[ ص: 275 ] الكلام على المد الفرعي
والكلام فيه على خمس مسائل وهي:
الأولى: في تعريفه.
والثانية: في أسبابه.
والثالثة: في أنواعه.
والرابعة: في أحكامه.
والخامسة: في مراتبه.
ولكل مسألة من هذه المسائل كلام خاص نوضحه فيما يلي.
المسألة الأولى في
nindex.php?page=treesubj&link=28951تعريف المد الفرعي وضابطه
أما تعريفه: فهو المد الزائد على مقدار المد الطبيعي المتقدم لسبب من الأسباب الآتية بعد، وهو الذي تقوم ذوات حروف المد بدونه.
وأما ضابطه: فهو أن يقع بعد حرف المد واللين أو بعد حرف اللين وحده همز أو سكون، سواء كان السكون لازما أو عارضا نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41هؤلاء [النساء: 41]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4بما أنـزل [البقرة: 4]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=13آمنوا [البقرة: 13] ونحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=98السوء [التوبة: 98]
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء [الشورى: 11] لدى الوقف اتفاقا، أما في حالة الوصل فمده
nindex.php?page=showalam&ids=17274لورش من طريق الأزرق خاصة، ونحو
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38دابة [الأنعام: 38]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم [البقرة: 1] في الوصل والوقف.
[ ص: 276 ] ونحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36إلى حين [البقرة: 36]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15يعمهون [البقرة: 15] و " الحساب " [الإسراء: 12]
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77الخير [الحج: 77]
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30القول [محمد: 30] في الوقف للجميع.
وسمي فرعيا لتفرعه من المد الطبيعي أو لتفرع جميع المدود منه سوى المد الطبيعي، ويسمى أيضا بالمد المزيدي لزيادة مده على مقدار المد الطبيعي، وإذا أطلق المد انصرف إليه، أي إلى المد الفرعي أو المزيدي.
المسألة الثانية في
nindex.php?page=treesubj&link=28951أسباب المد الفرعي
للمد الفرعي سببان لفظي ومعنوي:
فأما السبب اللفظي فنوعان الهمز والسكون مطلقا، وهما سببان لزيادة المد الفرعي عن المد الأصلي - الطبيعي - إذا وجد أحدهما بعد حرف المد واللين أو بعد حرف اللين وحده، وسيأتي مزيد بيان لذلك قريبا إن شاء الله تعالى.
وأما السبب المعنوي فهو قصد المبالغة في النفي وهو من الأسباب القوية المقصودة عند العرب - وإن كان ضعيفا عند القراء - وهو نوعان أيضا.
الأول: المد للتعظيم وهو في "لا" النافية للجنس في كلمة التوحيد خاصة نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19لا إله إلا الله [محمد: 30]
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لا إله إلا أنت سبحانك [الأنبياء: 87] " لا إله إلا هو العزيز الحكيم " [آل عمران : 6 - 18] ويسمى بمد المبالغة أيضا؛ لأنه طلب للمبالغة في نفي الألوهية عما سوى الله تعالى.
[ ص: 277 ] الثاني: مد التبرئة وهو ثابت عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة أحد القراء السبعة في أحد الوجهين عنه من طريق طيبة النشر، لكن لا يبلغ به حد الإشباع بل يقتصر فيه على التوسط، وقدره أربع حركات، وذلك لضعف سببه عن السبب اللفظي، ومثاله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا ريب [البقرة: 2]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71لا شية فيها [البقرة: 71]
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41لا معقب لحكمه [الرعد: 41] وما إلى ذلك.
هذا، وقد رد ملا علي القاري في شرحه على المقدمة الجزرية المد للتعظيم لأصحاب قصر المنفصل، وكذلك وصف مد التبرئة الوارد عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة بأنه رواية شاذة عند أهل الدراية، وحجته في هذا وذاك عدم ورودهما من طريق الشاطبية.
أقول: أما المد للتعظيم لأصحاب قصر المنفصل فهو صحيح ثابت في أحد الوجهين عنهم من طريق طيبة النشر، قرأت به على جميع شيوخي من هذا الطريق، وبه آخذ قراءة وإقراء، وسيأتي ذكره مع الأحكام المترتبة عليه بالنسبة لحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم .
وأما مد التبرئة في لا النافية للجنس فهو قراءة صحيحة سبعية متواترة ليست
[ ص: 278 ] بشاذة، جاءت عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة في أحد الوجهين عنه من طريق طيبة النشر كما تقدم، وبهذه القراءة قرأت على جميع شيوخي من هذا الطريق، وبها آخذ قراءة وإقراء.
وقد قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة نفسه فيما نقله عنه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14324الذهبي وغيره: "ما قرأت حرفا من كتاب الله إلا بأثر".
وأما عن عدم ورود هذين المدين من طريق الشاطبية فلا يمنع ورودهما وصحتهما من طريق غيرها كالنشر وطيبته، وكم من قراءات لا يأتي عليها العد صحت واستفاضت وتواترت عن الأئمة السبعة من غير طريق الشاطبية، وتلقتها الأمة بالقبول، ولم تقلل من شأنها.
ومن قرأ كتاب النشر للحافظ
ابن الجزري عرف تلك القراءات، والذي يظهر أن ملا علي القاري لم يقرأ بما جاء في كتاب النشر، ولو قرأ القرآن الكريم بما جاء فيه ما رد المد للتعظيم لأصحاب القصر في المنفصل، ولا حكم بشذوذ قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة بمد التبرئة، وكأنه كان يرى - رحمه الله - أن كل قراءة جاءت عن الأئمة السبعة من غير طريق الشاطبية فهي قراءة شاذة، وهذا عجيب من عالم كبير كالقاري.
واحترازا عن فهم مثل هذا فقد اعتنى أئمتنا بسرد الزيادات التي ثبتت وتواترت واستفاضت عن الأئمة السبعة من غير الشاطبية في كتب مستقلة بها كالعلامة
أحمد الطيبي في كتابه "التنوير فيما زاد للسبعة الأئمة البدور على ما في الحرز والتيسير".
كما اعتنوا بسرد الزيادات التي صحت وتواترت واستفاضت عن الأئمة العشرة من غير طريق الشاطبية والدرة في كتب مستقلة بها كذلك، كالعلامة الشيخ
محمد محمد هلالي الإبياري في كتابيه "منحة مولى البر فيما زاده كتاب النشر
[ ص: 279 ] في القراءات العشر" وشرحها "القول المبين المستقر بشرح منحة مولى البر".
والعلامة الشيخ
محمد عبد الرحمن الخليجي الإسكندري في كتابيه "تكلمة العشر بما زاده النشر" وشرحها المعروف "بشرح التكملة" وغيرهما من الأجلاء، فجزاهم الله عن القرآن الكريم وأهله خيرا، ورحم الله تعالى ملا علي القاري، ورحمنا معه وعامة المسلمين بمنه وكرمه آمين.
ولنرجع إلى ما كنا قد وقفنا عنده، فنقول:
وقد أشار العلامة
الجمزوري إلى المد الفرعي وأسبابه بقوله في تحفته:
والآخر الفرعي موقوف على سبب كهمز أو سكون مسجلا
اهـ
المسألة الثالثة في أنواع المد الفرعي
علم مما تقدم أن للمد الفرعي سببين لفظيين، هما الهمز والسكون:
فالهمز سبب لثلاثة أنواع منه، وهي المد المتصل والمنفصل والبدل، فإن تقدم الهمز على حرف المد فهو المد البدل نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136آمنا بالله [البقرة: 136] وإن تأخر عنه وكان معه في كلمة واحدة فهو المد المتصل نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=39ما شاء الله [الكهف: 39] وإن انفصل عنه بأن كان حرف المد آخر الكلمة والهمز أول الثانية فهو المد المنفصل نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15آمنت بما أنـزل الله من كتاب [الشورى: 15].
والسكون سبب لنوعين منه، ولا يكون إلا بعد حرف المد دائما، فإن كان
[ ص: 280 ] ثابتا في الوصل والوقف فهو المد اللازم نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=33الصاخة [عبس: 33] وإن كان ثابتا في الوقف دون الوصل فهو المد العارض للسكون نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5نستعين [الفاتحة: 5].
فيتلخص مما ذكر أن أنواع المد الفرعي خمسة وهي: المد المتصل، والمنفصل، والبدل، والعارض للسكون، واللازم، وسيأتي بسط الكلام على كل بما فيه الكفاية في المسألة الرابعة إن شاء الله تعالى.
المسألة الرابعة في أحكام المد الفرعي
أحكام المد الفرعي ثلاثة:
أولها: الوجوب وهو خاص بالنوع الأول وهو المد المتصل.
ثانيها: الجواز وهو خاص بالأنواع الثلاثة بعد الأول، وهي المد المنفصل والعارض للسكون والبدل.
ثالثها: اللزوم وهو خاص بالنوع الخامس والأخير، وهو المد اللازم، وفيما يلي الكلام على كل حكم وما يختص به من الأنواع، فنقول وبالله التوفيق.
الكلام على الحكم الأول من أحكام المد الفرعي وهو
nindex.php?page=treesubj&link=28951المد الواجب (المتصل) وسبب تسميته واجبا ومتصلا ، ومقدار مده، ووجهه، وضابطه
تقدم أن حكم الوجوب خاص بالنوع الأول من أنواع المد الفرعي وهو المد المتصل.
وتعريفه: أن يقع الهمز بعد حرف المد واللين في كلمة واحدة نحو: " أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون " [البقرة: 5] [لقمان: 5]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فكلوه هنيئا مريئا [النساء: 4]
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10أساءوا السوأى [الروم: 10] ومقدار المد فيه بالنسبة لحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم من الشاطبية أربع
[ ص: 281 ] حركات، وهو المعروف بالتوسط، ثم المد بقدر خمس حركات أيضا وهو المعروف بفويق التوسط وصلا ووقفا، والوجهان صحيحان مأخوذ بهما لفحص من الشاطبية، غير أن التوسط هو المشهور والمقدم في الأداء، ولم أقرأ بسواه من هذا الطريق، وهو الذي ارتضاه إمامنا
nindex.php?page=showalam&ids=14563الشاطبي - رحمه الله - ولم يقرئ بسواه لأصحاب التوسط، فاعلم ذلك.
هذا، وما أشرنا إليه من المد بقدر أربع حركات أو خمس إذا كان المد متوسطا كما مثلنا، أما إذا كان متطرفا وموقوفا عليه كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إنما يخشى الله من عباده العلماء [فاطر: 28] ففيه ما تقدم من المد بأربع حركات أو خمس، ثم زيادة المد بقدر ست حركات لأجل الوقف كما سيأتي.
وسمي متصلا لاتصال حرف المد بالهمز في كلمة واحدة، أو لاتصال الشرط بالسبب في كلمة واحدة كذلك.
وكان حكمه الوجوب لوجوب مده عند كل القراء زيادة على مقدار المد الطبيعي، وإن كانت الزيادة فيه متفاوتة عندهم.
ومن ثم يعلم أن للمد المتصل محلين: محل اتفاق ومحل اختلاف.
أما محل الاتفاق: فهو أن كل القراء اتفقوا على زيادة مده عن مقدار المد الطبيعي.
وأما محل الاختلاف: فهو تفاوتهم في مقدار تلك الزيادة على حسب مذاهبهم، فمنهم من قرأ بمرتبة الإشباع وقدرها ست حركات، ومنهم من قرأ بمرتبة دونه وقدرها خمس حركات، وهو الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم شيخ
حفص ، ومنهم من قرأ بمرتبة التوسط وقدرها أربع حركات، ومن بينهم الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم كذلك، ومنهم من قرأ بمرتبة فويق القصر وقدرها ثلاث حركات، ولا أقل
[ ص: 282 ] من ذلك، ولم نذكر أصحاب هذه المراتب هنا؛ طلبا للاختصار، وهي مبسوطة في كتب الخلاف، فراجعها إن شئت.
ومما تقدم يعلم أن المد المتصل لا يزيد عن الحركات الست، ولا ينقص عن الثلاث، فمراتبه أربع فقط، كما يعلم أيضا أنه لا يجوز بحال القصر فيه كالطبيعي.
قال الحافظ
ابن الجزري في النشر: "وقد تتبعته - أي القصر في المتصل - فلم أجده في قراءة صحيحة ولا شاذة، بل رأيت النص بمده" اهـ.
هذا ما يتعلق بمسألة الوجوب في المد المتصل باختصار.
وقد أشار العلامة
الجمزوري إلى المد الواجب ونوعه في التحفة بقوله:
فواجب إن جاء همز بعد مد في كلمة وذا بمتصل يعد
اهـ
كما أشار إليه
الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله:
وواجب إن جاء قبل همزة متصلا إن جمعا بكلمة
هذا، ووجه المد في المتصل هو أن الهمزة ثقيلة في النطق بها؛ لأنها حرف شديد جهري - كما تقدم في الصفات - فزيد في المد قبلها للتمكن من النطق بها على حقها من شدتها وجهرها. وقيل: إن حرف المد ضعيف خفي والهمز قوي صعب فزيد في المد تقوية لضعفه عند مجاورته القوي.
الكلام على الحكم الثاني من أحكام المد الفرعي وهو: المد الجائز
تقدم أن حكم الجواز في المد الفرعي يتعلق بثلاثة أنواع منه وهي: المد الجائز المنفصل، والجائز العارض للسكون، والجائز البدل، وفيما يلي تفصيل كل بمفرده.
[ ص: 283 ] الكلام على
nindex.php?page=treesubj&link=28951المد الجائز المنفصل ، وسبب تسميته جائزا ومنفصلا، ومقدار مده، ووجهه، وضابطه
وهذا هو النوع الأول من أنواع المد الجائز.
وتعريفه: أن يقع الهمز بعد حرف المد واللين بشرط انفصاله عنه، وذلك بأن يكون حرف المد واللين آخر الكلمة والهمز أول الثانية، ويستوي في ذلك الانفصال الحقيقي والحكمي.
فالانفصال الحقيقي: هو أن يكون حرف المد واللين ثابتا في الرسم واللفظ نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6قوا أنفسكم [التحريم: 6]
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15آمنت بما أنـزل الله من كتاب [الشورى: 15]
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44وأفوض أمري إلى الله [غافر: 44].
والانفصال الحكمي: هو أن يكون حرف المد واللين محذوفا في الرسم ثابتا في اللفظ، ومنه: ياء النداء نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46يا إبراهيم [مريم: 46]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يا أيها الناس اتقوا ربكم [النساء: 1] وها التي للتنبيه نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=66ها أنتم هؤلاء [آل عمران : 66] وصلة هاء الضمير نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أيحسب أن لم يره أحد [البلد: 7]
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=26ولا يشرك في حكمه أحدا [الكهف: 26] وكذلك صلة ميم الجمع عند من وصلها بواو نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78ومنهم أميون [البقرة: 78] وما إلى ذلك من كل حرف مد حذف رسما وثبت لفظا.
[ ص: 284 ] وسمي منفصلا لانفصال حرف المد عن الهمز أو لانفصال الشرط عن السبب.
وكان حكمه الجواز لجواز قصره ومده عند بعض القراء، فالقصر حركتان كالمد الطبيعي، والمد يشمل أربع مراتب، وهي: المد ثلاث حركات أو أربعا أو خمسا أو ستا.
وعليه فتكون مراتب المد المنفصل خمسا، أولها حركتان وآخرها ست، وتركنا ذكر أصحاب هذه المراتب هنا؛ طلبا للاختصار، ومن أرادها فهي مبسوطة في كتب الخلاف، هذا ما يتعلق بمسألة الجواز بالاختصار.
وأما مقدار مده بالنسبة
لحفص nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم من الشاطبية فهو أربع حركات وهو المعروف بالتوسط، أو خمس حركات أيضا وهو المعروف بفويق التوسط، والوجهان صحيحان مأخوذ بهما لحفص من الشاطبية، إلا أن التوسط هو المشهور والمقدم في الأداء، ولم أقرأ بسواه من هذا الطريق، وهو الذي ارتضاه إمامنا
nindex.php?page=showalam&ids=14563الشاطبي - رضي الله عنه - ولم يقرئ بسواه لأصحاب التوسط، فاعلم ذلك.
هذا، ووجه القصر في المنفصل انتفاء أثر الهمزة لعدم لزومها عند الوقف، ووجه مده اعتبار اتصالها لفظا من الوصل.
وقد أشار العلامة
الجمزوري إلى المد الجائز المنفصل في تحفته بقوله:
وجائز مد وقصر إن فصل كل بكلمة وهذا المنفصل
اهـ
[ ص: 275 ] الْكَلَامُ عَلَى الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ
وَالْكَلَامُ فِيهِ عَلَى خَمْسِ مَسَائِلَ وَهِيَ:
الْأُولَى: فِي تَعْرِيفِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: فِي أَسْبَابِهِ.
وَالثَّالِثَةُ: فِي أَنْوَاعِهِ.
وَالرَّابِعَةُ: فِي أَحْكَامِهِ.
وَالْخَامِسَةُ: فِي مَرَاتِبِهِ.
وَلِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَلَامٌ خَاصٌّ نُوَضِّحُهُ فِيمَا يَلِي.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28951تَعْرِيفِ الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ وَضَابِطِهِ
أَمَّا تَعْرِيفُهُ: فَهُوَ الْمَدُّ الزَّائِدُ عَلَى مِقْدَارِ الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ الْمُتَقَدِّمِ لِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ بَعْدُ، وَهُوَ الَّذِي تَقُومُ ذَوَاتُ حُرُوفِ الْمَدِّ بِدُونِهِ.
وَأَمَّا ضَابِطُهُ: فَهُوَ أَنْ يَقَعَ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ أَوْ بَعْدَ حَرْفِ اللِّينِ وَحْدَهُ هَمْزٌ أَوْ سُكُونٌ، سَوَاءٌ كَانَ السُّكُونُ لَازِمًا أَوْ عَارِضًا نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41هَؤُلاءِ [النِّسَاءِ: 41]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4بِمَا أُنْـزِلَ [الْبَقَرَةِ: 4]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=13آمِنُوا [الْبَقَرَةِ: 13] وَنَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=98السَّوْءِ [التَّوْبَةِ: 98]
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشُّورَى: 11] لَدَى الْوَقْفِ اتِّفَاقًا، أَمَّا فِي حَالَةِ الْوَصْلِ فَمَدُّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17274لِوَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ خَاصَّةً، وَنَحْوُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38دَابَّةٍ [الْأَنْعَامِ: 38]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم [الْبَقَرَةِ: 1] فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ.
[ ص: 276 ] وَنَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36إِلَى حِينٍ [الْبَقَرَةِ: 36]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15يَعْمَهُونَ [الْبَقَرَةِ: 15] وَ " الْحِسَاب " [الْإِسْرَاءِ: 12]
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77الْخَيْرَ [الْحَجِّ: 77]
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30الْقَوْلِ [مُحَمَّدٍ: 30] فِي الْوَقْفِ لِلْجَمِيعِ.
وَسُمِّيَ فَرْعِيًّا لِتَفَرُّعِهِ مِنَ الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ أَوْ لِتُفَرِّعِ جَمِيعِ الْمُدُودِ مِنْهُ سِوَى الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ، وَيُسَمَّى أَيْضًا بِالْمَدِّ الْمَزِيدِيِّ لِزِيَادَةِ مَدِّهِ عَلَى مِقْدَارِ الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ، وَإِذَا أُطْلِقَ الْمَدُّ انْصَرَفَ إِلَيْهِ، أَيْ إِلَى الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ أَوِ الْمَزِيدِيِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28951أَسْبَابِ الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ
لِلْمَدِّ الْفَرْعِيِّ سَبَبَانِ لَفْظِيٌّ وَمَعْنَوِيٌّ:
فَأَمَّا السَّبَبُ اللَّفْظِيُّ فَنَوْعَانِ الْهَمْزُ وَالسُّكُونُ مُطْلَقًا، وَهُمَا سَبَبَانِ لِزِيَادَةِ الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ عَنِ الْمَدِّ الْأَصْلِيِّ - الطَّبِيعِيِّ - إِذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ أَوْ بَعْدَ حَرْفِ اللِّينِ وَحْدَهُ، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا السَّبَبُ الْمَعْنَوِيُّ فَهُوَ قَصْدُ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّفْيِ وَهُوَ مِنَ الْأَسْبَابِ الْقَوِيَّةِ الْمَقْصُودَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ - وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا عِنْدَ الْقُرَّاءِ - وَهُوَ نَوْعَانِ أَيْضًا.
الْأَوَّلُ: الْمَدُّ لِلتَّعْظِيمِ وَهُوَ فِي "لَا" النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ خَاصَّةً نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ [مُحَمَّدٍ: 30]
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ [الْأَنْبِيَاءِ: 87] " لا إِلَهُ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [آلِ عِمْرَانَ : 6 - 18] وَيُسَمَّى بِمَدِّ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِلْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ الْأُلُوهِيَّةِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى.
[ ص: 277 ] الثَّانِي: مَدُّ التَّبْرِئَةِ وَهُوَ ثَابِتٌ عَنِ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةَ أَحَدِ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ طَيِّبَةِ النَّشْرِ، لَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِهِ حَدَّ الْإِشْبَاعِ بَلْ يَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى التَّوَسُّطِ، وَقَدْرُهُ أَرْبَعُ حَرَكَاتٍ، وَذَلِكَ لِضَعْفِ سَبَبِهِ عَنِ السَّبَبِ اللَّفْظِيِّ، وَمِثَالُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2لا رَيْبَ [الْبَقَرَةِ: 2]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71لا شِيَةَ فِيهَا [الْبَقَرَةِ: 71]
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ [الرَّعْدِ: 41] وَمَا إِلَى ذَلِكَ.
هَذَا، وَقَدْ رَدَّ مُلَّا عَلِيٍّ الْقَارِي فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ الْمَدَّ لِلتَّعْظِيمِ لِأَصْحَابِ قَصْرِ الْمُنْفَصِلِ، وَكَذَلِكَ وَصَفَ مَدَّ التَّبْرِئَةِ الْوَارِدَ عَنِ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةَ بِأَنَّهُ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ عِنْدَ أَهْلِ الدِّرَايَةِ، وَحُجَّتُهُ فِي هَذَا وَذَاكَ عَدَمُ وُرُودِهِمَا مِنْ طَرِيقِ الشَّاطِبِيَّةِ.
أَقُولُ: أَمَّا الْمَدُّ لِلتَّعْظِيمِ لِأَصْحَابِ قَصْرِ الْمُنْفَصِلِ فَهُوَ صَحِيحٌ ثَابِتٌ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ عَنْهُمْ مِنْ طَرِيقِ طَيِّبَةِ النَّشْرِ، قَرَأْتُ بِهِ عَلَى جَمِيعِ شُيُوخِي مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ، وَبِهِ آخُذُ قِرَاءَةً وَإِقْرَاءً، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ مَعَ الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِحَفْصٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ .
وَأَمَّا مَدُّ التَّبْرِئَةِ فِي لَا النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ فَهُوَ قِرَاءَةٌ صَحِيحَةٌ سَبْعِيَّةٌ مُتَوَاتِرَةٌ لَيْسَتْ
[ ص: 278 ] بِشَاذَّةٍ، جَاءَتْ عَنِ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ طَيِّبَةِ النَّشْرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَبِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ قَرَأْتُ عَلَى جَمِيعِ شُيُوخِي مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ، وَبِهَا آخُذُ قِرَاءَةً وَإِقْرَاءً.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةُ نَفْسُهُ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=14324الذَّهَبِيُّ وَغَيْرُهُ: "مَا قَرَأْتُ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا بِأَثَرٍ".
وَأَمَّا عَنْ عَدَمِ وُرُودِ هَذَيْنِ الْمَدَّيْنِ مِنْ طَرِيقِ الشَّاطِبِيَّةِ فَلَا يَمْنَعُ وُرُودَهُمَا وَصِحَّتَهُمَا مِنْ طَرِيقِ غَيْرِهَا كَالنَّشْرِ وَطَيِّبَتِهِ، وَكَمْ مِنْ قِرَاءَاتٍ لَا يَأْتِي عَلَيْهَا الْعَدُّ صَحَّتْ وَاسْتَفَاضَتْ وَتَوَاتَرَتْ عَنِ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الشَّاطِبِيَّةِ، وَتَلَقَّتْهَا الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ، وَلَمْ تُقَلِّلْ مِنْ شَأْنِهَا.
وَمَنْ قَرَأَ كِتَابَ النَّشْرِ لِلْحَافِظِ
ابْنِ الْجَزَرِيِّ عَرَفَ تِلْكَ الْقِرَاءَاتِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُلَّا عَلِيٍّ الْقَارِي لَمْ يَقْرَأْ بِمَا جَاءَ فِي كِتَابِ النَّشْرِ، وَلَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ بِمَا جَاءَ فِيهِ مَا رَدَّ الْمَدَّ لِلتَّعْظِيمِ لِأَصْحَابِ الْقَصْرِ فِي الْمُنْفَصِلِ، وَلَا حَكَمَ بِشُذُوذِ قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةَ بِمَدِّ التَّبْرِئَةِ، وَكَأَنَّهُ كَانَ يَرَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ كُلَّ قِرَاءَةٍ جَاءَتْ عَنِ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الشَّاطِبِيَّةِ فَهِيَ قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ، وَهَذَا عَجِيبٌ مِنْ عَالَمٍ كَبِيرٍ كَالْقَارِي.
وَاحْتِرَازًا عَنْ فَهْمِ مِثْلِ هَذَا فَقَدِ اعْتَنَى أَئِمَّتُنَا بِسَرْدِ الزِّيَادَاتِ الَّتِي ثَبَتَتْ وَتَوَاتَرَتْ وَاسْتَفَاضَتْ عَنِ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ مِنْ غَيْرِ الشَّاطِبِيَّةِ فِي كُتُبٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِهَا كَالْعَلَّامَةِ
أَحْمَدَ الطِّيبِيِّ فِي كِتَابِهِ "التَّنْوِيرِ فِيمَا زَادَ لِلسَّبْعَةِ الْأَئِمَّةِ الْبُدُورِ عَلَى مَا فِي الْحِرْزِ وَالتَّيْسِيرِ".
كَمَا اعْتَنَوْا بِسَرْدِ الزِّيَادَاتِ الَّتِي صَحَّتْ وَتَوَاتَرَتْ وَاسْتَفَاضَتْ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْعَشَرَةِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الشَّاطِبِيَّةِ وَالدُّرَّةِ فِي كُتُبٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِهَا كَذَلِكَ، كَالْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ
مُحَمَّدِ مُحَمَّدِ هِلَالِيٍّ الْإِبْيَارِيِّ فِي كِتَابَيْهِ "مِنْحَةِ مَوْلَى الْبِرِّ فِيمَا زَادَهُ كِتَابُ النَّشْرِ
[ ص: 279 ] فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ" وَشَرْحِهَا "الْقَوْلِ الْمُبِينِ الْمُسْتَقِرِّ بِشَرْحِ مِنْحَةِ مَوْلَى الْبِرِّ".
وَالْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ
مُحَمَّدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَلِيجِيِّ الْإِسْكَنْدَرِيِّ فِي كِتَابَيْهِ "تَكْلِمَةُ الْعَشْرِ بِمَا زَادَهُ النَّشْرُ" وَشَرْحِهَا الْمَعْرُوفِ "بِشَرْحِ التَّكْمِلَةِ" وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَجِلَّاءِ، فَجَزَاهُمُ اللَّهُ عَنِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَأَهْلَهُ خَيْرًا، وَرَحِمَ اللَّهُ تَعَالَى مُلَّا عَلِيٍّ الْقَارِي، وَرَحِمَنَا مَعَهُ وَعَامَّةَ الْمُسْلِمِينَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ.
وَلْنَرْجِعْ إِلَى مَا كُنَّا قَدْ وَقَفْنَا عِنْدَهُ، فَنَقُولُ:
وَقَدْ أَشَارَ الْعَلَّامَةُ
الْجَمْزُورِيُّ إِلَى الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ وَأَسْبَابِهِ بِقَوْلِهِ فِي تُحْفَتِهِ:
وَالْآخَرُ الْفَرْعِيُّ مَوْقُوفٌ عَلَى سَبَبٍ كَهَمْزٍ أَوْ سُكُونٍ مُسْجَلَا
اهـ
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي أَنْوَاعِ الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ
عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْمَدِّ الْفَرْعِيِّ سَبَبَيْنِ لَفْظِيَّيْنِ، هُمَا الْهَمْزُ وَالسُّكُونُ:
فَالْهَمْزُ سَبَبٌ لِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْهُ، وَهِيَ الْمَدُّ الْمُتَّصِلُ وَالْمُنْفَصِلُ وَالْبَدَلُ، فَإِنْ تَقَدَّمَ الْهَمْزُ عَلَى حَرْفِ الْمَدِّ فَهُوَ الْمَدُّ الْبَدَلُ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136آمَنَّا بِاللَّهِ [الْبَقَرَةِ: 136] وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَكَانَ مَعَهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ الْمَدُّ الْمُتَّصِلُ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=39مَا شَاءَ اللَّهُ [الْكَهْفِ: 39] وَإِنِ انْفَصَلَ عَنْهُ بِأَنْ كَانَ حَرْفُ الْمَدِّ آخِرَ الْكَلِمَةِ وَالْهَمْزُ أَوَّلَ الثَّانِيَةِ فَهُوَ الْمَدُّ الْمُنْفَصِلُ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15آمَنْتُ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ [الشُّورَى: 15].
وَالسُّكُونُ سَبَبٌ لِنَوْعَيْنِ مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ دَائِمًا، فَإِنْ كَانَ
[ ص: 280 ] ثَابِتًا فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ فَهُوَ الْمَدُّ اللَّازِمُ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=33الصَّاخَّةُ [عَبَسَ: 33] وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فِي الْوَقْفِ دُونَ الْوَصْلِ فَهُوَ الْمَدُّ الْعَارِضُ لِلسُّكُونِ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5نَسْتَعِينُ [الْفَاتِحَةِ: 5].
فَيَتَلَخَّصُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ أَنْوَاعَ الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ خَمْسَةٌ وَهِيَ: الْمَدُّ الْمُتَّصِلُ، وَالْمُنْفَصِلُ، وَالْبَدَلُ، وَالْعَارِضُ لِلسُّكُونِ، وَاللَّازِمُ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى كُلٍّ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي أَحْكَامِ الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ
أَحْكَامُ الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ ثَلَاثَةٌ:
أَوَّلُهَا: الْوُجُوبُ وَهُوَ خَاصٌّ بِالنَّوْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَدُّ الْمُتَّصِلُ.
ثَانِيهَا: الْجَوَازُ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَهِيَ الْمَدُّ الْمُنْفَصِلُ وَالْعَارِضُ لِلسُّكُونِ وَالْبَدَلُ.
ثَالِثُهَا: اللُّزُومُ وَهُوَ خَاصٌّ بِالنَّوْعِ الْخَامِسِ وَالْأَخِيرِ، وَهُوَ الْمَدُّ اللَّازِمُ، وَفِيمَا يَلِي الْكَلَامُ عَلَى كُلِّ حُكْمٍ وَمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنَ الْأَنْوَاعِ، فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْكَلَامُ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=28951الْمَدُّ الْوَاجِبُ (الْمُتَّصِلُ) وَسَبَبُ تَسْمِيَتِهِ وَاجِبًا وَمُتَّصِلًا ، وَمِقْدَارُ مَدِّهِ، وَوَجْهُهُ، وَضَابِطُهُ
تَقَدَّمَ أَنَّ حُكْمَ الْوُجُوبِ خَاصٌّ بِالنَّوْعِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ وَهُوَ الْمَدُّ الْمُتَّصِلُ.
وَتَعْرِيفُهُ: أَنْ يَقَعَ الْهَمْزُ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوُ: " أَوَلَئِك عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وأولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [الْبَقَرَةِ: 5] [لُقْمَانَ: 5]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النِّسَاءِ: 4]
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10أَسَاءُوا السُّوأَى [الرُّومِ: 10] وَمِقْدَارُ الْمَدِّ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِحَفْصٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ مِنَ الشَّاطِبِيَّةِ أَرْبَعُ
[ ص: 281 ] حَرَكَاتٍ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالتَّوَسُّطِ، ثُمَّ الْمَدُّ بِقَدْرِ خَمْسِ حَرَكَاتٍ أَيْضًا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِفُوَيْقِ التَّوَسُّطِ وَصْلًا وَوَقْفًا، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ مَأْخُوذٌ بِهِمَا لِفَحْصٍ مِنَ الشَّاطِبِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ التَّوَسُّطَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمُقَدَّمُ فِي الْأَدَاءِ، وَلَمْ أَقْرَأْ بِسِوَاهُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ، وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ إِمَامُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14563الشَّاطِبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَمْ يُقْرِئْ بِسِوَاهُ لِأَصْحَابِ التَّوَسُّطِ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ.
