689 - مسألة : من خرج المال عن ملكه في داخل الحول قبل تمامه - بأي وجه خرج عن ملكه - ثم رجع إليه - بأي وجه رجع إليه ، ولو إثر خروجه بطرفة عين أو أكثر - : فإنه يستأنف به الحول من حين رجوعه ، لا من حين الحول الأول ، لأن ذلك الحول قد بطل ببطلان الملك ، ومن الباطل أن يعد عليه وقت كان فيه المال لغيره . وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=26294_25498من باع إبلا بإبل ، أو بقرا ببقر ، أو غنما بغنم ، أو فضة بفضة ، أو ذهبا بذهب - : فإن حول الذي خرج عن ملكه ، من ذلك قد بطل ، ويستأنف الحول الذي صار في ملكه من ذلك لما ذكرنا . وسواء في كل ذلك فعل ذلك فرارا من الزكاة أو لغير فرار ، فهو عاص بنيته السوء في فراره من الزكاة .
وقال بعض الناس : إن كان فعل ذلك فرارا من الزكاة فعليه الزكاة ، ثم ناقض من قرب فقال : من
nindex.php?page=treesubj&link=25498_26294اشترى بدراهمه أو بدنانيره عقارا أو متاعا فرارا من الزكاة فلا زكاة عليه فيما اشترى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ومن المحال الذي لم يأمر الله تعالى به أن يزكي الإنسان مالا هو في يد غيره [ ما ] لم يحل حوله عنده . قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } . وقولنا في هذا كله هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن بادل إبلا ببقر أو بغنم أو بقرا بغنم فكذلك سواء فعله فرارا من الزكاة أو لغير فرار ،
nindex.php?page=treesubj&link=26294_25498وإن بادل إبلا بإبل ، أو بقرا ببقر ، أو غنما بغنم ، أو ذهبا بذهب ، أو [ ص: 207 ] فضة بفضة - : فعليه الزكاة عند انقضاء الحول الذي خرج عن يده ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا خطأ ظاهر ، ودعوى لا دليل على صحتها ، لا من قرآن ، ولا سنة ( صحيحة ) ولا رواية سقيمة ، ولا إجماع ، ولا قول صاحب ولا قياس ، ولا رأي يصح ونسأل من قال بهذا : أهذه التي صارت إليه هي التي خرجت عنه ؟ أم هي غيرها ؟ فإن قال : هي غيرها ؟ قيل : فكيف يزكي عن مال لا يملكه ؟ ولعلها أموات ، أو عند كافر . وإن : قال بل هي تلك ، كابر العيان ، وصار في مسلاخ من يستسهل الكذب جهارا ، فإن قال : ليست هي ، ولكنها من نوعها ؟ قلنا نعم ، فكان ماذا ؟ ومن أين لكم زكاة غير المال الذي ابتدأ الحول في ملكه إذا كان من نوعه ؟ ثم يسألون إن كانت الأعداد مختلفة : أي العددين يزكي العدد الذي خرج عن ملكه ؟ أم العدد الذي اكتسب ؟ ولعل أحدهما ليس نصابا ؟ وهذا كله خطأ لا خفاء به ، وبالله تعالى التوفيق . وأي شيء قالوا في ذلك كان تحكما وباطلا بلا برهان .
فإن قالوا : إنه لم يزل مالكا لمائة شاة أو لعشر من الإبل أو لمائتي درهم حولا كاملا متصلا ؟
[ ص: 208 ] قلنا : إنما الزكاة تجب في ذمة المسلم عن مال ملكه بعينه حولا كاملا من كل ما ذكرنا بلا خلاف ; فعليكم البرهان في وجوب الزكاة عن عدد بغير عينه لكن في أعيان مختلفة ، وهذا ما لا سبيل إلى وجوده ، إلا بالدعوى - وبالله تعالى التوفيق .
689 - مَسْأَلَةٌ : مَنْ خَرَجَ الْمَالُ عَنْ مِلْكِهِ فِي دَاخِلِ الْحَوْلِ قَبْلَ تَمَامِهِ - بِأَيِّ وَجْهٍ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ - ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ - بِأَيِّ وَجْهٍ رَجَعَ إلَيْهِ ، وَلَوْ إثْرَ خُرُوجِهِ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ أَوْ أَكْثَرَ - : فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ بِهِ الْحَوْلَ مِنْ حِينِ رُجُوعِهِ ، لَا مِنْ حِينِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْحَوْلَ قَدْ بَطَلَ بِبُطْلَانِ الْمِلْكِ ، وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُعَدَّ عَلَيْهِ وَقْتٌ كَانَ فِيهِ الْمَالُ لِغَيْرِهِ . وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=26294_25498مَنْ بَاعَ إبِلًا بِإِبِلٍ ، أَوْ بَقَرًا بِبَقَرٍ ، أَوْ غَنَمًا بِغَنَمٍ ، أَوْ فِضَّةً بِفِضَّةٍ ، أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ - : فَإِنَّ حَوْلَ الَّذِي خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ ، مِنْ ذَلِكَ قَدْ بَطَلَ ، وَيَسْتَأْنِفُ الْحَوْلَ الَّذِي صَارَ فِي مِلْكِهِ مِنْ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا . وَسَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَعَلَ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ لِغَيْرِ فِرَارٍ ، فَهُوَ عَاصٍ بِنِيَّتِهِ السُّوءَ فِي فِرَارِهِ مِنْ الزَّكَاةِ .
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ ، ثُمَّ نَاقَضَ مَنْ قَرَّبَ فَقَالَ : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=25498_26294اشْتَرَى بِدَرَاهِمِهِ أَوْ بِدَنَانِيرِهِ عَقَارًا أَوْ مَتَاعًا فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا اشْتَرَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَمِنْ الْمُحَالِ الَّذِي لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَنْ يُزَكِّيَ الْإِنْسَانُ مَالًا هُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ [ مَا ] لَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ عِنْدَهُ . قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةً وِزْرَ أُخْرَى } . وَقَوْلُنَا فِي هَذَا كُلِّهِ هُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وَأَبِي سُلَيْمَانَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : إنْ بَادَلَ إبِلًا بِبَقَرٍ أَوْ بِغَنَمٍ أَوْ بَقَرًا بِغَنَمٍ فَكَذَلِكَ سَوَاءٌ فَعَلَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ لِغَيْرِ فِرَارٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=26294_25498وَإِنْ بَادَلَ إبِلًا بِإِبِلٍ ، أَوْ بَقَرًا بِبَقَرٍ ، أَوْ غَنَمًا بِغَنَمٍ ، أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ ، أَوْ [ ص: 207 ] فِضَّةً بِفِضَّةٍ - : فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ الَّذِي خَرَجَ عَنْ يَدِهِ ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ ، وَدَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهَا ، لَا مِنْ قُرْآنٍ ، وَلَا سُنَّةٍ ( صَحِيحَةٍ ) وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ ، وَلَا إجْمَاعٍ ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٍ ، وَلَا رَأْيٍ يَصِحُّ وَنَسْأَلُ مَنْ قَالَ بِهَذَا : أَهَذِهِ الَّتِي صَارَتْ إلَيْهِ هِيَ الَّتِي خَرَجَتْ عَنْهُ ؟ أَمْ هِيَ غَيْرُهَا ؟ فَإِنْ قَالَ : هِيَ غَيْرُهَا ؟ قِيلَ : فَكَيْفَ يُزَكِّي عَنْ مَالٍ لَا يَمْلِكُهُ ؟ وَلَعَلَّهَا أَمْوَاتٌ ، أَوْ عِنْدَ كَافِرٍ . وَإِنْ : قَالَ بَلْ هِيَ تِلْكَ ، كَابِرُ الْعِيَانِ ، وَصَارَ فِي مِسْلَاخِ مَنْ يَسْتَسْهِلُ الْكَذِبَ جِهَارًا ، فَإِنْ قَالَ : لَيْسَتْ هِيَ ، وَلَكِنَّهَا مِنْ نَوْعِهَا ؟ قُلْنَا نَعَمْ ، فَكَانَ مَاذَا ؟ وَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ زَكَاةُ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي ابْتَدَأَ الْحَوْلُ فِي مِلْكِهِ إذَا كَانَ مِنْ نَوْعِهِ ؟ ثُمَّ يُسْأَلُونَ إنْ كَانَتْ الْأَعْدَادُ مُخْتَلِفَةً : أَيُّ الْعَدَدَيْنِ يُزَكِّي الْعَدَدَ الَّذِي خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ ؟ أَمْ الْعَدَدُ الَّذِي اكْتَسَبَ ؟ وَلَعَلَّ أَحَدُهُمَا لَيْسَ نِصَابًا ؟ وَهَذَا كُلُّهُ خَطَأٌ لَا خَفَاءَ بِهِ ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَأَيُّ شَيْءٍ قَالُوا فِي ذَلِكَ كَانَ تَحَكُّمًا وَبَاطِلًا بِلَا بُرْهَانٍ .
فَإِنْ قَالُوا : إنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَالِكًا لِمِائَةِ شَاةٍ أَوْ لِعَشْرٍ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ لِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ حَوْلًا كَامِلًا مُتَّصِلًا ؟
[ ص: 208 ] قُلْنَا : إنَّمَا الزَّكَاةُ تَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِ عَنْ مَالِ مِلْكِهِ بِعَيْنِهِ حَوْلًا كَامِلًا مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا بِلَا خِلَافٍ ; فَعَلَيْكُمْ الْبُرْهَانُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَنْ عَدَدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَكِنْ فِي أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةٍ ، وَهَذَا مَا لَا سَبِيلَ إلَى وُجُودِهِ ، إلَّا بِالدَّعْوَى - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .