[ ص: 495 ] ولما أجاب من تشوف إلى علة صبره عن دفعهم عنه بما حاصله أنه لا شيء بيده، لأن إلهه من العظمة في إحاطة [ العلم -] والقدرة وأنه لا يخرج شيء عن مراده فلا يعجل في شيء بحيث لا يفعل إلا ما يريد سواء سئل أو لا، فكان ذلك ربما أوجب أن يظن منه صلى الله عليه وسلم موافقته لهم لئلا يضروه لأنهم يستعجلون في أذى من خالفهم، أجاب ما حاصله أنه بين ضررين أحدهما منهم إن خالفهم، والآخر منه سبحانه وتعالى إن أعرض عنه وهو سبحانه وتعالى يرد أذاهم إن أراد، وهم لا يقدرون على رد أذاه بوجه فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=32498_29043nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22قل أي لمن يدعوك إلى موافقتهم، وأكد لما في ظن كثير من الناس من أن الأسباب لا تتخلف فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22إني وزاد في التأكيد لأن ذلك في غاية الاستقرار في النفوس فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22لن يجيرني أي فيدفع عني ما يدفع الجار عن جاره
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22من الله أي الذي له الأمر كله ولا أمر لأحد معه
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22أحد أي كائنا من كان إن أرادني سبحانه بسوء.
ولما كان من هو بهذه المثابة ربما هرب منه المطلوب قال مؤكدا:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22ولن أجد أي أصلا. ولما كانت كل رتبة دون رتبته، وكانت الرتب التي دون رتبته كثيرة جدا لما له من العلو المطلق
[ ص: 496 ] ولغيره من مراتب السفول التي لا تحد، قال مشيرا لذلك بالجار:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22من دونه أي الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22ملتحدا أي معدلا وموضع ميل وركون ومدخلا وملتجأ وحيلة، وإن اجتهدت كل الجهد لأن اللحد أصله الميل ولا يقال إلا في ميل من حق إلى باطل، والحد: جادل ومارى وركن.
[ ص: 495 ] وَلَمَّا أَجَابَ مِنْ تَشَوُّفٍ إِلَى عِلَّةِ صَبْرِهِ عَنْ دَفْعِهِمْ عَنْهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ بِيَدِهِ، لِأَنَّ إِلَهَهُ مِنَ الْعَظَمَةِ فِي إِحَاطَةِ [ الْعِلْمِ -] وَالْقُدْرَةِ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ مُرَادِهِ فَلَا يُعَجِّلُ فِي شَيْءٍ بِحَيْثُ لَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا يُرِيدُ سَوَاءٌ سُئِلَ أَوْ لَا، فَكَانَ ذَلِكَ رُبَّمَا أَوْجَبَ أَنْ يُظَنَّ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافَقَتَهُ لَهُمْ لِئَلَّا يَضُرُّوهُ لِأَنَّهُمْ يَسْتَعْجِلُونَ فِي أَذَى مَنْ خَالَفَهُمْ، أَجَابَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَيْنَ ضَرَرَيْنِ أَحَدِهِمَا مِنْهُمْ إِنْ خَالَفَهُمْ، وَالْآخَرُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنْ أَعَرَضَ عَنْهُ وَهُوَ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى يَرُدُّ أَذَاهُمْ إِنْ أَرَادَ، وَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى رَدِّ أَذَاهُ بِوَجْهٍ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=32498_29043nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22قُلْ أَيْ لِمَنْ يَدْعُوكَ إِلَى مُوَافَقَتِهِمْ، وَأَكَّدَ لِمَا فِي ظَنِّ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الْأَسْبَابَ لَا تَتَخَلَّفُ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22إِنِّي وَزَادَ فِي التَّأْكِيدِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الِاسْتِقْرَارِ فِي النُّفُوسِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22لَنْ يُجِيرَنِي أَيْ فَيَدْفَعُ عَنِّي مَا يَدْفَعُ الْجَارَ عَنْ جَارِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22مِنَ اللَّهِ أَيِ الَّذِي لَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ وَلَا أَمْرَ لِأَحَدٍ مَعَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22أَحَدٌ أَيْ كَائِنًا مَنْ كَانَ إِنْ أَرَادَنِي سُبْحَانَهُ بِسُوءٍ.
وَلَمَّا كَانَ مَنْ هُوَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ رُبَّمَا هَرَبَ مِنْهُ الْمَطْلُوبُ قَالَ مُؤَكِّدًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22وَلَنْ أَجِدَ أَيْ أَصْلًا. وَلَمَّا كَانَتْ كُلَّ رُتْبَةٍ دُونَ رُتْبَتِهِ، وَكَانَتِ الرُّتَبُ الَّتِي دُونَ رُتْبَتِهِ كَثِيرَةٍ جِدًّا لِمَا لَهُ مِنَ الْعُلُوِّ الْمُطْلَقِ
[ ص: 496 ] وَلِغَيْرِهِ مِنْ مَرَاتِبِ السُّفُولِ الَّتِي لَا تُحَدُّ، قَالَ مُشِيرًا لِذَلِكَ بِالْجَارِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22مِنْ دُونِهِ أَيِ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=22مُلْتَحَدًا أَيْ مَعْدِلًا وَمَوْضِعَ مَيْلٍ وَرُكُونٍ وَمَدْخَلًا وَمُلْتَجَأً وَحِيلَةً، وَإِنِ اجْتَهَدْتَ كُلَّ الْجُهْدِ لِأَنَّ اللَّحْدَ أَصْلُهُ الْمَيْلُ وَلَا يُقَالُ إِلَّا فِي مَيْلٍ مِنْ حَقٍّ إِلَى بَاطِلٍ، وَالْحَدُّ: جَادَلَ وَمَارَى وَرَكَنَ.