ولما كان السامع ربما قال: ما له هو لا يهلكهم أو يدعو ربه في دفع المتبلدين عليه عنه بالإهلاك أو التوبة والمتابعة، أمره بما يبين عظمة ربه وأنه لا يفعل إلا ما يريد بقوله مبينا أنه يستحيل عليه الصلاة والسلام ما يستحيل على جميع الممكنات من أن يؤثر في شيء بنفسه أو يخالف ربه:
nindex.php?page=treesubj&link=34273_29043nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21قل أي لهؤلاء الذين خالفوك، وأكد
[ ص: 494 ] فطما لمن ربما اعتقد - لكثرة ما يرى من الكرامات - أنه مهما أراده فعله الله له:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21إني لا أملك أي الآن ولا بعد
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21لكم بنفسي من غير إقدار الله لي لأنه لا مؤثر في شيء من الأشياء إلا الله سبحانه وتعالى.
ولما كان المقام لدفع شرهم عنه، قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21ضرا فأفهم ذلك "ولا نفعا ولا غيا"
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21ولا رشدا أي صوابا وسدادا. فالآية من الاحتباك وهو ظاهر على هذا التقدير، قال
أبو حيان : فحذف من كل ما يدل مقابله عليه - انتهى. ويجوز أن يكون تقديره: لا أملك ضرا لأني لا أملك لكم إضلالا ولا أملك لكم رشدا فلا أملك لكم نفعا، فإنه لا نفع في غير الرشاد، ولا ضر في غير الضلال، فقبح الله ابن عربي الطائي الذي يقول في فصوصه: إن الضلال أهدى من الهدى، فلا أسخف عقلا منه إلا من تبعه - عليهم لعنة الله وخزيه، فإن قالوا: إنه أراد غير ما يفهم من ظاهر اللفظ فقل: كذبتم فقد بين مراده إطباقكم على الفسق والفجور لا يكاد يجد منكم من يتهم بمذهبه وهو يتقيد بشرع، ولم تخرج الآية بهذا عن الاحتباك، فإن ذكر الضر أولا دل على حذف النفع ثانيا، وذكر الرشد ثانيا دل على حذف الضلال أولا.
وَلَمَّا كَانَ السَّامِعُ رُبَّمَا قَالَ: مَا لَهُ هُوَ لَا يُهْلِكُهُمْ أَوْ يَدْعُو رَبَّهُ فِي دَفْعِ الْمُتَبَلَّدِينَ عَلَيْهِ عَنْهُ بِالْإِهْلَاكِ أَوِ التَّوْبَةِ وَالْمُتَابَعَةِ، أَمَرَهُ بِمَا يُبَيِّنُ عَظَمَةَ رَبِّهِ وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ مُبَيِّنًا أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا يَسْتَحِيلُ عَلَى جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ مِنْ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي شَيْءٍ بِنَفْسِهِ أَوْ يُخَالِفَ رَبَّهُ:
nindex.php?page=treesubj&link=34273_29043nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21قُلْ أَيْ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَالَفُوكَ، وَأَكَّدَ
[ ص: 494 ] فَطْمًا لِمَنْ رُبَّمَا اعْتَقَدَ - لِكَثْرَةِ مَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَاتِ - أَنَّهُ مَهْمَا أَرَادَهُ فَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21إِنِّي لا أَمْلِكُ أَيِ الْآنَ وَلَا بَعْدَ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21لَكُمْ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِ إِقْدَارِ اللَّهِ لِي لِأَنَّهُ لَا مُؤَثِّرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَلَمَّا كَانَ الْمَقَامُ لِدَفْعِ شَرِّهِمْ عَنْهُ، قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21ضَرًّا فَأَفْهَمُ ذَلِكَ "وَلَا نَفْعًا وَلَا غَيًّا"
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=21وَلا رَشَدًا أَيْ صَوَابًا وَسَدَادًا. فَالْآيَةُ مِنَ الِاحْتِبَاكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، قَالَ
أَبُو حَيَّانَ : فَحَذَفَ مِنْ كُلِّ مَا يَدُلُّ مُقَابِلُهُ عَلَيْهِ - انْتَهَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ: لَا أَمْلِكُ ضَرًّا لِأَنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ إِضْلَالًا وَلَا أَمْلِكُ لَكُمْ رَشَدًا فَلَا أَمْلِكُ لَكُمْ نَفْعًا، فَإِنَّهُ لَا نَفْعَ فِي غَيْرِ الرَّشَادِ، وَلَا ضُرَّ فِي غَيْرِ الضَّلَالِ، فَقَبَّحَ اللَّهُ ابْنَ عَرَبِيٍّ الطَّائِيِّ الَّذِي يَقُولُ فِي فُصُوصِهِ: إِنَّ الضَّلَالَ أَهْدَى مِنَ الْهُدَى، فَلَا أَسْخَفَ عَقْلًا مِنْهُ إِلَّا مَنْ تَبِعَهُ - عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَخِزْيَهُ، فَإِنْ قَالُوا: إِنَّهُ أَرَادَ غَيْرَ مَا يَفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَقُلْ: كَذَبْتُمْ فَقَدْ بَيَّنَ مُرَادَهُ إِطْبَاقَكُمْ عَلَى الْفِسْقِ وَالْفُجُورِ لَا يَكَادُ يَجِدُ مِنْكُمْ مَنْ يَتَّهِمُ بِمَذْهَبِهِ وَهُوَ يَتَقَيَّدُ بِشَرْعٍ، وَلَمْ تَخْرُجِ الْآيَةُ بِهَذَا عَنِ الِاحْتِبَاكِ، فَإِنَّ ذِكْرَ الضُّرِّ أَوَّلًا دَلَّ عَلَى حَذْفِ النَّفْعِ ثَانِيًا، وَذِكْرُ الرُّشْدِ ثَانِيًا دَلَّ عَلَى حَذْفِ الضَّلَالِ أَوَّلًا.