nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29028_28653آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=11من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم
قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7آمنوا بالله ورسوله أي صدقوا بالتوحيد وبصحة الرسالة ، وهذا خطاب لكفار العرب ، ويجوز أن يكون خطابا للجميع ، ويكون المراد بالأمر بالإيمان في حق المسلمين الاستمرار عليه ، أو الازدياد منه ، ثم لما أمرهم بالإيمان أمرهم بالإنفاق في سبيل الله فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه أي جعلكم خلفاء في التصرف فيه من غير أن تملكوه حقيقة ، فإن المال مال الله ، والعباد خلفاء الله في أمواله فعليهم أن يصرفوها فيما يرضيه وقيل جعلكم خلفاء من كان قبلكم ممن ترثونه ، وسينتقل إلى غيركم ممن يرثكم فلا تبخلوا به .
كذا قال
الحسن وغيره ، وفيه الترغيب إلى الإنفاق في سبيل الخير قبل أن ينتقل عنهم ويصير إلى غيرهم ، والظاهر أن معنى الآية
nindex.php?page=treesubj&link=7334_23468الترغيب في الإنفاق في الخير ، وما يرضاه الله على العموم ، وقيل هو خاص بالزكاة المفروضة ، ولا وجه لهذا الخصوص ، ثم ذكر سبحانه ثواب من أنفق في سبيل الله فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير أي الذين جمعوا بين الإيمان بالله ورسوله ، وبين الإنفاق في سبيل الله لهم أجر كبير ، وهو الجنة .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم لا تؤمنون بالله هذا الاستفهام للتوبيخ والتقريع : أي أي عذر لكم ، وأي مانع من الإيمان .
وقد أزيحت عنكم العلل ، و " ما " مبتدأ و " لكم " خبره و " لا تؤمنون " في محل نصب على الحال من الضمير في لكم ، والعامل ما فيه من معنى الاستقرار ، وقيل المعنى : أي شيء لكم من الثواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا ؟ وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم في محل نصب على الحال من ضمير " لا تؤمنون " على التداخل ، و " لتؤمنوا " متعلق بـ " يدعوكم " : أي يدعوكم للإيمان ، والمعنى : أي عذر لكم في ترك الإيمان والرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه ؟ وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وقد أخذ ميثاقكم في محل نصب على الحال من فاعل يدعوكم على التداخل أيضا : أي والحال أن قد أخذ الله ميثاقكم حين أخرجكم من ظهر أبيكم آدم ، أو بما نصب لكم من الأدلة الدالة على التوحيد ووجوب الإيمان .
قرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وقد أخذ مبنيا للفاعل ، وهو الله سبحانه لتقدم ذكره .
وقرأ
أبو عمرو على البناء للمفعول
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8إن كنتم مؤمنين بما أخذ عليكم من الميثاق ، أو بالحجج والدلائل ، أو إن كنتم مؤمنين بسبب من الأسباب فهذا من أعظم أسبابه وأوضح موجباته .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29028هو الذي ينزل على عبده آيات بينات أي واضحات ظاهرات ، وهي الآية القرآنية ، وقيل المعجزات والقرآن أعظمها
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9ليخرجكم من الظلمات إلى النور أي ليخرجكم الله بتلك الآيات من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان ، أو ليخرجكم الرسول بتلك الآيات ، أو بالدعوة
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9وإن الله بكم لرءوف رحيم أي لكثير الرأفة والرحمة بليغهما حيث أنزل كتبه وبعث رسله لهداية عباده فلا رأفة ولا رحمة أبلغ من هذه .
والاستفهام في
nindex.php?page=treesubj&link=29028_23468قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله للتقريع والتوبيخ ، والكلام في إعراب هذا كالكلام في إعراب قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم لا تؤمنون بالله وفي هذه الآية دليل على أن الإنفاق المأمور به في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه هو الإنفاق في سبيل الله كما بينا ذلك ، والمعنى : أي عذر لكم وأي شيء يمنعكم من ذلك ، والأصل في أن لا تنفقوا ، وقيل
[ ص: 1456 ] إن " أن " زائدة ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10ولله ميراث السماوات والأرض في محل نصب على الحال من فاعل " ألا تنفقوا " أو من مفعوله ، والمعنى : أي شيء يمنعكم من الإنفاق في ذلك الوجه والحال أن كل ما في السماوات والأرض راجع إلى الله سبحانه بانقراض العالم كرجوع الميراث إلى الوارث ، ولا يبقى لهم منه شيء ، وهذا أدخل في التوبيخ وأكمل في التقريع ، فإن كون تلك الأموال تخرج عن أهلها وتصير لله سبحانه ولا يبقى أحد من مالكيها أقوى في إيجاب الإنفاق عليهم من كونها لله في الحقيقة ، وهم خلفاؤه في التصرف فيها .
ثم بين سبحانه فضل من سبق بالإنفاق في سبيل الله فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29028_23468لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح قيل المراد بالفتح فتح
مكة . وبه قال أكثر المفسرين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : فتح
الحديبية .
قال
قتادة : كان قتالان أحدهما أفضل من الآخر ، ونفقتان إحداهما أفضل من الأخرى ، كان القتال والنفقة قبل فتح
مكة أفضل من القتال والنفقة بعد ذلك ، وكذا قال
مقاتل وغيره .
وفي الكلام حذف ، والتقدير : لا يستوي من أنفق من قبل الفتح وقاتل ومن أنفق من بعد الفتح وقاتل ، فحذف لظهوره ولدلالة ما سيأتي عليه ، وإنما كانت النفقة والقتال قبل الفتح أفضل من النفقة والقتال بعد الفتح ، لأن حاجة الناس كانت إذ ذاك أكثر وهم أقل وأضعف ، وتقديم الإنفاق على القتال للإيذان بفضيلة الإنفاق لما كانوا عليه من الحاجة ، فإنهم كانوا يجودون بأنفسهم ولا يجدون ما يجودون به من الأموال .
والجود بالنفس أقصى غاية الجود ، والإشارة بقوله : أولئك إلى " من " باعتبار معناها ، وهو مبتدأ وخبره
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا أي أرفع منزلة وأعلى رتبة من الذين أنفقوا أموالهم في سبيل الله من بعد الفتح وقاتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
عطاء : درجات الجنة تتفاضل ، فالذين أنفقوا من قبل الفتح في أفضلها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : لأن المتقدمين نالهم من المشقة أكثر مما نال من بعدهم ، وكانت بصائرهم أيضا أنفذ .
وقد أرشد صلى الله عليه وسلم إلى هذه الفضيلة بقوله فيما صح عنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021571لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه وهذا خطاب منه صلى الله عليه وسلم للمتأخرين صحبة ، كما يرشد إلى ذلك السبب الذي ورد فيه هذا الحديث .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وكلا وعد الله الحسنى أي وكل واحد من الفريقين وعد الله المثوبة الحسنى ، وهي الجنة مع تفاوت درجاتهم فيها .
قرأ الجمهور وكلا بالنصب على أنه مفعول به للفعل المتأخر .
وقرأ
ابن عامر بالرفع على الابتداء ، والجملة بعده خبره والعائد محذوف ، أو على أنه خبر محذوف ، ومثل هذا قول الشاعر :
قد أصبحت أم الخيار تدعي علي ذنبا كله لم أصنع
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10والله بما تعملون خبير لا يخفى عليه من ذلك شيء .
ثم رغب سبحانه في الصدقة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29028_26093من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا أي من ذا الذي ينفق ماله في سبيل الله ، فإنه كمن يقرضه ، والعرب تقول لكل من فعل فعلا حسنا قد أقرض ، ومنه قول الشاعر :
وإذا جوزيت قرضا فاجزه إنما يجزي الفتى ليس الجمل
قال
الكلبي قرضا أي صدقة حسنا أي محتسبا من قلبه بلا من ولا أذى .
قال
مقاتل : حسنا طيبة به نفسه ، وقد تقدم تفسير الآية في سورة البقرة
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=11فيضاعفه له قرأ
ابن عامر ،
وابن كثير " فيضعفه " بإسقاط الألف إلا أن
ابن عامر ،
ويعقوب نصبوا الفاء .
وقرأ
نافع وأهل الكوفة والبصرة " فيضاعفه " بالألف وتخفيف العين إلا أن عاصما نصب الفاء ورفع الباقون .
قال
ابن عطية : الرفع على العطف على يقرض ، أو الاستئناف والنصب لكون الفاء في جواب الاستفهام .
وضعف النصب
أبو علي الفارسي قال لأن السؤال لم يقع عن القرض ، وإنما وقع عن فاعل القرض ، وإنما تنصب الفاء فعلا مردودا على فعل مستفهم عنه ، لكن هذه الفرقة حملت ذلك على المعنى ، كأن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=11من ذا الذي يقرض الله بمنزلة قوله أيقرض الله أحد
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=11وله أجر كريم وهو الجنة ، والمضاعفة هنا هي كون الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف على اختلاف الأحوال والأشخاص والأوقات .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وابن مردويه ،
وأبو نعيم في الدلائل من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال
خرجنا مع رسول الله عام الحديبية حتى إذا كنا بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك أن يأتي قوم يحقرون أعمالكم مع أعمالهم ، قلنا من هم يا رسول الله ؟ أقريش ؟ قال : لا ، ولكنهم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا ، فقلنا : أهم خير منا يا رسول الله ؟ قال : لو كان لأحدهم جبل من ذهب ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه ، إلا أن هذا فصل ما بيننا وبين الناس nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل الآية وهذا الحديث قال
ابن كثير : هو غريب بهذا الإسناد ، وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ولم يذكر فيه
الحديبية .
وأخرج
أحمد عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021573كان بين nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد وبين nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف كلام ، فقال خالد لعبد الرحمن : تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها ؟ فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : دعوا لي أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم والذي في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021574لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه وفي لفظ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021575ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه وأخرج هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
ومسلم وغيرهما من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال :
nindex.php?page=treesubj&link=19098_28811_31411لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29028_28653آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=11مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أَيْ صَدِّقُوا بِالتَّوْحِيدِ وَبِصِحَّةِ الرِّسَالَةِ ، وَهَذَا خِطَابٌ لِكُفَّارِ الْعَرَبِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلْجَمِيعِ ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ الِاسْتِمْرَارُ عَلَيْهِ ، أَوِ الِازْدِيَادُ مِنْهُ ، ثُمَّ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ أَمَرَهُمْ بِالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ أَيْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمْلِكُوهُ حَقِيقَةً ، فَإِنَّ الْمَالَ مَالُ اللَّهِ ، وَالْعِبَادَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَمْوَالِهِ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَصْرِفُوهَا فِيمَا يُرْضِيهِ وَقِيلَ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِمَّنْ تَرِثُونَهُ ، وَسَيَنْتَقِلُ إِلَى غَيْرِكُمْ مِمَّنْ يَرِثُكُمْ فَلَا تَبْخَلُوا بِهِ .
كَذَا قَالَ
الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ ، وَفِيهِ التَّرْغِيبُ إِلَى الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُمْ وَيَصِيرَ إِلَى غَيْرِهِمْ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=7334_23468التَّرْغِيبُ فِي الْإِنْفَاقِ فِي الْخَيْرِ ، وَمَا يَرْضَاهُ اللَّهُ عَلَى الْعُمُومِ ، وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ ، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا الْخُصُوصِ ، ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ ثَوَابَ مَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ أَيِ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَبَيْنَ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ، وَهُوَ الْجَنَّةُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ : أَيْ أَيُّ عُذْرٍ لَكُمْ ، وَأَيُّ مَانِعٍ مِنَ الْإِيمَانِ .
وَقَدْ أُزِيحَتْ عَنْكُمُ الْعِلَلُ ، وَ " مَا " مُبْتَدَأٌ وَ " لَكُمْ " خَبَرُهُ وَ " لَا تُؤْمِنُونَ " فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي لَكُمْ ، وَالْعَامِلُ مَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ ، وَقِيلَ الْمَعْنَى : أَيُّ شَيْءٍ لَكُمْ مِنَ الثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ إِذَا لَمْ تُؤْمِنُوا ؟ وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ " لَا تُؤْمِنُونَ " عَلَى التَّدَاخُلِ ، وَ " لِتُؤْمِنُوا " مُتَعَلِّقٌ بِـ " يَدْعُوكُمْ " : أَيْ يَدْعُوكُمْ لِلْإِيمَانِ ، وَالْمَعْنَى : أَيُّ عُذْرٍ لَكُمْ فِي تَرْكِ الْإِيمَانِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ وَيُنَبِّهُكُمْ عَلَيْهِ ؟ وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يَدْعُوكُمْ عَلَى التَّدَاخُلِ أَيْضًا : أَيْ وَالْحَالُ أَنْ قَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَكُمْ حِينَ أَخْرَجَكُمْ مِنْ ظَهْرِ أَبِيكُمْ آدَمَ ، أَوْ بِمَا نَصَبَ لَكُمْ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَوُجُوبِ الْإِيمَانِ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَقَدْ أَخَذَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ .
وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِمَا أُخِذَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمِيثَاقِ ، أَوْ بِالْحُجَجِ وَالدَّلَائِلِ ، أَوْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِهِ وَأَوْضَحِ مُوجِبَاتِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29028هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ أَيْ وَاضِحَاتٍ ظَاهِرَاتٍ ، وَهِيَ الْآيَةُ الْقُرْآنِيَّةُ ، وَقِيلَ الْمُعْجِزَاتُ وَالْقُرْآنُ أَعْظَمُهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ أَيْ لِيُخْرِجَكُمُ اللَّهُ بِتِلْكَ الْآيَاتِ مِنْ ظُلُمَاتِ الشِّرْكِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ ، أَوْ لِيُخْرِجَكُمُ الرَّسُولُ بِتِلْكَ الْآيَاتِ ، أَوْ بِالدَّعْوَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ أَيْ لَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ بَلِيغُهُمَا حَيْثُ أَنْزَلَ كُتُبَهُ وَبَعَثَ رُسُلَهُ لِهِدَايَةِ عِبَادِهِ فَلَا رَأْفَةَ وَلَا رَحْمَةَ أَبْلَغُ مِنْ هَذِهِ .
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29028_23468قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِلتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ ، وَالْكَلَامُ فِي إِعْرَابِ هَذَا كَالْكَلَامِ فِي إِعْرَابِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ هُوَ الْإِنْفَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ ، وَالْمَعْنَى : أَيُّ عُذْرٍ لَكُمْ وَأَيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُكُمْ مِنْ ذَلِكَ ، وَالْأَصْلُ فِي أَنْ لَا تُنْفِقُوا ، وَقِيلَ
[ ص: 1456 ] إِنَّ " أَنْ " زَائِدَةٌ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ " أَلَّا تُنْفِقُوا " أَوْ مِنْ مَفْعُولِهِ ، وَالْمَعْنَى : أَيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُكُمْ مِنَ الْإِنْفَاقِ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ وَالْحَالُ أَنَّ كُلَّ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِانْقِرَاضِ الْعَالَمِ كَرُجُوعِ الْمِيرَاثِ إِلَى الْوَارِثِ ، وَلَا يَبْقَى لَهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَهَذَا أَدْخَلُ فِي التَّوْبِيخِ وَأَكْمَلُ فِي التَّقْرِيعِ ، فَإِنَّ كَوْنَ تِلْكَ الْأَمْوَالِ تَخْرُجُ عَنْ أَهْلِهَا وَتَصِيرُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ مَالِكِيهَا أَقْوَى فِي إِيجَابِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ مِنْ كَوْنِهَا لِلَّهِ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَهُمْ خُلَفَاؤُهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا .
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ فَضْلَ مَنْ سَبَقَ بِالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29028_23468لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْفَتْحِ فَتْحُ
مَكَّةَ . وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزَّهْرِيُّ : فَتْحُ
الْحُدَيْبِيَةَ .
قَالَ
قَتَادَةُ : كَانَ قِتَالَانِ أَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنَ الْآخَرِ ، وَنَفَقَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَفْضَلُ مِنَ الْأُخْرَى ، كَانَ الْقِتَالُ وَالنَّفَقَةُ قَبْلَ فَتْحِ
مَكَّةَ أَفْضَلَ مِنَ الْقِتَالِ وَالنَّفَقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَكَذَا قَالَ
مُقَاتِلٌ وَغَيْرُهُ .
وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : لَا يَسْتَوِي مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ وَمَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ، فَحُذِفَ لِظُهُورِهِ وَلِدَلَالَةِ مَا سَيَأْتِي عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا كَانَتِ النَّفَقَةُ وَالْقِتَالُ قَبْلَ الْفَتْحِ أَفْضَلَ مِنَ النَّفَقَةِ وَالْقِتَالِ بَعْدَ الْفَتْحِ ، لِأَنَّ حَاجَةَ النَّاسِ كَانَتْ إِذْ ذَاكَ أَكْثَرَ وَهُمْ أَقَلُّ وَأَضْعَفُ ، وَتَقْدِيمُ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْقِتَالِ لِلْإِيذَانِ بِفَضِيلَةِ الْإِنْفَاقِ لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْحَاجَةِ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَجُودُونَ بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا يَجِدُونَ مَا يَجُودُونَ بِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ .
وَالْجُودُ بِالنَّفْسِ أَقْصَى غَايَةِ الْجُودِ ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : أُولَئِكَ إِلَى " مَنْ " بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا أَيْ أَرْفَعُ مَنْزِلَةً وَأَعْلَى رُتْبَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
عَطَاءٌ : دَرَجَاتُ الْجَنَّةِ تَتَفَاضَلُ ، فَالَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ فِي أَفْضَلِهَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ نَالَهُمْ مِنَ الْمَشَقَّةِ أَكْثَرُ مِمَّا نَالَ مَنْ بَعْدَهُمْ ، وَكَانَتْ بَصَائِرُهُمْ أَيْضًا أَنْفَذَ .
وَقَدْ أَرْشَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذِهِ الْفَضِيلَةِ بِقَوْلِهِ فِيمَا صَحَّ عَنْهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021571لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ وَهَذَا خِطَابٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَأَخِّرِينَ صُحْبَةً ، كَمَا يُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ السَّبَبُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى أَيْ وَكُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ وَعَدَ اللَّهُ الْمَثُوبَةَ الْحُسْنَى ، وَهِيَ الْجَنَّةُ مَعَ تَفَاوُتِ دَرَجَاتِهِمْ فِيهَا .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَكُلًّا بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِلْفِعْلِ الْمُتَأَخِّرِ .
وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرُهُ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ :
قَدْ أَصْبَحَتْ أَمُّ الْخِيَارِ تَدَّعِي عَلِيَّ ذَنْبًا كُلَّهُ لَمْ أَصْنَعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ .
ثُمَّ رَغَّبَ سُبْحَانَهُ فِي الصَّدَقَةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29028_26093مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا أَيْ مَنْ ذَا الَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ كَمَنْ يُقْرِضُهُ ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا حَسَنًا قَدْ أَقْرَضَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَإِذَا جُوزِيتَ قَرْضًا فَاجْزِهِ إِنَّمَا يَجْزِي الْفَتَى لَيْسَ الْجَمَلْ
قَالَ
الْكَلْبِيُّ قَرْضًا أَيْ صَدَقَةً حَسَنًا أَيْ مُحْتَسِبًا مِنْ قَلْبِهِ بِلَا مَنٍّ وَلَا أَذًى .
قَالَ
مُقَاتِلٌ : حَسَنًا طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=11فَيُضَاعِفَهُ لَهُ قَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ " فَيُضْعِفُهُ " بِإِسْقَاطِ الْأَلِفِ إِلَّا أَنَّ
ابْنَ عَامِرٍ ،
وَيَعْقُوبَ نَصَبُوا الْفَاءَ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ " فَيُضَاعِفَهُ " بِالْأَلِفِ وَتَخْفِيفِ الْعَيْنِ إِلَّا أَنَّ عَاصِمًا نَصَبَ الْفَاءَ وَرَفَعَ الْبَاقُونَ .
قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : الرَّفْعُ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى يُقْرِضُ ، أَوِ الِاسْتِئْنَافِ وَالنَّصْبُ لِكَوْنِ الْفَاءِ فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ .
وَضَعَّفَ النَّصْبَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ قَالَ لِأَنَّ السُّؤَالَ لَمْ يَقَعْ عَنِ الْقَرْضِ ، وَإِنَّمَا وَقَعَ عَنْ فَاعِلِ الْقَرْضِ ، وَإِنَّمَا تَنْصِبُ الْفَاءُ فِعْلًا مَرْدُودًا عَلَى فِعْلٍ مُسْتَفْهَمٍ عَنْهُ ، لَكِنَّ هَذِهِ الْفِرْقَةَ حَمَلَتْ ذَلِكَ عَلَى الْمَعْنَى ، كَأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=11مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَيُقْرِضُ اللَّهَ أَحَدٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=11وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ وَهُوَ الْجَنَّةُ ، وَالْمُضَاعَفَةُ هُنَا هِيَ كَوْنُ الْحَسَنَةِ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَالْأَوْقَاتِ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِعُسْفَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُحَقِّرُونَ أَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ ، قُلْنَا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ أَقَرِيشٌ ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنَّهُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا ، فَقُلْنَا : أَهُمْ خَيْرٌ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ جَبَلٌ مِنْ ذَهَبٍ مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِكُمْ وَلَا نَصِيفَهُ ، إِلَّا أَنَّ هَذَا فَصْلُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّاسِ nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ الْآيَةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : هُوَ غَرِيبٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَقَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ
الْحُدَيْبِيَةَ .
وَأَخْرَجَ
أَحْمَدُ عَنْ
أَنَسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021573كَانَ بَيْنَ nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَلَامٌ ، فَقَالَ خَالِدٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ : تَسْتَطِيلُونَ عَلَيْنَا بِأَيَّامٍ سَبَقْتُمُونَا بِهَا ؟ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : دَعُوا لِي أَصْحَابِي ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ ذَهَبًا مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِي فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021574لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ وَفِي لَفْظٍ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021575مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ وَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ،
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيٍّ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=19098_28811_31411لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمُرَهُ .