الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الحسن ( س )

                                                                                      ابن سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السيد أبي محمد الحسن ابن أمير المؤمنين ، أبي الحسن علي بن أبي طالب ، الهاشمي ، العلوي ، المدني ، الإمام ، أبو محمد .

                                                                                      حدث عن أبيه ، وعبد الله بن جعفر ، وهو قليل الرواية والفتيا مع صدقه وجلالته .

                                                                                      حدث عنه ولده عبد الله ، وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية ، وسهيل بن أبي صالح ، والوليد بن كثير ، وفضيل بن مرزوق ، وإسحاق بن يسار والد محمد ، وغيرهم .

                                                                                      ابن عجلان عن سهيل وسعيد مولى المهري ، عن حسن بن حسن بن علي أنه رأى رجلا وقف على البيت الذي فيه قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو له ويصلي عليه ، [ ص: 484 ] فقال للرجل : لا تفعل ; فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تتخذوا بيتي عيدا ، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي حيث ما كنتم ; فإن صلاتكم تبلغني " .

                                                                                      هذا مرسل ، وما استدل حسن في فتواه بطائل من الدلالة ، فمن وقف عند الحجرة المقدسة ذليلا مسلما ، مصليا على نبيه ، فيا طوبى له ، فقد أحسن الزيارة ، وأجمل في التذلل والحب ، وقد أتى بعبادة زائدة على من صلى عليه في أرضه أو في صلاته ; إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه ، والمصلي عليه في سائر البلاد له أجر الصلاة فقط .

                                                                                      فمن صلى عليه واحدة صلى الله عليه عشرا ، ولكن من زاره - صلوات الله عليه - وأساء أدب الزيارة ، أو سجد للقبر أو فعل ما لا يشرع ، فهذا فعل حسنا وسيئا فيعلم برفق ، والله غفور رحيم ، فوالله ما يحصل الانزعاج لمسلم ، والصياح وتقبيل الجدران ، وكثرة البكاء ، إلا وهو محب لله ولرسوله ; فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة وأهل النار ، فزيارة قبره من أفضل القرب ، وشد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء ، لئن سلمنا أنه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه : " ولا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " فشد الرحال إلى نبينا [ ص: 485 ] - صلى الله عليه وسلم - مستلزم لشد الرحل إلى مسجده ، وذلك مشروع بلا نزاع ; إذ لا وصول إلى حجرته إلا بعد الدخول إلى مسجده ، فليبدأ بتحية المسجد ، ثم بتحية صاحب المسجد ، رزقنا الله وإياكم ذلك آمين .

                                                                                      قال الزبير بن بكار : أم حسن بن حسن هذا هي خولة بنت فلان الفزارية ، وهي والدة إبراهيم وداود والقاسم أولاد محمد بن طلحة التيمي السجاد . قال : وكان الحسن ولي صدقة علي رضي الله عنه .

                                                                                      قال له الحجاج يوما وهو يسايره في موكبه بالمدينة : أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي ; فإنه عمك وبقية أهلك . فقال : لا أغير شرط علي . قال : إذا أدخله معك ، قال : فسار الحسن إلى عبد الملك بن مروان ، فرحب به ووصله ، وكتب له كتابا إلى الحجاج لا يجاوزه .

                                                                                      زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : حدثني أبو مصعب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى هشام بن إسماعيل متولي المدينة : بلغني أن الحسن بن الحسن يكاتب أهل العراق فاستحضره . قال : فجيء به فقال له علي بن الحسين : يا ابن عم ، قل كلمات الفرج : " لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ، ورب الأرض ورب العرش الكريم " قال : فخلي عنه . [ ص: 486 ]

                                                                                      ورويت من وجه آخر عن عبد الملك بن عمير ، لكن قال : كتب الوليد إلى عثمان المري : انظر الحسن بن الحسن ، فاجلده مائة ، ووقفه للناس يوما ، ولا أراني إلا قاتله . قال : فعلمه علي كلمات الكرب .

                                                                                      فضيل بن مرزوق : سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة : إن قتلك قربة إلى الله . فقال : إنك تمزح . فقال : والله ما هو مني بمزاح .

                                                                                      قال مصعب الزبيري كان فضيل بن مرزوق يقول : سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة : أحبونا ، فإن عصينا الله فأبغضونا ، فلو كان الله نافعا أحدا بقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير طاعة لنفع أباه وأمه .

                                                                                      وروى فضيل بن مرزوق ، قال : سمعت الحسن يقول : دخل علي المغيرة بن سعيد - يعني الذي أحرق في الزندقة - فذكر من قرابتي وشبهي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنت أشبه وأنا شاب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لعن أبا بكر وعمر ، فقلت : يا عدو الله ، أعندي ! ثم خنقته - والله - حتى دلع لسانه .

                                                                                      توفي الحسن بن الحسن سنة تسع وتسعين ، وقيل في سبع وتسعين . [ ص: 487 ]

                                                                                      وقيل : كانت شيعة العراق يمنون الحسن الإمارة مع أنه كان يبغضهم ديانة .

                                                                                      وله أخبار طويلة في تاريخ ابن عساكر وكان يصلح للخلافة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية