الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  6367 - حدثنا معاذ بن المثنى ، ثنا مسدد ، ثنا عبد الله بن داود ، ثنا سلمة بن نبيط ، عن نعيم بن أبي هند ، عن نبيط بن شريط ، عن سالم بن عبيد ، قال : أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ، فأفاق ، فقال : " حضرت الصلاة ؟ " فقلت : نعم ، فقال : " مروا بلالا فليؤذن ، ومروا أبا بكر فليصل بالناس " ، فقالت عائشة رضي الله عنها : إن أبي رجل أسيف ، فلو أمرت [ ص: 57 ] غيره ، فليصل بالناس ، ثم أغمي عليه ، فأفاق ، فقال : " هل حضرت الصلاة ؟ " قلت : نعم ، قال : " مروا بلالا فليؤذن ، ومروا أبا بكر فليصل بالناس " ، فقالت عائشة إن أبي رجل أسيف ، فلو أمرت غيره ، فيصلي بالناس ، ثم أغمي عليه ، فأفاق ، فقال : " أقيمت الصلاة ؟ " قلت : نعم ، قال : " ائتوني بإنسان أعتمد عليه " ، فجاء بريدة وإنسان آخر ، فاعتمد عليهما ، فأتى المسجد ، فدخل وأبو بكر رضي الله عنه قائم يصلي بالناس ، فذهب أبو بكر يتنحى ، فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجلس إلى جنب أبي بكر رضي الله عنه حتى فرغ من صلاته ، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر رضي الله عنه : لا أسمع رجلا يقول : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا ضربته بالسيف ، فأخذ بذراعي ، فاعتمد علي ، وقام يمشي حتى جئنا ، قال : أوسعوا ، فأوسعوا له ، فأكب عليه ، ومسه ، وقال : " إنك ميت وإنهم ميتون " قالوا : يا صاحب رسول الله ، مات رسول الله ؟ قال : نعم ، فعلموا أنه كما قال ، قالوا : يا صاحب رسول الله ، أنصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، قالوا : كيف نصلي عليه ؟ قال : يدخل قوم فيكبرون ، ويدعون ويصلون ، ثم ينصرفون ، ويجيء آخرون ، حتى يفرغوا ، قالوا : يا صاحب رسول الله ، أيدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، قالوا : وأين يدفن ؟ قال : حيث قبض ، فإن الله تعالى لم يقبضه إلا في بقعة طيبة ، فعلموا أنه كما قال ، ثم قام ، فقال : عندكم صاحبكم ، فأمرهم يغسلونه ، ثم خرج ، واجتمع المهاجرون يتشاورون ، فقالوا : انطلقوا إلى إخواننا من الأنصار ، فإن لهم في هذا الأمر نصيبا ، فانطلقوا ، فقال رجل من الأنصار : منا أمير ، ومنكم أمير ، فأخذ عمر بيد أبي بكر رضي الله عنهما ، فقال : أخبروني من له هذه الثلاثة : " ثاني اثنين إذ هما في الغار " ، من هما ؟ " إذ يقول لصاحبه لا تحزن " ، من صاحبه ؟ " إن الله معنا " فأخذ بيد أبي بكر رضي الله عنه ، فضرب عليها ، وقال للناس : بايعوه ، فبايعوه بيعة حسنة جميلة .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية