الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
46 - باب فرش حروف سورة الكهف


1 - وسكتة حفص دون قطع لطيفة على ألف التنوين في عوجا بلا      2 - وفي نون من راق ومرقدنا ولا
م بل ران والباقون لا سكت موصلا



سكت حفص على ألف (عوجا) المبدلة من التنوين، وألف (مرقدنا) في يس، وعلى نون من راق في القيامة، ولام بل ران في المطففين، سكتة لطيفة من دون قطع نفس في حال وصل هذه الكلمات بما بعدها، ولم يقيد الناظم السكت بحال الوصل باعتبار أنه من المعلوم أن السكت لا يكون إلا في حال الوصل، وترك الباقون السكت على هذه الكلمات في حال الوصل، وإنما أبدل تنوين (عوجا) ألفا حال السكت لأن السكت يشارك الوقف في قطع الصوت، فتجري عليه أحكامه من إبدال التنوين ألفا في نحو (عوجا)، وإظهار النون في مثل من راق ، واللام في مثل بل ران وغير ذلك. وقول الناظم (دون قطع) [ ص: 311 ] معناه: دون قطع طويل، ولا بد من تقييده بهذا وإلا فالسكت فيه قطع الصوت حتما، وإن كان قليلا. وقوله: (والباقون لا سكت موصلا)، (موصلا) صفة، (سكت) وخبر (لا) محذوف والتقدير: لا سكت موصلا منقولا إلينا عنهم.


3 - ومن لدنه في الضم أسكن مشمه     ومن بعده كسران عن شعبة اعتلا
4 - وضم وسكن ثم ضم لغيره     وكلهم في الها على أصله تلا



قرأ شعبة بإسكان ضمة الدال مع إشمامها الضم وبكسر النون والهاء، قال في الغيث: والمراد بالإشمام هنا ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة على ما ذكره مكي والداني وغيرهما. وقال العلامة الجعبري: لا يكون الإشمام بعد الدال بل معه تنبيها على أن أصلها الضم وسكنت تخفيفا انتهى.

والظاهر أن الحق مع الجعبري، ثم بين الناظم قراءة غير شعبة بقوله (وضم وسكن ثم ضم لغيره) يعني ضم الدال وسكن النون وضم الهاء وكل من القراء على أصله في الهاء، فشعبة يصلها بياء لوقوعها في قراءته بين متحركين نحو (به)، وابن كثير يصلها بواو لوقوعها بعد ساكن وقبل متحرك نحو (منه)، و(عنه)، والباقون لا يصلونها على قاعدتهم.


5 - وقل مرفقا فتح مع الكسر عمه     وتزور للشامي كتحمر وصلا
6 - وتزاور التخفيف في الزاي ثابت     وحرميهم ملئت في اللام ثقلا



قرأ نافع وابن عامر: من أمركم مرفقا بفتح الميم وكسر الفاء، فتكون قراءة الباقين بكسر الميم وفتح الفاء، وقرأ ابن عامر: (إذا طلعت تزور) بإسكان الزاي وتشديد الراء مثل تحمر، وقرأ الكوفيون (تزاور) بفتح الزاي وتخفيفها وألف بعدها وتخفيف الراء، وقرأ الباقون بفتح الزاي وتشديدها وألف بعدها وتخفيف الراء، وقرأ الحرميان: ولملئت منهم رعبا ، بتشديد اللام الثانية، وقرأ غيرهم بتخفيفها.


7 - بورقكم الإسكان في صفو حلوه     وفيه عن الباقين كسر تأصلا



قرأ حمزة وشعبة وأبو عمرو: بورقكم بإسكان الراء، ولما كانت قراءة الباقين لا تؤخذ [ ص: 312 ] من الضد صرح بها وبين أنهم يقرءون بكسر الراء، وفي قوله: (تأصلا) إشارة إلى أن الكسر هو الأصل وأما الإسكان فهو تخفيف.


8 - وحذفك للتنوين من مائة شفا     وتشرك خطاب وهو بالجزم كملا



قرأ حمزة والكسائي: ثلاث مائة سنين بحذف التنوين، وقرأ غيرهم بإثباته.

وقرأ ابن عامر: (ولا يشرك فى حكمه أحدا) بتاء الخطاب في يشرك مع جزم الكاف، وقرأ غيره بياء الغيب ورفع الكاف.


9 - وفي ثمر ضميه يفتح عاصم     بحرفيه والإسكان في الميم حصلا



قرأ عاصم: وكان له ثمر ، وأحيط بثمره بفتح ضم الثاء والميم في كل من الكلمتين، وقرأ أبو عمرو بإسكان الميم مع ضم الثاء، فتكون قراءة الباقين بضم الثاء والميم في كل من الكلمتين.


10 - ودع ميم خيرا منهما حكم ثابت     وفي الوصل لكنا فمد له ملا



قرأ أبو عمرو والكوفيون: لأجدن خيرا منها منقلبا بحذف الميم الثانية التي بعد الهاء ويلزم من ذلك فتح الهاء، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر (منهما) بإثبات الميم ويلزمه ضم الهاء، وقرأ ابن عامر: لكنا هو الله بإثبات ألف (لكنا) وصلا، والمراد الألف التي بعد النون، وقرأ غيره بحذفها وصلا، ولا خلاف بين القراء في إثباتها وقفا.


11 - وذكر تكن شاف وفي الحق جره     على رفعه حبر سعيد تأولا



قرأ حمزة والكسائي: ولم تكن له فئة بياء التذكير، وقرأ غيرهما بتاء التأنيث.

وقرأ أبو عمرو والكسائي: الولاية لله الحق برفع جر القاف، وقرأ الباقون بجرها.


12 - وعقبا سكون الضم نص فتى ويا     نسير والى فتحها نفر ملا
13 - وفي النون أنث والجبال برفعهم     ويوم يقول النون حمزة فضلا



قرأ عاصم وحمزة: وخير عقبا بسكون ضم القاف، وقرأ غيرهم بضمها، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: ويوم نسير الجبال بفتح الياء المشددة وبتاء التأنيث [ ص: 313 ] في مكان النون ورفع لام (الجبال)، وقرأ غيرهم بكسر الياء وبالنون ونصب لام (الجبال).

وقرأ حمزة: ويوم يقول نادوا بالنون في موضع الياء وقرأ غيره بالياء.


14 - لمهلكهم ضموا ومهلك أهله     سوى عاصم والكسر في اللام عولا



قوله تعالى هنا: وجعلنا لمهلكهم موعدا ، وفي سورة النمل ما شهدنا مهلك أهله ، قرأ السبعة إلا عاصما بضم الميم في الموضعين، وقرأ عاصم بفتحها فيهما، وقرأ حفص بكسر اللام في الموضعين، وغيره بفتحها فيهما، فيتحصل: أن شعبة يقرأ بفتح الميم واللام، وأن حفصا يقرأ بفتح الميم وكسر اللام، وأن الباقين يقرءون بضم الميم وفتح اللام.


15 - وها كسر أنسانيه ضم لحفصهم     ومعه عليه الله في الفتح وصلا



قرأ حفص بضم كسر الهاء في: وما أنسانيه إلا الشيطان هنا. وفي (عليه) في: ومن أوفى بما عاهد عليه الله في سورة الفتح، وقرأ غيره بكسر الهاء في الموضعين. وقوله: (وها كسر أنسانيه) أضاف ها إلى الكسر باعتبار أن الكسر فيها، ويجوز أن يكون من باب القلب لأمن اللبس، والتقدير: وكسر هاء أنسانيه ضم، وهو الظاهر.


16 - لتغرق فتح الضم والكسر غيبة     وقل أهلها بالرفع راويه فصلا



قرأ الكسائي وحمزة: (ليغرق أهلها) بياء الغيب وفتح ضمها وفتح الراء ورفع لام (أهلها)، وقرأ الباقون بتاء الخطاب وضمها وكسر الراء ونصب لام (أهلها).


