الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                230 حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب واللفظ لقتيبة وأبي بكر قالوا حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي النضر عن أبي أنس أن عثمان توضأ بالمقاعد فقال ألا أريكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وزاد قتيبة في روايته قال سفيان قال أبو النضر عن أبي أنس قال وعنده رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                وقوله : ( عن أبي النضر عن أبي أنس أن عثمان - رضي الله عنه - توضأ بالمقاعد فقال : ألا أريكم وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ثم توضأ ثلاثا ثلاثا ، وزاد قتيبة في روايته قال سفيان : قال أبو النضر عن أبي أنس قال : وعنده رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ، أما ( أبو النضر ) فاسمه : سالم بن أمية المدني [ ص: 467 ] القرشي مولى عمر بن عبد الله التيمي وكاتبه . وأما ( أبو أنس ) فاسمه مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني وهو جد مالك بن أنس الإمام ووالد أبي سهيل عم مالك . وأما ( المقاعد ) فبفتح الميم وبالقاف قيل : هي دكاكين عند دار عثمان بن عفان وقيل : درج ، وقيل : موضع بقرب المسجد اتخذه للقعود فيه لقضاء حوائج الناس والوضوء ونحو ذلك . وأما قوله : ( توضأ ثلاثا ثلاثا ) ، فهو أصل عظيم في أن السنة في الوضوء ثلاثا ثلاثا ، وقد قدمنا أنه مجمع على أنه سنة وأن الواجب مرة واحدة ، وفيه دلالة للشافعي ومن وافقه في أن المستحب في الرأس أن يمسح ثلاثا كباقي الأعضاء ، وقد جاءت أحاديث كثيرة بنحو هذا الحديث وقد جمعتها مبينة في شرح المهذب ونبهت على صحيحها من ضعيفها وموضع الدلالة منها . وأما قوله : ( وعنده رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ) فمعناه : أن عثمان قال ما قاله والرجال عنده فلم يخالفوه ، وقد جاء في رواية رواها البيهقي وغيره أن عثمان رضي الله تعالى عنه توضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل رأيتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل هذا ؟ قالوا : نعم . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي النضر عن أبي أنس أن عثمان توضأ ) هذا الإسناد من جملة ما استدركه الدارقطني وغيره ، قال أبو علي الغساني الجياني : مذكور أن وكيع بن الجراح وهم في إسناد هذا الحديث في قوله : عن أبي أنس ، وإنما يرويه أبو النضر عن بسر بن سعيد عن عثمان بن عفان ، روينا هذا عن أحمد بن حنبل وغيره قال : وهكذا قال الدارقطني : هذا مما وهم فيه وكيع على الثوري ، وخالفه أصحاب الثوري الحفاظ منهم الأشجعي عبد الله ، وعبد الله بن الوليد ويزيد بن أبي حكيم والفريابي ومعاوية بن هشام وأبو حذيفة وغيرهم رووه عن الثوري عن أبي النضر عن بسر بن سعيد أن عثمان وهو الصواب هذا آخر كلام أبي علي .




                                                                                                                الخدمات العلمية