القول في تأويل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=11111_28723_30497_30578_32223_33624_34091_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما [127]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127ويستفتونك في النساء أي: ويسألونك الإفتاء في النساء، والإفتاء تبيين المبهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب ذكروا في (ما) وجوها: المختار منها أنها في موضع رفع بالعطف على المبتدأ، وهو لفظ الجلالة، أي: والمتلو في الكتاب يفتيكم فيهن أيضا، أو بالعطف على ضميره في: " يفتيكم " وساغ لمكان الفصل بالمفعول والجار والمجرور، وذلك المتلو في الكتاب هو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء
قال
الرازي : وحاصل الكلام أنهم كانوا قد سألوا عن
[ ص: 1586 ] أحوال كثيرة من أحوال النساء، فما كان منها غير مبين الحكم ذكر أن الله يفتيهم فيها، وما كان منها مبين الحكم في الآيات المتقدمة ذكر أن تلك الآيات المتلوة تفتيهم فيها، وجعل دلالة الكتاب على هذا الحكم إفتاء من الكتاب، ألا ترى أنه يقال في المشهور: إن كتاب الله بين لنا هذا الحكم، وكما جاز هذا جاز أيضا أن يقال: إن كتاب الله أفتى بكذا.
قال
أبو السعود : وإيثار صيغة المضارع للإيذان باستمرار التلاوة ودوامها، و(في الكتاب) إما متعلق بـ(يتلى) أو بمحذوف وقع حالا من المستكن فيه، أي: يتلى كائنا فيه.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127في يتامى النساء متعلق بـ(يتلى) أي: ما يتلى عليكم في شأنهن، وهذه الإضافة بمعنى (من) لأنها إضافة الشيء إلى جنسه، وقيل: من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: النساء اليتامى.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن أي: ما وجب لهن من الميراث وغيره
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وترغبون أن تنكحوهن روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها – قالت في هذه الآية: هو الرجل تكون عنده اليتيمة، هو وليها ووارثها، فأشركته في ماله حتى في العذق، فيرغب أن ينكحها، ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها
nindex.php?page=treesubj&link=28861فنزلت هذه الآية.
وعنها أيضا قالت: وقول الله عز وجل:
[ ص: 1587 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وترغبون أن تنكحوهن رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن.
وهذا المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة يدل على أن الآية نزلت في المعدمة، وأن الجار المقدر مع (أن) هنا هو (عن) وقد تأولها
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير على المعنيين، أي: تقدير (عن) و(في) فقال نزلت في المعدمة والغنية.
قال الحافظ
ابن حجر : والمروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أوضح في أن الآية الأولى - أي: التي في أول السورة - نزلت في الغنية، وهذه الآية نزلت في المعدمة.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : والمقصود أن
nindex.php?page=treesubj&link=33318الرجل إذا كان في حجره يتيمة يحل له تزوجها فتارة يرغب في أن يتزوجها فأمره الله أن يمهرها أسوة أمثالها من النساء، فإن لم يفعل فليعدل إلى غيرها من النساء، فقد وسع الله عز وجل - وهذا المعنى في الآية الأولى التي في أول السورة - وتارة لا يكون له فيها رغبة لدمامتها عنده - أو في نفس الأمر - فنهاه الله عز وجل أن يعضلها عن الأزواج خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها، كما قال
علي بن أبي طلحة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الآية، وهي قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127في يتامى النساء الآية: كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا، فإن كانت
[ ص: 1588 ] جميلة وهويها تزوجها وأكل مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت، فإذا ماتت ورثها، فحرم الله ذلك ونهى عنه.
تنبيه: ما ذكرناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير من حمل الآية على المعنيين، أي: أن حرف الجر المقدر مع (أن) هو (عن) و(في) وأن كلا منهما مراد منها على سبيل البدل لصلاحيتها لهما بالاعتبارين المتقدمين.
قال
الخفاجي: مثله لا يعد لبسا بل إجمالا، كما ذكره بعض المحققين. انتهى.
قلت: وهذا بناء على أن اللبس هو أن يدل اللفظ على غير المراد، والإجمال أن لا تتضح الدلالة، وبعبارة أخرى: إيراد الكلام على وجه يحتمل أمورا متعددة، وقد نظم بعضهم الفرق بينهما فقال:
والفرق بين اللبس والإجمال مما به يهتم في الأقوال فاللفظ إن أفهم غير القصد
فاحكم على استعماله بالرد لأنه اللبس. وأما المجمل
فربما يفهمه من يعقل وذاك أن لا تفهم المخالفا
ولا سواه بل تصير واقفا وحكمه القبول في الموارد
فاحفظه نظما أعظم الفوائد
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127والمستضعفين من الولدان عطف (على يتامى النساء) وما يتلى في حقهم: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله إلخ، وقد كانوا في الجاهلية لا يورثونهم، كما لا يورثون الرجال القوام.
قال ابن عباس في الآية: كانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار ولا البنات، وذلك قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127لا تؤتونهن ما كتب لهن فنهى الله عن ذلك، وبين لكل ذي سهم سهمه، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين صغيرا أو كبيرا، وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وأن تقوموا لليتامى بالقسط بالجر، عطف على ما قبله، وما يتلى في حقهم: قوله تعالى:
[ ص: 1589 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم [النساء: 2] ونحو ذلك مما لا يكاد يحصر.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : المعنى: كما أنها إذا كانت ذات جمال ومال نكحتها واستأثرت بها كذلك إذا لم تكن ذات مال وجمال فانكحها واستأثر بها، والخطاب للولاة أو للأولياء والأوصياء.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=11111_28723_30497_30578_32223_33624_34091_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا [127]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ أَيْ: وَيَسْأَلُونَكَ الْإِفْتَاءَ فِي النِّسَاءِ، وَالْإِفْتَاءُ تَبْيِينُ الْمُبْهَمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ ذَكَرُوا فِي (مَا) وُجُوهًا: الْمُخْتَارُ مِنْهَا أَنَّهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ، وَهُوَ لَفْظُ الْجَلَالَةِ، أَيْ: وَالْمَتْلُوُّ فِي الْكِتَابِ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ أَيْضًا، أَوْ بِالْعَطْفِ عَلَى ضَمِيرِهِ فِي: " يُفْتِيكُمْ " وَسَاغَ لِمَكَانِ الْفَصْلِ بِالْمَفْعُولِ وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، وَذَلِكَ الْمَتْلُوُّ فِي الْكِتَابِ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ
قَالَ
الرَّازِيُّ : وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ سَأَلُوا عَنْ
[ ص: 1586 ] أَحْوَالٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَحْوَالِ النِّسَاءِ، فَمَا كَانَ مِنْهَا غَيْرَ مُبَيَّنِ الْحُكْمِ ذَكَرَ أَنَّ اللَّهَ يُفْتِيهِمْ فِيهَا، وَمَا كَانَ مِنْهَا مُبَيَّنَ الْحُكْمِ فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ ذَكَرَ أَنَّ تِلْكَ الْآيَاتِ الْمَتْلُوَّةَ تُفْتِيهِمْ فِيهَا، وَجَعَلَ دَلَالَةَ الْكِتَابِ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ إِفْتَاءً مِنَ الْكِتَابِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ فِي الْمَشْهُورِ: إِنَّ كِتَابَ اللَّهِ بَيَّنَ لَنَا هَذَا الْحُكْمَ، وَكَمَا جَازَ هَذَا جَازَ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ كِتَابَ اللَّهِ أَفْتَى بِكَذَا.
قَالَ
أَبُو السُّعُودِ : وَإِيثَارُ صِيغَةِ الْمُضَارِعِ لِلْإِيذَانِ بِاسْتِمْرَارِ التِّلَاوَةِ وَدَوَامِهَا، وَ(فِي الْكِتَابِ) إِمَّا مُتَعَلِّقٌ بِـ(يُتْلَى) أَوْ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ حَالًا مِنَ الْمُسْتَكِنِّ فِيهِ، أَيْ: يُتْلَى كَائِنًا فِيهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127فِي يَتَامَى النِّسَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِـ(يُتْلَى) أَيْ: مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي شَأْنِهِنَّ، وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ بِمَعْنَى (مِنْ) لِأَنَّهَا إِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى جِنْسِهِ، وَقِيلَ: مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ، أَيِ: النِّسَاءِ الْيَتَامَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ أَيْ: مَا وَجَبَ لَهُنَّ مِنَ الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – قَالَتْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هُوَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْيَتِيمَةُ، هُوَ وَلِيُّهَا وَوَارِثُهَا، فَأَشْرَكَتْهُ فِي مَالِهِ حَتَّى فِي الْعِذْقِ، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا فَيُشْرِكَهُ فِي مَالِهِ بِمَا شَرِكَتْهُ فَيَعْضُلَهَا
nindex.php?page=treesubj&link=28861فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَعَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ: وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
[ ص: 1587 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ الَّتِي تَكُونُ فِي حِجْرِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا رَغِبُوا فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إِلَّا بِالْقِسْطِ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ.
وَهَذَا الْمَرْوِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمُعْدِمَةِ، وَأَنَّ الْجَارَّ الْمُقَدَّرَ مَعَ (أَنْ) هُنَا هُوَ (عَنْ) وَقَدْ تَأَوَّلَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ، أَيْ: تَقْدِيرُ (عَنْ) وَ(فِي) فَقَالَ نَزَلَتْ فِي الْمُعْدِمَةِ وَالْغَنِيَّةِ.
قَالَ الْحَافِظُ
ابْنُ حَجَرٍ : وَالْمَرْوِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ أَوْضَحُ فِي أَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى - أَيِ: الَّتِي فِي أَوَّلِ السُّورَةِ - نَزَلَتْ فِي الْغَنِيَّةِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْمُعْدِمَةِ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ : وَالْمَقْصُودُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33318الرَّجُلَ إِذَا كَانَ فِي حِجْرِهِ يَتِيمَةٌ يَحِلُّ لَهُ تَزَوُّجُهَا فَتَارَةً يَرْغَبُ فِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُمْهِرَهَا أُسْوَةَ أَمْثَالِهَا مِنَ النِّسَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَعْدِلْ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ، فَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - وَهَذَا الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ الْأُولَى الَّتِي فِي أَوَّلِ السُّورَةِ - وَتَارَةً لَا يَكُونُ لَهُ فِيهَا رَغْبَةٌ لِدَمَامَتِهَا عِنْدَهُ - أَوْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ - فَنَهَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَعْضُلَهَا عَنِ الْأَزْوَاجِ خَشْيَةَ أَنْ يُشْرِكُوهُ فِي مَالِهِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، كَمَا قَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127فِي يَتَامَى النِّسَاءِ الْآيَةَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَكُونُ عِنْدَهُ الْيَتِيمَةِ فَيُلْقِي عَلَيْهَا ثَوْبَهُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَبَدًا، فَإِنْ كَانَتْ
[ ص: 1588 ] جَمِيلَةً وَهَوِيَهَا تَزَوَّجَهَا وَأَكَلَ مَالَهَا، وَإِنْ كَانَتْ دَمِيمَةً مَنَعَهَا الرِّجَالَ أَبَدًا حَتَّى تَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَتْ وَرِثَهَا، فَحَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابْنِ جُبَيْرٍ مِنْ حَمْلِ الْآيَةِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ، أَيْ: أَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ الْمُقَدَّرِ مَعَ (أَنْ) هُوَ (عَنْ) وَ(فِي) وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُرَادٌ مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ لِصَلَاحِيَّتِهَا لَهُمَا بِالِاعْتِبَارَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ.
قَالَ
الْخَفَاجِيُّ: مِثْلُهُ لَا يُعَدُّ لَبْسًا بَلْ إِجْمَالًا، كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. انْتَهَى.
قُلْتُ: وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّبْسَ هُوَ أَنْ يَدُلَّ اللَّفْظُ عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ، وَالْإِجْمَالَ أَنْ لَا تَتَّضِحَ الدَّلَالَةُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: إِيرَادُ الْكَلَامِ عَلَى وَجْهٍ يَحْتَمِلُ أُمُورًا مُتَعَدِّدَةً، وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ:
وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّبْسِ وَالْإِجْمَالِ مِمَّا بِهِ يُهْتَمُّ فِي الْأَقْوَالِ فَاللَّفْظُ إِنْ أَفْهَمْ غَيْرَ الْقَصْدِ
فَاحْكُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ اللَّبْسُ. وَأَمَّا الْمُجْمَلُ
فَرُبَّمَا يَفْهَمُهُ مَنْ يَعْقِلُ وَذَاكَ أَنْ لَا تَفْهَمَ الْمُخَالِفَا
وَلَا سِوَاهُ بَلْ تَصِيرُ وَاقِفًا وَحُكْمُهُ الْقَبُولُ فِي الْمَوَارِدِ
فَاحْفَظْهُ نَظْمًا أَعْظَمُ الْفَوَائِدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ عَطْفٌ (عَلَى يَتَامَى النِّسَاءِ) وَمَا يُتْلَى فِي حَقِّهِمْ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ إِلَخْ، وَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَهُمْ، كَمَا لَا يُوَرِّثُونَ الرِّجَالَ الْقُوَّامَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ الصِّغَارَ وَلَا الْبَنَاتِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ فَنَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَبَيَّنَ لِكُلِّ ذِي سَهْمٍ سَهْمَهُ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وَكَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ بِالْجَرِّ، عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَمَا يُتْلَى فِي حَقِّهِمْ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
[ ص: 1589 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ [النِّسَاءِ: 2] وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكَادُ يُحْصَرُ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : الْمَعْنَى: كَمَا أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ نَكَحْتَهَا وَاسْتَأْثَرْتَ بِهَا كَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَكُنْ ذَاتَ مَالٍ وَجِمَالٍ فَانْكَحْهَا وَاسْتَأْثِرْ بِهَا، وَالْخِطَابُ لِلْوُلَاةِ أَوْ لِلْأَوْلِيَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ.