ولما كان جعل الأشياء على أقدار متفاوتة مع الهداية إلى ما وقع الخلق له على أوجه متفاضلة مع التساوي في العناصر مما يلي التسوية، وهو من خواص الملك الذي لا يكون إلا مع الكمال، أتبعه به بالواو دلالة على تمكن الأوصاف فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_30452_30454_30455_29058nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3والذي قدر أي أوقع تقديره في أجناس الأشياء وأنواعها وأشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها، وغير ذلك من أحوالها، فجعل البطش لليد والمشي للرجل والسمع للأذن والبصر للعين ونحو ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3فهدى أي أوقع بسبب تقديره وعقبه الهداية لذلك الذي وقع التقدير من أجله من الشكل والجواهر والأعراض التي هيأه بها لما يليق به طبعا أو اختيارا بخلق الميول والإلهامات، ونصب الدلائل والآيات لدفع الشرور وجلب الخيور، فترى الطفل أول ما يقع من البطن يفتح فاه للرضاعة، وغيره من سائر الحيوانات، يهتدي إلى ما ينفعه من سائر الانتفاعات، فالخلق لا بد له من التسوية ليحصل الاعتدال، والتقدير لا بد له من الهداية ليحصل الكمال.
وَلَمَّا كَانَ جَعْلُ الْأَشْيَاءِ عَلَى أَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَةٍ مَعَ الْهِدَايَةِ إِلَى مَا وَقَعَ الْخَلْقُ لَهُ عَلَى أَوْجُهٍ مُتَفَاضِلَةٍ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْعَنَاصِرِ مِمَّا يَلِي التَّسْوِيَةَ، وَهُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلِكِ الَّذِي لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الْكَمَالِ، أَتْبَعَهُ بِهِ بِالْوَاوِ دَلَالَةً عَلَى تَمَكُّنِ الْأَوْصَافِ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_30452_30454_30455_29058nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3وَالَّذِي قَدَّرَ أَيْ أَوْقَعَ تَقْدِيرَهُ فِي أَجْنَاسِ الْأَشْيَاءِ وَأَنْوَاعِهَا وَأَشْخَاصِهَا وَمَقَادِيرِهَا وَصِفَاتِهَا وَأَفْعَالِهَا وَآجَالِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِهَا، فَجَعَلَ الْبَطْشَ لِلْيَدِ وَالْمَشْيَ لِلرَّجُلِ وَالسَّمْعَ لِلْأُذُنِ وَالْبَصَرَ لِلْعَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3فَهَدَى أَيْ أَوْقَعَ بِسَبَبِ تَقْدِيرِهِ وَعَقِبِهِ الْهِدَايَةَ لِذَلِكَ الَّذِي وَقَعَ التَّقْدِيرُ مِنْ أَجْلِهِ مِنَ الشَّكْلِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ الَّتِي هَيَّأَهُ بِهَا لِمَا يَلِيقُ بِهِ طَبْعًا أَوِ اخْتِيَارًا بِخَلْقِ الْمُيُولِ وَالْإِلْهَامَاتِ، وَنَصْبِ الدَّلَائِلِ وَالْآيَاتِ لِدَفْعِ الشُّرُورِ وَجَلْبِ الْخُيُورِ، فَتَرَى الطِّفْلَ أَوَّلُ مَا يَقَعُ مِنَ الْبَطْنِ يَفْتَحُ فَاهُ لِلرَّضَاعَةِ، وَغَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، يَهْتَدِي إِلَى مَا يَنْفَعُهُ مِنْ سَائِرِ الِانْتِفَاعَاتِ، فَالْخَلْقُ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ التَّسْوِيَةِ لِيَحْصُلَ الِاعْتِدَالُ، وَالتَّقْدِيرُ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْهِدَايَةِ لِيَحْصُلَ الْكَمَالُ.