هَذَا، وَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنَ الْمَدِّ بِقَدْرِ أَرْبَعِ حَرَكَاتٍ أَوْ خَمْسٍ إِذَا كَانَ الْمَدُّ مُتَوَسِّطًا كَمَا مَثَّلْنَا، أَمَّا إِذَا كَانَ مُتَطَرِّفًا وَمَوْقُوفًا عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فَاطِرٍ: 28] فَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْمَدِّ بِأَرْبَعِ حَرَكَاتٍ أَوْ خَمْسٍ، ثُمَّ زِيَادَةُ الْمَدِّ بِقَدْرِ سِتِّ حَرَكَاتٍ لِأَجْلِ الْوَقْفِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَسُمِّيَ مُتَّصِلًا لِاتِّصَالِ حَرْفِ الْمَدِّ بِالْهَمْزِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ لِاتِّصَالِ الشَّرْطِ بِالسَّبَبِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَلِكَ.
وَكَانَ حُكْمُهُ الْوُجُوبَ لِوُجُوبِ مَدِّهِ عِنْدَ كُلِّ الْقُرَّاءِ زِيَادَةً عَلَى مِقْدَارِ الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ، وَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِيهِ مُتَفَاوِتَةً عِنْدَهُمْ.
وَمِنْ ثَمَّ يُعْلَمُ أَنَّ لِلْمَدِّ الْمُتَّصِلِ مَحَلَّيْنِ: مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَمَحَلُّ اخْتِلَافٍ.
أَمَّا مَحَلُّ الِاتِّفَاقِ: فَهُوَ أَنَّ كُلَّ الْقُرَّاءِ اتَّفَقُوا عَلَى زِيَادَةِ مَدِّهِ عَنْ مِقْدَارِ الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ.
وَأَمَّا مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ: فَهُوَ تَفَاوُتُهُمْ فِي مِقْدَارِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى حَسَبِ مَذَاهِبِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَرَأَ بِمَرْتَبَةِ الْإِشْبَاعِ وَقَدْرُهَا سِتُّ حَرَكَاتٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَرَأَ بِمَرْتَبَةٍ دُونَهُ وَقَدْرُهَا خَمْسُ حَرَكَاتٍ، وَهُوَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٌ شَيْخُ
حَفْصٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَرَأَ بِمَرْتَبَةِ التَّوَسُّطِ وَقَدْرُهَا أَرْبَعُ حَرَكَاتٍ، وَمِنْ بَيْنِهِمُ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٌ كَذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَرَأَ بِمَرْتَبَةٍ فُوَيْقَ الْقَصْرِ وَقَدْرُهَا ثَلَاثُ حَرَكَاتٍ، وَلَا أَقَلَّ
[ ص: 282 ] مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ نَذْكُرْ أَصْحَابَ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ هُنَا؛ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ، وَهِيَ مَبْسُوطَةٌ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، فَرَاجِعْهَا إِنْ شِئْتَ.
وَمِمَّا تَقَدَّمَ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَدَّ الْمُتَّصِلَ لَا يَزِيدُ عَنِ الْحَرَكَاتِ السِّتِّ، وَلَا يَنْقُصُ عَنِ الثَّلَاثِ، فَمَرَاتِبُهُ أَرْبَعٌ فَقَطْ، كَمَا يُعْلَمُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ الْقَصْرُ فِيهِ كَالطَّبِيعِيِّ.
قَالَ الْحَافِظُ
ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي النَّشْرِ: "وَقَدْ تَتَبَّعَتْهُ - أَيِ الْقَصْرَ فِي الْمُتَّصِلِ - فَلَمْ أَجِدْهُ فِي قِرَاءَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا شَاذَّةٍ، بَلْ رَأَيْتُ النَّصَّ بِمَدِّهِ" اهـ.
هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الْوُجُوبِ فِي الْمَدِّ الْمُتَّصِلِ بِاخْتِصَارٍ.
وَقَدْ أَشَارَ الْعَلَّامَةُ
الْجَمْزُورِيُّ إِلَى الْمَدِّ الْوَاجِبِ وَنَوْعِهِ فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ:
فَوَاجِبٌ إِنْ جَاءَ هَمْزٌ بَعْدَ مَدْ فِي كَلِمَةٍ وَذَا بِمُتَّصِلٍ يُعَدْ
اهـ
كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ
الْحَافِظُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ بِقَوْلِهِ:
وَوَاجِبٌ إِنْ جَاءَ قَبْلَ هَمْزَةٍ مُتَّصِلًا إِنْ جُمِعَا بِكَلِمَةٍ
هَذَا، وَوَجْهُ الْمَدِّ فِي الْمُتَّصِلِ هُوَ أَنَّ الْهَمْزَةَ ثَقِيلَةٌ فِي النُّطْقِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا حَرْفٌ شَدِيدٌ جَهْرِيٌّ - كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصِّفَاتِ - فَزِيدَ فِي الْمَدِّ قَبْلَهَا لِلتَّمَكُّنِ مِنَ النُّطْقِ بِهَا عَلَى حَقِّهَا مِنْ شِدَّتِهَا وَجَهْرِهَا. وَقِيلَ: إِنَّ حَرْفَ الْمَدِّ ضَعِيفٌ خَفِيٌّ وَالْهَمْزَ قَوِيٌّ صَعْبٌ فَزِيدَ فِي الْمَدِّ تَقْوِيَةً لِضَعْفِهِ عِنْدَ مُجَاوَرَتِهِ الْقَوِيَّ.
الْكَلَامُ عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ وَهُوَ: الْمَدُّ الْجَائِزُ
تَقَدَّمَ أَنَّ حُكْمَ الْجَوَازِ فِي الْمَدِّ الْفَرْعِيِّ يَتَعَلَّقُ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْهُ وَهِيَ: الْمَدُّ الْجَائِزُ الْمُنْفَصِلُ، وَالْجَائِزُ الْعَارِضُ لِلسُّكُونِ، وَالْجَائِزُ الْبَدَلُ، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيلُ كُلٍّ بِمُفْرَدِهِ.
[ ص: 283 ] الْكَلَامُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28951الْمَدِّ الْجَائِزِ الْمُنْفَصِلِ ، وَسَبَبُ تَسْمِيَتِهِ جَائِزًا وَمُنْفَصِلًا، وَمِقْدَارُ مَدِّهِ، وَوَجْهُهُ، وَضَابِطُهُ
وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَدِّ الْجَائِزِ.
وَتَعْرِيفُهُ: أَنْ يَقَعَ الْهَمْزُ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ بِشَرْطِ انْفِصَالِهِ عَنْهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ حَرْفُ الْمَدِّ وَاللِّينِ آخِرَ الْكَلِمَةِ وَالْهَمْزُ أَوَّلَ الثَّانِيَةِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الِانْفِصَالُ الْحَقِيقِيُّ وَالْحُكْمِيُّ.
فَالِانْفِصَالُ الْحَقِيقِيُّ: هُوَ أَنْ يَكُونَ حَرْفُ الْمَدِّ وَاللِّينِ ثَابِتًا فِي الرَّسْمِ وَاللَّفْظِ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6قُوا أَنْفُسَكُمْ [التَّحْرِيمِ: 6]
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15آمَنْتُ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ [الشُّورَى: 15]
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ [غَافِرٍ: 44].
وَالِانْفِصَالُ الْحُكْمِيُّ: هُوَ أَنْ يَكُونَ حَرْفُ الْمَدِّ وَاللِّينِ مَحْذُوفًا فِي الرَّسْمِ ثَابِتًا فِي اللَّفْظِ، وَمِنْهُ: يَاءُ النِّدَاءِ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46يَا إِبْرَاهِيمُ [مَرْيَمَ: 46]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النِّسَاءِ: 1] وَهَا الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=66هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ [آلِ عِمْرَانَ : 66] وَصِلَةُ هَاءِ الضَّمِيرِ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ [الْبَلَدِ: 7]
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=26وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا [الْكَهْفِ: 26] وَكَذَلِكَ صِلَةُ مِيمِ الْجَمْعِ عِنْدَ مَنْ وَصَلَهَا بِوَاوٍ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ [الْبَقَرَةِ: 78] وَمَا إِلَى ذَلِكَ مِنْ كُلِّ حَرْفِ مَدٍّ حُذِفَ رَسْمًا وَثَبَتَ لَفْظًا.
[ ص: 284 ] وَسُمِّيَ مُنْفَصِلًا لِانْفِصَالِ حَرْفِ الْمَدِّ عَنِ الْهَمْزِ أَوْ لِانْفِصَالِ الشَّرْطِ عَنِ السَّبَبِ.
وَكَانَ حُكْمُهُ الْجَوَازَ لِجَوَازِ قَصْرِهِ وَمَدِّهِ عِنْدَ بَعْضِ الْقُرَّاءِ، فَالْقَصْرُ حَرَكَتَانِ كَالْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ، وَالْمَدُّ يَشْمَلُ أَرْبَعَ مَرَاتِبَ، وَهِيَ: الْمَدُّ ثَلَاثَ حَرَكَاتٍ أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سِتًّا.
وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ مَرَاتِبُ الْمَدِّ الْمُنْفَصِلِ خَمْسًا، أَوَّلُهَا حَرَكَتَانِ وَآخِرُهَا سِتٌّ، وَتَرَكْنَا ذِكْرَ أَصْحَابِ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ هُنَا؛ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ، وَمَنْ أَرَادَهَا فَهِيَ مَبْسُوطَةٌ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الْجَوَازِ بِالِاخْتِصَارِ.
وَأَمَّا مِقْدَارُ مَدِّهِ بِالنِّسْبَةِ
لِحَفْصِ nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ مِنَ الشَّاطِبِيَّةِ فَهُوَ أَرْبَعُ حَرَكَاتٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالتَّوَسُّطِ، أَوْ خَمْسُ حَرَكَاتٍ أَيْضًا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِفُوَيْقِ التَّوَسُّطِ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ مَأْخُوذٌ بِهِمَا لِحَفْصٍ مِنَ الشَّاطِبِيَّةِ، إِلَّا أَنَّ التَّوَسُّطَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمُقَدَّمُ فِي الْأَدَاءِ، وَلَمْ أَقْرَأْ بِسِوَاهُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ، وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ إِمَامُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14563الشَّاطِبِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُقْرِئْ بِسِوَاهُ لِأَصْحَابِ التَّوَسُّطِ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ.
هَذَا، وَوَجْهُ الْقَصْرِ فِي الْمُنْفَصِلِ انْتِفَاءُ أَثَرِ الْهَمْزَةِ لِعَدَمِ لُزُومِهَا عِنْدَ الْوَقْفِ، وَوَجْهُ مَدِّهِ اعْتِبَارُ اتِّصَالِهَا لَفْظًا مِنَ الْوَصْلِ.
وَقَدْ أَشَارَ الْعَلَّامَةُ
الْجَمْزُورِيُّ إِلَى الْمَدِّ الْجَائِزِ الْمُنْفَصِلِ فِي تُحْفَتِهِ بِقَوْلِهِ:
وَجَائِزٌ مَدٌّ وَقَصْرٌ إِنْ فُصِلْ كُلٌّ بِكَلِمَةٍ وَهَذَا الْمُنْفَصِلْ
اهـ