[ ص: 25 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=17فليدع ناديه nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=18سندع الزبانية )
المسألة السابعة : قرئ "ناصية" بالرفع والتقدير هي ناصية ، "وناصية" بالنصب وكلاهما على الشتم ، واعلم أن الرسول عليه السلام لما أغلظ في القول
لأبي جهل وتلا عليه هذه الآيات ، قال : يا
محمد بمن تهددني وإني لأكثر هذا الوادي ناديا ، فافتخر بجماعته الذين كانوا يأكلون حطامه ، فنزل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=17فليدع ناديه nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29747_30436_29067سندع الزبانية ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قد مر تفسير النادي عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=29وتأتون في ناديكم المنكر ) [العنكبوت : 29] قال
أبو عبيدة : "ناديه" أي أهل مجلسه ، وبالجملة فالمراد من النادي أهل النادي ، ولا يسمى المكان ناديا حتى يكون فيه أهله ، وسمي ناديا لأن القوم يندون إليه ندا وندوة ، ومنه
دار الندوة بمكة ، وكانوا يجتمعون فيها للتشاور ، وقيل : سمي ناديا لأنه مجلس الندى والجود ، ذكر ذلك على سبيل التهكم أي : اجمع أهل الكرم والدفاع في زعمك لينصروك .
المسألة الثانية : قال
أبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد : واحد الزبانية زبنية وأصله من زبنته إذا دفعته وهو متمرد من إنس أو جن ، ومثله في المعنى والتقدير عفرية يقال : فلان زبنية عفرية ، وقال
الأخفش : قال بعضهم : واحده الزباني ، وقال آخرون : الزابن ، وقال آخرون : هذا من الجمع الذي لا واحد له من لفظه في لغة العرب مثل أبابيل وعباديد وبالجملة فالمراد ملائكة العذاب ، ولا شك أنهم مخصوصون بقوة شديدة . وقال
مقاتل : هم خزنة جهنم أرجلهم في الأرض ورءوسهم في السماء ، وقال
قتادة : الزبانية هم الشرط في كلام العرب وهم الملائكة الغلاظ الشداد ، وملائكة النار سموا الزبانية لأنهم يزبنون الكفار أي يدفعونهم في جهنم .
المسألة الثالثة : في الآية قولان :
الأول : أي فليفعل ما ذكره من أنه يدعو أنصاره ويستعين بهم في مباطلة
محمد ، فإنه لو فعل ذلك فنحن ندعو الزبانية الذين لا طاقة لناديه وقومه بهم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لو دعا ناديه لأخذته الزبانية من ساعته معاينة ، وقيل : هذا إخبار من الله تعالى بأنه يجر في الدنيا كالكلب وقد فعل به ذلك يوم
بدر ، وقيل : بل هذا إخبار بأن الزبانية يجرونه في الآخرة إلى النار .
القول الثاني : أن في الآية تقديما وتأخيرا أي لنسفعا بالناصية وسندع الزبانية في الآخرة ، فليدع هو ناديه حينئذ فليمنعوه .
المسألة الرابعة : الفاء في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=17فليدع ناديه ) تدل على المعجز ، لأن هذا يكون تحريضا للكافر على دعوة ناديه وقومه ، ومتى فعل الكافر ذلك ترتب عليه دعوة الزبانية ، فلما لم يجترئ الكافر على ذلك دل على ظهور
nindex.php?page=treesubj&link=28752معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم .
المسألة الخامسة : قرئ : " ستدعى " على المجهول ، وهذه السير ليست للشك أما عسى من الله واجب الوقوع ، وخصوصا عند بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن ينتقم له من عدوه ، ولعل فائدة السين هو المراد من قوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013995لأنصرنك ولو بعد حين " .
[ ص: 25 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=17فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=18سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ )
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ : قُرِئَ "نَاصِيَةٌ" بِالرَّفْعِ وَالتَّقْدِيرُ هِيَ نَاصِيَةٌ ، "وَنَاصِيَةً" بِالنَّصْبِ وَكِلَاهُمَا عَلَى الشَّتْمِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَغْلَظَ فِي الْقَوْلِ
لِأَبِي جَهْلٍ وَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَاتِ ، قَالَ : يَا
مُحَمَّدُ بِمَنْ تُهَدِّدُنِي وَإِنِّي لَأَكْثَرُ هَذَا الْوَادِي نَادِيًا ، فَافْتَخَرَ بِجَمَاعَتِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَأْكُلُونَ حُطَامَهُ ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=17فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29747_30436_29067سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَدْ مَرَّ تَفْسِيرُ النَّادِي عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=29وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) [الْعَنْكَبُوتِ : 29] قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : "نَادِيَهُ" أَيْ أَهْلَ مَجْلِسِهِ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُرَادُ مِنَ النَّادِي أَهْلُ النَّادِي ، وَلَا يُسَمَّى الْمَكَانُ نَادِيًا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ أَهْلُهُ ، وَسُمِّيَ نَادِيًا لِأَنَّ الْقَوْمَ يَنِدُّونَ إِلَيْهِ نَدًّا وَنَدْوَةً ، وَمِنْهُ
دَارُ النَّدْوَةِ بِمَكَّةَ ، وَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ فِيهَا لِلتَّشَاوُرِ ، وَقِيلَ : سُمِّيَ نَادِيًا لِأَنَّهُ مَجْلِسُ النَّدَى وَالْجُودِ ، ذُكِرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ أَيْ : اجْمَعْ أَهْلَ الْكَرَمِ وَالدِّفَاعِ فِي زَعْمِكَ لِيَنْصُرُوكَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15153وَالْمُبَرِّدُ : وَاحِدُ الزَّبَانِيَةِ زِبْنِيَةٌ وَأَصْلُهُ مِنْ زَبَنْتُهُ إِذَا دَفَعْتُهُ وَهُوَ مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جِنٍّ ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرِ عِفْرِيَةٌ يُقَالُ : فُلَانٌ زِبْنِيَةٌ عِفْرِيَةٌ ، وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : قَالَ بَعْضُهُمْ : وَاحِدُهُ الزَّبَانِيُّ ، وَقَالَ آخَرُونَ : الزَّابِنُ ، وَقَالَ آخَرُونَ : هَذَا مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مِثْلُ أَبَابِيلَ وَعَبَادِيدَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُرَادُ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ مَخْصُوصُونَ بِقُوَّةٍ شَدِيدَةٍ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : هُمْ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ أَرْجُلُهُمْ فِي الْأَرْضِ وَرُءُوسُهُمْ فِي السَّمَاءِ ، وَقَالَ
قَتَادَةُ : الزَّبَانِيَةُ هُمُ الشُّرَطُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ الْغِلَاظُ الشِّدَادُ ، وَمَلَائِكَةُ النَّارِ سُمُّوا الزَّبَانِيَةَ لِأَنَّهُمْ يَزْبِنُونَ الْكُفَّارَ أَيْ يَدْفَعُونَهُمْ فِي جَهَنَّمَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : فِي الْآيَةِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَيْ فَلْيَفْعَلْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَدْعُو أَنْصَارَهُ وَيَسْتَعِينُ بِهِمْ فِي مُبَاطَلَةِ
مُحَمَّدٍ ، فَإِنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَنَحْنُ نَدْعُو الزَّبَانِيَةَ الَّذِينَ لَا طَاقَةَ لِنَادِيهِ وَقَوْمِهِ بِهِمْ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : لَوْ دَعَا نَادِيَهُ لَأَخَذَتْهُ الزَّبَانِيَةُ مِنْ سَاعَتِهِ مُعَايَنَةً ، وَقِيلَ : هَذَا إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ يُجَرُّ فِي الدُّنْيَا كَالْكَلْبِ وَقَدْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَقِيلَ : بَلْ هَذَا إِخْبَارٌ بِأَنَّ الزَّبَانِيَةَ يَجُرُّونَهُ فِي الْآخِرَةِ إِلَى النَّارِ .
الْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا أَيْ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ وَسَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ فِي الْآخِرَةِ ، فَلْيَدْعُ هُوَ نَادِيَهُ حِينَئِذٍ فَلْيَمْنَعُوهُ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=17فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ) تَدُلُّ عَلَى الْمُعْجِزِ ، لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ تَحْرِيضًا لِلْكَافِرِ عَلَى دَعْوَةِ نَادِيهِ وَقَوْمِهِ ، وَمَتَى فَعَلَ الْكَافِرُ ذَلِكَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ دَعْوَةُ الزَّبَانِيَةِ ، فَلَمَّا لَمْ يَجْتَرِئِ الْكَافِرُ عَلَى ذَلِكَ دَلَّ عَلَى ظُهُورِ
nindex.php?page=treesubj&link=28752مُعْجِزَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قُرِئَ : " سَتُدْعَى " عَلَى الْمَجْهُولِ ، وَهَذِهِ السِّيَرُ لَيْسَتْ لِلشَّكِ أَمَّا عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبُ الْوُقُوعِ ، وَخُصُوصًا عِنْدَ بِشَارَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَنْتَقِمَ لَهُ مِنْ عَدُوِّهِ ، وَلَعَلَّ فَائِدَةَ السِّينِ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013995لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ " .