ولما كان الإبداع أدل ما يكون مع التنزه على الكمال لا سيما النور الذي هو سبب الانكشاف والظهور، مع أنه تفصيل لقوله "مم خلق" وهو أدل شيء على البعث المذكور "في [يوم - ] تبلى السرائر" قال مبينا للفاعل الذي أبهمه لوضوحه في "مم خلق" مرغبا في الفكر في أفعاله سبحانه وتعالى الذي هو السبب الأقرب للسعادة بالدلالة عليه بما له من الجائزات بعد الترغيب في الذكر الذي هو المهيئ للفكر:
nindex.php?page=treesubj&link=32404_29058nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الذي خلق [ ص: 391 ] أي أوجد من العدم أي له صفة الإيجاد لكل ما أراده لا يعسر عليه شيء
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2فسوى أي أوقع مع الإيجاد وعقبه التسوية في كل خلق بأن جعل له ما يتأتى معه كماله ويتم معاشه، وعدل بين الأمزجة الأربعة الماء والهواء والنار بعد أن قهرها على الجمع مع التضاد لئلا تتفاسد، وذلك بالعلم التام والقدرة الكاملة دلالة على تمام حكمته وفعله بالاختيار.
وقال الأستاذ
أبو جعفر بن الزبير : لما قال سبحانه وتعالى مخبرا عن عمه الكفار في ظلام حيرتهم
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=15إنهم يكيدون كيدا وكان وقوع ذلك من العبيد المحاط بأعمالهم ودقائق أنفاسهم وأحوالهم من أقبح مرتكب وأبعده عن المعرفة بشيء من عظيم أمر الخالق جل جلاله وتعالى علاؤه وشأنه، أتبع سبحانه ذلك بأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتنزيه ربه الأعلى عن شنيع اعتدائهم وإفك افترائهم، فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سبح اسم ربك الأعلى أي نزهه عن قبيح مقالهم، وقدم التنبيه على التنزيه في أمثال هذا ونظائره ووقوع ذلك أثناء السور [و - ] فيما بين سورة وأخرى، وأتبع سبحانه وتعالى من التعريف بعظيم قدرته وعلي حكمته بما يبين ضلالهم فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الذي خلق فسوى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3والذي قدر فهدى [ ص: 392 ] nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فتبارك الله أحسن الخالقين وتنزه عما يتقوله المفترون - انتهى.
وَلَمَّا كَانَ الْإِبْدَاعُ أَدَلَّ مَا يَكُونُ مَعَ التَّنَزُّهِ عَلَى الْكَمَالِ لَا سِيَّمَا النُّورُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الِانْكِشَافِ وَالظُّهُورِ، مَعَ أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ "مِمَّ خُلِقَ" وَهُوَ أَدَلُّ شَيْءٍ عَلَى الْبَعْثِ الْمَذْكُورِ "فِي [يَوْمِ - ] تُبْلَى السَّرَائِرُ" قَالَ مُبَيِّنًا لِلْفَاعِلِ الَّذِي أَبْهَمَهُ لِوُضُوحِهِ فِي "مِمَّ خُلِقَ" مُرَغِّبًا فِي الْفِكْرِ فِي أَفْعَالِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّذِي هُوَ السَّبَبُ الْأَقْرَبُ لِلسَّعَادَةِ بِالدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِمَا لَهُ مِنَ الْجَائِزَاتِ بَعْدَ التَّرْغِيبِ فِي الذِّكْرِ الَّذِي هُوَ الْمُهَيِّئُ لِلْفِكْرِ:
nindex.php?page=treesubj&link=32404_29058nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الَّذِي خَلَقَ [ ص: 391 ] أَيْ أَوْجَدَ مِنَ الْعَدَمِ أَيْ لَهُ صِفَةُ الْإِيجَادِ لِكُلِّ مَا أَرَادَهُ لَا يَعْسُرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2فَسَوَّى أَيْ أَوْقَعَ مَعَ الْإِيجَادِ وَعَقِبَهُ التَّسْوِيَةَ فِي كُلِّ خَلْقٍ بِأَنْ جَعَلَ لَهُ مَا يَتَأَتَّى مَعَهُ كَمَالُهُ وَيَتِمُّ مَعَاشُهُ، وَعَدَلَ بَيْنَ الْأَمْزِجَةِ الْأَرْبَعَةِ الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ وَالنَّارِ بَعْدَ أَنْ قَهَرَهَا عَلَى الْجَمْعِ مَعَ التَّضَادِّ لِئَلَّا تَتَفَاسَدَ، وَذَلِكَ بِالْعِلْمِ التَّامِّ وَالْقُدْرَةِ الْكَامِلَةِ دَلَالَةً عَلَى تَمَامِ حِكْمَتِهِ وَفِعْلِهِ بِالِاخْتِيَارِ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ
أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ : لَمَّا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ عَمَهِ الْكُفَّارِ فِي ظَلَامِ حَيْرَتِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=15إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَكَانَ وُقُوعُ ذَلِكَ مِنَ الْعَبِيدِ الْمُحَاطِ بِأَعْمَالِهِمْ وَدَقَائِقِ أَنْفَاسِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ مِنْ أَقْبَحِ مُرْتَكَبٍ وَأَبْعَدِهِ عَنِ الْمَعْرِفَةِ بِشَيْءٍ مِنْ عَظِيمِ أَمْرِ الْخَالِقِ جَلَّ جَلَالُهُ وَتَعَالَى عَلَاؤُهُ وَشَأْنُهُ، أَتْبَعَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ بِأَمْرِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَنْزِيهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى عَنْ شَنِيعِ اعْتِدَائِهِمْ وَإِفْكِ افْتِرَائِهِمْ، فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى أَيْ نَزَّهَهُ عَنْ قَبِيحِ مَقَالِهِمْ، وَقَدَّمَ التَّنْبِيهَ عَلَى التَّنْزِيهِ فِي أَمْثَالِ هَذَا وَنَظَائِرِهِ وَوُقُوعِ ذَلِكَ أَثْنَاءَ السُّوَرِ [وَ - ] فِيمَا بَيْنَ سُورَةٍ وَأُخْرَى، وَأَتْبَعَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ التَّعْرِيفِ بِعَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَعَلَيَّ حِكْمَتِهِ بِمَا يُبَيِّنُ ضَلَالَهُمْ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى [ ص: 392 ] nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ وَتَنَزَّهَ عَمَّا يَتَقَوَّلُهُ الْمُفْتَرُونَ - انْتَهَى.