الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل ، قال : ثنا محمد بن عبد الله بن سعيد ، قال : ثنا أحمد بن زيادة ، قال : ثنا عصمة بن سليمان الحراني ، قال : ثنا فضيل بن جعفر ، قال : [ ص: 151 ] خرج الحسن من عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب ، فقال : ما يجلسكم هاهنا تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء ؟ أما والله ما مجالستهم بمجالسة الأبرار ، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم ، قد لقحتم نعالكم وشمرتم ثيابكم وجززتم شعوركم فضحتم القراء فضحكم الله ، أما والله لو زهدتم فيما عندهم لرغبوا فيما عندكم ، لكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيما عندكم ، أبعد الله من أبعد .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : ثنا بشر بن موسى ، قال : ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى ، قال : ثنا مسلمة بن جعفر الأحمسي الأعور ، عن عبد الحميد الزيادي - وهو عبد الحميد بن كرديد - عن الحسن البصري رحمه الله تعالى قال : إن لله عز وجل عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين ، وكمن رأى أهل النار في النار مخلدين ، قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة ، حوائجهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، صبروا أياما قصارا تعقب راحة طويلة ، أما الليل فمصافة أقدامهم ، تسيل دموعهم على خدودهم ، يجأرون إلى ربهم ربنا ربنا ، وأما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء كأنهم القداح ، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ، أو خولطوا ولقد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد ، قال : ثنا سعيد بن عامر ، قال : ثنا جويرية ، عن حميد الطويل ، قال : خطب رجل إلى الحسن وكنت أنا السفير بينهما ، قال : فكأن قد رضيه ، فذهبت يوما أثني عليه بين يديه ، فقلت : يا أبا سعيد وأزيدك أن له خمسين ألف درهم ، قال : له خمسون ألفا ما اجتمعت من حلال ، قلت : يا أبا سعيد إنه كما علمت ورع مسلم ، قال : إن كان جمعها من حلال فقد ضن بها عن حق ، لا والله لا جرى بيننا وبينه صهر أبدا .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثنا عباس بن محمد الترقفي ، قال : ثنا محمد بن يوسف ، عن سفيان ، عن أبي سفيان طريف ، عن الحسن : أنه كان يتمثل بهذين البيتين أحدهما في أول النهار والآخر في آخر النهار :

              [ ص: 152 ]

              يسر الفتى ما كان قدم من تقى إذا عرف الداء الذي هو قاتله


              وما الدنيا بباقية لحي     ولا حي على الدنيا بباق

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني علي بن مسلمة ، قال : ثنا سيار ، قال : ثنا مسمع بن عاصم ، حدثني الوليد المسمعي ، قال : سمعت الحسن ، يقول : ابن آدم السكين تجذ والكبش يعتلف والتنور يسجر . حدثنا أحمد بن جعفر ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني علي بن مسلم ، قال : ثنا سيار ، قال : ثنا جعفر ، قال : ثنا هشام ، قال : سمعت الحسن يحلف بالله ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله .

              حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، قال : ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، قال : ثنا عبيد الله بن عمر ، قال : ثنا المنهال ، عن غالب قال : قال الحسن : ابن آدم أصبحت بين مطيتين لا يعرجان بك خطر الليل والنهار حتى تقدم الآخرة ؛ فإما إلى الجنة وإما إلى النار ، فمن أعظم خطرا منك .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، قال : ثنا بشر بن موسى ، قال : ثنا الحميدي ، قال : ثنا سفيان بن عيينة ، قال : ثنا أبو موسى ، قال : سمعت الحسن يقول : وأتاه رجل فقال : إني أريد السند فأوصني ، قال : حيث ما كنت فأعز الله يعزك ، قال فحفظت وصيته فما كان بها أحد أعز مني حتى رجعت .

              حدثنا يوسف بن يعقوب ، قال : ثنا الحسن بن المثنى ، قال : ثنا عفان بن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن سالم ، عن الحسن . قال : ضحك المؤمن غفلة من قلبه . وعن حماد ، عن حميد ، عن الحسن ، قال : كثرة الضحك تميت القلب .

              حدثنا محمد بن أحمد ، قال : ثنا بشر بن موسى ، قال : ثنا الحميدي ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا أبو موسى ، قال : سمعت الحسن يقول : الإسلام وما الإسلام ؟ السر والعلانية فيه مشتبهة ، وأن يسلم قلبك لله ، وأن يسلم منك كل مسلم وكل ذي عهد .

              [ ص: 153 ] حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : ثنا علي بن إسحاق ، قال : ثنا الحسن المروزي ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن يحيى بن المختار ، عن الحسن ، قال : والله ما تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة حين أبكاهم الخوف من الله تعالى .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : ثنا علي بن إسحاق ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، قال : ثنا طلحة بن صبيح ، عن الحسن ، قال : المؤمن من يعلم أن ما قال الله عز وجل كما قال ، والمؤمن أحسن الناس عملا وأشد الناس خوفا ، لو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين ، ولا يزداد صلاحا وبرا وعبادة إلا ازداد فرقا ، يقول : لا أنجو ، والمنافق يقول : سواد الناس كثير وسيغفر لي ولا بأس علي ، فينسأ العمل ويتمنى على الله تعالى .

              حدثنا أبو محمد بن حبان ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ابن المبارك ، قال : ثنا المبارك بن فضالة ، قال : كان الحسن إذا تلا هذه الآية : ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) . قال : من قال ذا ؟ قاله من خلقها وهو أعلم بها ، قال : وقال الحسن : إياكم وما شغل من الدنيا فإن الدنيا كثيرة الأشغال ، لا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية