(
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3وقال الإنسان ما لها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4يومئذ تحدث أخبارها )
أما قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3وقال الإنسان ما لها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4يومئذ تحدث أخبارها ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : ما لها تزلزل هذه الزلزلة الشديدة ولفظت ما في بطنها ؟ وذلك إما عند النفخة الأولى حين تلفظ ما فيها من الكنوز والدفائن ، أو عند النفخة الثانية حين تلفظ ما فيها من الأموات .
المسألة الثانية : قيل : هذا قول الكافر وهو كما يقولون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52من بعثنا من مرقدنا ) [ يس : 52 ] فأما المؤمن فيقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ) [ يس 52 ] وقيل : بل هو عام في حق المؤمن والكافر أي : الإنسان الذي هو كنود جزوع ظلوم الذي من شأنه الغفلة والجهالة ، يقول : ما لها وهو ليس بسؤال بل هو للتعجب ، لما يرى من العجائب التي لم تسمع بها الآذان ، ولا تطلق بها لسان ، ولهذا قال
الحسن : إنه للكافر والفاجر معا .
المسألة الثالثة : إنما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3ما لها ) على غير المواجهة لأنه يعاتب بهذا الكلام نفسه ، كأنه يقول : يا نفس ما للأرض تفعل ذلك ؟ يعني : يا نفس أنت السبب فيه فإنه لولا معاصيك لما صارت الأرض كذلك فالكفار يقولون هذا الكلام ، والمؤمنون يقولون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) . [ فاطر : 34]
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4يومئذ تحدث أخبارها ) فاعلم أن
ابن مسعود قرأ : " تنبئ أخبارها "
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير " تنبئ " ثم فيه سؤالات :
الأول : أين مفعولا تحدث ؟
الجواب : قد حذف أولهما ، والثاني : "أخبارها" ، وأصله تحدث الخلق أخبارها إلا أن المقصود ذكر تحديثها الأخبار لا ذكر الخلق تعظيما .
السؤال الثاني : ما معنى تحديث الأرض ؟ قلنا : فيه وجوه :
أحدها : وهو قول
أبي مسلم يومئذ يتبين لكل أحد جزاء عمله فكأنها حدثت بذلك ، كقولك : الدار تحدثنا بأنها كانت مسكونة فكذا انتقاض الأرض بسبب الزلزلة تحدث أن الدنيا قد انقضت وأن الآخرة قد أقبلت .
والثاني : وهو قول الجمهور : أن الله تعالى يجعل الأرض حيوانا عاقلا ناطقا ويعرفها جميع ما عمل أهلها فحينئذ تشهد لمن أطاع وعلى من عصى ، قال عليه السلام :
إن nindex.php?page=treesubj&link=30361الأرض لتخبر يوم القيامة بكل عمل عمل عليها ثم تلا هذه الآية وهذا على مذهبنا غير بعيد لأن البنية عندنا ليست شرطا لقبول الحياة ، فالأرض مع بقائها على شكلها ويبسها وقشفها يخلق الله فيها الحياة والنطق ، والمقصود كأن الأرض تشكو من العصاة وتشكر من أطاع الله ، فتقول : إن فلانا صلى وزكى وصام
[ ص: 57 ] وحج في ، وإن فلانا كفر وزنى وسرق وجار ، حتى يود الكافر أن يساق إلى النار ، وكان
علي عليه السلام إذا فرغ بيت المال صلى فيه ركعتين ويقول : لتشهدن أني ملأتك بحق وفرغتك بحق .
والقول الثالث وهو قول
المعتزلة : أن الكلام يجوز خلقه في الجماد ، فلا يبعد أن يخلق الله تعالى في الأرض حال كونها جمادا أصواتا مقطعة مخصوصة فيكون المتكلم والشاهد على هذا التقدير هو الله تعالى .
السؤال الثالث : "إذا" و"يومئذ" ما ناصبهما ؟ الجواب : يومئذ بدل من إذا وناصبهما تحدث .
السؤال الرابع : لفظ التحديث يفيد الاستئناس وهناك لا استئناس فما وجه هذا اللفظ ؟ الجواب : أن الأرض كأنها تبث شكواها إلى أولياء الله وملائكته .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا )
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : مَا لَهَا تُزَلْزَلُ هَذِهِ الزَّلْزَلَةَ الشَّدِيدَةَ وَلَفَظَتْ مَا فِي بَطْنِهَا ؟ وَذَلِكَ إِمَّا عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى حِينَ تَلْفِظُ مَا فِيهَا مِنَ الْكُنُوزِ وَالدَّفَائِنِ ، أَوْ عِنْدَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ حِينَ تَلْفِظُ مَا فِيهَا مِنَ الْأَمْوَاتِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قِيلَ : هَذَا قَوْلُ الْكَافِرِ وَهُوَ كَمَا يَقُولُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ) [ يس : 52 ] فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) [ يس 52 ] وَقِيلَ : بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ أَيِ : الْإِنْسَانُ الَّذِي هُوَ كَنُودٌ جَزُوعٌ ظَلُومٌ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ الْغَفْلَةُ وَالْجَهَالَةُ ، يَقُولُ : مَا لَهَا وَهُوَ لَيْسَ بِسُؤَالٍ بَلْ هُوَ لِلتَّعَجُّبِ ، لِمَا يَرَى مِنَ الْعَجَائِبِ الَّتِي لَمْ تَسْمَعْ بِهَا الْآذَانُ ، وَلَا تَطَلَّقَ بِهَا لِسَانٌ ، وَلِهَذَا قَالَ
الْحَسَنُ : إِنَّهُ لِلْكَافِرِ وَالْفَاجِرِ مَعًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : إِنَّمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3مَا لَهَا ) عَلَى غَيْرِ الْمُوَاجَهَةِ لِأَنَّهُ يُعَاتِبُ بِهَذَا الْكَلَامِ نَفْسَهُ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : يَا نَفْسُ مَا لِلْأَرْضِ تَفْعَلُ ذَلِكَ ؟ يَعْنِي : يَا نَفْسُ أَنْتِ السَّبَبُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَوْلَا مَعَاصِيكِ لَمَا صَارَتِ الْأَرْضُ كَذَلِكَ فَالْكُفَّارُ يَقُولُونَ هَذَا الْكَلَامَ ، وَالْمُؤْمِنُونَ يَقُولُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ) . [ فَاطِرٍ : 34]
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) فَاعْلَمْ أَنَّ
ابْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ : " تُنْبِئُ أَخْبَارَهَا "
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ " تُنَبِّئُ " ثُمَّ فِيهِ سُؤَالَاتٌ :
الْأَوَّلُ : أَيْنَ مَفْعُولَا تُحَدِّثُ ؟
الْجَوَابُ : قَدْ حُذِفَ أَوَّلُهُمَا ، وَالثَّانِي : "أَخْبَارَهَا" ، وَأَصْلُهُ تُحَدِّثُ الْخَلْقَ أَخْبَارَهَا إِلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ ذِكْرُ تَحْدِيثِهَا الْأَخْبَارَ لَا ذِكْرُ الْخَلْقِ تَعْظِيمًا .
السُّؤَالُ الثَّانِي : مَا مَعْنَى تَحْدِيثِ الْأَرْضِ ؟ قُلْنَا : فِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي مُسْلِمٍ يَوْمَئِذٍ يَتَبَيَّنُ لِكُلِّ أَحَدٍ جَزَاءُ عَمَلِهِ فَكَأَنَّهَا حَدَّثَتْ بِذَلِكَ ، كَقَوْلِكَ : الدَّارُ تُحَدِّثُنَا بِأَنَّهَا كَانَتْ مَسْكُونَةً فَكَذَا انْتِقَاضُ الْأَرْضِ بِسَبَبِ الزَّلْزَلَةِ تُحَدِّثُ أَنَّ الدُّنْيَا قَدِ انْقَضَتْ وَأَنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ .
وَالثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَجْعَلُ الْأَرْضَ حَيَوَانًا عَاقِلًا نَاطِقًا وَيُعَرِّفُهَا جَمِيعَ مَا عَمِلَ أَهْلُهَا فَحِينَئِذٍ تَشْهَدُ لِمَنْ أَطَاعَ وَعَلَى مَنْ عَصَى ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
إِنَّ nindex.php?page=treesubj&link=30361الْأَرْضَ لَتُخْبِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِكُلِّ عَمَلٍ عُمِلَ عَلَيْهَا ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِنَا غَيْرُ بَعِيدٍ لِأَنَّ الْبِنْيَةَ عِنْدَنَا لَيْسَتْ شَرْطًا لِقَبُولِ الْحَيَاةِ ، فَالْأَرْضُ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى شَكْلِهَا وَيُبْسِهَا وَقَشَفِهَا يَخْلُقُ اللَّهُ فِيهَا الْحَيَاةَ وَالنُّطْقَ ، وَالْمَقْصُودُ كَأَنَّ الْأَرْضَ تَشْكُو مِنَ الْعُصَاةِ وَتَشْكُرُ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ ، فَتَقُولُ : إِنَّ فُلَانًا صَلَّى وَزَكَّى وَصَامَ
[ ص: 57 ] وَحَجَّ فِيَّ ، وَإِنَّ فُلَانًا كَفَرَ وَزَنَى وَسَرَقَ وَجَارَ ، حَتَّى يَوَدَّ الْكَافِرُ أَنْ يُسَاقَ إِلَى النَّارِ ، وَكَانَ
عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا فَرَغَ بَيْتُ الْمَالِ صَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولُ : لَتَشْهَدَنَّ أَنِّي مَلَأْتُكَ بِحَقٍّ وَفَرَّغْتُكَ بِحَقٍّ .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ قَوْلُ
الْمُعْتَزِلَةِ : أَنَّ الْكَلَامَ يَجُوزُ خَلْقُهُ فِي الْجَمَادِ ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ حَالَ كَوْنِهَا جَمَادًا أَصْوَاتًا مُقَطَّعَةً مَخْصُوصَةً فَيَكُونُ الْمُتَكَلِّمُ وَالشَّاهِدُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ هُوَ اللَّهَ تَعَالَى .
السُّؤَالُ الثَّالِثُ : "إِذَا" وَ"يَوْمَئِذٍ" مَا نَاصِبُهُمَا ؟ الْجَوَابُ : يَوْمَئِذٍ بَدَلٌ مِنْ إِذَا وَنَاصِبُهُمَا تُحَدِّثُ .
السُّؤَالُ الرَّابِعُ : لَفْظُ التَّحْدِيثِ يُفِيدُ الِاسْتِئْنَاسَ وَهُنَاكَ لَا اسْتِئْنَاسَ فَمَا وَجْهُ هَذَا اللَّفْظِ ؟ الْجَوَابُ : أَنَّ الْأَرْضَ كَأَنَّهَا تَبُثُّ شَكْوَاهَا إِلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ .