون العاجلة وتذرون الآخرة ، وقال سائر المفسرين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كلا ) معناه حقا ، أي : حقا تحبون العاجلة وتذرون الآخرة ، والمعنى أنهم يحبون الدنيا ويعملون لها ويتركون الآخرة ويعرضون عنها .
المسألة الثانية : قرئ " تحبون " و " تذرون " بالتاء والياء ، وفيه وجهان :
الأول : قال
الفراء : القرآن إذا نزل تعريفا لحال قوم ، فتارة ينزل على سبيل المخاطبة لهم . وتارة ينزل على سبيل المغايبة ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=22حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم ) [ يونس : 22] .
الثاني : قال
أبو علي الفارسي : الياء على ما تقدم من ذكر الإنسان في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أيحسب الإنسان ) والمراد منه الكثرة ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=19إن الإنسان خلق هلوعا ) [ المعارج : 19] والمعنى : أنهم يحبون ويذرون ، والتاء على : قل لهم : بل تحبون وتذرون .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=21وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) فِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
nindex.php?page=treesubj&link=32260كَانَ يَقْرَأُ مَعَ قِرَاءَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ يَسْأَلُ فِي
[ ص: 199 ] أَثْنَاءِ قِرَاءَتِهِ مُشْكِلَاتِهِ وَمَعَانِيَهُ لِغَايَةِ حِرْصِهِ عَلَى الْعِلْمِ ، فَنُهِيَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ، أَمَّا عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ قِرَاءَةِ
جِبْرِيلَ فَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) وَأَمَّا عَنْ إِلْقَاءِ الْأَسْئِلَةِ فِي الْبَيَانِ فَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : احْتَجَّ مَنْ جَوَّزَ
nindex.php?page=treesubj&link=21343تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ بِهَذِهِ الْآيَةِ .
وَأَجَابَ
أَبُو الْحُسَيْنِ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَقْتَضِي وُجُوبَ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ .
الثَّانِي : أَنَّ عِنْدَنَا الْوَاجِبَ أَنْ يُقْرَنَ بِاللَّفْظِ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ ، فَأَمَّا الْبَيَانُ التَّفْصِيلِيُّ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ ، فَتُحْمَلُ الْآيَةُ عَلَى تَأْخِيرِ الْبَيَانِ التَّفْصِيلِيِّ ، وَذَكَرَ
الْقَفَّالُ وَجْهًا ثَالِثًا : وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) أَيْ : ثُمَّ إِنَّا نُخْبِرُكَ بِأَنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=13فَكُّ رَقَبَةٍ ) إِلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) [ الْبَلَدِ : 17] .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّ اللَّفْظَ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ بَلْ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ وُجُوبِ الْبَيَانِ ، وَعِنْدَنَا الْأَمْرُ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْبَيَانِ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ .
وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّ كَلِمَةَ " ثُمَّ " دَخَلَتْ مُطْلَقَ الْبَيَانِ فَيَتَنَاوَلُ الْبَيَانَ الْمُجْمَلَ وَالْمُفَصَّلَ ، وَأَمَّا سُؤَالُ الْقَفَّالِ فَضَعِيفٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَرْكٌ لِلظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=19ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَيَانَ الْمُجْمَلِ وَاجِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى . أَمَّا عِنْدَنَا فَبِالْوَعْدِ وَالتَّفَضُّلِ . وَأَمَّا عِنْدَ
الْمُعْتَزِلَةِ فَبِالْحِكْمَةِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=21وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كَلَّا )
nindex.php?page=treesubj&link=19552_28254رَدْعٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَادَةِ الْعَجَلَةَ ، وَحَثٌّ عَلَى الْأَنَاةِ وَالتُّؤَدَةِ ، وَقَدْ بَالَغَ فِي ذَلِكَ بِإِتْبَاعِهِ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ) كَأَنَّهُ قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ يَا بَنِي آدَمَ ؛ لِأَنَّكُمْ خُلِقْتُمْ مِنْ عَجَلٍ وَطُبِعْتُمْ عَلَيْهِ تَعْجَلُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، وَمِنْ ثَمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29497_30200تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ، وَقَالَ سَائِرُ الْمُفَسِّرِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كَلَّا ) مَعْنَاهُ حَقًّا ، أَيْ : حَقًّا تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُوَنَ الْآخِرَةَ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ الدُّنْيَا وَيَعْمَلُونَ لَهَا وَيَتْرُكُونَ الْآخِرَةَ وَيُعْرِضُونَ عَنْهَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قُرِئَ " تُحِبُّونَ " وَ " تَذَرُونَ " بِالتَّاءِ وَالْيَاءِ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
الْفَرَّاءُ : الْقُرْآنُ إِذَا نَزَلَ تَعْرِيفًا لِحَالِ قَوْمٍ ، فَتَارَةً يَنْزِلُ عَلَى سَبِيلِ الْمُخَاطَبَةِ لَهُمْ . وَتَارَةً يَنْزِلُ عَلَى سَبِيلِ الْمُغَايَبَةِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=22حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ ) [ يُونُسَ : 22] .
الثَّانِي : قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : الْيَاءُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْرِ الْإِنْسَانِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْكَثْرَةُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=19إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ) [ الْمَعَارِجِ : 19] وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ وَيَذَرُونَ ، وَالتَّاءُ عَلَى : قُلْ لَهُمْ : بَلْ تُحِبُّونَ وَتَذَرُونَ .