الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  فضيلة التعليم :

                                                                  أما الآيات فقوله عز وجل : ( ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) [ ص: 15 ] [ التوبة : 122 ] والمراد هو التعليم والإرشاد ، وقوله تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) [ آل عمران : 187 ] وهو إيجاب للتعليم ، وقوله تعالى : ( وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ) [ البقرة : 146 ] وهو تحريم للكتمان ، كما قال تعالى في الشهادة : ( ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) [ البقرة : 283 ] وقال تعالى : ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا ) [ فصلت : 33 ] وقال تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) [ النحل : 125 ] وقال تعالى : ( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) [ البقرة : 129 ، آل عمران : 164 ، والجمعة : 2 ] وأما الأخبار فقوله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن : " لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها " وقال صلى الله عليه وسلم : " من علم علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار " وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله سبحانه وملائكته وأهل سمواته وأرضه حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير " وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " وقال صلى الله عليه وسلم : " الدال على الخير كفاعله " وقال صلى الله عليه وسلم " رحمة الله على خلفائي ، قيل ومن خلفاؤك ، قال " الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد الله " .

                                                                  ومن الآثار ما روي عن معاذ أنه قال : " تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه من لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، وهو الأنيس في الوحدة ، والصاحب في الخلوة ، والدليل على الدين ، والمصبر على البأساء والضراء ، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة سادة هداة يقتدى بهم ، أدلة في الخير ، تقتص آثارهم ، وترمق أفعالهم ، يبلغ العبد به منازل الأبرار والدرجات العلى ; والتفكر فيه يعدل بالصيام ، [ ص: 16 ] ومدارسته بالقيام ، به يطاع الله عز وجل ، وبه يعبد ، وبه يوحد ويمجد ، وبه يتورع ، وبه توصل الأرحام ، وبه يعرف الحلال ، وهو إمام والعمل تابعه ، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء " . وقال الحسن - رحمه الله - : " لولا العلماء لصار الناس مثل البهائم " أي : إنهم بالتعلم يخرجون الناس من حد البهيمة إلى حد الإنسانية .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية