ولما أخبر سبحانه بإنكاره لما أتاه به الرسل من الحشر على وجه موضح للدليل على بطلان إنكاره ولم يرجع، سبب عنه الإقسام على صحة ذلك لأنه ليس عند النذير الناصح الشفوق بعد إقامة الأدلة إلا
[ ص: 346 ] بالإيمان على صحة ما قال نظرا منه للمنصوح وشفقة عليه، وكان ترك الحلف على ما هو ظاهر أبلغ من الحلف لما في ذلك الترك من تنبيه المخاطب على النظر والتأمل فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=33062_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=16فلا أقسم أي أحلف حلفا عظيما هو كقاموس البحر بهذه الأمور التي سأذكرها لما لها من الدلالة على القدرة على الإبداء والإعادة، لا أقسم بها وإن كانت في غاية العظم بما لها من الدلالات الواضحة لأن المقسم عليه أجل منها وأظهر فهو غني عن الإقسام
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=16بالشفق أي الضياء الذي يكون في المغرب عقب غروب الشمس أطباقا حمرة ثم صفرة ثم كدرة إلى بياض ثم سواد، وكذلك الليل أوله بياض بغبرة ثم تتزايد غبرته قليلا إلى أن يسود مربادا فيوسق كل شيء ظلاما، سمي شفقا لرقته ومنه الشفقة لرقة القلب
وَلَمَّا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِإِنْكَارِهِ لِمَا أَتَاهُ بِهِ الرُّسُلُ مِنَ الْحَشْرِ عَلَى وَجْهٍ مُوَضِّحٍ لِلدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِ إِنْكَارِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ، سَبَّبَ عَنْهُ الْإِقْسَامَ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ النَّذِيرِ النَّاصِحِ الشَّفُوقِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْأَدِلَّةِ إِلَّا
[ ص: 346 ] بِالْإِيمَانِ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ نَظَرًا مِنْهُ لِلْمَنْصُوحِ وَشَفَقَةً عَلَيْهِ، وَكَانَ تَرْكُ الْحَلِفِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ أَبْلَغَ مِنَ الْحَلِفِ لِمَا فِي ذَلِكَ التَّرْكِ مِنْ تَنْبِيهِ الْمُخَاطَبِ عَلَى النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=33062_29055nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=16فَلا أُقْسِمُ أَيْ أَحْلِفُ حِلْفًا عَظِيمًا هُوَ كَقَامُوسِ الْبَحْرِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي سَأَذْكُرُهَا لِمَا لَهَا مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِبْدَاءِ وَالْإِعَادَةِ، لَا أُقْسِمُ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي غَايَةِ الْعِظَمِ بِمَا لَهَا مِنَ الدَّلَالَاتِ الْوَاضِحَةِ لِأَنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ أَجْلُّ مِنْهَا وَأَظْهَرُ فَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الْإِقْسَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=16بِالشَّفَقِ أَيِ الضِّيَاءِ الَّذِي يَكُونُ فِي الْمَغْرِبِ عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَطْبَاقًا حَمْرَةً ثُمَّ صُفْرَةً ثُمَّ كَدِرَةً إِلَى بَيَاضٍ ثُمَّ سَوَادٍ، وَكَذَلِكَ اللَّيْلُ أَوَّلُهُ بَيَاضٌ بِغَبَرَةٍ ثُمَّ تَتَزَايَدُ غَبَّرَتُهُ قَلِيلًا إِلَى أَنْ يَسْوَدَّ مِرْبَادًا فَيَوْسِقُ كُلَّ شَيْءٍ ظَلَامًا، سُمِّيَ شَفَقًا لِرِقَّتِهِ وَمِنْهُ الشَّفَقَةُ لِرِقَّةِ الْقَلْبِ