وهي مدنية .
قال
القرطبي في قول الجميع .
وأخرج
ابن الضريس ،
والنحاس ،
وابن مردويه ،
والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : نزلت سورة الحشر
بالمدينة .
وأخرج
ابن مردويه عن
ابن الزبير مثله .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
ومسلم وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : سورة الحشر ، قال : سورة
النضير : يعني أنها نزلت في
بني النضير كما صرح بذلك في بعض الروايات .
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=1سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=3ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=1سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم قد تقدم تفسير هذا في سورة الحديد .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29030_30868هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر هم
بنو النضير ، وهم رهط من
اليهود من ذرية
هارون ، نزلوا
المدينة في فتن
بني إسرائيل انتظارا منهم
لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فغدروا بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن عاهدوه ، وصاروا عليه مع المشركين ، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رضوا بالجلاء .
قال
الكلبي : كانوا أول من أجلي من أهل الذمة من جزيرة العرب ، ثم أجلي آخرهم في زمن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فكان جلاؤهم أول حشر من
المدينة ، وآخر حشر إجلاء
عمر لهم .
وقيل إن أول الحشر إخراجهم من حصونهم إلى
خيبر ، وآخر الحشر إخراجهم من
خيبر إلى
الشام ، وقيل آخر الحشر هو حشر جميع الناس إلى أرض المحشر ، وهي
الشام .
قال
عكرمة : من شك أن المحشر يوم القيامة في
الشام فليقرأ هذه الآية ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : اخرجوا ، قالوا إلى أين ؟ قال إلى أرض المحشر .
قال
ابن العربي : الحشر أول وأوسط وآخر .
فالأول إجلاء
بني النضير ، والأوسط إجلاء أهل
خيبر ، والآخر يوم القيامة .
وقد أجمع المفسرون على أن هؤلاء المذكورين في الآية هم
بنو النضير ، ولم يخالف في ذلك إلا
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري فقال : هم
بنو قريظة ، وهو غلط . فإن
بني قريظة ما حشروا ، بل قتلوا
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003569بحكم nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ لما رضوا بحكمه ، فحكم عليهم بأن تقتل مقاتلتهم ، وتسبى ذراريهم ، وتغنم أموالهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد : لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة .
واللام في
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2لأول الحشر متعلقة بـ " أخرج " ، وهي لام التوقيت كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78لدلوك الشمس [ الإسراء : 78 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2ما ظننتم أن يخرجوا هذا خطاب للمسلمين : أي ما ظننتم أيها المسلمون أن
بني النضير يخرجون من ديارهم لعزتهم ومنعتهم ، وذلك أنهم كانوا أهل حصون مانعة وعقار ونخيل واسعة ، وأهل عدد وعدة
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله أي وظن
بنو النضير أن حصونهم تمنعهم من بأس الله ، وقوله " مانعتهم " خبر مقدم ، وحصونهم مبتدأ مؤخر .
والجملة خبر " أنهم " .
ويجوز أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2مانعتهم خبر أنهم " وحصونهم " فاعل
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2مانعتهم .
ورجح الثاني
أبو حيان .
والأول أولى
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا أي أتاهم أمر الله من حيث لم يخطر ببالهم أنه يأتيهم أمره من تلك الجهة .
وهو أنه سبحانه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقتالهم وإجلائهم وكانوا لا يظنون ذلك .
وقيل هو قتل رئيسهم
كعب بن الأشرف قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،
والسدي ،
وأبو صالح .
فإن قتله أضعف شوكتهم .
وقيل إن الضمير في أتاهم و
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2لم يحتسبوا للمؤمنين : أي فأتاهم نصر الله من حيث لم يحتسبوا .
والأول أولى لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2وقذف في قلوبهم الرعب فإن قذف الرعب كان في قلوب
بني النضير لا في قلوب المسلمين .
قال أهل اللغة : الرعب الخوف الذي يرعب الصدر : أي يملؤه ، وقذفه إثباته فيه .
وقيل كان قذف الرعب في قلوبهم بقتل سيدهم
كعب بن الأشرف ، والأولى عدم تقييده بذلك وتفسيره به .
بل المراد بالرعب الذي قذفه الله في قلوبهم هو الذي ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021596نصرت بالرعب مسيرة شهر [ ص: 1473 ] nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين وذلك أنهم لما أيقنوا بالجلاء حسدوا المسلمين أن يسكنوا منازلهم فجعلوا يخربونها من داخل ، والمسلمون من خارج .
قال
قتادة ،
والضحاك : كان المؤمنون يخربون من خارج ليدخلوا ،
واليهود من داخل ليبنوا به ما خرب من حصنهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : معنى تخريبها بأيدي المؤمنين أنهم عرضوها لذلك .
قرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2يخربون بالتخفيف .
وقرأ
الحسن ،
والسلمي ،
ونصر بن عاصم ،
وأبو العالية ،
وأبو عمرو بالتشديد .
قال
أبو عمرو : إنما اخترت القراءة بالتشديد ؛ لأن الإخراب ترك الشيء خرابا ، وإنما خربوها بالهدم .
وليس ما قاله بمسلم ، فإن التخريب والإخراب عند أهل اللغة بمعنى واحد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : إن معنى فعلت وأفعلت يتعاقبان نحو أخربته وخربته أفرحته وفرحته واختار القراءة الأولى
أبو عبيد ،
وأبو حاتم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ،
وابن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير : لما صالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على أن لهم ما أقلت الإبل كانوا يستحسنون الخشبة أو العمود فيهدمون بيوتهم ويحملون ذلك على إبلهم ويخرب المؤمنون باقيها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أيضا : يخربون بيوتهم بنقض المعاهدة وأيدي المؤمنين بالمقاتلة ، وقال
أبو عمرو : بأيديهم في تركهم لها وبأيدي المؤمنين في إجلائهم عنها ، والجملة إما مستأنفة لبيان ما فعلوه ، أو في محل نصب على الحال
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2فاعتبروا ياأولي الأبصار أي اتعظوا وتدبروا وانظروا فيما نزل بهم يا أهل العقول والبصائر .
قال
الواحدي : ومعنى الاعتبار النظر في الأمور ليعرف بها شيء آخر من جنسها .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=3ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا أي لولا أن كتب الله عليهم الخروج من أوطانهم على ذلك الوجه وقضى به عليهم لعذبهم بالقتل والسبي في الدنيا كما فعل
ببني قريظة .
والجلاء مفارقة الوطن ، يقال جلا بنفسه جلاء ، وأجلاه غيره إجلاء .
والفرق بين الجلاء والإخراج وإن كان معناهما في الإبعاد واحدا من جهتين : إحداهما أن الجلاء ما كان مع الأهل والولد ، والإخراج قد يكون مع بقاء الأهل والولد .
الثاني أن الجلاء لا يكون إلا لجماعة .
والإخراج يكون لجماعة ولواحد .
كذا قال
الماوردي nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=3ولهم في الآخرة عذاب النار هذه الجملة مستأنفة غير متعلقة بجواب لولا متضمنة لبيان ما يحصل لهم في الآخرة من العذاب وإن نجوا من عذاب الدنيا .
والإشارة بقوله : ذلك إلى ما تقدم ذكره من الجلاء في الدنيا والعذاب في الآخرة
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4بأنهم شاقوا الله ورسوله أي بسبب المشاقة منهم لله ولرسوله بعدم الطاعة والميل مع الكفار ونقض العهد
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب اقتصر هاهنا على مشاقة الله ؛ لأن مشاقته مشاقة لرسوله .
قرأ الجمهور يشاق بالإدغام .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف ،
ومحمد بن السميفع " يشاقق " بالفك .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله قال
مجاهد : إن بعض
المهاجرين وقعوا في قطع النخل فنهاهم بعضهم ، وقالوا : إنما هي مغانم للمسلمين ، وقال الذين قطعوا : بل هو غيظ للعدو ، فنزل القرآن بتصديق من نهى عن قطع النخل وتحليل من قطعه من الإثم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5ما قطعتم من لينة قال
قتادة ،
والضحاك : إنهم قطعوا من نخيلهم وأحرقوا ست نخلات .
وقال
محمد بن إسحاق : إنهم قطعوا نخلة وأحرقوا نخلة ، فقال
بنو النضير وهم أهل كتاب : يا
محمد ألست تزعم أنك نبي تريد الصلاح ، أفمن الصلاح قطع النخل وحرق الشجر ؟ وهل وجدت فيما أنزل عليك إباحة الفساد في الأرض ؟ فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجد المسلمون في أنفسهم فنزلت الآية .
ومعنى الآية : أي شيء قطعتم من ذلك أو تركتم فبإذن الله ، والضمير في
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5تركتموها عائد إلى " ما " لتفسيرها باللينة ، وكذا في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5قائمة على أصولها ومعنى " على أصولها " : أنها باقية على ما هي عليه .
واختلف المفسرون في تفسير اللينة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وعكرمة ،
والخليل : إنها النخل كله إلا العجوة .
وقال
مجاهد : إنها النخل كله ولم يستثن عجوة ولا غيرها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : هي كرام النخل .
وقال
أبو عبيدة : إنها جميع أنواع التمر سوى العجوة والبرني .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد : إنها العجوة خاصة ، وقيل : هي ضرب من النخل ، يقال لتمره : اللون ، تمره أجود التمر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : هي الدقل ، وأصل اللينة لونة فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، وجمع اللينة لين ، وقيل : ليان .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : ما قطعتم من لينة ولا تركتم قوما .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5على أصولها أي قائمة على سوقها ، وقرئ " على أصلها " وقرئ " قائما على أصوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5وليخزي الفاسقين أي ليذل الخارجين عن الطاعة ، وهم
اليهود ويغيظهم في قطعها وتركها لأنهم إذا رأوا المؤمنين يتحكمون في أموالهم كيف شاءوا من القطع والترك ازدادوا غيظا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5وليخزي الفاسقين بأن يريهم أموالهم يتحكم فيها المؤمنون كيف أحبوا من قطع وترك ، والتقدير : وليخزي الفاسقين أذن في ذلك ، يدل على المحذوف قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5فبإذن الله وقد استدل بهذه الآية على جواز الاجتهاد وعلى تصويب المجتهدين ، والبحث مستوفى في كتب الأصول .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6وما أفاء الله على رسوله منهم أي ما رده عليه من أموال الكفار ، يقال فاء يفيء إذا رجع ، والضمير في " منهم " عائد إلى
بني النضير nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب يقال وجف الفرس والبعير يجف وجفا : وهو سرعة السير ، وأوجفه صاحبه إذا حمله على السير السريع ، ومنه قول
تميم بن مقبل : مذاويد بالبيض الحديث صقالها عن الركب أحيانا إذا الركب أوجفوا
وقال
نصيب :
ألا رب ركب قد قطعت وجيفهم إليك ولولا أنت لم يوجف الركب
و " ما " في
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6فما أوجفتم نافية ، والفاء جواب الشرط إن كانت " ما " في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله شرطية وإن موصولة فالفاء زائدة ، و " من " في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6من خيل زائدة للتأكيد ، والركاب ما يركب من الإبل خاصة ، والمعنى : أن ما
[ ص: 1474 ] رد الله على رسوله من أموال
بني النضير لم تركبوا لتحصيله خيلا ولا إبلا ولا تجشمتم لها شقة ولا لقيتم بها حربا ولا مشقة ، وإنما كانت من
المدينة على ميلين ، فجعل الله سبحانه أموال
بني النضير لرسوله صلى الله عليه وسلم خاصة لهذا السبب .
فإنه افتتحها صلحا وأخذ أموالها ، وقد كان سأله المسلمون أن يقسم لهم فنزلت الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6ولكن الله يسلط رسله على من يشاء من أعدائه ، وفي هذا بيان أن تلك الأموال كانت خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون أصحابه لكونهم لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب ، بل مشوا إليها مشيا ، ولم يقاسوا فيها شيئا من شدائد الحروب
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6والله على كل شيء قدير يسلط من يشاء على من أراد ، ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=23لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى هذا بيان
nindex.php?page=treesubj&link=8585لمصارف الفيء بعد بيان أنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، والتكرير لقصد التقرير والتأكيد ، ووضع " أهل القرى " موضع قوله : " منهم " ، أي : من
بني النضير للإشعار بأن هذا الحكم لا يختص
ببني النضير وحدهم ، بل هو حكم على كل قرية يفتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم صلحا ولم يوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب .
قيل : والمراد بالقرى :
بنو النضير وقريظة وفدك وخيبر .
وقد تكلم أهل العلم في هذه الآية والتي قبلها : هل معناهما متفق أو مختلف ، فقيل : معناهما متفق كما ذكرنا ، وقيل : مختلف ، وفي ذلك كلام لأهل العلم طويل .
قال
ابن العربي : لا إشكال أنها ثلاثة معان في ثلاث آيات .
أما الآية الأولى ، وهي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6وما أفاء الله على رسوله منهم فهي خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم له وهي أموال
بني النضير وما كان مثلها .
وأما الآية الثانية ، وهي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فهذا كلام مبتدأ غير الأول بمستحق غير الأول وإن اشتركت هي والأولى في أن كل واحدة منهما تضمنت شيئا أفاءه الله على رسوله واقتضت الآية الأولى أنه حاصل بغير قتال ، واقتضت آية الأنفال ، وهي الآية الثالثة أنه حاصل بقتال ، وعريت الآية الثانية ، وهي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى عن ذكر حصوله بقتال أو بغير قتال ، فنشأ الخلاف من هاهنا ، فطائفة قالت هي ملحقة بالأولى وهي مال الصلح .
وطائفة قالت هي ملحقة بالثالثة وهي آية الأنفال .
والذين قالوا إنها ملحقة بآية الأنفال اختلفوا هل هي منسوخة أو محكمة . هذا معنى حاصل كلامه .
وقال
مالك : إن الآية الأولى من هذه السورة خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والآية الثانية هي في
بني قريظة ، ويعني أن معناها يعود إلى آية الأنفال .
ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن سبيل خمس الفيء سبيل خمس الغنيمة ، وأن أربعة أخماسه كانت للنبي صلى الله عليه وسلم وهي بعده لصالح المسلمين
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل المراد بقوله : لله أنه يحكم فيه بما يشاء وللرسول يكون ملكا له ولذي القربى وهم
بنو هاشم وبنو المطلب لأنهم قد منعوا من الصدقة فجعل لهم حقا في الفيء .
قيل : تكون القسمة في هذا المال على أن يكون أربعة أخماسه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخمسه يقسم أخماسا : للرسول خمس ، ولكل صنف من الأصناف الأربعة المذكورة خمس ، وقيل : يقسم أسداسا .
السادس سهم الله سبحانه ويصرف إلى وجوه القرب ، كعمارة المساجد ونحو ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم أي كيلا يكون الفيء دولة بين الأغنياء دون الفقراء ، والدولة اسم للشيء يتداوله القوم بينهم ، يكون لهذا مرة ، ولهذا مرة .
قال
مقاتل : المعنى أنه يغلب الأغنياء الفقراء فيقسمونه بينهم .
قرأ الجمهور يكون بالتحتية دولة بالنصب : أي كيلا يكون الفيء دولة .
وقرأ
أبو جعفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وهشام ،
وأبو حيان : " تكون " بالفوقية " دولة " بالرفع : أي كيلا تقع أو توجد دولة و " كان " تامة .
وقرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7دولة بضم الدال
وقرأ
أبو حيوة ،
والسلمي بفتحها .
قال
عيسى بن عمر ،
ويونس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي هما لغتان بمعنى واحد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بن العلاء : الدولة بالفتح الذي يتداول من الأموال ، وبالضم الفعل .
وكذا قال
أبو عبيدة .
ثم لما بين لهم سبحانه مصارف هذا المال أمرهم
nindex.php?page=treesubj&link=28750_28328بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا أي ما أعطاكم من مال الغنيمة فخذوه وما نهاكم عن أخذه فانتهوا عنه ولا تأخذوه .
قال
الحسن ،
والسدي : ما أعطاكم من مال الفيء فاقبلوه ، وما منعكم منه فلا تطلبوه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريح : ما آتاكم من طاعتي فافعلوا ، وما نهاكم عنه من معصيتي فاجتنبوه .
والحق أن هذه الآية عامة في كل شيء يأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر أو نهي أو قول أو فعل .
وإن كان السبب خاصا فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
وكل شيء أتانا به من الشرع فقد أعطانا إياه وأوصله إلينا .
وما أنفع هذه الآية وأكثر فائدتها
ثم لما أمرهم بأخذ ما أمرهم به الرسول وترك ما نهاهم عنه أمرهم بتقواه وخوفهم شدة عقوبته .
فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7واتقوا الله إن الله شديد العقاب فهو معاقب من لم يأخذ ما آتاه الرسول ولم يترك ما نهاه عنه .
وقد أخرج ،
الحاكم ، وصححه
وابن مردويه ،
والبيهقي في الدلائل
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021597عن عائشة قالت : كانت nindex.php?page=treesubj&link=29321غزوة بني النضير ، وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر ، وكان منزلهم ونخلهم في ناحية المدينة ، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على الجلاء ، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة : يعني السلاح ، فأنزل الله فيهم nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=1سبح لله ما في السماوات وما في الأرض إلى قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا فقاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى صالحهم على الإجلاء وجلاهم إلى الشام ، وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا ، وكان الله قد كتب عليهم ذلك ، ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالقتل والسبي ، وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2لأول الحشر فكان إجلاؤهم ذلك أول حشر في الدنيا إلى
الشام .
وأخرج
البزار ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم [ ص: 1475 ] والبيهقي في البعث
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021598عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : من شك أن المحشر بالشام فليقرأ هذه الآية nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ : اخرجوا ، قالوا : إلى أين ؟ قال : إلى أرض المحشر .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن مردويه ،
والبيهقي في الدلائل
nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حاصرهم حتى بلغ منهم كل مبلغ ، فأعطوه ما أراد منهم ، فصالحهم على أن يحقن لهم دماءهم ، وأن يخرجهم من أرضهم وأوطانهم ، وأن يسيروا إلى
أذرعات الشام ، وجعل لكل ثلاثة منهم بعيرا وسقاء .
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
ومسلم وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=1021599أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع ، وهي البويرة ولها يقول حسان :
لهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير
فأنزل الله : nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين .
وأخرج
الترمذي وحسنه
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وابن مردويه nindex.php?page=hadith&LINKID=1021600عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الآية قال : اللينة النخلة nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5وليخزي الفاسقين قال : استنزلوهم من حصونهم وأمروا بقطع النخل فحك في صدورهم ، فقال المسلمون : قد قطعنا بعضا وتركنا بعضا ، فلنسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لنا فيما قطعنا أجر ، وهل علينا فيما تركنا من وزر ؟ فأنزل الله : nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5ما قطعتم من لينة الآية ، وفي الباب أحاديث ، والكلام في صلح
بني النضير مبسوط في كتب السير .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
ومسلم وغيرهما
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021601عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ، ومما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، فكان ينفق على أهله منها نفقة سنة ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله .
وأخرج
ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب فجعل ما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكم فيه ما أراد ، ولم يكن يومئذ خيل ولا ركاب يوجف بها .
قال : والإيجاف أن يوضعوا السير ، وهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان من ذلك
خيبر وفدك وقرى عرينة .
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعمد
لينبع ، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتواها كلها ، فقال ناس : هلا قسمها الله فأنزل الله عذره ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى الآية .
وأخرج
ابن مردويه عنه أيضا قال : كان
nindex.php?page=treesubj&link=30846ما أفاء الله على رسوله من خيبر نصفا لله ورسوله ، والنصف الآخر للمسلمين ، فكان الذي لله ورسوله من ذلك الكثيبة والوطيح وسلالم ووجرة ، وكان الذي للمسلمين الشق ، والشق ثلاثة عشر سهما ، ونطاة خمسة أسهم ، ولم يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم من
خيبر لأحد من المسلمين إلا لمن شهد
الحديبية ، ولم يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين تخلف عنه عند مخرجه إلى
الحديبية أن يشهد معه
خيبر إلا
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري .
وأخرج
أبو داود ،
وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صفايا في النضير
وخيبر وفدك ، فأما
بنو النضير فكانت حبسا لنوائبه ، وأما فدك فكانت لابن السبيل ، وأما
خيبر فجزأها ثلاثة أجزاء : قسم منها جزءين بين المسلمين ، وحبس جزءا لنفسه ولنفقة أهله ، فما فضل عن نفقة أهله ردها على فقراء
المهاجرين .
وأخرج
عبد الرزاق ،
وابن سعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ،
وابن زنجويه في الأموال
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
وابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال : ما على وجه الأرض مسلم إلا وله في هذا الفيء حق إلا ما ملكت أيمانكم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
ومسلم وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله فبلغ ذلك امرأة من
بني أسد يقال لها
أم يعقوب ، فجاءت
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، فقالت : بلغني أنك لعنت كيت وكيت ، قال : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله ؟ قالت : لقد قرأت ما بين الدفتين فما وجدت فيه شيئا من هذا ، قال : لئن كنت قرأته لقد وجدته ، أما قرأت
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت : بلى ، قال : فإنه قد نهى عنه .
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ .
قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الضُّرَيْسِ ،
وَالنَّحَّاسُ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : نَزَلَتْ سُورَةُ الْحَشْرِ
بِالْمَدِينَةِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ،
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ : سُورَةُ الْحَشْرِ ، قَالَ : سُورَةُ
النَّضِيرِ : يَعْنِي أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
بَنِي النَّضِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=1سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=3وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=1سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29030_30868هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ هُمْ
بَنُو النَّضِيرِ ، وَهُمْ رَهْطٌ مِنَ
الْيَهُودِ مِنْ ذُرِّيَّةِ
هَارُونَ ، نَزَلُوا
الْمَدِينَةَ فِي فِتَنِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ انْتِظَارًا مِنْهُمْ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَغَدَرُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ عَاهَدُوهُ ، وَصَارُوا عَلَيْهِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ ، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَضُوا بِالْجَلَاءِ .
قَالَ
الْكَلْبِيُّ : كَانُوا أَوَّلَ مَنْ أُجْلِيَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، ثُمَّ أُجْلِيَ آخِرُهُمْ فِي زَمَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَكَانَ جَلَاؤُهُمْ أَوَّلَ حَشْرٍ مِنَ
الْمَدِينَةِ ، وَآخِرَ حَشْرٍ إِجْلَاءُ
عُمَرَ لَهُمْ .
وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ الْحَشْرِ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ إِلَى
خَيْبَرَ ، وَآخِرَ الْحَشْرِ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ
خَيْبَرَ إِلَى
الشَّامِ ، وَقِيلَ آخِرُ الْحَشْرِ هُوَ حَشْرُ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ ، وَهِيَ
الشَّامُ .
قَالَ
عِكْرِمَةُ : مَنْ شَكَّ أَنَّ الْمَحْشَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي
الشَّامِ فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ : اخْرُجُوا ، قَالُوا إِلَى أَيْنَ ؟ قَالَ إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ .
قَالَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ : الْحَشْرُ أَوَّلُ وَأَوْسَطُ وَآخِرُ .
فَالْأَوَّلُ إِجْلَاءُ
بَنِي النَّضِيرِ ، وَالْأَوْسَطُ إِجْلَاءُ أَهْلِ
خَيْبَرَ ، وَالْآخِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَةِ هُمْ
بَنُو النَّضِيرِ ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ : هُمْ
بَنُو قُرَيْظَةَ ، وَهُوَ غَلَطٌ . فَإِنَّ
بَنِي قُرَيْظَةَ مَا حُشِرُوا ، بَلْ قُتِلُوا
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003569بِحُكْمِ nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ لَمَّا رَضُوا بِحُكْمِهِ ، فَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِأَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ ، وَتُغْنَمَ أَمْوَالُهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ : لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ .
وَاللَّامُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ " أَخْرَجَ " ، وَهِيَ لَامُ التَّوْقِيتِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [ الْإِسْرَاءِ : 78 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا هَذَا خِطَابٌ لِلْمُسْلِمِينَ : أَيْ مَا ظَنَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ
بَنِي النَّضِيرِ يَخْرُجُونَ مِنْ دِيَارِهِمْ لِعِزَّتِهِمْ وَمَنَعَتِهِمْ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ حُصُونٍ مَانِعَةٍ وَعَقَارٍ وَنَخِيلٍ وَاسِعَةٍ ، وَأَهْلَ عَدَدٍ وَعُدَّةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ أَيْ وَظَنَّ
بَنُو النَّضِيرِ أَنَّ حُصُونَهُمْ تَمْنَعُهُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ ، وَقَوْلُهُ " مَانِعَتُهُمْ " خَبَرٌ مُقَدَّمٌ ، وَحُصُونُهُمْ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ .
وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ " أَنَّهُمْ " .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2مَانِعَتُهُمْ خَبَرَ أَنَّهُمْ " وَحُصُونُهُمْ " فَاعِلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2مَانِعَتُهُمْ .
وَرَجَّحَ الثَّانِيَ
أَبُو حَيَّانَ .
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا أَيْ أَتَاهُمْ أَمْرُ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِمْ أَنَّهُ يَأْتِيهِمْ أَمْرُهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ .
وَهُوَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِمْ وَإِجْلَائِهِمْ وَكَانُوا لَا يَظُنُّونَ ذَلِكَ .
وَقِيلَ هُوَ قَتْلُ رَئِيسِهِمْ
كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ،
وَالسُّدِّيُّ ،
وَأَبُو صَالِحٍ .
فَإِنَّ قَتْلَهُ أَضْعَفَ شَوْكَتَهُمْ .
وَقِيلَ إِنَّ الضَّمِيرَ فِي أَتَاهُمْ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2لَمْ يَحْتَسِبُوا لِلْمُؤْمِنِينَ : أَيْ فَأَتَاهُمْ نَصْرُ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا .
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَإِنَّ قَذْفَ الرُّعْبِ كَانَ فِي قُلُوبِ
بَنِي النَّضِيرِ لَا فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ .
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الرُّعْبُ الْخَوْفُ الَّذِي يُرْعِبُ الصَّدْرَ : أَيْ يَمْلَؤُهُ ، وَقَذْفُهُ إِثْبَاتُهُ فِيهِ .
وَقِيلَ كَانَ قَذْفُ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِهِمْ بِقَتْلِ سَيِّدِهِمْ
كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ ، وَالْأَوْلَى عَدَمُ تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ وَتَفْسِيرِهِ بِهِ .
بَلِ الْمُرَادُ بِالرُّعْبِ الَّذِي قَذَفَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ هُوَ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021596نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ [ ص: 1473 ] nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا أَيْقَنُوا بِالْجَلَاءِ حَسَدُوا الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْكُنُوا مَنَازِلَهُمْ فَجَعَلُوا يُخْرِبُونَهَا مِنْ دَاخِلٍ ، وَالْمُسْلِمُونَ مِنْ خَارِجٍ .
قَالَ
قَتَادَةُ ،
وَالضَّحَّاكُ : كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يُخَرِّبُونَ مِنْ خَارِجٍ لِيَدْخُلُوا ،
وَالْيَهُودُ مِنْ دَاخِلٍ لِيَبْنُوا بِهِ مَا خُرِّبَ مِنْ حِصْنِهِمْ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : مَعْنَى تَخْرِيبِهَا بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ عَرَّضُوهَا لِذَلِكَ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2يُخْرِبُونَ بِالتَّخْفِيفِ .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
وَالسُّلَمِيُّ ،
وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ ،
وَأَبُو الْعَالِيَةِ ،
وَأَبُو عَمْرٍو بِالتَّشْدِيدِ .
قَالَ
أَبُو عَمْرٍو : إِنَّمَا اخْتَرْتُ الْقِرَاءَةَ بِالتَّشْدِيدِ ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَابَ تَرْكُ الشَّيْءِ خَرَابًا ، وَإِنَّمَا خَرَّبُوهَا بِالْهَدْمِ .
وَلَيْسَ مَا قَالَهُ بِمُسَلَّمٍ ، فَإِنَّ التَّخْرِيبَ وَالْإِخْرَابَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : إِنَّ مَعْنَى فَعَّلْتَ وَأَفْعَلْتَ يَتَعَاقَبَانِ نَحْوَ أَخْرَبْتَهُ وَخَرَّبْتَهُ أَفْرَحْتَهُ وَفَرَّحْتَهُ وَاخْتَارَ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى
أَبُو عُبَيْدٍ ،
وَأَبُو حَاتِمٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ،
وَابْنُ زَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ : لَمَّا صَالَحَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ كَانُوا يَسْتَحْسِنُونَ الْخَشَبَةَ أَوِ الْعَمُودَ فَيَهْدِمُونَ بُيُوتَهُمْ وَيَحْمِلُونَ ذَلِكَ عَلَى إِبِلِهِمْ وَيُخَرِّبُ الْمُؤْمِنُونَ بَاقِيَهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ أَيْضًا : يُخَرِّبُونَ بُيُوتَهُمْ بِنَقْضِ الْمُعَاهَدَةِ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ بِالْمُقَاتَلَةِ ، وَقَالَ
أَبُو عَمْرٍو : بِأَيْدِيهِمْ فِي تَرْكِهِمْ لَهَا وَبِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فِي إِجْلَائِهِمْ عَنْهَا ، وَالْجُمْلَةُ إِمَّا مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ مَا فَعَلُوهُ ، أَوْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ أَيِ اتَّعِظُوا وَتَدَبَّرُوا وَانْظُرُوا فِيمَا نَزَلَ بِهِمْ يَا أَهْلَ الْعُقُولِ وَالْبَصَائِرِ .
قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : وَمَعْنَى الِاعْتِبَارِ النَّظَرُ فِي الْأُمُورِ لِيُعْرَفَ بِهَا شَيْءٌ آخَرُ مِنْ جِنْسِهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=3وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا أَيْ لَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْخُرُوجَ مِنْ أَوْطَانِهِمْ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَقَضَى بِهِ عَلَيْهِمْ لَعَذَّبَهُمْ بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ فِي الدُّنْيَا كَمَا فَعَلَ
بِبَنِي قُرَيْظَةَ .
وَالْجَلَاءُ مُفَارَقَةُ الْوَطَنِ ، يُقَالُ جَلَا بِنَفْسِهِ جَلَاءً ، وَأَجْلَاهُ غَيْرُهُ إِجْلَاءً .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَلَاءِ وَالْإِخْرَاجِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُمَا فِي الْإِبْعَادِ وَاحِدًا مِنْ جِهَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا أَنَّ الْجَلَاءَ مَا كَانَ مَعَ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ ، وَالْإِخْرَاجَ قَدْ يَكُونُ مَعَ بَقَاءِ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ .
الثَّانِي أَنَّ الْجَلَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِجَمَاعَةٍ .
وَالْإِخْرَاجَ يَكُونُ لِجَمَاعَةٍ وَلِوَاحِدٍ .
كَذَا قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=3وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ غَيْرُ مُتَعَلِّقَةٍ بِجَوَابِ لَوْلَا مُتَضَمِّنَةٌ لِبَيَانِ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْعَذَابِ وَإِنْ نَجَوْا مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا .
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : ذَلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْجَلَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَيْ بِسَبَبِ الْمُشَاقَّةِ مِنْهُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ بِعَدَمِ الطَّاعَةِ وَالْمَيْلِ مَعَ الْكُفَّارِ وَنَقْضِ الْعَهْدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ اقْتَصَرَ هَاهُنَا عَلَى مُشَاقَّةِ اللَّهِ ؛ لِأَنَّ مُشَاقَّتَهُ مُشَاقَّةٌ لِرَسُولِهِ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ يُشَاقِّ بِالْإِدْغَامِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْفَعِ " يُشَاقِقُ " بِالْفَكِّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ
مُجَاهِدٌ : إِنَّ بَعْضَ
الْمُهَاجِرِينَ وَقَعُوا فِي قَطْعِ النَّخْلِ فَنَهَاهُمْ بَعْضُهُمْ ، وَقَالُوا : إِنَّمَا هِيَ مَغَانِمُ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَقَالَ الَّذِينَ قَطَعُوا : بَلْ هُوَ غَيْظٌ لِلْعَدُوِّ ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِتَصْدِيقِ مَنْ نَهَى عَنْ قَطْعِ النَّخْلِ وَتَحْلِيلِ مَنْ قَطَعَهُ مِنَ الْإِثْمِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ قَالَ
قَتَادَةُ ،
وَالضَّحَّاكُ : إِنَّهُمْ قَطَعُوا مِنْ نَخِيلِهِمْ وَأَحْرَقُوا سِتَّ نَخَلَاتٍ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : إِنَّهُمْ قَطَعُوا نَخْلَةً وَأَحْرَقُوا نَخْلَةً ، فَقَالَ
بَنُو النَّضِيرِ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ : يَا
مُحَمَّدُ أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ نَبِيٌّ تُرِيدُ الصَّلَاحَ ، أَفَمِنَ الصَّلَاحِ قَطْعُ النَّخْلِ وَحَرْقُ الشَّجَرِ ؟ وَهَلْ وَجَدْتَ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ إِبَاحَةَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ؟ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَجَدَ الْمُسْلِمُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ .
وَمَعْنَى الْآيَةِ : أَيُّ شَيْءٍ قَطَعْتُمْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ تَرَكْتُمْ فَبِإِذْنِ اللَّهِ ، وَالضَّمِيرُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5تَرَكْتُمُوهَا عَائِدٌ إِلَى " مَا " لِتَفْسِيرِهَا بِاللِّينَةِ ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا وَمَعْنَى " عَلَى أُصُولِهَا " : أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ .
وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ اللِّينَةِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ،
وَمَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
وَعِكْرِمَةُ ،
وَالْخَلِيلُ : إِنَّهَا النَّخْلُ كُلُّهُ إِلَّا الْعَجْوَةَ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : إِنَّهَا النَّخْلُ كُلُّهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ عَجْوَةً وَلَا غَيْرَهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ : هِيَ كِرَامُ النَّخْلِ .
وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : إِنَّهَا جَمِيعُ أَنْوَاعِ التَّمْرِ سِوَى الْعَجْوَةِ وَالْبَرْنِيِّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : إِنَّهَا الْعَجْوَةُ خَاصَّةً ، وَقِيلَ : هِيَ ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ ، يُقَالُ لِتَمْرِهِ : اللَّوْنُ ، تَمْرُهُ أَجْوَدُ التَّمْرِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ : هِيَ الدَّقَلُ ، وَأَصْلُ اللِّينَةِ لِوْنَةٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا ، وَجَمْعُ اللِّينَةِ لِينٌ ، وَقِيلَ : لِيَانٌ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ وَلَا تَرَكْتُمْ قَوْمًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5عَلَى أُصُولِهَا أَيْ قَائِمَةً عَلَى سُوقِهَا ، وَقُرِئَ " عَلَى أَصْلِهَا " وَقُرِئَ " قَائِمًا عَلَى أُصُولِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ أَيْ لِيُذِلَّ الْخَارِجِينَ عَنِ الطَّاعَةِ ، وَهُمُ
الْيَهُودُ وَيَغِيظَهُمْ فِي قَطْعِهَا وَتَرْكِهَا لِأَنَّهُمْ إِذَا رَأَوُا الْمُؤْمِنِينَ يَتَحَكَّمُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ كَيْفَ شَاءُوا مِنَ الْقَطْعِ وَالتَّرْكِ ازْدَادُوا غَيْظًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ بِأَنْ يُرِيَهُمْ أَمْوَالَهُمْ يَتَحَكَّمُ فِيهَا الْمُؤْمِنُونَ كَيْفَ أَحَبُّوا مِنْ قَطْعٍ وَتَرْكٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ أَذِنَ فِي ذَلِكَ ، يَدُلُّ عَلَى الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ وَعَلَى تَصْوِيبِ الْمُجْتَهِدِينَ ، وَالْبَحْثُ مُسْتَوْفًى فِي كُتُبِ الْأُصُولِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ أَيْ مَا رَدَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ ، يُقَالُ فَاءَ يَفِيءُ إِذَا رَجَعَ ، وَالضَّمِيرُ فِي " مِنْهُمْ " عَائِدٌ إِلَى
بَنِي النَّضِيرِ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ يُقَالُ وَجَفَ الْفَرَسُ وَالْبَعِيرُ يَجِفُ وَجْفًا : وَهُوَ سُرْعَةُ السَّيْرِ ، وَأَوْجَفَهُ صَاحِبُهُ إِذَا حَمَلَهُ عَلَى السَّيْرِ السَّرِيعِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ : مَذَاوِيدُ بِالْبِيضِ الْحَدِيثِ صِقَالُهَا عَنِ الرَّكْبِ أَحْيَانًا إِذَا الرَّكْبُ أَوْجَفُوا
وَقَالَ
نُصَيْبٌ :
أَلَا رُبَّ رَكْبٍ قَدْ قَطَعْتُ وَجِيفَهُمْ إِلَيْكَ وَلَوْلَا أَنْتَ لَمْ يُوجِفِ الرَّكْبُ
وَ " مَا " فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6فَمَا أَوْجَفْتُمْ نَافِيَةٌ ، وَالْفَاءُ جَوَابُ الشَّرْطِ إِنْ كَانَتْ " مَا " فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ شَرْطِيَّةً وَإِنْ مَوْصُولَةً فَالْفَاءُ زَائِدَةٌ ، وَ " مِنْ " فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6مِنْ خَيْلٍ زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ ، وَالرِّكَابُ مَا يُرْكَبُ مِنَ الْإِبِلِ خَاصَّةً ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ مَا
[ ص: 1474 ] رَدَّ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ
بَنِي النَّضِيرِ لَمْ تَرْكَبُوا لِتَحْصِيلِهِ خَيْلًا وَلَا إِبِلًا وَلَا تَجَشَّمْتُمْ لَهَا شُقَّةً وَلَا لَقِيتُمْ بِهَا حَرْبًا وَلَا مَشَقَّةً ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنَ
الْمَدِينَةِ عَلَى مِيلَيْنِ ، فَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَمْوَالَ
بَنِي النَّضِيرِ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً لِهَذَا السَّبَبِ .
فَإِنَّهُ افْتَتَحَهَا صُلْحًا وَأَخَذَ أَمْوَالَهَا ، وَقَدْ كَانَ سَأَلَهُ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُقَسِّمَ لَهُمْ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ أَعْدَائِهِ ، وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّ تِلْكَ الْأَمْوَالَ كَانَتْ خَاصَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ أَصْحَابِهِ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُوجِفُوا عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ، بَلْ مَشَوْا إِلَيْهَا مَشْيًا ، وَلَمْ يُقَاسُوا فِيهَا شَيْئًا مِنْ شَدَائِدِ الْحُرُوبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يُسَلِّطُ مَنْ يَشَاءُ عَلَى مَنْ أَرَادَ ، وَيُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ مَنْ يَشَاءُ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=23لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى هَذَا بَيَانٌ
nindex.php?page=treesubj&link=8585لِمَصَارِفِ الْفَيْءِ بَعْدَ بَيَانِ أَنَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً ، وَالتَّكْرِيرُ لِقَصْدِ التَّقْرِيرِ وَالتَّأْكِيدِ ، وَوُضِعَ " أَهْلُ الْقُرَى " مَوْضِعَ قَوْلِهِ : " مِنْهُمْ " ، أَيْ : مِنْ
بَنِيَ النَّضِيرِ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ
بِبَنِي النَّضِيرِ وَحْدَهُمْ ، بَلْ هُوَ حُكْمٌ عَلَى كُلِّ قَرْيَةٍ يَفْتَحُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُلْحًا وَلَمْ يُوجِفْ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ .
قِيلَ : وَالْمُرَادُ بِالْقُرَى :
بَنُو النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةُ وَفَدْكُ وَخَيْبَرُ .
وَقَدْ تَكَلَّمَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا : هَلْ مَعْنَاهُمَا مُتَّفِقٌ أَوْ مُخْتَلِفٌ ، فَقِيلَ : مَعْنَاهُمَا مُتَّفِقٌ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَقِيلَ : مُخْتَلِفٌ ، وَفِي ذَلِكَ كَلَامٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ طَوِيلٌ .
قَالَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ : لَا إِشْكَالَ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ مَعَانٍ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ .
أَمَّا الْآيَةُ الْأُولَى ، وَهِيَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَهِيَ خَاصَّةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وَهِيَ أَمْوَالُ
بَنِي النَّضِيرِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا .
وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ ، وَهِيَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَهَذَا كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ غَيْرُ الْأَوَّلِ بِمُسْتَحَقٍّ غَيْرِ الْأَوَّلِ وَإِنِ اشْتَرَكَتْ هِيَ وَالْأَوْلَى فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَضَمَّنَتْ شَيْئًا أَفَاءَهُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاقْتَضَتِ الْآيَةُ الْأَوْلَى أَنَّهُ حَاصِلٌ بِغَيْرِ قِتَالٍ ، وَاقْتَضَتْ آيَةُ الْأَنْفَالِ ، وَهِيَ الْآيَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّهُ حَاصِلٌ بِقِتَالٍ ، وَعَرِيَتِ الْآيَةُ الثَّانِيَةُ ، وَهِيَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى عَنْ ذِكْرِ حُصُولِهِ بِقِتَالٍ أَوْ بِغَيْرِ قِتَالٍ ، فَنَشَأَ الْخِلَافُ مِنْ هَاهُنَا ، فَطَائِفَةٌ قَالَتْ هِيَ مُلْحَقَةٌ بِالْأُولَى وَهِيَ مَالُ الصُّلْحِ .
وَطَائِفَةٌ قَالَتْ هِيَ مُلْحَقَةٌ بِالثَّالِثَةِ وَهِيَ آيَةُ الْأَنْفَالِ .
وَالَّذِينَ قَالُوا إِنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِآيَةِ الْأَنْفَالِ اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ مَنْسُوخَةٌ أَوْ مُحْكَمَةٌ . هَذَا مَعْنَى حَاصِلِ كَلَامِهِ .
وَقَالَ
مَالِكٌ : إِنَّ الْآيَةَ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ خَاصَّةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْآيَةَ الثَّانِيَةَ هِيَ فِي
بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَيَعْنِي أَنَّ مَعْنَاهَا يَعُودُ إِلَى آيَةِ الْأَنْفَالِ .
وَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّ سَبِيلَ خُمْسِ الْفَيْءِ سَبِيلُ خُمْسِ الْغَنِيمَةِ ، وَأَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ بَعْدَهُ لِصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : لِلَّهِ أَنَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ بِمَا يَشَاءُ وَلِلرَّسُولِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ وَلِذِي الْقُرْبَى وَهُمْ
بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ لِأَنَّهُمْ قَدْ مُنِعُوا مِنَ الصَّدَقَةِ فَجُعِلَ لَهُمْ حَقًّا فِي الْفَيْءِ .
قِيلَ : تَكُونُ الْقِسْمَةُ فِي هَذَا الْمَالِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَخُمُسُهُ يُقَسَّمُ أَخْمَاسًا : لِلرَّسُولِ خُمُسٌ ، وَلِكُلِّ صِنْفٍ مِنَ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ خُمُسٌ ، وَقِيلَ : يُقَسَّمُ أَسْدَاسًا .
السَّادِسُ سَهْمُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَيُصْرَفُ إِلَى وُجُوهِ الْقُرَبِ ، كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ أَيْ كَيْلَا يَكُونَ الْفَيْءُ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ دُونَ الْفُقَرَاءِ ، وَالدُّولَةُ اسْمٌ لِلشَّيْءِ يَتَدَاوَلُهُ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ ، يَكُونُ لِهَذَا مَرَّةً ، وَلِهَذَا مَرَّةً .
قَالَ
مُقَاتِلٌ : الْمَعْنَى أَنَّهُ يَغْلِبُ الْأَغْنِيَاءُ الْفُقَرَاءَ فَيُقَسِّمُونَهُ بَيْنَهُمْ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ يَكُونُ بِالتَّحْتِيَّةِ دُولَةً بِالنَّصْبِ : أَيْ كَيْلَا يَكُونَ الْفَيْءُ دُولَةً .
وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ ،
وَهِشَامٌ ،
وَأَبُو حَيَّانَ : " تَكُونَ " بِالْفَوْقِيَّةِ " دُولَةٌ " بِالرَّفْعِ : أَيْ كَيْلَا تَقَعَ أَوْ تُوجَدَ دُولَةٌ وَ " كَانَ " تَامَّةٌ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7دُولَةً بِضَمِّ الدَّالِ
وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ ،
وَالسُّلَمِيُّ بِفَتْحِهَا .
قَالَ
عِيسَى بْنُ عُمَرَ ،
وَيُونُسُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13721وَالْأَصْمَعِيُّ هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ : الدَّوْلَةُ بِالْفَتْحِ الَّذِي يُتَدَاوَلُ مِنَ الْأَمْوَالِ ، وَبِالضَّمِّ الْفِعْلُ .
وَكَذَا قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ .
ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ لَهُمْ سُبْحَانَهُ مَصَارِفَ هَذَا الْمَالِ أَمَرَهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=28750_28328بِالِاقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا أَيْ مَا أَعْطَاكُمْ مِنْ مَالِ الْغَنِيمَةِ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْ أَخْذِهِ فَانْتَهُوا عَنْهُ وَلَا تَأْخُذُوهُ .
قَالَ
الْحَسَنُ ،
وَالسُّدِّيُّ : مَا أَعْطَاكُمْ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ فَاقْبَلُوهُ ، وَمَا مَنَعَكُمْ مِنْهُ فَلَا تَطْلُبُوهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْحٍ : مَا آتَاكُمْ مِنْ طَاعَتِي فَافْعَلُوا ، وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِي فَاجْتَنِبُوهُ .
وَالْحَقُّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَأْتِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ .
وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ خَاصًّا فَالِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ .
وَكُلُّ شَيْءٍ أَتَانَا بِهِ مِنَ الشَّرْعِ فَقَدْ أَعْطَانَا إِيَّاهُ وَأَوْصَلَهُ إِلَيْنَا .
وَمَا أَنْفَعَ هَذِهِ الْآيَةَ وَأَكْثَرَ فَائِدَتَهَا
ثُمَّ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِأَخْذِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ وَتَرْكِ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ أَمَرَهُمْ بِتَقْوَاهِ وَخَوَّفَهُمْ شِدَّةَ عُقُوبَتِهِ .
فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ فَهُوَ مُعَاقِبٌ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مَا آتَاهُ الرَّسُولُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَا نَهَاهُ عَنْهُ .
وَقَدْ أَخْرَجَ ،
الْحَاكِمُ ، وَصَحَّحَهُ
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021597عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَتْ nindex.php?page=treesubj&link=29321غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ ، وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ ، وَكَانَ مَنْزِلُهُمْ وَنَخْلُهُمْ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ ، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ ، وَعَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَمْوَالِ إِلَّا الْحَلْقَةَ : يَعْنِي السِّلَاحَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=1سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فَقَاتَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَالَحَهُمْ عَلَى الْإِجْلَاءِ وَجَلَّاهُمْ إِلَى الشَّامِ ، وَكَانُوا مِنْ سِبْطٍ لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ فِيمَا خَلَا ، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2لِأَوَّلِ الْحَشْرِ فَكَانَ إِجْلَاؤُهُمْ ذَلِكَ أَوَّلَ حَشْرٍ فِي الدُّنْيَا إِلَى
الشَّامِ .
وَأَخْرَجَ
الْبَزَّارُ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [ ص: 1475 ] وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021598عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَنْ شَكَّ أَنَّ الْمَحْشَرَ بِالشَّامِ فَلْيَقْرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ : اخْرُجُوا ، قَالُوا : إِلَى أَيْنَ ؟ قَالَ : إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13359وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَاصَرَهُمْ حَتَّى بَلَغَ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ ، فَأَعْطَوْهُ مَا أَرَادَ مِنْهُمْ ، فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَحْقِنَ لَهُمْ دِمَاءَهُمْ ، وَأَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ ، وَأَنْ يَسِيرُوا إِلَى
أَذْرِعَاتِ الشَّامِ ، وَجَعَلَ لِكُلِّ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ بَعِيرًا وَسِقَاءً .
وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ،
وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=hadith&LINKID=1021599أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَّعَ ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ :
لَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ حَرِيقٌ بِالْبِوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
فَأَنْزَلَ اللَّهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ .
وَأَخْرَجَ
التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ nindex.php?page=hadith&LINKID=1021600عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ : اللِّينَةُ النَّخْلَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ قَالَ : اسْتَنْزَلُوهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ وَأَمَرُوا بِقَطْعِ النَّخْلِ فَحَكَّ فِي صُدُورِهِمْ ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : قَدْ قَطَعْنَا بَعْضًا وَتَرَكْنَا بَعْضًا ، فَلْنَسْأَلُنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لَنَا فِيمَا قَطَعْنَا أَجْرٌ ، وَهَلْ عَلَيْنَا فِيمَا تَرَكْنَا مِنْ وِزْرٍ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ الْآيَةَ ، وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ ، وَالْكَلَامُ فِي صُلْحِ
بَنِي النَّضِيرِ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ السِّيَرِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ،
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021601عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ، وَمِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ، وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً ، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَجَعَلَ مَا أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكُمُ فِيهِ مَا أَرَادَ ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ خَيْلٌ وَلَا رِكَابٌ يُوجَفُ بِهَا .
قَالَ : وَالْإِيجَافُ أَنْ يُوضِعُوا السَّيْرَ ، وَهِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ
خَيْبَرُ وَفَدْكُ وَقُرَى عُرَيْنَةَ .
وَأُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْمِدَ
لِيَنْبُعَ ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْتَوَاهَا كُلَّهَا ، فَقَالَ نَاسٌ : هَلَّا قَسَّمَهَا اللَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهُ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الْآيَةَ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ : كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=30846مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ خَيْبَرَ نِصْفًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَكَانَ الَّذِي لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ ذَلِكَ الْكَثِيبَةَ وَالْوَطِيحَ وَسَلَالِمَ وَوَجْرَةَ ، وَكَانَ الَّذِي لِلْمُسْلِمِينَ الشِّقَّ ، وَالشِّقُّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَنَطَاةَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ ، وَلَمْ يُقَسِّمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
خَيْبَرَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ
الْحُدَيْبِيَةَ ، وَلَمْ يَأْذَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَخَلَّفَ عَنْهُ عِنْدَ مَخْرَجِهِ إِلَى
الْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَشْهَدَ مَعَهُ
خَيْبَرَ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيِّ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو دَاوُدَ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفَايَا فِي النَّضِيرِ
وَخَيْبَرَ وَفَدْكَ ، فَأَمَّا
بَنُو النَّضِيرِ فَكَانَتْ حَبْسًا لِنَوَائِبِهِ ، وَأَمَّا فَدْكُ فَكَانَتْ لِابْنِ السَّبِيلِ ، وَأَمَّا
خَيْبَرُ فَجَزَّأَهَا ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ : قَسَّمَ مِنْهَا جُزْءَيْنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَحَبَسَ جُزْءًا لِنَفْسِهِ وَلِنَفَقَةِ أَهْلِهِ ، فَمَا فَضَلَ عَنْ نَفَقَةِ أَهْلِهِ رَدَّهَا عَلَى فُقَرَاءِ
الْمُهَاجِرِينَ .
وَأَخْرَجَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
وَابْنُ سَعْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،
وَابْنُ زَنْجَوَيْهِ فِي الْأَمْوَالِ
nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُسْلِمٌ إِلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ حَقٌّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ،
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ لِخَلْقِ اللَّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ
بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا
أُمُّ يَعْقُوبَ ، فَجَاءَتِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنَ مَسْعُودٍ ، فَقَالَتْ : بَلَغَنِي أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ ، قَالَ : وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ قَالَتْ : لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ هَذَا ، قَالَ : لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِهِ لَقَدْ وَجَدْتِهِ ، أَمَا قَرَأْتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا قَالَتْ : بَلَى ، قَالَ : فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ .