القول في تأويل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28802_29677_30563_30569_34089_34190_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا [141]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141الذين يتربصون بكم إما بدل من
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139الذين يتخذون وإما صفة للمنافقين، أي: ينتظرون بكم ما يتجدد لكم من ظفر أو هزيمة.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141فإن كان لكم فتح من الله أي: نصر وتأييد وظفر وغنيمة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141قالوا لكم:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ألم نكن معكم أي: مظاهرين لكم، فلنا دخل في فتحكم، فليكن لنا شركة في غنيمتكم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وإن كان للكافرين نصيب أي: إدالة على المؤمنين في بعض الأحيان - كما وقع يوم أحد - فإن الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141قالوا أي: الكفرة؛ توددا إليهم، ومصانعة لهم؛ ليحظوا عندهم ويأمنوا كيدهم
[ ص: 1616 ] لضعف إيمانهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ألم نستحوذ عليكم أي: ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم وأسركم فأبقينا عليكم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ونمنعكم من المؤمنين بأن ثبطناهم عنكم، وتوانينا في مظاهرتهم حتى انتصرتم عليهم، وإلا لكنتم نهبة للنوائب، وتسمية (ظفر المسلمين) فتحا و(ما للكافرين) نصيبا; لتعظيم شأن المسلمين وتخسيس حظ الكافرين.
قال في "الانتصاف": وهذا من محاسن نكت القرآن، فإن الذي كان يتفق للمسلمين فيه: استئصال لشأفة الكفار، واستيلاء على أرضهم وديارهم وأموالهم وأرض لم يطؤها، وأما ما كان يتفق للكفار فمثل الغلبة والقدرة التي لا يبلغ شأنها أن تسمى فتحا، فالتفريق بينهما أيضا مطابق للواقع، والله أعلم.
قال بعض الزيدية: في الآية دلالة على وجوب محبة نصرة المؤمنين وكراهة أن تكون اليد عليهم، وتحريم خذلانهم، وإن المنافق لا سهم له؛ لأن في الآية إشارة إلى أنهم طلبوا لما منعوا، فقالوا: ألم نكن معكم؟ ثم قال: يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=3146التأليف من الغنيمة للمنافقين ، كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، حتى أعطى الواحد منهم مائة ناقة، والواحد من المسلمين الشاة أو البعير.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141فالله يحكم بينكم يوم القيامة أي: حكما يليق بشأن كل منكم من الثواب والعقاب، أي: فلا يغتر المنافقون بحقن دمائهم في الدنيا لتلفظهم بالشهادة؛ لما له تعالى في ذلك من الحكمة، فيوم القيامة لا ينفعهم ظواهرهم.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا رد على المنافقين فيما أملوه ورجوه وانتظروه من زوال دولة المؤمنين، وفيما سلكوه من مصانعتهم الكافرين خوفا على أنفسهم منهم، إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52نادمين [المائدة: 52] أي: لن يسلط الله الكافرين على المؤمنين فيستأصلوهم بالكلية، وإن حصل
[ ص: 1617 ] لهم ظفر حينا ما، أفاده
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير .
وهذا التأويل روعي فيه سابق الآية ولاحقها، وأن السياق في (المنافقين) وهو جيد، ويقرب منه ما في تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من حمل (الكافرين) على يهود المدينة، ومن وقف مع عمومها قال: المراد بالسبيل الحجة، وتسميتها (سبيلا) لكونها موصلا للغلبة، أو المراد: ما دام المؤمنون عاملين بالحق غير راضين بالباطل ولا تاركين للنهي عن المنكر، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم [الشورى: 30] قال: فلا يراد أنه قد يدال للكافرين.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28802_29677_30563_30569_34089_34190_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا [141]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ إِمَّا بَدَلٌ مِنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ وَإِمَّا صِفَةٌ لِلْمُنَافِقِينَ، أَيْ: يَنْتَظِرُونَ بِكُمْ مَا يَتَجَدَّدُ لَكُمْ مِنْ ظَفَرٍ أَوْ هَزِيمَةٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ أَيْ: نَصْرٌ وَتَأْيِيدٌ وَظَفَرٌ وَغَنِيمَةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141قَالُوا لَكُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ أَيْ: مُظَاهِرِينَ لَكُمْ، فَلَنَا دَخْلٌ فِي فَتْحِكُمْ، فَلْيَكُنْ لَنَا شَرِكَةٌ فِي غَنِيمَتِكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ أَيْ: إِدَالَةٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ - كَمَا وَقَعَ يَوْمَ أُحُدٍ - فَإِنَّ الرُّسُلَ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141قَالُوا أَيِ: الْكَفَرَةُ؛ تَوَدُّدًا إِلَيْهِمْ، وَمُصَانَعَةً لَهُمْ؛ لِيَحْظَوْا عِنْدَهُمْ وَيَأْمَنُوا كَيْدَهُمْ
[ ص: 1616 ] لِضَعْفِ إِيمَانِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ أَيْ: أَلَمْ نَغْلِبْكُمْ وَنَتَمَكَّنْ مِنْ قَتْلِكُمْ وَأَسْرِكُمْ فَأَبْقَيْنَا عَلَيْكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ ثَبَّطْنَاهُمْ عَنْكُمْ، وَتَوَانَيْنَا فِي مُظَاهَرَتِهِمْ حَتَّى انْتَصَرْتُمْ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا لَكُنْتُمْ نُهْبَةً لِلنَّوَائِبِ، وَتَسْمِيَةُ (ظَفَرِ الْمُسْلِمِينَ) فَتْحًا وَ(مَا لِلْكَافِرِينَ) نَصِيبًا; لِتَعْظِيمِ شَأْنِ الْمُسْلِمِينَ وَتَخْسِيسِ حَظِّ الْكَافِرِينَ.
قَالَ فِي "الِانْتِصَافِ": وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِ نُكَتِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ الَّذِي كَانَ يَتَّفِقُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ: اسْتِئْصَالٌ لِشَأْفَةِ الْكُفَّارِ، وَاسْتِيلَاءٌ عَلَى أَرْضِهِمْ وَدِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَرْضٍ لَمْ يَطَؤُهَا، وَأَمَّا مَا كَانَ يَتَّفِقُ لِلْكُفَّارِ فَمِثْلُ الْغَلَبَةِ وَالْقُدْرَةِ الَّتِي لَا يَبْلُغُ شَأْنُهَا أَنْ تُسَمَّى فَتْحًا، فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا مُطَابِقٌ لِلْوَاقِعِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ بَعْضُ الزَّيْدِيَّةِ: فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ مَحَبَّةِ نُصْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَرَاهَةِ أَنْ تَكُونَ الْيَدُ عَلَيْهِمْ، وَتَحْرِيمِ خِذْلَانِهِمْ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ لَا سَهْمَ لَهُ؛ لِأَنَّ فِي الْآيَةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمْ طَلَبُوا لَمَّا مُنِعُوا، فَقَالُوا: أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ؟ ثُمَّ قَالَ: يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=3146التَّأْلِيفُ مِنَ الْغَنِيمَةِ لِلْمُنَافِقِينَ ، كَمَا فَعَلَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ، حَتَّى أَعْطَى الْوَاحِدَ مِنْهُمْ مِائَةَ نَاقَةٍ، وَالْوَاحِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الشَّاةَ أَوِ الْبَعِيرَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ: حُكْمًا يَلِيقُ بِشَأْنِ كُلٍّ مِنْكُمْ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، أَيْ: فَلَا يَغْتَرُّ الْمُنَافِقُونَ بِحَقْنِ دِمَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا لِتَلَفُّظِهِمْ بِالشَّهَادَةِ؛ لِمَا لَهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ، فَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَنْفَعُهُمْ ظَوَاهِرُهُمْ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا رَدٌّ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِيمَا أَمَّلُوهُ وَرَجَوْهُ وَانْتَظَرُوهُ مِنْ زَوَالِ دَوْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَفِيمَا سَلَكُوهُ مِنْ مُصَانَعَتِهِمُ الْكَافِرِينَ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُمْ، إِذَا هُمْ ظَهَرُوا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَاسْتَأْصَلُوهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52نَادِمِينَ [الْمَائِدَةِ: 52] أَيْ: لَنْ يُسَلِّطَ اللَّهُ الْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَيَسْتَأْصِلُوهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ حَصَلَ
[ ص: 1617 ] لَهُمْ ظَفَرٌ حِينًا مَا، أَفَادَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ .
وَهَذَا التَّأْوِيلُ رُوعِيَ فِيهِ سَابِقُ الْآيَةِ وَلَاحِقُهَا، وَأَنَّ السِّيَاقَ فِي (الْمُنَافِقِينَ) وَهُوَ جَيِّدٌ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا فِي تَفْسِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ حَمْلِ (الْكَافِرِينَ) عَلَى يَهُودِ الْمَدِينَةِ، وَمَنْ وَقَفَ مَعَ عُمُومِهَا قَالَ: الْمُرَادُ بِالسَّبِيلِ الْحُجَّةُ، وَتَسْمِيَتُهَا (سَبِيلًا) لِكَوْنِهَا مُوَصِّلًا لِلْغَلَبَةِ، أَوِ الْمُرَادُ: مَا دَامَ الْمُؤْمِنُونَ عَامِلِينَ بِالْحَقِّ غَيْرَ رَاضِينَ بِالْبَاطِلِ وَلَا تَارِكِينَ لِلنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشُّورَى: 30] قَالَ: فَلَا يُرَادُ أَنَّهُ قَدْ يُدَالُ لِلْكَافِرِينَ.