الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          الفصل التاسع والعشرون : ما حدث أثناء مولده عليه السلام

          ومن ذلك ما ظهر من الآيات عند مولده ، وما حكته أمه ، ومن حضره من العجائب ، وكونه رافعا رأسه عندما وضعته شاخصا ببصره إلى السماء ، وما رأته من النور الذي خرج معه ، عند ولادته ، وما رأته إذ ذاك أم عثمان بن أبي العاص من تدلي النجوم ، وظهور النور عند ولادته ، حتى ما تنظر إلا النور .

          وقول الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف : لما سقط - صلى الله عليه وسلم - على يدي ، واستهل سمعت قائلا يقول : رحمك الله ، وأضاء لي ما بين المشرق ، والمغرب حتى نظرت إلى [ ص: 351 ] قصور الروم .

          وما تعرفت به حليمة ، وزوجها ظئراه من بركته ، ودرور لبنها له ، ولبن شارفها ، وخصب غنمه ، وسرعة شبابه ، وحسن نشأته .

          وما جرى من العجائب ليلة مولده ، من ارتجاج إيوان كسرى ، وسقوط شرفاته ، وغيض بحيرة طبرية ، وخمود نار فارس ، وكان لها ألف عام لم تخمد .

          وأنه كان إذا أكل مع عمه أبي طالب ، وآله وهو صغير شبعوا ، ورووا ، فإذا غاب فأكلوا في غيبته لم يشبعوا .

          وكان سائر ولد أبي طالب يصبحون شعثا ، ويصبح - صلى الله عليه وسلم - صقيلا دهينا كحيلا .

          قالت أم أيمن حاضنته : ما رأيته - صلى الله عليه وسلم - شكا جوعا قط ، ولا عطشا صغيرا ، ولا كبيرا .

          ومن ذلك حراسة السماء بالشهب ، وقطع رصد الشياطين ، ومنعهم استراق السمع . وما نشأ عليه من بغض الأصنام ، والعفة عن أمور الجاهلية .

          وما خصه الله به من ذلك ، وحماه حتى في ستره في الخبر المشهور عند بناء الكعبة ، إذ أخذ إزاره ليجعله على عاتقه ليحمل عليه الحجارة ، وتعرى ، فسقط إلى الأرض حتى رد إزاره عليه .

          فقال له عمه : ما بالك ؟ فقال : إني قد نهيت عن التعري .

          ومن ذلك إظلال الله له بالغمام في سفره .

          وفي رواية أن خديجة ، ونساءها رأينه لما قدم ، وملكان يظلانه فذكرت ذلك لميسرة ، فأخبرها أنه رأى ذلك منذ خرج معه في سفره .

          وقد روي أن حليمة رأت غمامة تظله ، وهو عندها .

          وروي ذلك عن أخيه من الرضاعة .

          ومن ذلك أنه نزل في بعض أسفاره قبل مبعثه تحت شجرة يابسة ، فاعشوشب ما حولها ، وأينعت هي فأشرقت ، وتدلت عليه أغصانها بمحضر من رآه .

          وميل فيء الشجرة إليه في الخبر الآخر حتى أظلته .

          وما ذكر من أنه كان لا ظل لشخصيته في شمس ، ولا قمر ، لأنه كان نورا .

          وأن الذباب كان لا يقع على جسده ، ولا ثيابه .

          [ ص: 352 ] ومن ذلك تحبيب الخلوة إليه حتى أوحي إليه ، ثم إعلامه بموته ، ودنو أجله ، وأن قبره في المدينة ، وفي بيته ، وأن بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة ، وتخيير الله له عند موته ، وما اشتمل عليه حديث الوفاة من كراماته ، وتشريفه ، وصلاة الملائكة على جسده على ما رويناه في بعضها .

          واستئذان ملك الموت عليه ، ولم يستأذن على غيره قبله .

          ونداؤهم الذي سمعوه ألا ينزعوا القميص عنه عند غسله .

          وما روي من تعزية الخضر ، والملائكة أهل بيته عند موته .

          إلى ما ظهر على أصحابه من كرامته ، وبركته في حياته ، وموته ، كاستسقاء عمر بعمه ، وتبرك غير واحد بذريته .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية