الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 540 ] سئل شيخ الإسلام عن الرزق : هل يزيد أو ينقص ؟ وهل هو ما أكل أو ما ملكه العبد ؟

                التالي السابق


                فأجاب : الرزق نوعان : ( أحدهما : ما علمه الله أنه يرزقه فهذا لا يتغير . و ( الثاني ما كتبه وأعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب فإن العبد يأمر الله الملائكة أن تكتب له رزقا وإن وصل رحمه زاده الله على ذلك كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من سره أن يبسط له في رزقه . وينسأ له في أثره فليصل رحمه } . وكذلك عمر داود زاد ستين سنة فجعله الله مائة بعد أن كان أربعين .

                ومن هذا الباب قول عمر : اللهم إن كنت كتبتني شقيا فامحني واكتبني سعيدا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت . ومن هذا الباب قوله تعالى عن نوح : { أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون } { يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى } . وشواهده كثيرة .

                والأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدره الله وكتبه فإن كان قد تقدم بأنه يرزق العبد بسعيه واكتسابه ألهمه السعي والاكتساب [ ص: 541 ] وذلك الذي قدره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب وما قدره له بغير اكتساب كموت موروثه يأتيه به بغير اكتساب والسعي سعيان : سعي فيما نصب للرزق ; كالصناعة والزراعة والتجارة . وسعي بالدعاء والتوكل والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك ; فإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .



                فصل والرزق يراد به شيئان : ( أحدهما ما ينتفع به العبد . و ( الثاني : ما يملكه العبد فهذا الثاني هو المذكور في قوله : { ومما رزقناهم ينفقون } وقوله : { وأنفقوا من ما رزقناكم } وهذا هو الحلال الذي ملكه الله إياه .

                وأما الأول : فهو المذكور في قوله : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } وقوله صلى الله عليه وسلم { إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها } ونحو ذلك . والعبد قد يأكل الحلال والحرام فهو رزق بهذا الاعتبار ; لا بالاعتبار الثاني وما اكتسبه ولم ينتفع به هو رزق بالاعتبار الثاني دون الأول . فإن هذا في الحقيقة مال وارثه لا ماله والله أعلم .




                الخدمات العلمية