[ ص: 1358 ] القول في تأويل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=18243_30614_32022_34091_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا [63]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63أولئك إشارة إلى المنافقين
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63الذين يعلم الله ما في قلوبهم من النفاق والميل إلى الباطل وإن أظهروا إسلامهم وعذرهم بحلفهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63فأعرض عنهم أي: لا تعاقبهم لمصلحة في استبقائهم ولا تزد على كفهم بالموعظة والنصيحة عما هم عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63وعظهم أي: ازجرهم عما في قلوبهم من النفاق وسرائر الشر
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا أي: مؤثرا واصلا إلى كنه المراد.
فإن قيل: بم تعلق قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63في أنفسهم ؟ فالجواب: بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63بليغا على رأي من يجيز تقديم معمول الصفة على الموصوف، أي: قل لهم قولا بليغا في أنفسهم مؤثرا في قلوبهم يغتمون به اغتماما، ويستشعرون منه الخوف استشعارا، وهو التوعد بالقتل والاستئصال إن نجم منهم النفاق وأطلع قرنه، وأخبرهم أن ما في نفوسهم من الدغل والنفاق معلوم عند الله، وأنه لا فرق بينكم وبين المشركين، وما هذه المكافة إلا لإظهاركم الإيمان وإسراركم الكفر وإضماره، فإن فعلتم ما تكشفون به غطاءكم لم يبق إلا السيف.
أو يتعلق بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63وقل لهم أي: قل لهم في معنى أنفسهم الخبيثة وقلوبهم المطوية على النفاق قولا بليغا، وإن الله يعلم ما في قلوبكم، لا يخفى عليه، فلا يغني عنكم إبطانه فأصلحوا أنفسكم وطهروا قلوبكم، وداووها من مرض النفاق، وإلا أنزل الله بكم ما أنزل بالمجاهرين بالشرك من انتقامه، وشرا من ذلك وأغلظ، أو قل لهم في أنفسهم خاليا بهم - ليس معهم غيرهم - مسارا لهم بالنصيحة؛ لأنها في السر أنجع وفي الإمحاض أدخل:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63قولا بليغا يبلغ منهم ويؤثر فيهم، كذا يستفاد من الكشاف.
قال
الناصر في "الانتصاف" ولكل من هذه التأويلات شاهد على الصحة.
أما الأول: فلأن حاصله أمره بتهديدهم على وجه مبلغ صميم قلوبهم، وسياق التهديد في قوله:
[ ص: 1359 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=62فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يشهد له، فإنه أخبر بما سيقع لهم على سبيل التهديد.
وأما الثاني: فيلائمه من السياق قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم يعني ما انطوت عليه من الخبث والمكر والحيل، ثم أمره بوعظهم والإعراض عن جرائمهم حتى لا تكون مؤاخذتهم بها مانعة من نصحهم ووعظهم، ثم جاء قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا كالشرح للوعظ ولذكر أهم ما يعظهم فيه، وتلك نفوسهم التي علم الله ما انطوت عليه من المذام، وعلى هذا يكون المراد الوعظ وما يتعلق به.
وأما الثالث: فيشهد له سيرته - عليه الصلاة والسلام - في كتم عناد المنافقين، والتجافي عن إفصاحهم، والستر عليهم، حتى عد حذيفة - رضي الله عنه - صاحب سره - عليه الصلاة والسلام - لتخصيصه إياه بالاطلاع على أعيانهم وتسميتهم له بأسمائهم، وأخباره في هذا المعنى كثيرة.
[ ص: 1358 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=18243_30614_32022_34091_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا [63]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63أُولَئِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْمُنَافِقِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ النِّفَاقِ وَالْمَيْلِ إِلَى الْبَاطِلِ وَإِنْ أَظْهَرُوا إِسْلَامَهُمْ وَعُذْرَهُمْ بِحَلِفِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أَيْ: لَا تُعَاقِبْهُمْ لِمَصْلَحَةٍ فِي اسْتِبْقَائِهِمْ وَلَا تَزِدْ عَلَى كَفِّهِمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالنَّصِيحَةِ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63وَعِظْهُمْ أَيِ: ازْجُرْهُمْ عَمَّا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ النِّفَاقِ وَسَرَائِرِ الشَّرِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا أَيْ: مُؤَثِّرًا وَاصِلًا إِلَى كُنْهِ الْمُرَادِ.
فَإِنْ قِيلَ: بِمَ تَعَلَّقَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63فِي أَنْفُسِهِمْ ؟ فَالْجَوَابُ: بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63بَلِيغًا عَلَى رَأْيِ مَنْ يُجِيزُ تَقْدِيمَ مَعْمُولِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ، أَيْ: قُلْ لَهُمْ قَوْلًا بَلِيغًا فِي أَنْفُسِهِمْ مُؤَثِّرًا فِي قُلُوبِهِمْ يَغْتَمُّونَ بِهِ اغْتِمَامًا، وَيَسْتَشْعِرُونَ مِنْهُ الْخَوْفَ اسْتِشْعَارًا، وَهُوَ التَّوَعُّدُ بِالْقَتْلِ وَالِاسْتِئْصَالِ إِنْ نَجَمَ مِنْهُمُ النِّفَاقُ وَأَطْلَعَ قَرْنَهُ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ مَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنَ الدَّغَلِ وَالنِّفَاقِ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، وَمَا هَذِهِ الْمُكَافَّةُ إِلَّا لِإِظْهَارِكُمُ الْإِيمَانَ وَإِسْرَارِكُمُ الْكُفْرَ وَإِضْمَارِهِ، فَإِنْ فَعَلْتُمْ مَا تَكْشِفُونَ بِهِ غِطَاءَكُمْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا السَّيْفُ.
أَوْ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63وَقُلْ لَهُمْ أَيْ: قُلْ لَهُمْ فِي مَعْنَى أَنْفُسِهِمُ الْخَبِيثَةِ وَقُلُوبِهِمُ الْمَطْوِيَّةِ عَلَى النِّفَاقِ قَوْلًا بَلِيغًا، وَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ، فَلَا يُغْنِي عَنْكُمْ إِبْطَانُهُ فَأَصْلِحُوا أَنْفُسَكُمْ وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ، وَدَاوُوهَا مِنْ مَرَضِ النِّفَاقِ، وَإِلَّا أَنْزَلَ اللَّهُ بِكُمْ مَا أَنْزَلَ بِالْمُجَاهِرِينَ بِالشِّرْكِ مِنِ انْتِقَامِهِ، وَشَرًّا مِنْ ذَلِكَ وَأَغْلَظَ، أَوْ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ خَالِيًا بِهِمْ - لَيْسَ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ - مُسَارًّا لَهُمْ بِالنَّصِيحَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي السِّرِّ أَنْجَعُ وَفِي الْإِمْحَاضِ أَدْخَلُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63قَوْلا بَلِيغًا يَبْلُغُ مِنْهُمْ وَيُؤَثِّرُ فِيهِمْ، كَذَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْكَشَّافِ.
قَالَ
النَّاصِرُ فِي "الِانْتِصَافِ" وَلِكُلٍّ مِنْ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ شَاهِدٌ عَلَى الصِّحَّةِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ حَاصِلَهُ أَمْرُهُ بِتَهْدِيدِهِمْ عَلَى وَجْهِ مَبْلَغِ صَمِيمِ قُلُوبِهِمْ، وَسِيَاقُ التَّهْدِيدِ فِي قَوْلِهِ:
[ ص: 1359 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=62فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَشْهَدُ لَهُ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا سَيَقَعُ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ التَّهْدِيدِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَيُلَائِمُهُ مِنَ السِّيَاقِ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ يَعْنِي مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْمَكْرِ وَالْحِيَلِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِوَعْظِهِمْ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ جَرَائِمِهِمْ حَتَّى لَا تَكُونَ مُؤَاخَذَتُهُمْ بِهَا مَانِعَةً مِنْ نُصْحِهِمْ وَوَعْظِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا كَالشَّرْحِ لِلْوَعْظِ وَلِذِكْرِ أَهَمِّ مَا يَعِظُهُمْ فِيهِ، وَتِلْكَ نُفُوسُهُمُ الَّتِي عَلِمَ اللَّهُ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْمَذَامِّ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ الْوَعْظَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَيَشْهَدُ لَهُ سِيرَتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي كَتْمِ عِنَادِ الْمُنَافِقِينَ، وَالتَّجَافِي عَنْ إِفْصَاحِهِمْ، وَالسَّتْرِ عَلَيْهِمْ، حَتَّى عُدَّ حُذَيْفَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَاحِبَ سِرِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِتَخْصِيصِهِ إِيَّاهُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى أَعْيَانِهِمْ وَتَسْمِيَتِهِمْ لَهُ بِأَسْمَائِهِمْ، وَأَخْبَارُهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ.