الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          الفصل السابع والعشرون : أنباؤه مع الملائكة ، والجن

          ومن خصائصه - صلى الله عليه وسلم - ، وكراماته ، وباهر آياته أنباؤه مع الملائكة ، والجن ، وإمداد الله له بالملائكة ، وطاعة الجن له ، ورؤية كثير من أصحابه لهم .

          قال الله - تعالى - : وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل [ التحريم : 4 ] الآية .

          وقال : إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا [ الأنفال : 12 ] .

          وقال : إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم [ الأنفال : 9 ] الآيتين .

          وقال : وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن [ الأحقاف : 29 ] الآية .

          [ حدثنا سفيان بن العاص الفقيه بسماعي عليه ، حدثنا أبو الليث السمرقندي ، قال : حدثنا عبد الغافر الفارسي ، حدثنا أبو أحمد الجلودي ، حدثنا ابن سفيان ، أنا مسلم ، حدثنا عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، عن سليمان الشيباني ، سمع زر بن حبيش ] ، عن عبد الله ، قال : لقد رأى من آيات ربه الكبرى [ النجم : 18 ] قال : رأى جبريل - عليه السلام - في صورته ، له ستمائة جناح .

          والخبر في محادثته مع جبريل ، وإسرافيل ، وغيرهم من الملائكة ، وما شاهده من كثرتهم ، وعظم صور بعضهم ليلة الإسراء مشهور .

          وقد رآهم بحضرته جماعة من أصحابه في مواطن مختلفة ، فرأى أصحابه جبريل - عليه السلام - في صورة رجل يسأله عن الإسلام ، والإيمان .

          ورأى ابن [ ص: 347 ] عباس ، وأسامة بن زيد ، وغيرهما عنده جبريل في صورة دحية .

          ورأى سعد على يمينه ويساره جبريل ، وميكائيل في صورة رجلين عليهما ثياب بيض .

          ومثله غير واحد .

          وسمع بعضهم زجر الملائكة خيلها يوم بدر .

          وبعضهم رأى تطاير الرءوس من الكفار ، ولا يرون الضارب .

          ورأى أبو سفيان بن الحارث يومئذ رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء ، والأرض ، ما يقوم لها شيء .

          وقد كانت الملائكة تصافح عمران بن الحصين .

          وأرى النبي - صلى الله عليه وسلم - لحمزة جبريل في الكعبة ، فخر مغشيا عليه .

          ورأى عبد الله بن مسعود الجن ليلة الجن ، وسمع كلامهم ، وشبههم برجال الزط .

          وذكر ابن سعد أن مصعب بن عمير لما قتل يوم أحد أخذ الراية ملك على صورته ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول له : تقدم يا مصعب فقال له الملك : لست بمصعب ، فعلم أنه ملك .

          وقد ذكر غير واحد من المصنفين عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال : بينا نحن جلوس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل شيخ بيده عصا ، فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فرد عليه ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : نغمة الجن ! من أنت ؟ قال أنا هامة بن الهيثم بن لاقس بن إبليس ، فذكر أنه لقي نوحا ، ومن بعده . . . في حديث طويل ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه سورا من القرآن .

          وذكر الواقدي قتل خالد عند هدمه العزى للسوداء التي خرجت له ناشرة شعرها عريانة ، فجزلها بسيفه ، وأعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال له : تلك العزى .

          [ ص: 348 ] وقال - صلى الله عليه وسلم - : إن شيطانا تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي ، فأمكنني الله منه ، فأخذته فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم ، فذكرت دعوة أخي سليمان : رب اغفر لي وهب لي ملكا [ ص : 35 ] . فرده الله خاسئا .

          وهذا باب واسع .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية