الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( وإن nindex.php?page=treesubj&link=17073أرسل سهما على صيد فأصاب غيره فقتله حل أكله { nindex.php?page=hadith&LINKID=32779لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ثعلبة : ما رد عليك قوسك فكل } ولأنه مات بفعله ولم يفقد إلا القصد وذلك لا يعتبر في الذكاة والدليل عليه أنه تصح ذكاة المجنون وإن لم يكن له قصد فإن أرسل كلبا على صيد فأصاب غيره فقتله نظرت فإن أصابه في الجهة التي أرسله فيها حل لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=34411 : ما رد عليك كلبك ولم تدرك ذكاته فكل } وإن عدل إلى جهة أخرى فأصاب صيدا غيره ففيه وجهان ( أحدهما ) لا يحل ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق لأن للكلب اختيارا فإذا عدل كان صيده باختياره فلم يحل كما لو استرسل بنفسه فأخذ الصيد ومن أصحابنا من قال : يحل لأن الكلب لا يمكن منعه من العدول في طلب الصيد ) . [ ص: 137 ]
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة والحديث الآخر سبق بيانهما ، قال أصحابنا : إذا nindex.php?page=treesubj&link=17077_17075رمى صيدا يراه أو لا يراه ، لكن يحس به في ظلمة أو من وراء حجاب ، بأن كان بين أشجار ملتفة وقصده حل ، فإن nindex.php?page=treesubj&link=17075لم يعلم به بأن رمى وهو لا يرجو صيدا فأصاب صيدا ، لم يحل على الصحيح المنصوص ، وفيه وجه وإن nindex.php?page=treesubj&link=17075كان يتوقع صيدا فبنى الرمي بأن رمى في ظلمة الليل وقال : ربما أصبت صيدا فأصاب صيدا فطريقان ( أحدهما ) القطع بحله ( والثاني ) فيه ثلاثة أوجه ( أصحها ) التحريم مطلقا ( والثاني ) يحل ( والثالث ) إن توقعه بظن غالب حل ، وإن كان مجرد تجويز حرم ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=17076رمى إلى سرب من الظباء أو أرسل عليها كلبا فأصاب واحدة منها فقتلها فهي حلال بلا خلاف . ولو nindex.php?page=treesubj&link=17076قصد واحدة منها معينة بالرمي فأصاب غيرها ففيه طريقان ( أحدهما ) القطع بحلها وبه قطع المصنف وكثيرون أو الأكثرون ( والثاني ) فيه أربعة أوجه ( الحل ) مطلقا لما ذكره المصنف ( والثاني ) التحريم ( والثالث ) إن كان حالة الرمي يرى المصاد حل ، وإلا فلا ( والرابع ) إن كان المصاب من السرب الذي رآه ورماه حل ، وإن كان من غيره لم يحل ، وسواء عدل السهم عن الجهة التي قصدها إلى غيرها أم لم يعدل .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=17074رمى شاخصا يعتقده حجرا ، وكان حجرا فأصاب ظبية ففي حلها وجهان ( الأصح ) لا تحل ، وبه قطع الصيدلاني وغيره ، فإن كان الشاخص صيدا ومال السهم عنه وأصاب صيدا آخر ففيه الوجهان والأولى بالتحليل ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=17073رمى شاخصا ظنه خنزيرا وكان خنزيرا أو كان صيدا فلم يصبه وأصاب ظبية لم تحل على الصحيح في الصورتين ، لأنه قصد محرما ، والخلاف فيما إذا كان خنزيرا أضعف ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=17073رمى شاخصا ظنه صيدا فبان حجرا أو خنزيرا وأصاب السهم صيدا قال البغوي : إن اعتبرنا ظنه فيما إذا رمى ما ظنه حجرا فكان صيدا وأصاب السهم صيدا آخر ، [ ص: 138 ] وقلنا بالتحريم ، فهنا يحل الصيد الذي أصابه ، وإن اعتبرنا الحقيقة وقلنا بالحل هناك حرم هنا . هذا كله في رمي السهم أما إذا أرسل كلبا على صيد فقتل صيدا آخر فينظر إن لم يعدل عن جهة الإرسال ، بل كان فيها صيود فأخذ غير ما أرسل عليه وقتله فطريقان ( المذهب ) أنه يحل ، وبه قطع المصنف والأكثرون ، ودليله في الكتاب ( والثاني ) فيه وجهان ( أصحهما ) يحل ( والثاني ) يحرم ، كما لو استرسل بنفسه ، وإن عدل إلى جهة أخرى فثلاثة أوجه ( أصحها ) الحل ، لأنه بغير تكليفه ترك العدول ، ولأن الصيد لو عدل فتبعه الكلب وقتله حل قطعا ( والثاني ) يحرم ، كما ذكره المصنف ( والثالث ) وهو اختيار الماوردي إن خرج عادلا عن الجهة حرم . وإن خرج إليها ففاته الصيد فعدل إلى غيرها وصاد حل ، لأنه يدل على حذقه حيث لم يرجع خائبا ، وقطع إمام الحرمين بالتحريم إذا عدل وظهر من عدوله اختياره بأن امتد في جهة الإرسال زمانا ، ثم ظهر صيد آخر فاستدبر المرسل إليه وقصد الآخر ، والله أعلم .