17 - ومد وخفف ياء زاكية سما     ونون لدني خف صاحبه إلى
18 - وسكن وأشمم ضمة الدال صادقا     تخذت فخفف واكسر الخاء دم حلا



قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: (نفسا زاكية)، بمد الزاي أي إثبات ألف بعدها وتخفيف الياء. وقرأ غيرهم بحذف الألف بعد الزاي وتشديد الياء، وقرأ شعبة ونافع بتخفيف نون (لدني) وقرأ غيرهما بتشديدها، وقرأ شعبة بإسكان ضم الدال مع إشمامها الضم، فيصير النطق بدال ساكنة مشمة، فيكون الإشمام مقارنا للإسكان.

والخلاصة: أن نافعا يقرأ بضم الدال ضما خالصا وتخفيف النون، وشعبة يقرأ بإسكان الدال مع [ ص: 314 ] إشمامها الضم وتخفيف النون، وأن الباقين يقرءون بالضم الخالص في الدال وتشديد النون. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: لاتخذت عليه أجرا بتخفيف التاء الأولى وكسر الخاء، وقرأ غيرهما بتشديد التاء وفتح الخاء.


19 - ومن بعد بالتخفيف يبدل هاهنا     وفوق وتحت الملك كافيه ظللا



قرأ ابن كثير وابن عامر والكوفيون: أن يبدلهما ربهما خيرا في هذه السورة، أن يبدله أزواجا في التحريم، عسى ربنا أن يبدلنا خيرا في القلم، بتخفيف الدال في المواضع الثلاثة، ويلزمه سكون الباء، وقرأ نافع وأبو عمرو بتشديد الدال مع فتح الباء في المواضع الثلاثة.

ومعنى قوله: (ومن بعد) أن لفظ (يبدلهما) وقع بعد لفظ (لاتخذت) في التلاوة.


20 - فأتبع خفف في الثلاثة ذاكرا     وحامية بالمد صحبته كلا
21 - وفي الهمز ياء عنهم وصحابهم     جزاء فنون وانصب الرفع واقبلا



قرأ ابن عامر والكوفيون: فأتبع سببا ، ثم أتبع سببا معا بقطع الهمزة مفتوحة مع تخفيف التاء ساكنة في المواضع الثلاثة، وقرأ أهل سما بوصل الهمزة وتشديد التاء مفتوحة في المواضع المذكورة، وقرأ ابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي: (في عين حامية) بألف بعد الحاء وإبدال الهمزة ياء، وقرأ غيرهم بحذف الألف مع بقاء الهمز على حاله، وقرأ حفص وحمزة والكسائي: فله جزاء الحسنى بتنوين " جزاء " ونصب رفع همزته، وقرأ غيرهم بحذف التنوين ورفع الهمزة.


22 - على حق السدين سدا صحاب حق     ق الضم مفتوح وياسن شد علا



قرأ حفص وابن كثير وأبو عمرو: بين السدين بفتح ضم السين، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص وحمزة والكسائي: وبينهم سدا هنا، بفتح ضم السين، وقرأ حفص وحمزة والكسائي: وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا في يس بفتح ضم السين، وقرأ المسكوت عنهم في كل ترجمة بضم السين.


23 - ويأجوج مأجوج اهمز الكل ناصرا     وفي يفقهون الضم والكسر شكلا



[ ص: 315 ] قرأ عاصم: إن يأجوج ومأجوج هنا، حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج في الأنبياء بهمزة ساكنة في المواضع الأربعة، وقرأ غيره بإبدال الهمزة ألفا فيما ذكر، وقرأ حمزة والكسائي: لا يكادون يفقهون بضم الياء وكسر القاف، وقرأ غيرهما بفتح الياء والقاف.


24 - وحرك بها والمؤمنين ومده     خراجا شفا واعكس فخرج له ملا



قرأ حمزة والكسائي: فهل نجعل لك خرجا في هذه السورة، أم تسألهم خرجا في سورة المؤمنين بتحريك الراء أي فتحها ومد ذلك الفتح فيصير ألفا بعد الراء، وقرأ غيرهما بإسكان الراء وحذف الألف بعدها في الموضعين. وقرأ هشام وابن ذكوان عن ابن عامر: فخراج ربك في المؤمنين بإسكان الراء وحذف الألف بعدها، فتكون قراءته في هذا الموضع عكس قراءة حمزة والكسائي في الموضعين المذكورين، وقرأ الباقون فخراج بفتح الراء وألف بعدها.


25 - ومكنني أظهر دليلا وسكنوا     مع الضم في الصدفين عن شعبة الملا
26 - كما حقه ضماه واهمز مسكنا     لدى ردما ائتوني وقبل اكسر الولا
27 - لشعبة والثاني فشا صف بخلفه     ولا كسر وابدأ فيهما الياء مبدلا
28 - وزد قبل همز الوصل والغير فيهما     بقطعهما والمد بدءا وموصلا



قرأ ابن كثير: " قال ما مكنني " بإظهار النون الأولى فيقرأ بنونين خفيفتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة، فتكون قراءة الباقين بإدغام النون الأولى في الثانية، فيصير النطق بنون واحدة مشددة مكسورة، وسكن الرواة الناقلون عن شعبة الدال مع ضم الصاد في قوله تعالى: حتى إذا ساوى بين الصدفين ، وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وابن كثير بضم الصاد والدال، فتكون قراءة الباقين بفتحهما، وقرأ شعبة: (ردما ائتوني) بهمزة ساكنة وكسر الحرف الواقع قبل (ائتوني) الموالي له، وهو تنوين (ردما) لالتقاء الساكنين، وهذا كله في حال وصل (ائتوني) بـ (ردما)، وقرأ حمزة وشعبة بخلف [ ص: 316 ] عنه: (قال ائتوني)، بهمزة ساكنة مع بقاء فتحة اللام على حالها، وهذا معنى قوله: (ولا كسر) وهذا في حال وصل (ائتوني) يقال: فإذا وقف على (ردما) وقال: ابتدئ بإبدال الهمزة الساكنة حرف مد ياء مع زيادة همزة وصل مكسورة قبلها ثم بين أن الباقين يقرءون في الموضعين بقطع الهمزة مفتوحة ومدها في البدء والوصل وهو الوجه الثاني لشعبة في الموضع الثاني. ولم يبين الناظم حركة همزة القطع اعتمادا على ما هو مقرر من أن همزة فعل الأمر الرباعي تكون مفتوحة.


29 - وطاء فما اسطاعوا لحمزة شددوا     وأن تنفد التذكير شاف تأولا
30 - ثلاث معي دوني وربي بأربع     وما قبل إن شاء المضافات تجتلا



قرأ حمزة: فما اسطاعوا أن يظهروه . بتشديد الطاء وقيد لفظ اسطاعوا بوقوعه بعد (فما) احترازا عن الواقع قبل (وما) وهو: وما استطاعوا له نقبا

فقد اتفق القراء على تخفيف طائه، وقرأ الباقون بتخفيف الطاء في الأول، وقرأ حمزة والكسائي: (قبل أن ينفد كلمات ربي) بياء التذكير، فتكون قراءة غيرهما بتاء التأنيث، وفي هذه السورة من ياءات الإضافة: " معي صبرا " في ثلاثة مواضع، من دوني أولياء ، قل ربي أعلم بعدتهم ، ولا أشرك بربي أحدا ، فعسى ربي أن يؤتيني ، يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ، ستجدني إن شاء الله صابرا ، وهذا الموضع هو المراد بقوله (وما قبل إن شاء).

التالي السابق


الخدمات العلمية