[ ص: 14 ] [ سورة العلق ]
تسع عشرة آية مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك )
زعم المفسرون : أن هذه السورة
nindex.php?page=treesubj&link=32329_34020أول ما نزل من القرآن ، وقال آخرون : الفاتحة أول ما نزل ثم سورة القلم .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك ) اعلم أن في الباء من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1باسم ربك ) قولين :
أحدهما : قال
أبو عبيدة : الباء زائدة ، والمعنى : اقرأ اسم ربك ، كما قال
الأخطل :
هن الحرائر لا ربات أخمرة سود المحاجر لا يقرأن بالسور
ومعنى اقرأ اسم ربك ، أي اذكر اسمه ، وهذا القول ضعيف لوجوه :
أحدها : أنه لو كان معناه اذكر اسم ربك ما حسن منه أن يقول : ما أنا بقارئ ، أي لا أذكر اسم ربي .
وثانيها : أن هذا الأمر لا يليق بالرسول ، لأنه ما كان له شغل سوى ذكر الله ، فكيف يأمره بأن يشتغل بما كان مشغولا به أبدا .
وثالثها : أن فيه تضييع الباء من غير فائدة .
القول الثاني : أن المراد من قوله : ( اقرأ ) أي اقرأ القرآن ، إذ القراءة لا تستعمل إلا فيه ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ) [القيامة : 18] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=106وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ) [الإسراء : 106] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1باسم ربك ) يحتمل وجوها :
أحدها : أن يكون محل "باسم ربك" النصب على الحال فيكون التقدير : اقرأ القرآن مفتتحا باسم ربك أي قل : باسم الله ثم اقرأ ، وفي هذا دلالة على أنه يجب
nindex.php?page=treesubj&link=20762_28971قراءة التسمية [ ص: 15 ] في ابتداء كل سورة كما أنزل الله تعالى وأمر به ، وفي هذه الآية رد على من لا يرى ذلك واجبا ولا يبتدئ بها .
وثانيها : أن يكون المعنى اقرأ القرآن مستعينا باسم ربك كأنه يجعل الاسم آلة فيما يحاوله من أمر الدين والدنيا ، ونظيره كتبت بالقلم ، وتحقيقه أنه لما قال له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ ) فقال له : لست بقارئ ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك ) أي استعن باسم ربك واتخذه آلة في تحصيل هذا الذي عسر عليك .
وثالثها : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك ) أي اجعل هذا الفعل لله وافعله لأجله كما تقول : بنيت هذه الدار باسم الأمير وصنعت هذا الكتاب باسم الوزير ولأجله ، فإن العبادة إذا صارت لله تعالى ، فكيف يجترئ الشيطان أن يتصرف فيما هو لله تعالى ؟ فإن قيل : كيف يستمر هذا التأويل في قولك قبل الأكل : بسم الله ، وكذا قبل كل فعل مباح ؟ قلنا : فيه وجهان :
أحدهما : أن ذلك إضافة مجازية كما تضيف ضيعتك إلى بعض الكبار لتدفع بذلك ظلم الظلمة ، كذا تضيف فعلك إلى الله ليقطع الشيطان طمعه عن مشاركتك ، فقد روي أن من لم يذكر اسم الله شاركه الشيطان في ذلك الطعام .
والثاني : أنه ربما استعان بذلك المباح على التقوى على طاعة الله فيصير المباح طاعة فيصح ذلك التأويل فيه .
أما قوله : ( ربك ) ففيه سؤالان :
أحدها : وهو أن الرب من صفات الفعل ، والله من أسماء الذات وأسماء الذات أشرف من أسماء الفعل ، ولأنا قد دللنا بالوجوه الكثيرة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29448اسم الله أشرف من اسم الرب ، ثم إنه تعالى قال ههنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1باسم ربك ) ولم يقل : اقرأ باسم الله كما قال في التسمية المعروفة : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .
وجوابه : أنه أمر بالعبادة ، وبصفات الذات ، وهو لا يستوجب شيئا ، وإنما يستوجب العبادة بصفات الفعل ، فكان ذلك أبلغ في الحث على الطاعة ، ولأن هذه السورة كانت من أوائل ما نزل على ما كان الرسول عليه السلام قد فزع فاستماله ليزول الفزع ، فقال : هو الذي رباك فكيف يفزعك ؟ فأفاد هذا الحرف معنيين :
أحدهما : ربيتك فلزمك القضاء فلا تتكاسل .
والثاني : أن الشروع ملزم للإتمام ، وقد ربيتك منذ كذا فكيف أضيعك ، أي حين كنت علقا لم أدع تربيتك فبعد أن صرت خلقا نفيسا موحدا عارفا بي كيف أضيعك ! .
السؤال الثاني : ما الحكمة في أنه أضاف ذاته إليه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1باسم ربك ) ؟ الجواب : تارة يضيف ذاته إليه بالربوبية كما ههنا ، وتارة يضيفه إلى نفسه بالعبودية ، أسرى بعبده ، نظيره قوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013989علي مني وأنا منه " كأنه تعالى يقول : هو لي وأنا له ، يقرره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80من يطع الرسول فقد أطاع الله ) [النساء : 80] أو نقول : إضافة ذاته إلى عبده أحسن من إضافة العبد إليه ، إذ قد علم في الشاهد أن من له ابنان ينفعه أكبرهما دون الأصغر ، يقول : هو ابني فحسب لما أنه ينال منه المنفعة ، فيقول الرب تعالى : المنفعة تصل مني إليك ، ولم تصل منك إلي خدمة ولا طاعة إلى الآن ، فأقول : أنا لك ولا أقول أنت لي ، ثم إذا أتيت بما طلبته منك من طاعة أو توبة أضفتك إلى نفسي فقلت : أنزل على عبده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53ياعبادي الذين أسرفوا ) [الزمر : 53] .
السؤال الثالث : لم ذكر عقيب قوله : ( ربك ) قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1الذي خلق ) ؟ الجواب : كأن العبد يقول : ما الدليل على أنك ربي ؟ فيقول : لأنك كنت بذاتك وصفاتك معدوما . ثم صرت موجودا فلا بد لك في ذاتك وصفاتك من خالق ، وهذا الخلق والإيجاد تربية فدل ذلك على أني ربك وأنت مربوبي .
[ ص: 14 ] [ سُورَةُ الْعَلَقِ ]
تِسْعَ عَشْرَةَ آيَةً مَكِّيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ )
زَعَمَ الْمُفَسِّرُونَ : أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ
nindex.php?page=treesubj&link=32329_34020أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : الْفَاتِحَةُ أَوَّلُ مَا نَزَلَ ثُمَّ سُورَةُ الْقَلَمِ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) اعْلَمْ أَنَّ فِي الْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1بِاسْمِ رَبِّكَ ) قَوْلَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الْبَاءُ زَائِدَةٌ ، وَالْمَعْنَى : اقْرَأِ اسْمَ رَبِّكَ ، كَمَا قَالَ
الْأَخْطَلُ :
هُنَّ الْحَرَائِرُ لَا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ سُودُ الْمَحَاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ
وَمَعْنَى اقْرَأِ اسْمَ رَبِّكَ ، أَيِ اذْكُرِ اسْمَهُ ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْنَاهُ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ مَا حَسُنَ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ ، أَيْ لَا أَذْكُرُ اسْمَ رَبِّي .
وَثَانِيهَا : أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَلِيقُ بِالرَّسُولِ ، لِأَنَّهُ مَا كَانَ لَهُ شُغْلٌ سِوَى ذِكْرِ اللَّهِ ، فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِمَا كَانَ مَشْغُولًا بِهِ أَبَدًا .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ الْبَاءِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ .
الْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ : ( اقْرَأْ ) أَيِ اقْرَأِ الْقُرْآنَ ، إِذِ الْقِرَاءَةُ لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِيهِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) [الْقِيَامَةِ : 18] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=106وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) [الْإِسْرَاءِ : 106] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1بِاسْمِ رَبِّكَ ) يَحْتَمِلُ وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ "بَاسْمِ رَبِّكَ" النَّصْبَ عَلَى الْحَالِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : اقْرَأِ الْقُرْآنَ مُفْتَتِحًا بِاسْمِ رَبِّكَ أَيْ قُلْ : بِاسْمِ اللَّهِ ثُمَّ اقْرَأْ ، وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=20762_28971قِرَاءَةُ التَّسْمِيَةِ [ ص: 15 ] فِي ابْتِدَاءِ كُلِّ سُورَةٍ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَرَ بِهِ ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ رَدٌّ عَلَى مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا وَلَا يَبْتَدِئُ بِهَا .
وَثَانِيهَا : أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى اقْرَأِ الْقُرْآنَ مُسْتَعِينًا بِاسْمِ رَبِّكَ كَأَنَّهُ يَجْعَلُ الِاسْمَ آلَةً فِيمَا يُحَاوِلُهُ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، وَنَظِيرُهُ كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ ) فَقَالَ لَهُ : لَسْتُ بِقَارِئٍ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) أَيِ اسْتَعِنْ بِاسْمِ رَبِّكَ وَاتَّخِذْهُ آلَةً فِي تَحْصِيلِ هَذَا الَّذِي عَسُرَ عَلَيْكَ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) أَيِ اجْعَلْ هَذَا الْفِعْلَ لِلَّهِ وَافْعَلْهُ لِأَجْلِهِ كَمَا تَقُولُ : بَنَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ بِاسْمِ الْأَمِيرِ وَصَنَعْتُ هَذَا الْكِتَابَ بِاسْمِ الْوَزِيرِ وَلِأَجْلِهِ ، فَإِنَّ الْعِبَادَةَ إِذَا صَارَتْ لِلَّهِ تَعَالَى ، فَكَيْفَ يَجْتَرِئُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى ؟ فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَسْتَمِرُّ هَذَا التَّأْوِيلُ فِي قَوْلِكَ قَبْلَ الْأَكْلِ : بِسْمِ اللَّهِ ، وَكَذَا قَبْلَ كُلِّ فِعْلٍ مُبَاحٍ ؟ قُلْنَا : فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ ذَلِكَ إِضَافَةٌ مَجَازِيَّةٌ كَمَا تُضِيفُ ضَيْعَتَكَ إِلَى بَعْضِ الْكِبَارِ لِتَدْفَعَ بِذَلِكَ ظُلْمَ الظَّلَمَةِ ، كَذَا تُضِيفُ فِعْلَكَ إِلَى اللَّهِ لِيَقْطَعَ الشَّيْطَانُ طَمَعَهُ عَنْ مُشَارَكَتِكَ ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ شَارَكَهُ الشَّيْطَانُ فِي ذَلِكَ الطَّعَامِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ رُبَّمَا اسْتَعَانَ بِذَلِكَ الْمُبَاحِ عَلَى التَّقْوَى عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَيَصِيرُ الْمُبَاحُ طَاعَةً فَيَصِحُّ ذَلِكَ التَّأْوِيلُ فِيهِ .
أَمَّا قَوْلُهُ : ( رَبِّكَ ) فَفِيهِ سُؤَالَانِ :
أَحَدُهَا : وَهُوَ أَنَّ الرَّبَّ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، وَاللَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الذَّاتِ وَأَسْمَاءُ الذَّاتِ أَشْرَفُ مِنْ أَسْمَاءِ الْفِعْلِ ، وَلِأَنَّا قَدْ دَلَّلْنَا بِالْوُجُوهِ الْكَثِيرَةِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29448اسْمَ اللَّهِ أَشْرَفُ مِنَ اسْمِ الرَّبِّ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ هَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1بِاسْمِ رَبِّكَ ) وَلَمْ يَقُلْ : اقْرَأْ بِاسْمِ اللَّهِ كَمَا قَالَ فِي التَّسْمِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) .
وَجَوَابُهُ : أَنَّهُ أَمَرَ بِالْعِبَادَةِ ، وَبِصِفَاتِ الذَّاتِ ، وَهُوَ لَا يَسْتَوْجِبُ شَيْئًا ، وَإِنَّمَا يَسْتَوْجِبُ الْعِبَادَةَ بِصِفَاتِ الْفِعْلِ ، فَكَانَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَةِ ، وَلِأَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ كَانَتْ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ عَلَى مَا كَانَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ فَزِعَ فَاسْتَمَالَهُ لِيَزُولَ الْفَزَعُ ، فَقَالَ : هُوَ الَّذِي رَبَّاكَ فَكَيْفَ يُفْزِعُكَ ؟ فَأَفَادَ هَذَا الْحَرْفُ مَعْنَيَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : رَبَّيْتُكَ فَلَزِمَكَ الْقَضَاءُ فَلَا تَتَكَاسَلُ .
وَالثَّانِي : أَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ لِلْإِتْمَامِ ، وَقَدْ رَبَّيْتُكَ مُنْذُ كَذَا فَكَيْفَ أُضَيِّعُكَ ، أَيْ حِينَ كُنْتَ عَلَقًا لَمْ أَدَعْ تَرْبِيَتَكَ فَبَعْدَ أَنْ صِرْتَ خَلْقًا نَفِيسًا مُوَحِّدًا عَارِفًا بِي كَيْفَ أُضَيِّعُكَ ! .
السُّؤَالُ الثَّانِي : مَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّهُ أَضَافَ ذَاتَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1بِاسْمِ رَبِّكَ ) ؟ الْجَوَابُ : تَارَةً يُضِيفُ ذَاتَهُ إِلَيْهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ كَمَا هَهُنَا ، وَتَارَةً يُضِيفُهُ إِلَى نَفْسِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ ، أَسْرَى بِعَبْدِهِ ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013989عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ " كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : هُوَ لِي وَأَنَا لَهُ ، يُقَرِّرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ) [النِّسَاءِ : 80] أَوْ نَقُولُ : إِضَافَةُ ذَاتِهِ إِلَى عَبْدِهِ أَحْسَنُ مِنْ إِضَافَةِ الْعَبْدِ إِلَيْهِ ، إِذْ قَدْ عُلِمَ فِي الشَّاهِدِ أَنَّ مَنْ لَهُ ابْنَانِ يَنْفَعُهُ أَكْبَرُهُمَا دُونَ الْأَصْغَرِ ، يَقُولُ : هُوَ ابْنِي فَحَسْبُ لِمَا أَنَّهُ يَنَالُ مِنْهُ الْمَنْفَعَةَ ، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَعَالَى : الْمَنْفَعَةُ تَصِلُ مِنِّي إِلَيْكَ ، وَلَمْ تَصِلْ مِنْكَ إِلَيَّ خِدْمَةٌ وَلَا طَاعَةٌ إِلَى الْآنَ ، فَأَقُولُ : أَنَا لَكَ وَلَا أَقُولُ أَنْتَ لِي ، ثُمَّ إِذَا أَتَيْتَ بِمَا طَلَبْتُهُ مِنْكَ مِنْ طَاعَةٍ أَوْ تَوْبَةٍ أَضَفْتُكَ إِلَى نَفْسِي فَقُلْتُ : أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ) [الزُّمَرِ : 53] .
السُّؤَالُ الثَّالِثُ : لِمَ ذَكَرَ عَقِيبَ قَوْلِهِ : ( رَبِّكَ ) قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1الَّذِي خَلَقَ ) ؟ الْجَوَابُ : كَأَنَّ الْعَبْدَ يَقُولُ : مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّكَ رَبِّي ؟ فَيَقُولُ : لِأَنَّكَ كُنْتَ بِذَاتِكَ وَصِفَاتِكَ مَعْدُومًا . ثُمَّ صِرْتَ مَوْجُودًا فَلَا بُدَّ لَكَ فِي ذَاتِكَ وَصِفَاتِكَ مِنْ خَالِقٍ ، وَهَذَا الْخَلْقُ وَالْإِيجَادُ تَرْبِيَةٌ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنِّي رَبُّكَ وَأَنْتَ مَرْبُوبِي .