الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون

                                                                                                                                                                                                ولما جهزهم بجهازهم : أي: أصلحهم بعدتهم، وهي عدة السفر من الزاد وما يحتاج إليه المسافرون، وأوقر ركائبهم بما جاؤوا له من الميرة، وقرئ: "بجهازهم" بكسر الجيم، قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم : لا بد من مقدمة سبقت له معهم، حتى اجتر القول هذه المسألة، روي أنه لما رآهم وكلموه بالعبرانية، قال لهم: أخبروني من أنتم وما شأنكم؟ فإني أنكركم، قالوا: نحن قوم من أهل الشام رعاة، أصابنا الجهد فجئنا نمتار، فقال: لعلكم جئتم عيونا تنظرون عورة بلادي؟ قالوا: معاذ الله، نحن إخوة بنو أب واحد، وهو شيخ صديق نبي من الأنبياء، اسمه: يعقوب، قال: كم أنتم ؟ قالوا: كنا اثني عشر، فهلك منا واحد، قال: فكم أنتم ههنا ؟ قالوا: عشرة، قال: فأين الأخ الحادي عشر ؟ قالوا: هو عند أبيه يتسلى به من الهالك، قال: فمن يشهد لكم أنكم لستم بعيون وأن الذي تقولون حق؟ قالوا: إنا ببلاد لا يعرفنا فيها أحد فيشهد لنا، قال: فدعوا بعضكم عندي رهينة وائتوني بأخيكم من أبيكم، وهو يحمل رسالة من أبيكم حتى أصدقكم، فاقترعوا بينهم فأصابت القرعة شمعون -وكان أحسنهم رأيا في يوسف- فخلفوه عنده، وكان قد أحسن إنزالهم وضيافتهم، ولا تقربون : فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                أحدهما: أن يكون داخلا في حكم الجزاء مجزوما، عطفا على محل قوله: فلا كيل لكم ، كأنه قيل: فإن لم تأتوني به تحرموا ولا تقربوا، وأن يكون بمعنى النهي.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية