تفسير سورة سبأ
وهي مكية . قال
القرطبي في قول الجميع إلا آية واحدة اختلف فيها ، وهي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6ويرى الذين أوتوا العلم [ سبأ : 6 ] فقالت فرقة : هي مكية ، وقالت فرقة : هي مدنية ، وسيأتي الخلاف في معنى هذه الآية إن شاء الله وفيمن نزلت . وأخرج
ابن الضريس والنحاس وابن مردويه ،
والبيهقي في الدلائل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : نزلت سورة سبأ
بمكة .
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29004_33144_28781_28760_30340_28757الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=5والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد ( 6 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد ( 7 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=8أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد ( 8 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ( 9 )
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=1الحمد لله تعريف الحمد مع لام الاختصاص مشعران باختصاص جميع أفراد الحمد بالله - سبحانه - على ما تقدم تحقيقه في فاتحة الكتاب ، والموصول في محل جر على النعت ، أو البدل ، أو النصب على الاختصاص ، أو الرفع على تقدير مبتدأ ، ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=1له ما في السماوات وما في الأرض أن جميع ما هو فيها في ملكه وتحت تصرفه ; يفعل به ما يشاء ويحكم فيه بما يريد ، وكل نعمة واصلة إلى العبد فهي مما خلقه له ومن به عليه ، فحمده على ما في السماوات والأرض هو حمد على النعم التي أنعم بها على خلقه مما خلقه لهم .
ولما بين أن الحمد الدنيوي من عباده الحامدين له مختص به بين أن الحمد الأخروي مختص به كذلك ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=1وله الحمد في الآخرة وقوله : " له " متعلق بنفس الحمد ، أو بما تعلق به خبر الحمد أعني في الآخرة ، فإنه متعلق بمتعلق عام هو الاستقرار أو نحوه ، والمعنى : أن له - سبحانه - على الاختصاص حمد عباده الذين يحمدونه في الدار الآخرة إذا دخلوا الجنة كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=74وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده [ الزمر : 74 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43الحمد لله الذي هدانا لهذا [ الأعراف : 43 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن [ فاطر : 34 ] وقوله : الحمد لله الذي أحلنا دار المقامة من فضله [ فاطر : 35 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين [ يونس : 10 ] فهو - سبحانه - المحمود في الآخرة كما أنه المحمود في الدنيا وهو المالك للآخرة كما أنه المالك للدنيا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=1وهو الحكيم الذي أحكم أمر الدارين الخبير بأمر خلقه فيهما ، قيل : والفرق بين الحمدين : أن الحمد في الدنيا عبادة ، وفي الآخرة تلذذ وابتهاج ؛ لأنه قد انقطع التكليف فيها .
ثم ذكر - سبحانه - بعض ما يحيط به علمه من أمور السماوات والأرض فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2يعلم ما يلج في الأرض أي : ما يدخل فيها من مطر أو كنز أو دفين
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وما يخرج منها من زرع ونبات وحيوان
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وما ينزل من السماء من الأمطار والثلوج والبرد والصواعق والبركات ، ومن ذلك ما ينزل منها من ملائكته وكتبه إلى أنبيائه
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وما يعرج فيها من الملائكة وأعمال العباد .
قرأ الجمهور ينزل بفتح الياء وتخفيف الزاي : مسندا إلى " ما " وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ،
والسلمي بضم الياء وتشديد الزاي : مسندا إلى الله - سبحانه -
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وهو الرحيم بعباده الغفور لذنوبهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة المراد بهؤلاء القائلين جنس الكفرة على الإطلاق ، أو كفار
مكة على الخصوص ومعنى لا تأتينا الساعة : أنها لا تأتي بحال من الأحوال ، إنكارا منهم لوجودها لا لمجرد إتيانها في حال تكلمهم أو في حال حياتهم مع تحقق وجودها فيما بعد ، فرد الله عليهم وأمر رسوله أن يقول لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3قل بلى وربي لتأتينكم وهذا القسم لتأكيد الإتيان ، قرأ الجمهور " لتأتينكم " بالفوقية أي : الساعة ، وقرأ
طلق المعلم بالتحتية على تأويل الساعة باليوم أو الوقت .
قال
طلق : سمعت أشياخنا يقرءون بالياء : يعني التحتية على المعنى ، كأنه قال ليأتينكم البعث أو أمره كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=33هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك [ النحل : 33 ] قرأ
نافع ،
وابن عامر " عالم الغيب " بالرفع على أنه مبتدأ ، وخبره
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3لا يعزب ، أو على تقدير مبتدأ ، وقرأ
عاصم ،
وابن كثير ،
وأبو عمرو بالجر على أنه نعت ل ربي ، وقرأ
حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " علام " بالجر مع صيغة المبالغة ، ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3لا يعزب لا يغيب عنه ولا يستتر عليه ولا يبعد
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك المثقال
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3ولا أكبر منه
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3إلا في كتاب مبين وهو اللوح المحفوظ .
والمعنى : إلا وهو مثبت في اللوح المحفوظ الذي اشتمل على معلومات الله - سبحانه - فهو مؤكد لنفي العزوب .
قرأ الجمهور يعزب بضم الزاي : ، وقرأ
يحيى بن [ ص: 1189 ] وثاب بكسرها .
قال
الفراء : والكسر أحب إلي ، وهما لغتان ، يقال : عزب يعزب بالضم ، ويعزب بالكسر إذا بعد وغاب .
وقرأ الجمهور ولا أصغر ولا أكبر بالرفع على الابتداء ، والخبر إلا في كتاب ، أو على العطف على مثقال ، وقرأ
قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش بنصبهما عطفا على ذرة ، أو على أن لا هي لا التبرئة التي يبنى اسمها على الفتح .
واللام في
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات للتعليل لقوله لتأتينكم أي : إتيان الساعة فائدته جزاء المؤمنين بالثواب والكافرين بالعقاب ، والإشارة بقوله : أولئك إلى الموصول أي : أولئك الذين آمنوا وعلموا الصالحات
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4لهم مغفرة لذنوبهم
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4ورزق كريم وهو الجنة بسبب إيمانهم وعملهم الصالح مع التفضل عليهم من الله - سبحانه - .
ثم ذكر فريق الكافرين الذين يعاقبون عند إتيان الساعة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=5والذين سعوا في آياتنا معاجزين أي : سعوا في إبطال آياتنا المنزلة على الرسل ، وقدحوا فيها وصدوا الناس عنها ، ومعنى معاجزين مسابقين يحسبون أنهم يفوتوننا ولا يدركون ، وذلك باعتقادهم أنهم لا يبعثون ، يقال : عاجزه وأعجزه : إذا غالبه وسبقه .
قرأ الجمهور معاجزين وقرأ
ابن كثير ،
وابن محيصن ،
وحميد ،
ومجاهد ،
وأبو عمرو " معجزين " أي : مثبطين للناس عن الإيمان بالآيات أولئك أي : الذين سعوا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=5لهم عذاب من رجز الرجز هو العذاب ، ف من للبيان ، وقيل : الرجز هو أسوأ العذاب وأشده ، والأول أولى ، ومن ذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء [ البقرة : 59 ] قرأ الجمهور " أليم " بالجر صفة لرجز ، وقرأ
ابن كثير ،
وحفص عن
عاصم بالرفع صفة ل عذاب ، والأليم الشديد الألم .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق لما ذكر الذين سعوا في إبطال آيات الله ذكر الذين يؤمنون بها ، معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6ويرى الذين أوتوا العلم أي : يعلمون وهم
الصحابة .
وقال
مقاتل : هم مؤمنو أهل الكتاب ، وقيل : جميع المسلمين ، والموصول هو المفعول الأول ل يرى ، والمفعول الثاني الحق ، والضمير هو ضمير الفصل .
وبالنصب قرأ الجمهور ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة بالرفع على أنه خبر الضمير ، والجملة في محل نصب على أنها المفعول الثاني ، وهي لغة
تميم ، فإنهم يعرفون ما بعد ضمير الفصل ، وزعم
الفراء أن الاختيار الرفع ، وخالفه غيره وقالوا النصب أكثر .
قيل : وقوله : يرى معطوف على ليجزي ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء : واعترض عليها بأن قوله : ليجزي متعلق بقوله : لتأتينكم ولا يقال : لتأتينكم الساعة ليرى الذين أوتوا العلم أن القرآن حق ، والأولى أنه كلام مستأنف لدفع ما يقوله الذين سعوا في الآيات أي : إن ذلك منهم يدل على جهلهم ; لأنهم مخالفون لما يعلمه أهل العلم في شأن القرآن
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6ويهدي إلى صراط العزيز الحميد معطوف على الحق عطف فعل على اسم ، لأنه في تأويله كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19صافات ويقبضن [ الملك : 19 ] أي : وقابضات كأنه قيل : وهاديا ، وقيل : إنه مستأنف وفاعله ضمير يرجع إلى فاعل أنزل ، وهو القرآن ، والصراط الطريق أي : ويهدي إلى طريق العزيز في ملكه الحميد عند خلقه ، والمراد أنه يهدي إلى دين الله وهو التوحيد .
ثم ذكر - سبحانه - نوعا آخر من كلام منكري البعث ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7وقال الذين كفروا أي : قال بعض لبعض
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7هل ندلكم على رجل ، يعنون
محمدا - صلى الله عليه وآله وسلم - أي : هل نرشدكم إلى رجل ينبئكم أي : يخبركم بأمر عجيب ونبأ غريب هو أنكم
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7إذا مزقتم كل ممزق أي : فرقتم كل تفريق وقطعتم كل تقطيع وصرتم بعد موتكم رفاتا وترابا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7إنكم لفي خلق جديد أي : تخلقون خلقا جديدا ، وتبعثون من قبوركم أحياء ، وتعودون إلى الصور التي كنتم عليها ، قال هذا القول بعضهم لبعض استهزاء بما وعدهم الله على لسان رسوله من البعث ، وأخرجوا الكلام مخرج التلهي به والتضاحك مما يقوله من ذلك ، " وإذا " في موضع نصب بقوله مزقتم .
قال
النحاس : ولا يجوز أن يكون العامل فيها ينبئكم لأنه ليس يخبرهم ذلك الوقت ، ولا يجوز أن يكون العامل فيها ما بعد إن لأنه لا يعمل فيما قبلها .
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أن يكون العامل فيها محذوفا ، والتقدير : إذا مزقتم كل ممزق بعثتم أو نبئتم بأنكم تبعثون إذا مزقتم ، وقال المهدوي : لا يجوز أن يعمل فيه مزقتم لأنه مضاف إليه ، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف .
وأصل المزق خرق الأشياء ، يقال : ثوب مزيق وممزق ومتمزق وممزوق .
ثم حكى - سبحانه - عن هؤلاء الكفار أنهم رددوا ما وعدهم به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من البعث بين أمرين فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=8أفترى على الله كذبا أم به جنة أي : أهو كاذب فيما قاله أم به جنون بحيث لا يعقل ما يقوله ، والهمزة في أفترى هي همزة الاستفهام وحذفت لأجلها همزة الوصل كما تقدم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=78أطلع الغيب [ مريم : 78 ] ثم رد عليهم - سبحانه - ما قالوه في رسوله فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=8بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد أي : ليس الأمر كما زعموا ، بل هم الذين ضلوا عن الفهم وإدراك الحقائق ، فكفروا بالآخرة ولم يؤمنوا بما جاءهم به ، فصاروا بسبب ذلك في العذاب الدائم في الآخرة ، وهم اليوم في الضلال البعيد عن الحق غاية البعد .
ثم وبخهم - سبحانه - بما اجترئ عليه من التكذيب مبينا لهم أن ذلك لم يصدر منهم إلا لعدم التفكر والتدبر في خلق السماء والأرض ، وأن من قدر على هذا الخلق العظيم لا يعجزه أن يبعث من مخلوقاته ما هو دون ذلك ويعيده إلى ما كان عليه من الذات والصفات .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إلى ما بين أيديهم وما خلفهم أنهم إذا نظروا رأوا السماء خلفهم وقدامهم ، وكذلك إذا نظروا في الأرض رأوها خلفهم وقدامهم ، فالسماء والأرض محيطتان بهم فهو القادر على أن ينزل بهم ما شاء من العذاب بسبب كفرهم وتكذيبهم لرسوله وإنكارهم للبعث ، فهذه الآية اشتملت على أمرين : أحدهما أن الخلق الذي خلقه الله
[ ص: 1190 ] من السماء ، والأرض يدل على كمال القدرة على ما هو دونه من البعث كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم [ يس : 81 ] .
والأمر الآخر : التهديد لهم بأن من خلق السماء والأرض على هذه الهيئة التي قد أحاطت بجميع المخلوقات فيهما قادر على تعجيل العذاب لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إن نشأ نخسف بهم الأرض كما خسف
بقارون nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أو نسقط عليهم كسفا أي : قطعا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9من السماء كما أسقطها على
أصحاب الأيكة فكيف يأمنون ذلك .
قرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إن نشأ بنون العظمة ، وكذا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9نخسف nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أو نسقط .
وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بالياء التحتية في الأفعال الثلاثة ، أي : " إن يشأ الله " .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي وحده بإدغام الفاء في الباء في " نخسف بهم " .
قال
أبو علي الفارسي : وذلك غير جائز لأن الفاء من باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا بخلاف الباء ، وقرأ الجمهور " كسفا " بسكون السين .
وقرأ
حفص ،
والسلمي بفتحها
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إن في ذلك المذكور من خلق السماء والأرض لآية واضحة ودلالة بينة
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9لكل عبد منيب أي : راجع إلى ربه بالتوبة ، والإخلاص ، وخص المنيب ; لأنه المنتفع بالتفكر .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2يعلم ما يلج في الأرض قال : من المطر
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وما يخرج منها قال : من النبات
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وما ينزل من السماء قال : من الملائكة
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وما يعرج فيها قال : الملائكة ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
قتادة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=5من رجز أليم قال : الرجز هو العذاب الأليم الموجع ، وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6ويرى الذين أوتوا العلم قال : أصحاب
محمد .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
الضحاك في الآية قال : يعني المؤمنين من أهل الكتاب .
وأخرج ،
عبد الرزاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
قتادة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل قال : قال ذلك مشركو
قريش nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7إذا مزقتم كل ممزق يقول : إذا أكلتكم الأرض وصرتم رفاتا وعظاما وتقطعتكم السباع والطير
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7إنكم لفي خلق جديد إنكم ستحيون وتبعثون ، قالوا ذلك تكذيبا به
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=8أفترى على الله كذبا أم به جنة قال : قالوا إما أن يكون يكذب على الله وإما أن يكون مجنونا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض قالوا : إنك إن نظرت عن يمينك وعن شمالك وما بين يديك ومن خلفك رأيت السماء والأرض
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إن نشأ نخسف بهم الأرض كما خسفنا بمن كان قبلهم
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أو نسقط عليهم كسفا من السماء أي : قطعا من السماء إن يشأ أن يعذب بسمائه فعل وإن يشأ أن يعذب بأرضه فعل وكل خلقه له جند
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إن في ذلك لآية لكل عبد منيب قال : تائب مقبل إلى الله .
تَفْسِيرُ سُورَةِ سَبَأٍ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ . قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ إِلَّا آيَةً وَاحِدَةً اخْتُلِفَ فِيهَا ، وَهِيَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [ سَبَأٍ : 6 ] فَقَالَتْ فِرْقَةٌ : هِيَ مَكِّيَّةٌ ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : هِيَ مَدَنِيَّةٌ ، وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيمَنْ نَزَلَتْ . وَأَخْرَجَ
ابْنُ الضُّرَيْسِ وَالنَّحَّاسُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : نَزَلَتْ سُورَةُ سَبَأٍ
بِمَكَّةَ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29004_33144_28781_28760_30340_28757الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=5وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ( 6 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ( 7 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=8أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ ( 8 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ( 9 )
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعْرِيفُ الْحَمْدِ مَعَ لَامِ الِاخْتِصَاصِ مُشْعِرَانِ بِاخْتِصَاصِ جَمِيعِ أَفْرَادِ الْحَمْدِ بِاللَّهِ - سُبْحَانَهُ - عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَالْمَوْصُولُ فِي مَحَلِّ جَرٍّ عَلَى النَّعْتِ ، أَوِ الْبَدَلِ ، أَوِ النَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ ، أَوِ الرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ ، وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=1لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ فِيهَا فِي مُلْكِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ ; يَفْعَلُ بِهِ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ فِيهِ بِمَا يُرِيدُ ، وَكُلُّ نِعْمَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَى الْعَبْدِ فَهِيَ مِمَّا خَلَقَهُ لَهُ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْهِ ، فَحَمْدُهُ عَلَى مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ هُوَ حَمْدٌ عَلَى النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى خَلْقِهِ مِمَّا خَلَقَهُ لَهُمْ .
وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْحَمْدَ الدُّنْيَوِيَّ مِنْ عِبَادِهِ الْحَامِدِينَ لَهُ مُخْتَصٌّ بِهِ بَيَّنَ أَنَّ الْحَمْدَ الْأُخْرَوِيَّ مُخْتَصٌّ بِهِ كَذَلِكَ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=1وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَقَوْلُهُ : " لَهُ " مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْحَمْدِ ، أَوْ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ خَبَرُ الْحَمْدِ أَعْنِي فِي الْآخِرَةِ ، فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَلِّقٍ عَامٍّ هُوَ الِاسْتِقْرَارُ أَوْ نَحْوُهُ ، وَالْمَعْنَى : أَنْ لَهُ - سُبْحَانَهُ - عَلَى الِاخْتِصَاصِ حَمْدَ عِبَادِهِ الَّذِينَ يَحْمَدُونَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=74وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ [ الزُّمَرِ : 74 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا [ الْأَعْرَافِ : 43 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ [ فَاطِرٍ : 34 ] وَقَوْلِهِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ [ فَاطِرٍ : 35 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ يُونُسَ : 10 ] فَهُوَ - سُبْحَانَهُ - الْمَحْمُودُ فِي الْآخِرَةِ كَمَا أَنَّهُ الْمَحْمُودُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ الْمَالِكُ لِلْآخِرَةِ كَمَا أَنَّهُ الْمَالِكُ لِلدُّنْيَا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=1وَهُوَ الْحَكِيمُ الَّذِي أَحْكَمَ أَمْرَ الدَّارَيْنِ الْخَبِيرُ بِأَمْرِ خَلْقِهِ فِيهِمَا ، قِيلَ : وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَمْدَيْنِ : أَنَّ الْحَمْدَ فِي الدُّنْيَا عِبَادَةٌ ، وَفِي الْآخِرَةِ تَلَذُّذٌ وَابْتِهَاجٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ التَّكْلِيفُ فِيهَا .
ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحَانَهُ - بَعْضَ مَا يُحِيطُ بِهِ عِلْمُهُ مِنْ أُمُورِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ أَيْ : مَا يَدْخُلُ فِيهَا مِنْ مَطَرٍ أَوْ كَنْزٍ أَوْ دَفِينٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ وَنَبَاتٍ وَحَيَوَانٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ الْأَمْطَارِ وَالثُّلُوجِ وَالْبَرَدِ وَالصَّوَاعِقِ وَالْبَرَكَاتِ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَنْزِلُ مِنْهَا مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ إِلَى أَنْبِيَائِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَأَعْمَالِ الْعِبَادِ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ يَنْزِلُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ الزَّايِ : مُسْنَدًا إِلَى " مَا " وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ،
وَالسُّلَمِيُّ بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ : مُسْنَدًا إِلَى اللَّهِ - سُبْحَانَهُ -
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وَهُوَ الرَّحِيمُ بِعِبَادِهِ الْغَفُورُ لِذُنُوبِهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ الْمُرَادُ بِهَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ جِنْسُ الْكَفَرَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، أَوْ كُفَّارُ
مَكَّةَ عَلَى الْخُصُوصِ وَمَعْنَى لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ : أَنَّهَا لَا تَأْتِي بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، إِنْكَارًا مِنْهُمْ لِوُجُودِهَا لَا لِمُجَرَّدِ إِتْيَانِهَا فِي حَالِ تَكَلُّمِهِمْ أَوْ فِي حَالِ حَيَاتِهِمْ مَعَ تَحَقُّقِ وَجُودِهَا فِيمَا بَعْدُ ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَأَمَرَ رَسُولَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ وَهَذَا الْقَسَمُ لِتَأْكِيدِ الْإِتْيَانِ ، قَرَأَ الْجُمْهُورُ " لَتَأْتِيَنَّكُمْ " بِالْفَوْقِيَّةِ أَيِ : السَّاعَةُ ، وَقَرَأَ
طَلْقٌ الْمُعَلِّمُ بِالتَّحْتِيَّةِ عَلَى تَأْوِيلِ السَّاعَةِ بِالْيَوْمِ أَوِ الْوَقْتِ .
قَالَ
طَلْقٌ : سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يَقْرَءُونَ بِالْيَاءِ : يَعْنِي التَّحْتِيَّةَ عَلَى الْمَعْنَى ، كَأَنَّهُ قَالَ لَيَأْتِيَنَّكُمُ الْبَعْثُ أَوْ أَمْرُهُ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=33هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ [ النَّحْلِ : 33 ] قَرَأَ
نَافِعٌ ،
وَابْنُ عَامِرٍ " عَالِمُ الْغَيْبِ " بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ ، وَخَبَرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3لَا يَعْزُبُ ، أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ ، وَقَرَأَ
عَاصِمٌ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِ رَبِّي ، وَقَرَأَ
حَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ " عَلَّامِ " بِالْجَرِّ مَعَ صِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ ، وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3لَا يَعْزُبُ لَا يَغِيبُ عَنْهُ وَلَا يَسْتَتِرُ عَلَيْهِ وَلَا يَبْعُدُ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ الْمِثْقَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وَلَا أَكْبَرُ مِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ .
وَالْمَعْنَى : إِلَّا وَهُوَ مُثْبَتٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَى مَعْلُومَاتِ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - فَهُوَ مُؤَكِّدٌ لِنَفْيِ الْعُزُوبِ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ يَعْزُبُ بِضَمِّ الزَّايِ : ، وَقَرَأَ
يَحْيَى بْنُ [ ص: 1189 ] وَثَّابٍ بِكَسْرِهَا .
قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَالْكَسْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ ، وَهُمَا لُغَتَانِ ، يُقَالُ : عَزَبَ يَعْزُبُ بِالضَّمِّ ، وَيَعْزِبُ بِالْكَسْرِ إِذَا بَعُدَ وَغَابَ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَلَا أَصْغَرُ وَلَا أَكْبَرُ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَالْخَبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ ، أَوْ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى مِثْقَالُ ، وَقَرَأَ
قَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ بِنَصْبِهِمَا عَطْفًا عَلَى ذَرَّةٍ ، أَوْ عَلَى أَنَّ لَا هِيَ لَا التَّبْرِئَةِ الَّتِي يُبْنَى اسْمُهَا عَلَى الْفَتْحِ .
وَاللَّامُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لِلتَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ لَتَأْتِيَنَّكُمْ أَيْ : إِتْيَانُ السَّاعَةِ فَائِدَتُهُ جَزَاءُ الْمُؤْمِنِينَ بِالثَّوَابِ وَالْكَافِرِينَ بِالْعِقَابِ ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : أُولَئِكَ إِلَى الْمَوْصُولِ أَيْ : أُولَئِكَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلِمُوا الصَّالِحَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَهُوَ الْجَنَّةُ بِسَبَبِ إِيمَانِهِمْ وَعَمَلِهِمُ الصَّالِحِ مَعَ التَّفَضُّلِ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - .
ثُمَّ ذَكَرَ فَرِيقَ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ يُعَاقَبُونَ عِنْدَ إِتْيَانِ السَّاعَةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=5وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أَيْ : سَعَوْا فِي إِبْطَالِ آيَاتِنَا الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الرُّسُلِ ، وَقَدَحُوا فِيهَا وَصَدُّوا النَّاسَ عَنْهَا ، وَمَعْنَى مُعَاجِزِينَ مُسَابِقِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يَفُوتُونَنَا وَلَا يُدْرَكُونَ ، وَذَلِكَ بِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُبْعَثُونَ ، يُقَالُ : عَاجَزَهُ وَأَعْجَزَهُ : إِذَا غَالَبَهُ وَسَبَقَهُ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ مُعَاجِزِينَ وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ ،
وَحُمَيْدٌ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
وَأَبُو عَمْرٍو " مُعَجِّزِينَ " أَيْ : مُثَبِّطِينَ لِلنَّاسِ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْآيَاتِ أُولَئِكَ أَيِ : الَّذِينَ سَعَوْا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=5لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ الرِّجْزُ هُوَ الْعَذَابُ ، فَ مِنْ لِلْبَيَانِ ، وَقِيلَ : الرِّجْزُ هُوَ أَسْوَأُ الْعَذَابِ وَأَشَدُّهُ ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ [ الْبَقَرَةِ : 59 ] قَرَأَ الْجُمْهُورُ " أَلِيمٍ " بِالْجَرِّ صِفَةً لِرِجْزٍ ، وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَحَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ بِالرَّفْعِ صِفَةً لِ عَذَابٍ ، وَالْأَلِيمُ الشَّدِيدُ الْأَلَمِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ لَمَّا ذَكَرَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي إِبْطَالِ آيَاتِ اللَّهِ ذَكَرَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِهَا ، مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَيْ : يَعْلَمُونَ وَهُمُ
الصَّحَابَةُ .
وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : هُمْ مُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَقِيلَ : جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ ، وَالْمَوْصُولُ هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ لِ يَرَى ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي الْحَقَّ ، وَالضَّمِيرُ هُوَ ضَمِيرُ الْفَصْلِ .
وَبِالنَّصْبِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ الضَّمِيرِ ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهَا الْمَفْعُولُ الثَّانِي ، وَهِيَ لُغَةُ
تَمِيمٍ ، فَإِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مَا بَعْدَ ضَمِيرِ الْفَصْلِ ، وَزَعَمَ
الْفَرَّاءُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ الرَّفْعُ ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَقَالُوا النَّصْبُ أَكْثَرُ .
قِيلَ : وَقَوْلُهُ : يَرَى مَعْطُوفٌ عَلَى لِيَجْزِيَ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ : وَاعْتُرِضَ عَلَيْهَا بِأَنَّ قَوْلَهُ : لِيَجْزِيَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : لَتَأْتِيَنَّكُمْ وَلَا يُقَالُ : لَتَأْتِيَنَّكُمُ السَّاعَةُ لِيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لِدَفْعِ مَا يَقُولُهُ الَّذِينَ سَعَوْا فِي الْآيَاتِ أَيْ : إِنَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِمْ ; لِأَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِمَا يَعْلَمُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي شَأْنِ الْقُرْآنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْحَقَّ عَطْفَ فِعْلٍ عَلَى اسْمٍ ، لِأَنَّهُ فِي تَأْوِيلِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ [ الْمُلْكِ : 19 ] أَيْ : وَقَابِضَاتٍ كَأَنَّهُ قِيلَ : وَهَادِيًا ، وَقِيلَ : إِنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَرْجِعُ إِلَى فَاعِلِ أُنْزِلَ ، وَهُوَ الْقُرْآنُ ، وَالصِّرَاطُ الطَّرِيقُ أَيْ : وَيَهْدِي إِلَى طَرِيقِ الْعَزِيزِ فِي مُلْكِهِ الْحَمِيدِ عِنْدَ خَلْقِهِ ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَهْدِي إِلَى دِينِ اللَّهِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ .
ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحَانَهُ - نَوْعًا آخَرَ مِنْ كَلَامِ مُنْكِرِي الْبَعْثِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ : قَالَ بَعْضٌ لِبَعْضٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ ، يَعْنُونَ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَيْ : هَلْ نُرْشِدُكُمْ إِلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ أَيْ : يُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ عَجِيبٍ وَنَبَّأٍ غَرِيبٍ هُوَ أَنَّكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ أَيْ : فُرِّقْتُمْ كُلَّ تَفْرِيقٍ وَقُطِّعْتُمْ كُلَّ تَقْطِيعٍ وَصِرْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ رُفَاتًا وَتُرَابًا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَيْ : تُخْلَقُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ، وَتُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً ، وَتَعُودُونَ إِلَى الصُّوَرِ الَّتِي كُنْتُمْ عَلَيْهَا ، قَالَ هَذَا الْقَوْلَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ اسْتِهْزَاءً بِمَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مِنَ الْبَعْثِ ، وَأَخْرَجُوا الْكَلَامَ مَخْرَجَ التَّلَهِّي بِهِ وَالتَّضَاحُكِ مِمَّا يَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ ، " وَإِذَا " فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِقَوْلِهِ مُزِّقْتُمْ .
قَالَ
النَّحَّاسُ : وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهَا يَنَبِّئُكُمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُخْبِرُهُمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهَا مَا بَعْدَ إِنَّ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا .
وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهَا مَحْذُوفًا ، وَالتَّقْدِيرُ : إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ بُعِثْتُمْ أَوْ نُبِّئْتُمْ بِأَنَّكُمْ تُبْعَثُونَ إِذَا مُزِّقْتُمْ ، وَقَالَ الْمَهْدَوِيُّ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ مُزِّقْتُمْ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَيْهِ ، وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ لَا يَعْمَلُ فِي الْمُضَافِ .
وَأَصْلُ الْمَزْقِ خَرْقُ الْأَشْيَاءِ ، يُقَالُ : ثَوْبٌ مَزِيقٌ وَمُمَزَّقٌ وَمُتَمَزِّقٌ وَمَمْزُوقٌ .
ثُمَّ حَكَى - سُبْحَانَهُ - عَنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ رَدَّدُوا مَا وَعَدَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْبَعْثِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=8أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ أَيْ : أَهُوَ كَاذِبٌ فِيمَا قَالَهُ أَمْ بِهِ جُنُونٌ بِحَيْثُ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُهُ ، وَالْهَمْزَةُ فِي أَفْتَرَى هِيَ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَحُذِفَتْ لِأَجْلِهَا هَمْزَةُ الْوَصْلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=78أَطَّلَعَ الْغَيْبَ [ مَرْيَمَ : 78 ] ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ - سُبْحَانَهُ - مَا قَالُوهُ فِي رَسُولِهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=8بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ أَيْ : لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا ، بَلْ هُمُ الَّذِينَ ضَلُّوا عَنِ الْفَهْمِ وَإِدْرَاكِ الْحَقَائِقِ ، فَكَفَرُوا بِالْآخِرَةِ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ ، فَصَارُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ فِي الْعَذَابِ الدَّائِمِ فِي الْآخِرَةِ ، وَهُمُ الْيَوْمَ فِي الضَّلَالِ الْبَعِيدِ عَنِ الْحَقِّ غَايَةَ الْبُعْدِ .
ثُمَّ وَبَّخَهُمْ - سُبْحَانَهُ - بِمَا اجْتُرِئَ عَلَيْهِ مِنَ التَّكْذِيبِ مُبَيِّنًا لَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُمْ إِلَّا لِعَدَمِ التَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ فِي خَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى هَذَا الْخَلْقِ الْعَظِيمِ لَا يُعْجِزُهُ أَنْ يَبْعَثَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ وَيُعِيدُهُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ أَنَّهُمْ إِذَا نَظَرُوا رَأَوُا السَّمَاءَ خَلْفَهُمْ وَقُدَّامَهُمْ ، وَكَذَلِكَ إِذَا نَظَرُوا فِي الْأَرْضِ رَأَوْهَا خَلْفَهُمْ وَقُدَّامَهُمْ ، فَالسَّمَاءُ وَالْأَرْضُ مُحِيطَتَانِ بِهِمْ فَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يُنْزِلَ بِهِمْ مَا شَاءَ مِنَ الْعَذَابِ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ لِرَسُولِهِ وَإِنْكَارِهِمْ لِلْبَعْثِ ، فَهَذِهِ الْآيَةُ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ الْخَلْقَ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ
[ ص: 1190 ] مِنَ السَّمَاءِ ، وَالْأَرْضِ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا هُوَ دُونَهُ مِنَ الْبَعْثِ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ [ يس : 81 ] .
وَالْأَمْرُ الْآخَرُ : التَّهْدِيدُ لَهُمْ بِأَنَّ مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ الَّتِي قَدْ أَحَاطَتْ بِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ فِيهِمَا قَادِرٌ عَلَى تَعْجِيلِ الْعَذَابِ لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ كَمَا خَسَفَ
بِقَارُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا أَيْ : قِطَعًا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9مِنَ السَّمَاءِ كَمَا أَسْقَطَهَا عَلَى
أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ فَكَيْفَ يَأْمَنُونَ ذَلِكَ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إِنْ نَشَأْ بِنُونِ الْعَظَمَةِ ، وَكَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9نَخْسِفْ nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أَوْ نُسْقِطْ .
وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ فِي الْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ ، أَيْ : " إِنْ يَشَأِ اللَّهُ " .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ وَحْدَهُ بِإِدْغَامِ الْفَاءِ فِي الْبَاءِ فِي " نَخْسِفْ بِهِمْ " .
قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ الْفَاءَ مِنْ بَاطِنِ الشَّفَةِ السُّفْلَى وَأَطْرَافِ الثَّنَايَا الْعُلْيَا بِخِلَافِ الْبَاءِ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " كِسْفًا " بِسُكُونِ السِّينِ .
وَقَرَأَ
حَفْصٌ ،
وَالسُّلَمِيُّ بِفَتْحِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إِنَّ فِي ذَلِكَ الْمَذْكُورِ مِنْ خَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَةً وَاضِحَةً وَدَلَالَةً بَيِّنَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ أَيْ : رَاجِعٍ إِلَى رَبِّهِ بِالتَّوْبَةِ ، وَالْإِخْلَاصِ ، وَخَصَّ الْمُنِيبَ ; لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ بِالتَّفَكُّرِ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ قَالَ : مِنَ الْمَطَرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا قَالَ : مِنَ النَّبَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ : مِنَ الْمَلَائِكَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=2وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا قَالَ : الْمَلَائِكَةُ ، وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=5مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ قَالَ : الرِّجْزُ هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ الْمُوجِعُ ، وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قَالَ : أَصْحَابُ
مُحَمَّدٍ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ
الضَّحَّاكِ فِي الْآيَةِ قَالَ : يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ .
وَأَخْرَجَ ،
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ قَالَ : قَالَ ذَلِكَ مُشْرِكُو
قُرَيْشٍ nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ يَقُولُ : إِذَا أَكَلَتْكُمُ الْأَرْضُ وَصِرْتُمْ رُفَاتًا وَعِظَامًا وَتَقَطَّعَتْكُمُ السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=7إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ إِنَّكُمْ سَتَحْيَوْنَ وَتُبْعَثُونَ ، قَالُوا ذَلِكَ تَكْذِيبًا بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=8أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ قَالَ : قَالُوا إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قَالُوا : إِنَّكَ إِنْ نَظَرْتَ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ وَمَا بَيْنَ يَدَيْكَ وَمِنْ خَلْفِكَ رَأَيْتَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ كَمَا خَسَفْنَا بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ أَيْ : قِطَعًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ يَشَأْ أَنْ يُعَذِّبَ بِسَمَائِهِ فَعَلَ وَإِنْ يَشَأْ أَنْ يُعَذِّبَ بِأَرْضِهِ فَعَلَ وَكُلُّ خَلْقِهِ لَهُ جُنْدٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=9إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ قَالَ : تَائِبٍ مُقْبِلٍ إِلَى اللَّهِ .