الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            7334 وعن ربيعة الأسلمي قال : كنت أخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لي : " يا ربيعة ألا تزوج ؟ " . قلت : لا والله يا رسول الله ما أريد أن أتزوج وما عندي ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلني عنك شيء . فأعرض عني [ فخدمته ما خدمته ] ، ثم قال لي الثانية : " يا ربيعة ألا تزوج ؟ " . فقلت : ما أريد أن أتزوج ما عندي ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلني عنك شيء . فأعرض عني ، ثم رجعت إلى نفسي فقلت : والله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم مني بما يصلحني في الدنيا والآخرة والله لئن قال لي أتزوج لأقولن نعم يا رسول الله مرني بما شئت . فقال لي : " يا ربيعة ألا تزوج ؟ " . فقلت : بلى مرني بما شئت . قال : " انطلق إلى آل فلان - حي من الأنصار كان فيهم تراخ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - فقل لهم : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسلني إليكم يأمركم أن تزوجوني فلانة " - لامرأة منهم - فذهبت إليهم، فقلت لهم : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسلني إليكم يأمركم أن تزوجوني فلانة . فقالوا : مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله لا يرجع رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بحاجته . فزوجوني وألطفوني وما سألوني البينة ، وليس عندي صداق . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا بريدة الأسلمي اجمعوا له وزن نواة من ذهب " قال : فجمعوا لي وزن نواة من ذهب فأخذت ما جمعوا لي فأتيت [ به ] النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " اذهب بهذا إليهم فقل لهم : هذا صداقها " . فأتيتهم فقلت : هذا صداقها . فقبلوه ورضوه وقالوا : كثير طيب . قال : ثم رجعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حزينا فقال : " يا ربيعة ما لك حزين ؟ " فقلت : يا رسول الله ما رأيت قوما أكرم منهم ورضوا بما آتيتهم وأحسنوا وقالوا : كثير طيب وليس عندي ما أولم . فقال : " يا بريدة اجمعوا له شاة " قال : فجمعوا لي كبشا عظيما سمينا ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اذهب إلى عائشة فقل لها فلتبعث بالمكتل الذي فيه الطعام " قال : فأتيتها ، فقلت لها ما أمرني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : هذا المكتل [ ص: 257 ] فيه سبع آصع شعير لا والله إن أصبح لنا طعام غيره خذه . قال : فأخذته فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبرته بما قالت عائشة قال : " اذهب بهذا إليهم فقل لهم : ليصبح هذا عندكم خبزا [ فذهبت إليهم ، وذهبت بالكبش ، ومعي أناس من أسلم ، فقال : ليصبح هذا عندكم خبزا ] ، وهذا طبيخا فقالوا : أما الخبز فسنكفيكموه وأما الكبش فاكفونا أنتم . فأخذنا الكبش أنا ، وأناس من أسلم فذبحناه وسلخناه وطبخناه فأصبح عندنا خبز ولحم فأولمت ودعوت النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                            ثم قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاني بعد ذلك أرضا وأعطى أبا بكر أرضا وجاءت الدنيا فاختلفنا في عذق نخلة فقلت أنا : هي في حدي . وقال أبو بكر : هي في حدي . وكان بيني وبين أبي بكر كلام فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها وندم فقال لي : يا ربيعة رد علي مثلها حتى يكون قصاصا . قلت : لا أفعل . قال أبو بكر : لتقولن أو لأستعدين عليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قلت : ما أنا بفاعل . قال : ورفض الأرض ، وانطلق أبو بكر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وانطلقت أتلوه فجاء أناس من أسلم فقالوا [ لي ] : رحم الله أبا بكر في أي شيء يستعدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو الذي قال لك ما قال ؟ فقلت : أتدرون ما هذا ؟ هذا أبو بكر الصديق هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيغضب لغضبه فيغضب الله عز وجل لغضبهما فتهلك ربيعة . قال : ما تأمرنا ؟ قال : ارجعوا . فانطلق أبو بكر رحمة الله عليه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتبعته وحدي حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثه الحديث كما كان فرفع رأسه إلي فقال لي : " يا ربيعة ما لك وللصديق ؟ " . قلت : يا رسول الله كان كذا كان كذا . قال لي كلمة كرهتها . قال لي : قل كما قلت حتى يكون قصاصا ، فأبيت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أجل لا ترد عليه ، ولكن قل : غفر الله لك يا أبا بكر [ فقلت غفر الله لك يا أبا بكر ] " . قال الحسن : فولى أبو بكر رحمه الله يبكي
                                                                                            .

                                                                                            رواه أحمد ، والطبراني ، وفيه مبارك بن فضالة ، وحديثه حسن ، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية