الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الشقاق وهل يشير بالخلع عند الضرورة وقوله تعالى وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إلى قوله خبيرا

                                                                                                                                                                                                        4974 حدثنا أبو الوليد حدثنا الليث عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة الزهري قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن بني المغيرة استأذنوا في أن ينكح علي ابنتهم فلا آذن

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله ( باب الشقاق ، وهل يشير بالخلع عند الضرورة ؟ وقوله تعالى : وإن خفتم شقاق بينهما الآية ) كذا لأبي ذر والنسفي ، ولكن وقع عنده " الضرر " وزاد غيرهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها - إلى قوله - خبيرا قال ابن بطال : أجمع العلماء على أن المخاطب بقوله تعالى وإن خفتم شقاق بينهما الحكام ، وأن المراد بقوله إن يريدا إصلاحا الحكمان ، وأن الحكمين يكون أحدهما من جهة الرجل والآخر من جهة المرأة إلا أن لا يوجد من أهلهما من يصلح فيجوز أن يكون من الأجانب ممن يصلح لذلك ، وأنهما إذا اختلفا لم ينفذ قولهما ، وإن اتفقا نفذ في الجمع بينهما من غير توكيل . واختلفوا فيما إذا اتفقا على الفرقة ، فقال مالك والأوزاعي وإسحاق : ينفذ بغير توكيل ولا إذن من الزوجين ، وقال الكوفيون والشافعي وأحمد : يحتاجان إلى [ ص: 315 ] الإذن ، فأما مالك ومن تابعه فألحقوه بالعنين والمولى فإن الحاكم يطلق عليهما فكذلك هذا ، وأيضا فلما كان المخاطب بذلك الحكام وأن الإرسال إليهم دل على أن بلوغ الغاية من الجمع أو التفريق إليهم ، وجرى الباقون على الأصل وهو أن الطلاق بيد الزوج فإن أذن في ذلك وإلا طلق عليه الحاكم .

                                                                                                                                                                                                        ثم ذكر طرفا من حديث المسور في خطبة علي بنت أبي جهل وقد تقدمت الإشارة إليه في النكاح ، واعترضه ابن التين بأنه ليس فيه دلالة على ما ترجم به ، ونقل ابن بطال قبله عن المهلب قال : إنما حاول البخاري بإيراده أن يجعل قول النبي صلى الله عليه وسلم " فلا آذن " خلعا ولا يقوى ذلك لأنه قال في الخبر " إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي " فدل على الطلاق ، فإن أراد أن يستدل بالطلاق على الخلع فهو ضعيف وإنما يؤخذ منه الحكم بقطع الذرائع . وقال ابن المنير في الحاشية : يمكن أن يؤخذ من كونه صلى الله عليه وسلم أشار بقوله " فلا آذن " إلى أن عليا يترك الخطبة ، فإذا ساغ جواز الإشارة بعدم النكاح التحق به جواز الإشارة بقطع النكاح . وقال الكرماني تؤخذ مطابقة الترجمة من كون فاطمة ما كانت ترضى بذلك ، فكان الشقاق بينها وبين علي متوقعا ، فأراد صلى الله عليه وسلم دفع وقوعه بمنع علي من ذلك بطريق الإيماء والإشارة ، وهي مناسبة جيدة ، ويؤخذ من الآية ومن الحديث العمل بسد الذرائع ، لأن الله تعالى أمر ببعثة الحكمين عند خوف الشقاق قبل وقوعه ، كذا قال المهلب ، ويحتمل أن يكون المراد بالخوف وجود علامات الشقاق المقتضي لاستمرار النكد وسوء المعاشرة




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية