الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 391 ] أحدهما: حبا في الدنيا مع الأبرار ، وهيبة عند الفجار.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يحبهم الله ويحبهم الناس ، قال الربيع بن أنس: إذا أحب الله عبدا ألقى له المحبة في قلوب أهل السماء ، ثم ألقاها في قلوب أهل الأرض. ويحتمل ثالثا: أن يجعل لهم ثناء حسنا. قال كعب: ما يستقر لعبد ثناء في الدنيا حتى يستقر من أهل السماء. وحكى الضحاك عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه جعل له ودا في قلوب المؤمنين. قوله عز وجل: قوما لدا فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: فجارا ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أهل إلحاح في الخصومة ، مأخوذ من اللدود في الأفواه ، فلزومهم الخصومة بأفواههم كحصول اللدود في الأفواه ، قاله ابن بحر. قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        بغوا لددي حنقا علي كأنما تغلي عداوة صدرهم في مرجل



                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: جدالا بالباطل ، قاله قتادة ، مأخوذ من اللدود وهو شديد الخصومة. قال الله تعالى: وهو ألد الخصام وقال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        أبيت نجيا للهموم كأنني     أخاصم أقواما ذوي جدل لدا



                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: ركزا فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: صوتا، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: حسا، قاله ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنه ما لا يفهم من صوت أو حركة، قاله اليزيدي.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية